fbpx
الدولة القاتلة

 

كتب | منصور صالح

يخطئ من يعتقد ان الجنوب وحده من يشهد حالات القتل اليومية، فحتى الشمال فيه قتل وقتال كثير وفيه ضحايا يتساقطون ليس في المعارك والمظاهرات ولكن أيضا حتى في المدارس والمساجد كما حدث الجمعة للقيادي الحوثي عبدالكريم جدبان.

وكما هو القتل في الجنوب تقليد حكومي  متبع ومألوف هو كذلك حالة دائمة وشبه طبيعية في الشمال، والفرق الوحيد والجوهري في الحالتين هوان قتلى الشمال يسقطون نتيجة غياب الدولة ،ولو أنها حضرت وبسطت نفوذها، ما تساقط هذا العدد الهائل من الضحايا كل يوم فيما قتلى الجنوب يسقطون برصاص الحكومة  بأموال الدولة التي هي في الأساس أموال الضحايا، وصار مألوفا لدى الجنوبيين ان حضور الدولة في الجنوب ليس سوى حضور قاتل فهي لا تحضر إلا لتقتل وتذل الناس بسبب ودون سبب ،  وان غير قتل الأبرياء ليس لهذه الدولة من مهام أخرى  تتعلق بخدمة الناس ولو انها غابت،  لصانت الدماء وما سقط  شاب بريء ولا طفل ولا امرأة كما هو الحال الآن.

فرق آخر بين قتلى الجنوب وقتلى الشمال هو ان عيون الاعلام تبدو أكثر انسانية ومفتحة  ومتفاعلة مع ما يجري في الشمال وتنقل كل حادثة مهما صغرت ومهما تكن أسبابها لكنها تتحول الى متوحشة وعديمة الانسانية وفاقدة للمهنية  حين تتعامى عما يجري في الجنوب من فضائع وتحرص على اخفائها أو تتعامل معها وكأنها أمرا طبيعيا وكأن الضحايا مجرمين ونفذت فيهم أحكام شرعية.

 

تستطيع هذه الدولة ان تتهم من تشاء بالوقوف وراء أعمال القتل التي تجري في الشمال، لكنها ستبدو أكبر من غبية ،اذا ما حاولت ان تبرأ نفسها من الوقوف وراء جرائم الاغتيالات في الجنوب ومنها جرائم اغتيال نساء وأطفال وشيوخ، كما فعلت مع عافيه مشبح وفيروز اليافعي وندى شوقي ومؤنس عبدالرحمن وصولا الى ما فعل جنود ابو عوجا  بالأمس فقط مع الطفل صدقي صالح في الملاح بردفان وكل هؤلاء سقطوا دون ذنب سوى رغبة القتل المتأصلة في نفوس القتلة .

بالمقابل يستطيع الاعلام ان يدعي المهنية الى أي قدر يشاء في تعاطيه مع ما يجري في الشمال، لكنه سيكذب وسيكتب عند الله كذابا ان هو ادعى انه يتمتع بنزر من الأخلاق المهنية في تناوله لأخبار القمع والقتل في الجنوب ،ولنا في مراسلي الجزيرة والبي بي سي والعربية مثالا صارخا في الشراكة مع الدولة في أعمال القتل، عندما يجعلون من الضحية الجنوبي جانيا ،ويعلنون تضامنهم مع القتلة، ويبررون لهم أفعالهم وهم على يقين أنهم لا ينقلون ولا يقولون الا كذبا