fbpx
الحراك الجنوبي،، والشعارات الخاطئة

صالح محمد قحطان

جرت العادة المتعارف عليها ان الشعارات وان كان فيها نوع من المغالاة او الحماسة الا أنها دائما ماتعبر عن ترجمة للأهداف والغايات التي تتمثل في برامج وأدبيات أي حركة او ثورة او حزب الخ،،، وهي شعارات متوازية ترتبط بإشكال وأساليب العمل الثوري وتلتزم بخط سياسي معين وثقافة وخطاب وطني ينعكس في المعاملة والسلوك والعمل والتعاطي مع الواقع والقوى السياسية الأخرى والمستجدات والإحداث داخليا وخارجيا وتنطلق من عمل مؤسسي تقوده قيادة وإدارة سياسية فاعلة

 

 

لقد أثبتت التجربة التي مر فيها الحراك الجنوبي السلمي منذ أكثر من ثمان سنوات ان العاطفة في الغالب هي المسيطرة والموجهة للخطاب والشعار الحراكي الغير مسيس والغير مدروس، حيث تم إطلاق ورفع بعض شعارات غير ناضجة وغير مدروسة أضرت سلبا في الحراك وسمعته اكان في تحالفاته الداخلية او الخارجية وغلب على بعضها الخطاب المشحون والمخون والرافض للأخر

ومن ابرز مثل هذه الشعارات على سبيل المثال :

لا قيادة بعد اليوم،لا تفاوض ولا حوار، ولايعنينا الخ،،

ان هذه الشعارات قد عكست إشكالية العقلية السياسية لقيادات الحراك الجنوبي والتي غاب عنها مثلا أن رفع مثل هذه الشعارات تضر الحراك وسمعته فشعار،، لا تفاوض لا حوار،، مثلا لا يمكن ان يقبله  او يهضمه أي عاقل في هذا العالم لان الحوار هو ثقافة أولا،، ووسيلة حضارية لحل النزاعات والصراعات وهو ضرورة حتمية لنهاية أي خلاف او صراع بما فيها الحروب التي لابد من الجلوس في نهايتها على طاولة الحوار والمفوضات،، وكان من الأجدر ان تضع قيادات الحراك شروط وأسس للاشتراك في مثل هذا الحوار او أي حوار اخر،،

كما ان رفع شعار لا يعنينا قد عكس هو الأخر (اكان بصدد المؤتمر او نتائج الحوار وقرار مجلس الأمن) جهل الواقع وموازين القوى التي تحكم العالم وكأن الحراك يناضل في كوكب آخر وليس في هذه الكون الذي أصبح بفعل التطور والتكنولوجيا ووسائل المعلومات أشبة بقرية صغيرة ونتأثر وناثر في محيطنا وفي العالم ككل،،

 

الأمر الذي كأن ينبغي على قيادات الحراك التعاطي مع نتائج الحوار وقرار مجلس الأمن بعقل وحكمة لما يخدم شعبنا في الاستفادة من الفرص المتاحة ومن المناخات التي وفرتها نتائج الحوار وان كانت لا ترتقي لطموحات شعبنا في الحرية والاستقلال الا أنها خطوات مهمة ومفيدة لخلق أرضية ومقدمات للحلم الجنوبي القادم ويأتي في مقدمتها إقامة المؤسسات الجنوبية عموما والمؤسسات الأمنية الجنوبية خاصة لإدارة مناطق الجنوب والسيطرة عليها وحمايتها

وكان على قيادات الحراك ومن وقت مبكر ان تهتم وتدعم بناء المؤسسات الجنوبية والاهتمام بأمن واحتياجات الناس، وتوعية الشباب ومحاربة مظاهر الفوضى والتطرف والفساد دون ان يتخلى الحراك عن مشروعه وشعاره  في الحرية والاستقلال، وعلى الحراك ان يعي جيدا انه من المستحيل الحديث عن استقلال الجنوب  او ان يدعم العالم استقلال الجنوب دون ان يمتلك الجنوبيين المؤسسات القادرة على أدارة وحماية الجنوب كمنطقة إستراتيجية تهم العالم ومصالحه، وان ترديد الشعارات لوحدها بدون مشروع حقيقي يترجمها على الأرض لايمكن لها ان تحرر وطن او ان تبني دولة، ناهيك عن الشعارات المضرة والخاطئة والغير حصيفة

 

إن افتقاد الحراك الجنوبي السلمي لقيادة وإدارة سياسية فاعلة وواعية ومقتدرة أوقعته بمثل هذه الأخطاء والإشكاليات وأفقدته القدرة والمرونة في التعاطي مع مختلف الأحداث والمستجدات سوى أكانت التي شهدها الجنوب او اليمن والمحيط والعالم اجمع مما جعله يتخبط في شعاراته وخطابة ومواقفه ليس فقط الغير ناضجة بل والمضرة في بعضها أحيانا

ولن يستطيع الحراك الجنوبي السلمي من مواكبة واستثمار بعض الأحداث والمتغيرات لصالح القضية الجنوبية بدون ان يعيد ترتيب أوراقة ويمتلك قراءه حقيقية موضوعية للواقع والمستجدات والتحديات والاستحقاقات تمكنه من التعاطي الواعي والناضج معها،، وهو آمر لا يمكن تحقيقه بدون ان يقيم الحراك تجربته وتنقيتها من الشوائب والسلبيات،،،