fbpx
يناير يوم انتصار الدم على الدبابة!

لوحة نضالية اخوية رائعة جسدها شعب غير عادي في يوم غير عادي ومكان غير عادي، في الضالع اجتمعوا وفي احيائها تعانقوا واليها شدوا الرحال من كل فج عميق في ارض الجنوب. وحتى من دول المهجر والشتات، في الضالع التحموا ومنها جاء الرد الجنوبي المزلرل سلميا فكان وقعه قذائف تنهمر على نحور الاعداء والمتخادلين والنخاسين في حوار دار العجزة موفمبيك عاصمة الشر والعدوان والغدر.

الحدث لاتصفه كلمات ولايحيط به نظم من الشعر ولا نثر من الخطب.
الاثنين 13/بناير2013م، رسم الجنوبيون اللوحة باجسادهم وقلوبهم ومشاعرهم وعقولهم، لوحة اذهلت الجميع، بحشد في شرق الضالع وغربها زحفه وفي اذني الجوزاء منه زمازم شيع شهداء المجزرة التي اراد بها الاعداء كيدا وتخويفا ودرسا قاسيا لهذا الشعب ورسالة مفادها اننا على استعداد لابادتكم جميعا في سبيل اسكاتكم وقهركم وبقائنا بقوة السلاح محتلين ارضكم، فكان الرد الجنوبي مزلزلا مذهلا ساحقا حاسما حازما لا لبس فيه ولا تراجع ولاوهن، وكان سلميا حضاريا يعكس عظمة هذا الشعب الوفي الجبار فكانت رسالة رد مفادها، ماظنكم بشعب تقتلون فيه منذ عشرين عاما وتسحقون ارضه وشبابه وحرائره واطفاله وتسفكون دماءهم منذ عقدين من الزمن؟ هل سترهبه دباباتكم التي تقصف المدارس وتقتل المدنيين في مجالس العزاء بشكل جماعي ؟ ام تظنون انكم بفعلتكم الشنعاء ستخيفون طفلا جنوبيا واحدا؟ لا والله وتالله انكم في غيكم تعمهون وفي ظلمكم تسبحون وانا منكم لمنتقمون ولو بعد حين، الدليل ماعلمتم ورايتم في ملحمة الثالث عشر من يناير، فهل ادركتم الان انكم اتفه واحقر واجبن من ان تخيفوننا ؟ هل تاكدتم ان دباباتكم وقذائفكم ورصاصكم لم ولن تسكت طفلا فينا ؟ .
 رغم هول الفاجعة وبشاعة المجزرة جاء الرد مباشرة من كل طفل في ارض الجنوب ان موعدنا يوم الثالث عشر من يناير في الضالع وان الرد آت فانتظروه انا معكم منتظرون، وفي اليوم الموعود كان شعب الجنوب على الموعد، زحفوا من كل فج عميق ملبين نداء الوفاء لدم الشهداء، وكاني بهم عند وصولهم الى الضالع يقولون ايها المحتل ها نحن ذا في ارض قبل اسابيع ارتكبتم فيها جريمة ابادة جماعية فجئنا اليها تحديا لكم وتعاضدا بيننا وتلاحما للجسد الجنوبي الواحد، قصفت الضالع فتداعى سائر الجنوب بالسهر والحمى بل وبالتحدي والمزيد من الصمود في مدينة الصمود وكل ارض الجنوب كبرياء وعزة وصمود، في مدرسة كتلك التي قتلتم فيها قبل ايام اطفالا وشبابا اجتمعنا اليوم وفي نفس منطقة الجريمة ومازالت نفس الدبابات والمدافع والصدور الحاقدة تحيط بالضالع ومع ذلك جئنا ولبينا النداء، لنريكم حقارة اسلحتكم امام عظم ارواحنا وقوة حقنا، فمن الشجاع ومن الجبان اليوم؟ هل الحشود البشرية عارية الصدور التي مرت بمحاذاة معسكرات ومواقع مجنزرات الاعداء ؟ ام القتلة الذين حفروا الخنادق والمتارس موجهين فوهات مدافعهم الى تلك الصدور؟ الجواب كان واضحا في صبيحة الاثنين حين تقدم الحشد المليوني مزلزلا الارض تحت المعسكرات بوجوه شامخة وهتافات موحدة وللعدو مرعبة مقابل اولئك القتلة الذين ادهشهم المشهد واذلهم واوجل قلوبهم فانكفأوا في جحورهم التي حفروها ليدفنوا اجسادهم مظهرين فوهات مدافعهم ممسكين بها باياد مرتجفة، فهم في ارض غيرهم محتلون قتلة ومجرمون، وبين المشهدين يتجلى الفرق بين الحق والباطل بين الغازي المعتدي وبين اصحاب الارض، رغم ان المحتشدين يحملون جنازة عشرات الشهداء الذين قتلهم اولئك الجنود ومع ان اولئك عزل واولئك بكل انواع الاسلحة مدججون الا ان الخوف والرعب كان من نصيب جنود الاحتلال الذين – ان كان لهم قلوب يعقلون بها – قد ادركوا ان لاقبل لهم بهذا الشعب الابي الجبار، فهل للمشهد يتدبرون؟
ومن درس عميق في الشجاعة والإقدام الى درس ابلغ في التلاحم والتصالح والتسامح
ايام وساعات لاتنسى تجهزت فيها الضالع بالشكل اللائق لاستقبال القادمين ،طوال يومين تحولت الضالع الى خلية نحل تعج بالجنوبيين، الذين وجدوا اخوانهم على مشارفها في استقبالهم .
