fbpx
صناعة فاسدة

صناعة فاسدة
عمر بن حليس

ماإن رأيتُ اسم الأخ/ عبد الحفيظ النهاري نائب مدر الدائرة الإعلامية بالمؤتمرالشعبي العام
حتى قررت أن أقراء مقاله الموسوم”الديمقراطيّة صناعة مؤتمريه!” الذي نشرته صحيفة 14أكتوبرفي 12فبراير 201 2م ، قلت قررت القراءة ظِناً مِنّي بأني أقراء خطاب هادئ يُقدّمُ أفكار وحلول وبدائل، سيما في هذه الظروف الفارقة المهمة والخطيرة التي تترتبُ عليها حياة الناس بمختلف توجهاتهم وانتماءهموأطيافهم في مرحلة ربما تمثل نقطة التحوّل والانتقال بالبلد شمالا والجنوب إلى شكلجديد للدولة التي قادها حزب الحاكم إلى هذا الواقع الأليم والمأساوي .

النهاري عبد الحفيظ عُرف بدفاعه المستميت عن حزبه وسياسته الداخلية ولخارجية (وهذا من حقه) لكن بالمقابل لم يتورّع للحظة عنكيل الاتهامات وتوزيعها هناء وهناكعلى من يخالفهم الرأي ، ولم يسلم حتّى أولئك الذين تركوهم في الفترةالخيرة ، مع أن واقع اليوم يختلف عنالواقع الذي كنا نعيشه لكن الخطاب لم يتغيّر ففيه من الشطط والاستعلاء الذي كنا نسمعه من القنواتالفضائية المختلفة ( لا أريكم إلا ما أرى)

في قراءة سريعة للمقال خلصتُ إلى حقيقة هي أن من الصعوبة القبول بالآخر أو حتّى استيعابه فضلا عن أن المؤتمر هو صانع المنجزات وكاتب التاريخ وهذا ما سأتناوله لاحقا

والحقيقة أقول أنني تمنيّتُ أن يكون خطاب النهاري أكثر اتزان وعقلانية من خلا لالطرح المًقنع خاصّة والبلد كما أسلفتُ على أعتاب مرحلة جديدة، كان الأجدر بنائبمدير الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام أن يعكف فيها على تسخير أفكاره ويبذلجهده من أجل تقييم جوانب القصور ومكامن السلبيات التي رافقت عمل حزبه ، فأوصلت البلد إلى هذه المآسي والتخّلف والتناحر والاقتتال والتفريخ والهيمنة وفرض الثقافة الواحدة بالعقلية الواحدة ، فلو لاإجهاض الديمقراطية واحتوائها وتمثيلها فيشخص (المؤسس) وفكره الباهر واحتكارها سياسيا واقتصاديا وامنيا لما آلت الأمور إلىما وصلنا إليه.

كل هذا والكثير من الصناعة الفاسدة لديمقراطيّةالمؤتمر التي لم يجرؤ الأخ عبد الحفيظالنهاري على ملامستها بعقلانية وبفكرٍ علمي واقعي ممنهج ومدروس ، يمكنه أويساعده في قادمات الأيام من التعايش مع الآخر بأكثر موضوعية ، لكنه التمترس والإصرار على التعتيم وتكميم الأفواهوالمصادرة، المقال ظهربشكل ازدواجي أو يناقض بعضه الآخر ، مثلاأحد فقراته يقول فيها الكاتب :”….أصواتهم هي التي سترد الاعتبار للديمقراطيّة ولصندوق الاقتراع “!!
مبدئيا هذا القول صادق ، لكننا عندما نقرأه على الواقع بمعطياته وإفرازاته نجد أنهينطبق عليه قول الحق تبارك وتعالى ” صدقك وهو كذوب”، لان الديمقراطيةصادرها وخصخصها المؤتمر كما هو حال الصندوق الانتخابي والمالي ، اللذان أحتكرهما المؤتمر و سيعودانبمشيئة الله إلى مكانهما الأصلي ، من خلا ل الاحتكام لصندوق الاقتراع التي يأملمنها النهاري بأنها الفيصل .. والسؤاللماذا غابت هذه المعايير والأُسس أثناء انتخابات2006م التي فاز فيها المناضل الكبير المهندس المرحوم / فيصل بن شملان؟ وهذاالكلام كان قد أكده الأخ اللواء الركن /علي محسن صالح قائد الفرقة الأولى مدرّع قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغريبة قائد الجيش المناصر للثورة ..

في فقرة أُخرى يقول النهاري :” الذينيريدون أن يشوهوا مسير المؤتمر وانجازاته وخياراته الديمقراطية والمدنية”!
إن المسيرة التي تحدث عنها انطلقت منالتكميم والملاحقة والزج بالسجون ومحاولات اغتيال وإغلاق الصحف ومصادرتها ومنها علىسبيل المثال ( الأيام) ، أمّا انجازاتالمؤتمر التي يقصدها النهاري فأكيد أنهاتتمثل بمنجز وحدة 22مايو90م، ومن الحق والإنصاف القول أن الشعب وقيادته السياسيّة في الجنوب هُم من لهاليد الطول في تحقيق المنجز الذي تحول إلى مشروع عائلي ضيق بعد الانقلاب عليه منذ بداياتهالأولى وليس من بعد حرب 94م التي استعمرعلى أساسها الجنوب ، ناهيك عن أنحُلم الدولة المدنية قضى عليها المؤتمر الشعبي العام بقياداته العائلية الأُسرية العسكرية منها والمدنية .

إن التجربة الماضية التي اختتم فيها النهاري مقاله آنف الذكر لم تكن سوى تجربة سوداء ونفق مظلم أثبتت الأحداث الحالية والسنونالخالية أنها لم تكن سواء أداة للبقاء في سدة الحكم وتوريثه ، ناهيك عن أن ابتزازسياسي ومالي للآخرين !

ثمّة سؤال يطرح نفسه هو :
لو أن المؤتمر كما وصفه النهاري لما تخلّى عن عضويته كوكبةً نخبويةّ لامعة ، وأظن أنتخليهم عن العضوية لم يأت من فراغ كما انه لم يكننكاية بأحد ولا هو حنين العودة لأحزابٍ أتوا منها ( على حد تعبير مؤسسه الذي قال أيضا أن المؤتمرتطهر منهم) بل لأنه تحول من حزب حاكم إلىحزب للحاكم وتلكم هي الحقيقة التي لا مناص من الاعتراف فيها.