fbpx
قوات الأمن اليمني والاستمتاع بالقتل .. أدهم الشوخي نموذجا

 د عيدروس مصر ناصر

منذ 7 يوليو 1994م صار القتل بالنسبة  للقوات اليمنية (الجيش والأمن وغيرهما من أدوات القتل) نوعا من المتعة التي يشبعون من خلالها نهم السادية المتأصلة في سلوك وعقيدة من يقودون تلك القوات.

خرج الشهيد أدهم الشوخي ابن عدن الوديعة المسالمة لمقابلة قوات الأمن التي داهمت الحي الذي يسكنه في مدينة كريتر الجنوبية باحثة عن أحد المطلوبين على خلفية سرقة جهاز هاتف محمول، كان ذلك في الحادية عشرة ليلا (من ليلة الثلاثا عشية الأربعاء 23 /ابريل لجاري) وهو الوقت الذي يحرم فيه القانون اليمني (ناهيك عن القانون الدولي) استدعاء أي متهم أو اعتراضه أو اعتقاله أو مداهمة المنازل والمناطق السكنية.

خرج أدهم ليساعد على تحفيف حدة التوتر الذي تسببت به قوات الأمن والإزعاج الذي خلقه وجودها في منطقة سكنية مكتظة بالعائلات بما فيهم الأطفال والنساء والعجزة وحاورهم بأدب جم طالبا منهم الانصراف والعودة في اليوم التالي، بل إنه سلمهم سلاحا شخصيا (وهذا التقليد لم تعرفه  عدن ولا أي منطقة جنوبية إلا بعد 7 يوليو 1994م) كضمان ليقوم هو بالتطوع لإقناع الشخص المطلوب وإحضاره إلى مركز الشرطة  وأوشكت المسألة أن  تنتهي، لولا أن بعض أفراد الشرطة كانوا قد عمروا اسلحتهم لتكون جاهزة لإطلاق النار ويبدو أنهم قد أقسموا ألا يعودوا إلا بدم، وبالطبع وجهوا السلاح تجاه أدهم وكان ما كان.

كان الأشاوس هذه المرة ماهرين في  القتل، ليس كما يجري عندما يواجهون القاعدة والجماعات الإرهابية  التي يتعاملون بمعها برفق ورقة، وفي الغالب يهربون  من مواجهتها ويسلمونها أسلحتهم وعتادهم وكل ما في مخازنهم، فقد أصابت الطلقة أدهم في مقتل وعاد الأشاوس مطمئنين بأنهم قد قاموا بالواجب ونفذوا المهمة التي من أجلها أتوا، وعلى صاحب لتلفون المسروق أن يشكرهم على فعلهم وبطولتهم الفائقة, فالمهم ليس لقبض على متهم (وهو في كل الأحوال بريئ حتى تثبت إدانته) بل المهم هو الانتقام من أي مواطن والمهم هو نشر الرعب وجعل الناس يهابون أفراد الشرطة عندما يستدعونهم.

شهود عيان قالو أن الشاب أدهم بقي على قيد الحياة بعد إصابته بالرصاص الحي الموجه من رجال الأمن لكن الأشاوس قاموا بدهسه بالسيارة عند انطلاقهم عائدين إلى مقر عملهم.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يعتدى فيها على مواطنين آمنين عزل من  السلاح، فلقد سبقت ذلك اعتداءات لا حصر لها، لكن هذه هي المرة الأولى التي يقتل فيها الوسيط الذي  أراد بنخوة ابن عدن وسلميته وشعوره بالمسئولية أن ينزع فتيل التوتر فاحترق بنيران عجرفة من لا يعرفون مروءة ولا نخوة ولا شعور بالمسئولية.

إنها رسالة إلى كل المنظمات الدولية وكل المعنيين بحقوق الإنسان في الداخل والخارج مفادها إن أجهزة الأمن اليمنية ما تزال تمارس القتل خارج القانون وبلا أسباب وإن المواطنين الجنوبيين ما يزالون هدفا مباشرا لكل هواة القتل من قوات الحكومة اليمنية، وإن الحديث عن مخرجات حوار وطني قيل أنه يصنع المستقبل في اليمن هو حديث زائف وأكذوبة مفضوحة،

إننا ندعو إلى إيقاف هذا المسلسل الدموي المتواصل منذ 1994م على كل أبناء الجنوب، ومحاسبة القتلة ومن يأمرهم ويسهل لهم عمليات القتل ولا يسائلهم عما يفعلون.

برقيات:

*    يتساءل المتابعون لهذه الجريمة بما تحمله من تفاصيل مؤلمة: ترى هل تلك هي أولى هدايا الوزير الترب لمواطني عدن مثلما فعل سلفه عبد القادر قحطان بهديته لهم من خلال التصفية الجسدية للشهيدة فيروز والتي كانت فاتحة لمئات الجرائم التي لم يساءل مرتكبوها حتى اللحظة؟

 *   الكمين الذي  تعرضت له الحملة العسكرية في محافظة شبوة يكشف لنا أن القاعدة (وأخواتها) لا تعتمد فقط على قوتها ومهارة أفرادها، بل على التعاون الفائق الي تحصل عليه من مراكز قوى متنفذة داخل المؤسسة العسكرية والأمنية وربما التنفيذية اليمنية، وتلك هي القاعدة الأصلية، أما المنفذون فليسوا سوى أدوات يمكن استبدالهم في أي لحظة.

*    يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي:

لَوْلا العُقولُ  لكانَ  أدنَى  ضَيغَمٍ      أدنَى  إلى  شَرَفٍ  مِنَ  الإنْسَانِ

وَلما تَفَاضــَلَتِ  النّفُوسُ  وَدَبّرَتْ     أيدي  الكُــماةِ  عَوَاليَ  العُمرّانِ