fbpx
الرهان على النضال السلمي أقوى من رهان الكفاح المسلح

الرهان على النضال السلمي أقوى من رهان الكفاح المسلح

كتب / أديب السيد

لا نزال حتى اللحظة نسمع البعض يرددون نبرة ” الكفاح المسلح في الجنوب ” كوسيلة للكفاح في الثورة الجنوبية التحررية المطالبة بإستعادة دولة الجنوب وطرد المستعمر اليمني الغاشم .

وهذه النبرة الخطيرة وخاصة في  اللحظة الزمنية العصيبة التي يعيشها الجنوب لن تكون مجديه بقدر ما يفكر بها البعض ، بل ستكون مجازفة غير محسوبة النتائج والخسائر ، كونها وسيلة تختلف إختلافاً كلياً عن ” النضال السلمي ” ، كما أنها تعيدنا في الجنوب إلى المربع الأول الذي تجاوزه الفكر الجنوبي الثوري لظروف معينة لا تزال قائمة حتى اللحظة .

وأنا هنا لست بصدد التنظير أو التحقير أو سرد الفرق بين الكفاح السلمي والكفاح المسلح وإمكانيات النقيضين وإيجابياتهما وسلبياتهما ، كون ذلك لا يخفى على احد وخاصة في وضع إستثنائي كالذي نعيشه في الجنوب وظروفه الخاصة والتي تختلف عن أي وضع آخر ، ولكني أقولها إنطلاقاً من الحرص والحفاظ على ثورة شعب الجنوب من الإندفاع الذي قد يؤدي إلى التشتت والتشظي والضياع في براثن الصراع المسلح الذي عادةً ما يبداء داخلياً وما يلبث ان يدار ويحرك بأيادي خارجية تتخذه من اجل الصراع بالوكالة لتحقيق مآرب معينة ، وليست سوريا اليوم إلا نموذجاً حياً لثورة الكفاح المسلح التي تدار خارجياً رغم بدأها من الداخل فضلاً عن انها كانت سلمية  والذي بإعتقادي ربما كانت ستحقق اهدافاً كثيرة وستصل إلى اسقاط النظام السوري العابث بمقدرات الشعب السوري .

وفي الجنوب وبرغم  الحق الذي يمتلكه شعب الجنوب في إتخاذ أي من وسائل النضال المختلفة لتحرير أرضه وإستعادة دولته إلا ان اللحظة الراهنة وخاصة ما وصل إليه نضال الشعب الجنوبي السلمي من تقدم وإقترابه من تحقيق أهدافه المنشودة يحتم علينا جميعاً كجنوبيين أن نكون حريصين جداً على النجاح المستمر والواعي للثورة الجنوبية السلمية .

ومن يروج اليوم للكفاح المسلح في الجنوب بدلاً عن الكفاح السلمي كمن يجازف بجميع ركاب سفينته لإنقاذ غواصه  تسير ببطئ وسط أمواج البحر المتلاطمة ، ولهذا فإن ما حققه الحراك الجنوبي السلمي عبر الثورة الشعبية الجنوبية السلمية لا يحتاج ان يعيد التفكير باستبدال الوسيلة النضالية السلمية بوسيلة نضالية تجاوزها بكثير وستعيده إلى مربعات سابقة قد يزفر أنفاسه عندها .

وبدلاً من ان ينجر البعض للترويج للكفاح المسلح في الجنوب ، عليه ان يفكر ويروج ويضغط لإنتقال الثورة السلمية الجنوبية التحررية إلا مربعات متقدمة تتنوع فيها الوسيلة السلمية وتحقق إنجازات آخرى ، مثل الإنتقال إلى مراحل سلمية مدروسة تحقق وتهدد الشركات النفطية العاملة في الجنوب بالتوقف وعدم نهب ثروات الجنوب وكذلك الشركات العملاقة التابعة للإحتلال وتجاره الذي يسيطرون على الموارد الجنوبية ويدعمون من خلالها الإحتلال للبقاء في الجنوب من اجل النهب والإستنزاف لتلك الثروات الجنوبية ،  أو بالإمكان دراسة الوسيلة السلمية بحيث تكون ” سلمية مفتوحة الخيارات ” ، مع بقاء الوسيلة الرئيسية سلمية .

المطلوب اليوم في الثورة الجنوبية ، ليس تغيير الوسيلة السلمية التي رسخها الحراك الجنوبي منذ إنطلاق الثورة الجنوبية التحررية ، بل في إعادة ترتيب البيت الجنوبي بما يتوافق مع السلمية المنظمة والعمل السياسي المشترك لكآفة مكونات الثورة الجنوبية بما يحقق هدف الجميع ، وبإعتقادي أن إنجاز مكونات الثورة الجنوبية للعملية التنظيمية التي لم تنجز بعد سيكون أكبر تقدم واكثر تحقيقاً للهدف وإرساء دعائم الثورة الجنوبية السلمية التحررية ، وذلك من خلال إنجاز البناء التنظيمي لكل مكون ووضع الأهداف الواضحة والعريضة والقوام البنيوي البشري واللائحة الداخلية وميثاق الشرف الاخلاقي والوطني ، والدخول في عمل تنسيقي مشترك وجبهه وطنية تضم جميع المكونات الثورية الجنوبية سيكون إنجازاً كبيراً تتحدد من خلاله العملية التصعيدية السلمية والدخول في توسيع جبهات المشاركة السلمية بتعدد جبهاتها الميدانية والسياسية والتي سيكون من اولى مهامها إيقاف نهب الثروات الجنوبية والحفاظ على الإقتصاد الوطني للجنوب من النهب والعبث الإحتلالي الكبير ، وإذا سيطر الشعب الجنوبي على ثرواته فعندها سيجبر العالم على التخاطب معه وتفهم ثورته وتحقيق أهدافه كاملة .

أما أن تكون عشوائياً في التنظيم وأنت سلمياً فإنك ستعجز عن التنظيم عسكرياً والمهمة هنا أكثر خطورة من العشوائية السلمية ، ومن المعروف ان إنجاز الأهداف الثورية العسكرية هي تنظيمية أصلاً وليست حرة ، ولا يوجد فيها خيارات حرية الرأي ، بل هي عسكرية لا تقبل القسمة على أثنين فضلاً عن انك بحاجه إلى دعم مادي ومعنوي وضرورة وجود غطاء دولي وحاضنه شعبية داخليه وهو مجال غير قابل للمساومة أو المجازفة في وضع كالذي يعيشه الجنوب اليوم .

فالحذر الحذر أيها الجنوبيون ، فالوضع خطير وخطير جداً ، والأعداء يتربصون من كل مكان حتى من الداخل الجنوبي ومن داخل الثورة الجنوبية السلمية ، فليس كل من يذكر القضية الجنوبية يريد لها الخير ، ويكفينا ما قاله الشاعر العربي ( إذا رأيت نيوب الليث بارزة .. فلا تضنن ان الليث مبتسم ” .