fbpx
لجنة الدستور المصري تقر مواد الجيش بالأغلبية وتمنح قادته حق اختيار وزير الدفاع
شارك الخبر

يافع نيوز – الشرق الاوسط

أقرت لجنة الخمسين معظم مواد مشروع الدستور المصري الجديد أمس بأغلبية تجاوزت نسبة الـ75 في مائة المطلوبة لإقرار المواد، وفشلت اللجنة في تمرير أربع مواد تتعلق بالجدول الزمني للمرحلة الانتقالية، والبرلمان المقبل. وقال عضو باللجنة لـ«الشرق الأوسط» أمس إن اللجنة تتجه لمنح رئيس الجمهورية جواز إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات البرلمانية.

وعقدت لجنة تعديل الدستور اجتماعا مغلقا لحسم المواد المعلقة، ومن المقرر أن تنهي عملها عقب الاجتماع المغلق الذي استمر حتى موعد كتابة هذا التقرير.

ورفعت لجنة الخمسين جلستها الثانية بعد اعتماد نصوص الدستور باستثناء أربع مواد، كما تناقش مادة جديدة طرحها نقيب الصحافيين ضياء رشوان.

وتنص المادة 230 على أن تبدأ إجراءات انتخاب أول مجلس للنواب خلال مدة لا تقل عن 30 يوما، ولا تجاوز 90 يوما من تاريخ العمل بالدستور، وينعقد فصله التشريعي الأول خلال 10 أيام من تاريخ إعلان النتيجة النهائية للانتخابات. وتبدأ إجراءات الانتخابات الرئاسية خلال 30 يوما على الأكثر من أول انعقاد لمجلس النواب، لكن أعضاء اللجنة يعتزمون منح الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور الحق في تقديم موعد الانتخابات الرئاسية.

وتعد تلك الخطوة تعديلا جوهريا في خارطة المستقبل التي وضعها الجيش بالتوافق مع قوى سياسية ورموز دينية، في يوليو (تموز) الماضي، في أعقاب عزل الرئيس السابق.

وقال عضو «الخمسين» لـ«الشرق الأوسط» أيضا إن اللجنة تتجه لإلغاء المادة 229 التي تنص على أن تكون «انتخابات مجلس النواب التالية لتاريخ العمل بالدستور وفقا للنظام المختلط بنسبة الثلثين بالنظام الفردي والثلث بالقوائم، وذلك على النحو الذي ينظمه القانون».

كما تتجه اللجنة أيضا لإلغاء مادة انتقالية تلزم السلطات بمنح أفضلية للعمال والفلاحين في نسبة التمثيل في البرلمان المقبل، بحسب عضو اللجنة الذي أشار إلى أن تلك الخلافات كانت معلومة للأعضاء قبل بدء التصويت.

وتباينت مواقف القوى السياسية من الدستور بحسب موقعها من ثورة 30 يونيو (حزيران) التي أنهت عاما من حكم «الإخوان».. فمن جانبها، رحبت معظم القوى المدنية بالمشروع الجديد رغم «التحفظات»، وتعهدت قيادات جبهة الإنقاذ الوطني بالحشد للتصويت بـ«نعم»، تحت شعار «80 – 80» (في إشارة لنسبة المشاركة في الاستفتاء ونسبة المصوتين بالموافقة عليه).

في المقابل، دعا تحالف تقوده جماعة «الإخوان» إلى مناهضة الدستور الجديد ووصفه بـ«الوثيقة السوداء». لكن القيادي الإخواني البارز محمد علي بشر قال لـ«الشرق الأوسط» أمس إن التحالف سيقرر خلال الأسبوع الحالي موقفه من المشاركة في الاستفتاء، فيما عدّ المستشار طارق البشري رئيس لجنة تعديل دستور 1971 الدستور الجديد أثرا من آثار ما وصفه بـ«الانقلاب العسكري» بغض النظر عن مضمونه.

واستأنفت لجنة الخمسين ثاني جلسات التصويت النهائي على مشروع الدستور في مقر مجلس الشورى بوسط القاهرة أمس، بعد أن أقرت بالفعل 138 مادة من أصل 247 مادة، في جلستها الأولى قبل يومين. وجاءت جلسة أمس هادئة أيضا كسابقتها، من دون مناقشات، لكنها فشلت في تمرير أربع مواد.

