fbpx
ثقافة الضرة …في مواجهة مشروع التصالح والتسامح

منصور صالح

ما زلت عند رأي عبرت عنه منذ مدة ،مفاده ان أكثر الناس  بذاءة ودناءة هم أولئك الذين يسخرون جهودهم وأقلامهم  ويشغلون أنفسهم في سبيل بث  الفتن والفرقة والبغضاء وإثارة النعرات  بين الناس ، فيفرحون لمظاهر الشقاق ويحتفون بها، ويحزنون إن رأوا خصوما  وقد تلاقوا على كلمة سواء ،أو تساموا على جراحهم وسعوا لترسيخ قيم ومبادئ جديدة  للتسامح  والتآخي فيما بينهم ،وبما يعينهم على تجاوز  الماضي وبدء صفحة جديدة من العيش المشترك والمؤمن بهدف واحد وقضية واحدة.

وقناعتي مازالت ثابتة  بل وتتعزز الآن ،في ان أولئك الذين يعانون  نقصا حادا في منسوب الأخلاق هم وحدهم من تعجز ضمائرهم وأنفسهم وأعينهم المريضة عن استيعاب مشاهد التقاء ذوي القربى وتقاربهم بعد الخصام ، كما يعجزون عن تقبل القيم الأخلاقية النبيلة  التي تعبر عنها مثل هذه اللحظات المفعمة بمشاعر النقاء والصفاء والمودة والإنسانية.

ومشاعري لم تتبدل بل ازدادت  ثباتا في ان أكثر الناس استحقاقا للرثاء والشفقة هم أولئك الذي يصل المد في مستوى البغض  والغل  في نفوسهم الى درجة الفيضان فنراهم يثورون ويغضبون، ويتملكهم شعور  جامح بالعداء والثورة ضد كل فعل انساني وأخلاقي نبيل كحدث التصالح والتسامح الجنوبي، فنراهم يبثون سموم الحقد والغيرة ،في أكثر من مكان ووسيلة، معتمدين ومتكئين على ماض أسود دفنه الجنوبيون وتعالوا على جراحه.

 وحين تزداد حالة الشعور بالحسد والغيرة لديهم  من نجاح وفاعلية مشروع التصالح والتسامح يتساءل بعض الأنذال بغباء  مشبع  بالفتنة  من يسامح من؟ وأما أكثرهم  خساسة  وسقوطا فيذكر ويعيد نشر صورا  مؤلمة لمآس من الماضي للتذكير واستدعاء أحزان وآلام أسر الضحايا ظنا منهم انهم بهذا السقوط الأخلاقي قادرين على النيل من مشروع بناء الجنوب الجديد الخالي من عقد وجراح الماضي ومآسيه.

كما كنت قد كتبت مخاطبا هؤلاء في مناسبة سابقة  بالقول ودعوتهم لأن يتحرروا من صفات الحقد والفتن فإنها من طباع النساء وان من النساء لمن تأنف عن  ممارسة هذا السلوك المنحط.

 وأعترف أنني قد أخطأت يومها  ان توقعت بأن المليونيات الجنوبية  التي تخرج لتؤكد إيمانها بفكرة ومشروع التصالح والتسامح ، ستخرس وتخجل مثل هؤلاء المرضى وستعلمهم درسا أخلاقيا مفاده ان من العيب ان يقفوا في مواجهة هذا المشروع وان مكانهم الطبيعي هو ان يكونوا داعمين  له ومشيدين به، لكن الواقع  أن سعارهم  قد زاد، وان نباحهم  ونياحهم أصبحا يصمان الآذان ،وكلما رأوا  الحشود الضخمة تتزاحم ،وشاهدوا التقاء الأبيني بالضالعي، واحتضان الشبواني لليافعي ،واجتماع المهري باللحجي والعدني والحضرمي ، كلما بدا حالهم  كحال تلك الضرة التي  تشاهد زوجها مع زوجته الأخرى فتخرج عن طورها ويسمع  منها منها الناس من العويل والصياح،  ومن السلوك  الساقط ما يجعلها موضع رثاء قبل الغضب منها.

ايها الحاقدون اني أشفق عليكم ،وارى ان سقوطكم يتزايد مع كل نصر أخلاقي جنوبي يجعلكم تعيشون في أرق ،ولا خلاص لكم سوى في ان تتحرروا من ثقافة الضرة وغيرتها  فأنها ليست من أخلاق المسلمين .