fbpx
صرح اكاديمي هذا ام حانه ام مقر لحزب متطرف ؟

 بقلم : عبدالله احمد السياري

شاهدت فيديو يبين الإهانة المعنوية والجسدية التي طالت السيدة أنسام عبدالصمد  في احد  قاعات جامعه عدن  منذ يومين مضت وانتابني قلق وغيظ واستياء مبني في أساسه على ان ما حدث ما كان ينبغي  له ان يحدث في جامعه يفترض ان تكون صرحا أكاديميا يتسع لاختلافات الآراء والرؤى  بل ان هذا- قبول الرأي الأخر بل تشجيع بروزه – في نظري- هو  الأساس لمصداقية وشرعيه إي جامعه وإلا انتفى منها صفه الأكاديمية وأصبحت كاتمه للفكر بدلا من ان تكون مفرزة له.

والموضوع باختصار ان القيادة في الجامعة – والتي أثبتت بهذا الحدث أنها فعلا قيادة سياسيه حكوميه   وليست أكاديمية- قامت بفعالية دعائية   وليست علمية أو حيادية تسوٌق فيه مشروع الأقلمة الذي  افرزه الحوار اليمني. 

وقد حضرت السيدة أنسام عبدالصمد منقبة وواضعة علم الجنوب على رأسها والذي حدث هو انه بعد ان مورس عليها شتى أنواع الضغوط  أتى شاب  من خلفها   وانتشل نقابها مع العلم من على رأسها واتى آخرون يدفعونها ويطرحونها أرضا بشكل مهين لا يليق بشارع عام فما بالك بقاعه في جامعه.

وسأعود إلى هذه الحادثة لاحقا إلا إنني ابدأ بالقول بان من  المفترض في صرح أكاديمي كالجامعة ان يعكس هموم مجتمعه وان يناقشها بتجرد وأسلوب علمي وان يتسع صدره لكل وجهات النظر في المجتمع.

ثم ينبغي على أي صرح أكاديمي  ان لا يكون بوقا دعائيا لجهة ما أكانت حكومية أو تجاريه أو حزبيه أو سياسيه  أو غير ذلك وان فعل ذلك سيكون سقط سقطه مروعه في ابسط فحص للأكاديمية والعلمية.

الجامعات العالمية المعتبرة المحترمة كانت ولا زالت ويجب ان تبقى دائما  نبراسا وبوصلة لحرية الرأي وتبادل الآراء المتباينة بل لتشجيعها وإبرازها.

تعيين القائمين بشأن الجامعة يجب ان يتم لما من شانه ان يطور الجامعة ويخدم  السمو بمخرجاتها  وليس ان يكون تعيينا سياسيا.

هذه الأمور حين أتطرق إليها- افعل ذلك  ليقيني ان للجامعة دور مهم في المجتمع  وان الأمر ليس مجرد  تنظير  أكاديمي بحت من قبلي بل يصب في عمق احتياجات المجتمع والوطن والمستقبل ويعكس إمكانية تطور وسؤدد أي مجتمع من عدم حصول ذلك.

سأضرب لكم أمثلة لصروح جامعية ضربت أمثالا راقية بالتصاقها بحريه الرأي وصد القهر على المستضعفين ووقوفها ضد التيارات والحكومات والسياسات الظالمة.

  كثير من أكاديمي  أمريكا ينفذون  مقاطعه أكاديمية ضد أكاديمي إسرائيل احتجاجا على معامله الاسرائيلين للفلسطينيين في الأراضي المحتلة ولم يصيبهم ضيم أو يأتيهم حرج  من مسئولي جامعاتهم بالرغم من الضغوطات الضخمة عليهم من اللوبي الإسرائيلي والحكومتين الإسرائيلية والأمريكية.

انا أتشرف إنني خريج جامعه أُسست منذ أكثر من قرنين على أساس إطلاق الحرية للرأي وإحقاق حق لشرائح في المجتمع تم إهمالها  وتجاهلها   قبل ذلك. تلك هي  “كليه لندن الجامعية”التي حث على بنائها الفيلسوف الانجليزي جريمي بنثام لتكون منارة لليبراليه ولقبول اليهود والنساء  من بين طلبتها واحتجاجا على جامعتي أكسفورد وكامبريدج  اللتين كانتا لا تقبلان هاتين الفئتين حينها.

 بالرغم من الضغوط الإسرائيلية واللوبي الإسرائيلي على جامعه كولمبيا لعزل البرفيسور الفلسطيني  الامريكي ادوارد سعيد من هيئة التدريس بالجامعة لمواقفه الموالية للحق الفلسطيني لم يحصل ذلك إيمانا منهم بالحرية الأكاديمية

انا –طبعا -لا أتوقع أو انتظر  من القائمين على جامعه عدن ان يكونوا في مصاف جامعتي كليه لندن الجامعية أو كولمبيا في تعاملهم مع حرية الرأي ولكنني كنت أتوقع ان لا أرى وأشاهد وأعيش الحدث الذي اكتشفت فيه :

1.  جامعه تناقش أمر مجتمعي حيوي دون أتباع أدنى مستوى من الحيادية الأكاديمية وعرض كل الرؤى في المجتمع التي يفترض ان تخدمه  حول ذلك.

 

2. امرأة تُضرب في حرم جامعي وتُهان وتُسحل.

 

3. امرأة تُضرب في حرم جامعي ولا أرى أحدا من الأكاديميين الحاضرين يحتج على مع معاملتها تلك –وذلك –لعمري- لأمر محزن.

 

4. امرأة تُضرب ولم اسمع من المتحدث وقتها – والذي يبدو من كلامه انه في موقع المسئولية- قولا يبٌين امتعاضه ونفوره مما يحصل للفتاه سوى قوله “أرجو الهدوء” ثم الاستمرار في طرح الخط الحكومي المكتوب له.

 

5.  جامعه تأخذ خطا حكوميا خالصا دون خجل أو تورية.

 

 

ثم ان شيئين آخرين يستوجب توضيحهما احدهما سلبي للغاية والأخر ايجابي للغاية.

 

السلبي هو عدم وجود أكاديميين من الكثيرين الذين يناصرون استقلال الجنوب في القاعة أو خارجها معلنين احتجاجهم على ما يقال في القاعة وتأكيدهم بان المتحدثين في القاعة لا يمثلون رأي جامعه عدن طلبه اوهيئة تدريس اوعاملين.

 

اما الايجابي المفرح فهو شجاعة السيدة أنسام عبدالصمد وثبات موقفها مما يثلج الصدور.

 

تقول الهندية   سوبهاس تشاندرا بوس ( وكانت مناضله من أجل استقلال الهندي   “أعطني   دماً وسوف أعطيك الحرية “

 

وانا أقول “أعطني   عشرا من صنف “أنسام” وسوف أعطيك الحرية “

 

ثمة شيء أخير أود قوله وهوان  الوقت لم يفت لأكاديمي جامعه عدن من ان يرونا موقفا واضحا جليا قويا فاعلا مفاده

 

 ” لا لا نقبل ما حصل للسيده أنسام”