وأشار عمرو موسى، رئيس اللجنة، في بداية الجلسة إلى أن التصويت سيكون إلكترونيا، وأنه لن يلجأ إلى التصويت برفع الأيدي في هذه الجلسة مثلما حدث في جلسة أول من أمس، وهو ما اعتبره مراقبون رغبة في رفع الحرج عن أعضاء اللجنة بشأن بعض المواد المثيرة للجدل، ومنها مواد تتعلق بالمحاكمات العسكرية، وتحصين منصب وزير الدفاع لدورتين رئاسيتين. وعلق موسى بالفعل الجلسة لمدة خمس دقائق لإصلاح عطل في نظام التصويت الإلكتروني.

وقال مسعد أبو فجر، عضو لجنة الخمسين، في تعليق له بحسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»: «أخيرا أنا ذاهب لمجلس الشورى، وأنا أدعو الله مخلصا له الدين، أن يخرب جهاز التصويت، حتى لا يجد البعض ما يداري عورته به»، مما يشير للاعتراضات التي أبداها عدد من الأعضاء على مواد يرى البعض أنها تمنح وضعا مميزا للمؤسسة العسكرية، لكن باتت هذه الاعتراضات من باب تسجيل المواقف فقط بعد توافق الأعضاء على مشروع الدستور قبل جلسات التصويت النهائي.

وتعلقت أنظار أعضاء الجلسة لثوان بشاشة تظهر نتائج التصويت الإلكتروني خلال التصويت على المادة 204 التي تنظم محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. ومرت المادة بموافقة 41 صوتا من أصل 49 عضوا حضروا الجلسة، وامتناع عضو واحد عن التصويت، ورفض ستة أعضاء، فيما لم يصوت أحد الأعضاء على المادة. وتنص المادة على أن «القضاء العسكري جهة قضائية مستقلة، يختص دون غيره بالفصل في كافة الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة وضباطها وأفرادها ومن في حكمهم، والجرائم المرتكبة من أفراد المخابرات العامة أثناء وبسبب الخدمة».

وتنص المادة المثيرة للجدل في فقرتها الثانية على أنه «لا يجوز محاكمة مدني أمام القضاء العسكري، إلا في الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على المنشآت العسكرية أو معسكرات القوات المسلحة أو ما في حكمها، أو المناطق العسكرية أو الحدودية المقررة كذلك، أو معداتها أو مركباتها أو أسلحتها أو ذخائرها أو وثائقها أو أسرارها العسكرية أو أموالها العامة أو المصانع الحربية، أو الجرائم المتعلقة بالتجنيد، أو الجرائم التي تمثل اعتداء مباشرا على ضباطها أو أفرادها بسبب تأدية أعمال وظائفهم. ويحدد القانون تلك الجرائم، ويبين اختصاصات القضاء العسكري الأخرى».

واعترض عضو واحد فقط باللجنة وامتنع آخر عن التصويت على المادة 201، التي تلزم السلطات التنفيذية للمرة الأولى باختيار وزير الدفاع من بين ضباط القوات المسلحة. وتنص المادة على أن «وزير الدفاع هو القائد العام للقوات المسلحة، ويعين من بين ضباطها».

ووافقت اللجنة على مادة تمنح المجلس الأعلى للقوات المسلحة الحق في اختيار وزير الدفاع لمدتين رئاسيتين، بموافقة 43 عضوا من أصل 49 عضوا.

من جانبه، قال الدكتور رفعت السعيد، القيادي في جبهة الإنقاذ الوطني، إن الدستور الجديد يمثل نقلة حضارية مهمة في تاريخ مصر، وخطوة على طريق خارطة المستقبل، لافتا إلى أن الدستور به مواد تمثل حلما للمصريين، «لكن به عوار شديد أيضا».

وأوضح السعيد، وهو الرئيس السابق لحزب التجمع اليساري، لـ«الشرق الأوسط» أن بعض أعضاء اللجنة صمموا على إلغاء مبدأ التمييز الإيجابي، خاصة تمثيل المرأة والأقباط، وتابع قائلا: «كيف لا تسمح بمنح الأقباط تمييزا إيجابيا في الدستور وهناك من يستهدفهم بسبب كونهم مسيحيين، ويستهدف دور عبادتهم لأنهم يقيمون شعائرهم بها».

