fbpx
وحدة لا انسانية !!!!

بقلم | عبدالوهاب الشيوحي‎

الوحدة مشترك وجداني يستأنس بها الاطراف بعضهم للبعض الاخر ,  هذا المشترك الوجداني ينتج عن شعور  اطرافه  بأنهم يستظلون بمظلة وطنية واحدة , وينعمون بمواطنة متساوية وعدالة اجتماعية , ويتمتعون بحالة من تكافئ الفرص ,  ما يؤدي الى  حالة من  الانسجام الذي يحفظ لهم مصالحهم وحاجاتهم الانسانية , والذي سيفضي في النهاية  الى نشؤ رابطة وطنية جامعة  تجمع اطراف الوحدة في علاقة تبادلية قوية .

           ان مثل هذه الرابطة الوطنية لا يمكن لها ان تتحقق الا بوجود رافعة وطنية  ترفع حالة الاتحاد من اشتراك وجداني الى واقع معاش يلمسه اطراف الوحدة ويجنون ثماره .

          اذا توفرت الرابطة الوطنية   ( الشرط ) فأن شروط التوافق الاخرى تصبح ترفا ليس له حاجه كواحدية المعتقد او المذهب او القومية ,, فكما نرى عبر العالم هناك الكثير من المجتمعات المتماسكة التي تعيش حالة وئام وطني حقيقي في ظل غياب شروط المعتقد والقومية , مكتفين بتحقق شرط الرابطة الوطنية التي تجسدها الرافعة الوطنية  .

        وبالمقابل هناك الكثير من محاولات الاتحاد التي فشلت فشلا ذريعا برغم واحدية المعتقد والعرق الا انها افتقدت للرابطة الوطنية التي تحقق العدالة والمساواة وتكافئ الفرص .

          حينما نعود لنسقط هذا التقديم  على واقع اليمن , فستصدمنا  حالة انعدام الرابطة الوطنية التي نتجت عن غياب حالة العدالة والشراكة الوطنية الحقيقة , ما قضى تماما على اية آمال وحدوية  , وجعل تحقق حالة الاستئناس المأمولة بعيد المنال  .

            هذه الحالة التي تعيشها اليمن هي نتيجة حتمية لغياب الرافعة الوطنية  التي  تعي معاني الوحدة الحقيقية وتؤمن بها كحالة شراكة وطنية تقوم على العدالة والمساواة , وهو ما جعلها  تستعيض  عنها بمفاهيم غير وطنية لم تكن يوما ما من شروط  تحقق الوحدة الحقيقية , وبدلا من تحقيق حالة الاستئناس افضت هذه المفاهيم الغير وطنية الى نشؤ وتجذر حالة من التنافر واختلاف الطرق بين طرفي الوحدة .

           ان التشديد على  المشتركات الاخرى – غير الرابطة الوطنية –  بين الشعبين في الجنوب والشمال كواحدية المعتقد والعرق لا يعدو عن كونه اعتراف بأهدار الرابطة الوطنية التي هي الاساس الاوحد والمتين التي تضمن قيام واستمرار أي وحدة سياسية , هذا التشديد الذي يقوده الحامل السياسي غير الوطني يفصح عن جهل عميق بماهية الوحدة الحقيقة وعوامل تحققها   واستمرارها , ويشير الى ان هذا الحامل ليس مهتما لقيام وحدة حقيقية بقدر ما هو يسطو على حالة سياسية كان يمكن لها ان تتحول الى وحدة نموذجية  ليحقق بهذا السطو مصالح شخصية وعائلية ضيقة لا يتسنى له تحقيقها  اذا ما سادت القيم  الوطنية , لذلك فهو يلجا الى تقديم روابط اخرى اعتقادا منها ان هذه الروابط المقدسة , مسلمات لا تحتمل النقد والتقويم , كواحدية المعتقد والعرق .

        وبناء على ما سبق شرحه فلا يمكن لأي عاقل ان يصف الحالة التي نتجت عن حرب 94م بالوحدة الاختيارية المرجوة ,  اللهم الا لدوافع غير وطنية , وبالتالي فإصرار الجنوبيين على استعادة دولتهم الذي اتي كنتيجة طبيعية للممارسات المتوحشة غير الآبهة  بمعاني الوحدة السامية ولا المؤمنة  بها , هو ردة الفعل الانسانية الصحية  تجاه ما تعرضوا ويتعرضون له .

  الوضع الذي وصل اليه الجنوب خصوصا واليمن بشكل عام يصعب وصفه لشدة توغله في الدونية والانحطاط , فقد تم تدمير كلي لإنسانية الانسان اليمني وسحقوا قيمه  , وأوصلوه الى حالة من اللإنسانية التي اصبح اليمني معها موضع  للتندر والسخرية  .

  فإذا كان هذا هو الحال فأن الحديث عن ضرورة الحفاظ على هذا المولود المشوه والمعاق يعد منافيا ومجافيا للفطرة الانسانية لأنه  يجلب لهذا الانسان الدمار والإذلال والجوع , لذلك فرفض هذا المسمى  ومحاولة الخروج منه هو السلوك الانساني السوي الذي يؤكد ان الانسان الجنوبي لا يزال محتفظا بإنسانيته وفطرته السوية  , وعلى الذين ينادون الجنوبيين للاستسلام لهذه الحالة اللإنسانية – وخصوصا من بني جلدتهم – عليهم ادارك انهم قد فقدوا  انسانيتهم وفطرتهم السوية في طريقهم لتحقيق مصالحهم غير المشروعه .

 “حينما يقبل الانسان ان يهان دون ان يثأر لكرامته فهو  قد فقد انسانيته “. (( تشي جيفارا ))

محاولات تجبير رباعية الوحدة المحطمة – اكان عن طريق فرض مخرجات مؤتمر الحوار الفاشل او بالتهديد بالعصا الدولية او غيرها من الاساليب –  لا تأتي الا في اطار الايغال اكثر في لانسانية الوحدة ووحشيتها , لماذا ؟

لأن هذه المحاولات تأتي في السياق ذاته الذي ادى الى هذه الحالة المزرية  وهو سياق  قهر احد طرفي الوحدة  وإذلاله , وفي نفس الوقت تأتي لتحرز المزيد من الانتصارات الظالمة والغير العادلة لقوى الطرف الثاني , وبالتالي فلا يتوقع منها الا تحقيق المزيد من التنافر والتباغض وتباعد الطرق .

 صرخة :

              قتل الاسراء عمل جبان لم يسبقهم اليه احد , وهو يكشف للعالم وللإقليم طبيعة الكائنات المتوحشة التي تحتل الجنوب .                                                             

 alshiwhi@hotmail.com