fbpx
الأسرى الفلسطينيون .. أجساد أنهكها المرض
شارك الخبر

غزة – وكالات :
تتيح قصة الأسير المحرّر أنيس النمورة مع المرض الاطلاع على أحد أشد فصول القهر والألم التي يُكابدها أكثر من ربع الأسرى الفلسطينيين الرازحين خلف قضبان سجون الاحتلال، في انتظار أن يُفرّج الله كربهم قبل أن يفتك بهم المرض. ومثّل الإفراج عن المحرّر النمورة (37 عامًا) بموجب صفقة للتبادل قبل عامين، فرصة ذهبية لنجاته من الموت المحقق، بعدما اكتشف بمجرد خروجه من السجن أنه يُعاني من فشل كلوي والتهابات حادة في الشعيرات الدموية، وخلل في عمل المرارة. كل هذه الأمراض التي قادت إلى إجرائه عمليات جراحية لاستئصال المرارة وزراعة كلية تبرّع بها أحد أشقائه ومن ثم فارق الحياة على إثرها، لم يكن الأسير المحرّر على علم بها، ولم تبلغه إدارة السجن عن طبيعتها شيئًا.
وبدأت كما يوقل موقع “الجزيرة نت” حكاية المحرّر النمورة مع المرض عام 2009 عندما شعر بتدهور تدريجي في وضعه البدني العام، ومن ثم ظهور بقع دموية على جسده وآلام حادة في الأطراف. ظل الأسير يُكابد المرض معتقدًا أن ما أصابه ناجم عن البرد ومرض جلدي مجهول حتى لحظة تحرّره عام 2011، وطول فترة العامين أجرت له عيادة السجن عدة فحوصات طبيّة، ولكنها لم تقدّم له العلاج المناسب أو تبح له بطبيعة مرضه.
يقول المحرّر النمورة للجزيرة نت: إن الأطباء في الأردن أبلغوه بأن كليتيه كان يمكن إنقاذهما لو شُخّصت إصابتهما منذ البداية، وتناول دورة علاجية لعلاج الالتهابات، أو تناول مزيدًا من جرعات الماء لتساعد على طرد الالتهابات. ويؤكد مدير دائرة الإحصاء بوزارة الأسرى والباحث المختص في شؤون الأسرى عبد الناصر فروانة أن قضية الأسرى المرضى مؤلمة للغاية لما يترتب عليها من معاناة لهم ولرفاقهم الأسرى الذين يقفون عاجزين أمام آلام وآهات رفاقهم.
وأضاف: إن هناك في الأسر الإسرائيلي من هم مشلولون حركيًا بالكامل ويقع على عاتق زملائهم الذين يعيشون معهم مسؤولية مساعدتهم على مواجهة ظروف السجن القاهرة. وأوضح فروانة أن أكثر من 1500 من أصل 5000 أسير فلسطيني يُعانون من أمراض مختلفة، مشيراً إلى أن هذا الرقم مرشّح للزيادة لو سمحت إدارة السجون بإجراء فحوصات طبيبّة دورية للأسرى.
وأشار إلى أن قرابة 160 أسيرًا مريضًا بحاجة إلى عمليات جراحيّة عاجلة، و20 آخرين بحاجة إلى عناية ومتابعة دائمة لعجزهم عن الحركة أو القيام بمتطلبات حياتهم الشخصية بمفردهم. وتابع المسؤول بوزارة الأسرى أن 70 أسيرًا أيضًا يُعانون من إعاقات جسديّة ونفسية، ولا توفر لهم إدارة السجن الأدوات أو الوسائل المساندة، ويتعامل معهم الاحتلال أسوة بتعامله مع الأسرى الأصحاء.
وشدّد فروانة في حديثه للجزيرة نت على أن خطورة قضية الأسرى المرضى تكمن في تفاقم أوضاعهم المرضية في أي لحظة، وتعرّضهم لأمراض مزمنة وخطيرة نتيجة غياب الرعاية الصحية وعدم اكتراث إدارات السجون، والبطء الشديد والمتعمّد في كثير من الأحيان في عرضهم على أطباء السجن. وأردف قائلاً: “إن جميع الأسرى يتعرّضون لخطر داهم لأن إدارة مصلحة السجون لا تبلغ الأسرى بنتائج فحوصاتهم الطبية في حال إجرائها، وتتكتم على طبيعة الأمراض التي تصيبهم ودرجة خطورتها خشية تعرّضها لانتقادات حقوقية أو خطوات احتجاجية من الأسرى أنفسهم”.
وذكر فروانة أن كثيرًا من الأسرى ممن أفرج عنهم تبيّنت إصاباتهم بأمراض لم يكونوا يعلمون شيئًا عن طبيعتها، مشيرًا إلى أن كل الأسرى ممن أمضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال خرجوا منها مصابين بأمراض مختلفة. وأوضح أن سلطات الاحتلال وعلى مدار تجربة الحركة الأسيرة ترفض الإفراج عن المرضى وتصر على بقائهم ومعاقبتهم في السجون، لافتاً إلى أنه حتى في الحالات الاستثنائية التي أفرجت فيها عن أسرى مرضى بأمراض مزمنة لم تدم حياتهم طويلاً خارج السجون وتوفي معظمهم بعد أسابيع أو أشهر قليلة من تاريخ الإفراج عنهم .

المصدر: جريدة الراية
أخبار ذات صله