وأضاف السعيد، وهو من أبرز مناوئي جماعة «الإخوان» التي ينتمي لها الرئيس السابق، أن «البعض سيغضب من الدستور مثل العمال والفلاحين بعد إلغاء نسبة الخمسين في المائة المخصصة لهم في البرلمان، والمرأة والأقباط، لكننا نرجو ألا يتحول هذا الغضب من بعض المواد إلى غضب من الوطن، لأن رفض هذا الدستور يمثل خطورة بالغة، لأن انهيار خارطة المستقبل يعني عودة جماعة (الإخوان)».

وأكد السعيد أن جبهة الإنقاذ ستدعو المواطنين إلى التصويت بـ«نعم» على مشروع الدستور، مضيفا أن الجبهة ترفع شعار «80 – 80»، أي العمل على أن يشارك 80 في المائة ممن لهم حق الاقتراع في الاستفتاء، وستعمل على أن يحظى الدستور بموافقة 80 في المائة من الأصوات الصحيحة المشاركة في الاستفتاء.

في المقابل، رفض المستشار طارق البشري، الذي ترأس العام قبل الماضي لجنة تعديل دستور 1971، وهي التعديلات التي رسمت المسار السياسي للبلاد عقب ثورة «25 يناير»، التعليق على مضمون التعديلات الدستورية التي أقرتها لجنة الخمسين في الوقت الراهن، لكنه قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «بغض النظر عن مضمون الدستور الجديد، يجب أن نعلم أنه يعد أثرا من آثار الانقلاب العسكري على السلطة الشرعية، وأنه لم يجر على النحو الذي أقره دستور 2012 لتعديل مواده». ووضعت جمعية تأسيسية هيمن عليها الإسلاميون دستور 2012 المثير للجدل. ووافق 64 في المائة من المشاركين في الاستفتاء عليه، بينما رفضه 36 في المائة من المصريين. من جانبه، قال الوزير السابق محمد علي بشر لـ«الشرق الأوسط» إن «التحالف الوطني لدعم الشرعية وكسر الانقلاب (تحالف إسلامي تقوده جماعة الإخوان)» لم يقرر بعد موقفه من الاستفتاء على الدستور سواء بالتصويت ضده أو مقاطعة العملية برمتها، مؤكدا أن التحالف سيجتمع خلال الأسبوع الحالي لحسم هذه القضية.

وترفض جماعة «الإخوان» عزل مرسي والإجراءات التي تلت قرار العزل، لكنها أظهرت خلال الشهر المنقضي رغبة في بدء حوار سياسي يقود إلى مصالحة وطنية. ولم تلق هذه الدعوة استجابة من القوى السياسية المدنية أو الحكومة المدعومة من الجيش، بعد أن عدّت أن دعوة الجماعة تفتقر إلى الجدية المطلوبة مع إصرارهم على عودة مرسي إلى السلطة مجددا، لتفويض سلطته. ووصف تحالف دعم الشرعية في بيان له أمس الدستور الجديد بأنه «وثيقة سوداء صنعت في الظلام لمناهضة ثورة (25 يناير)»، وطالب التحالف أنصاره بإحياء الذكرى الأولى لمرور عام على تسليم الجمعية التأسيسية لوضع الدستور نسخة منه للرئيس السابق.

من جهته، قال عمرو مكي، المتحدث الرسمي باسم حزب النور السلفي الممثل بعضو في لجنة تعديل الدستور، إن «الحزب سيقرر الثلاثاء المقبل موقفه النهائي من التصويت في الاستفتاء على الدستور».

وأضاف مكي قائلا لـ«الشرق الأوسط» إن الهيئة العليا لحزب النور المكونة من 50 عضوا ستجتمع خلال الساعات المقبلة لمناقشة الموقف النهائي من التعديلات الدستورية، وأنها «ستراعي مواقف القواعد الحزبية من تلك التعديلات، لكنها ستنظر إلى هذه الآراء في ضوء المشهد السياسي في مجمله».

وشارك حزب النور في اجتماع أقر خارطة المستقبل في 3 يوليو (تموز) الماضي، لكنه تحفظ على كثير من الإجراءات منذ ذلك الوقت. وتقول قيادات الحزب إنها تحافظ على بقاء المشروع الإسلامي في ظل الكراهية غير المسبوقة لجماعة «الإخوان» والتيار الإسلامي في الأوساط الشعبية.

 

أخبار ذات صله