في المشهد حشود بشرية جرارة تتوافد على الضالع منذ صباح الاحد، فرادى وزرافات، قوافل سيارات وحافلات ملات الشوارع والطرقات من العاصمة عدن حتى وسط الضالع، من أطراف حضرموت العزة الى شبوة الكرامة والمهرة الكبرياء وابين الشموخ، تنطلق الوفود صوب الضالع حيث ارتص ابناؤها على مشارفها يستقبلون اخوانهم، بأكف مفتوحة ووجوة مستبشرة وفرحة غامرة فتحت الضالع ذراعيها ومنازلها ومدارسها وقبل ذلك قلوب أبنائها.
اهلا بكم في مدينتكم في منازلكم لستم ضيوفا فحسب بل انتم اهل الحق واصحابه، مع ساعات المساء كانت مدرسة الشهيد صالح قاسم تكتظ بالحشود من كل الجنوب، وهناك وضعت الاكف على الاكف واقسم الجميع على وحدة الصف وواحدية الهدف والوفاء لكل قطرة دم سفكت من اجل استعادة الدولة من ايدي الغزاة المحتلين.
مع ساعات الصباح الاولى كان المشهد في المدينة مذهلا بكل المقاييس، امواج بشرية في بحر عظيم من الصمود والتحدي والوحدة، خرجت سيارات الاسعاف تحمل جثامين الشهداء ومعها سار الجمع العظيم، جمع لم يتخيله احد، امتد على مسافة 18 عشر كيلو مترا كجسد واحد يعكس معاني ودلالات عظيمة لمن القى السمع وهو شهيد. مابين المدينة ومنطقة سناح حيث ووري الشهداء الثرى، عشرات الاف السيارات كانت داخل المسيرة لكن الغالبية العظمى فضلت السير على الاقدام وسط هتافات مجلجلة ارعبت الاعداء في ثكناتهم ومغتصباتهم وجحورهم واثلجت صدور قوم مؤمنين بحقهم في ارضهم.
شيوخ بلغوا من السن عتيا واطفال لم يبلغوا الحلم وشباب وحرائر همهم واحد وهتافهم موحد ووجهتهم واحدة ملبين داعي الوطن المسلوب المحتل، اقسمنا ان نحرر كل شبر من ترابك، ولاشهداء انا على دربكم سائرون.
. فهل وصلت الرسالة؟ التي كانت اوضح من الشمس في رابعة النهار؟ ام ان الخبرة بحاجة الى لغة أخرى ؟ .
كان يوما جنوبيا آخر لتاريخ يسطره شعب عظيم بالدم وبالشجاعة وبالاقدام وبالسلمية التي قل نظيرها.
تحية لكل من لبى النداء تحية لابناء الضالع وتحية خاصة لحرائر الضالع اللائي واصلن الليل بالنهار لاطعام الضيوف، وارتصصن على جنبات الطريق يستقبلن الحشود وجثامين الشهداء بالزعاريد وباعلام الجنوب وتحية لكل من شارك في صنع تلك الملحمة التاريخية والحمد لله الذي جعلني جنوبيا .