fbpx
زوبعة (ميركيور- عدن) ومفاعيل الذهنيات الناكبة للجنوب /علي الكثيري
شارك الخبر
زوبعة (ميركيور- عدن) ومفاعيل الذهنيات الناكبة للجنوب /علي الكثيري

كان مؤلما ذاك المشهد المثير للقتامة والقلق الذي جرت تفاصيله المدانة صباح السبت 12 مايو 2012م أمام بوابة فندق ميركيور بمدينة عدن،عندما قام بضع عشرات من الشباب المغرر بهم بالتجمع هناك لمحاولة منع المشاركين في فعالية اشهار التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي من دخول الفندق حيث تقام الفعالية،والتهجم اللفظي على المكونات السياسية والشبابية والشخصيات الوطنية الجنوبية المشاركة في التكتل،ووصمهم بالعمالة والخيانة،وترديد الشعارات الصاخبة والصارخة بنزوعها الإقصائي الشمولي والمتضمنة التأكيد على أن (لا صوت يعلو فوق صوت زعيمهم) المالك والممثل الوحيد للجنوب.

رغم أن تلك الزوبعة المفتعلة لم تحقق هدفها المتمثل في افشال الفعالية أو تعطيلها،حيث تحلى المشاركون في التكتل بضبط النفس والتعاطي بمسئولية وحكمة مع استفزازات اؤلئك الشباب المشحونين والمغرر بهم،ما أدى تفادي حدوث صدام عنيف خطط له من قاموا بتعبئة تلك المجموعة من الشباب وشحنها بمعلومات مغلوطة عن التكتل وأهدافه،فإن ما حدث مؤشر خطير على أن مفاعيل العقلية الإقصائية الأحادية التي ساقت الجنوب وأهله على مدار العقود الماضية،ولم تورثه غير النكبات والمآسي،ما تزال تحكم توجهات بعض الجنوبيين وممارساتهم،على نحو يهدد الجنوب بما هو أسوأ وأفظع،حيث أن مفاعيل تلك العقلية إذا ما قدر لها الانتشاء والتمكن ستنسف عدالة القضية الجنوبية،وستحكم على هذه الأرض المغتصبة وهذا الشعب التواق للخلاص من جور الاجتياح والاخضاع العسكري،بالبقاء مشرذما ومتناحرا بعيدا وخارج نطاق أي تعاطف أو اهتمام دولي أو اقليمي،من شأنه أن يدفع باتجاه التعجيل بضرورات تمكين أبناء الجنوب من حقهم في تقرير مصيرهم وتحقيق تطلعاتهم المشروعة،ذلك أن أحدا في العالم لن يقبل المساعدة في تفعيل ذلك إذا ما ظل لهوس الذهنية الشمولية وفاعليات الإلغاء والنزوع لرفض الآخر ونسفه،حضورا بين القوى الجنوبية،حيث أن الجنوب بما يمتلكه من موقع استراتيجي بالغ الأهمية لمصالح كافة القوى الفاعلة في العالم،لا يمكن المجازفة به من خلال السماح بتمكين تلك الذهنيات الشمولية من الزج به في مهاوي الصراعات ودوامات العنف على النحو الذي يهدد الاستقرار في المنطقة والعالم،فعالم اليوم ليس هو نفسه ذلك العالم الذي كان قائما قبل 45 عاما عندما فرض فصيل الجبهة القومية وصايته على الجنوب واغتصب حكم دولة الاستقلال،وواجه القوى الوطنية كافة بكل صنوف الإقصاء والتجريم والتخوين والحظر والقمع والتنكيل والنفي،فلم يعد مقبولا اليوم ذاك النهج الشمولي المدمر،بل أنه بات نهجا ممقوتا ومرفوضا عالميا،بينما أضحى القبول بالآخر والتعايش في إطار التنوع والتعدد،من السمات الأساسية التي تحكم العالم اليوم .

لقد جاءت فكرة تشكيل التكتل الوطني الجنوبي الديمقراطي لتبشر بجنوب جديد لا مجال فيه للإقصاء واحتكار الحقيقة وفرض الوصاية واستلاب القرار من الشعب،بل تسوده مبادئ وقيم التعايش في إطار التنوع،والاعتراف بالآخر،واعتماد الحوار وسيلة مثلى لإدارة الخلافات،إذ تنضوي في إطار التكتل عدد من القوى السياسية والشبابية والشخصيات الوطنية،ذات الرؤى والتوجهات المختلفة،والمتفقة على أن الجنوب لكل أبنائه وأن قضيته العادلة لا تختزل في شخص أو حزب أو مكون بل إنها قضية الجميع،وأن تعدد الرؤى لوسائل حلها بما يحقق للشعب الجنوبي خلاصه على قاعدة تمكينه من تقرير مصيره،أمر مقبول ومعترف به لا يعوق التآلف والاصطفاف والتعايش،وأعتقد يقينا أن التكتل وفكرته ومستهدفاته تؤصل لثقافة جديدة من شأنها أن تضع حدا قاطعا ومانعا لويلات الصراعات والانقسامات التي أدمت الجنوب طوال العقود الماضية،والتي تلحق اليوم أضرارا بالغة بقضيته العادلة،وذاك عمل يستدعي من جميع الجنوبيين اسناده ودعم نجاحه،ففي طياته ما يؤسس لجنوب جديد،وما يجهض أي محاولات لإعادة انتاج زمن التسلط الشمولي الذي عانى الجنوبيون طويلا من مآسيه وفواجعه ومواجعه وكوارثه،على النحو الذي بلغ بهم إلى ما هم فيه اليوم من محن الاجتياح العسكري والممارسات الاستعمارية الاذلالية الممقوتة .

ولله الأمر من قبل ومن بعد ..

أخبار ذات صله