fbpx
رحل سلاطين الجنوب وعاد الملكيون إلى الشمال

طبيعة النظام والمجتمع عندنا تنزع إلى التجميل والتمجيد ولا تتحدث عن التقييم وأوجه السلب وإذا حدث وأن تعرض كاتب لواقعة أو منعطف ما وأشار إلى وجوب السلب تناوشته الرماح من حدب وصوب على مستوى أفراد وأجهزة أمنية مخابراتية وإذا عقدت لذوات مكرّسة لقضية الثورة أو المنعطف الفلاني خذ مثلاً يوم 27 إبريل اليوم الذي يقولون عنه أنه “يوم الديمقراطية” والديمقراطية لا تكون إلا في مجتمع مدني ولذلك لم تكن هناك ديمقراطية منذُ 26 سبتمبر 1962م ، و30 نوفمبر 1967م وحتى الآن، لأن الديمقراطية تمارس في الأسرة والمدرسة والمسجد وكل منظمات المجتمع المدني (إن كان هناك مجتمعاً مدنياً) وقد سيتغز القارئ عندما أشرت إلى المسجد الذي يؤمه شخص المصلون راضون عنه ومقتنعون به ولا يمكن أن يؤمهم قسراً.

العربي عامة والإنسان في هذه البلاد مصاب بآفة النسيان إلا قضايا الثأر قد تلاحقك (300) سنة وهذا دليل تخلف وللأسف جاهد الإسلام حثيثاً ضد هذا الموروث الجاهلي ومنها العصبية وأعلن موقفه منها (ليس منا من عاش على عصبية وقاتل على عصبية ومات على عصبية) وكسر الإسلام أحادية الانتماء (القبلية) وعزز أممية الانتماء (الإسلام وتجلى ذلك في سلمان الفارسي وبلال الحبشي وصهيب الرومي)

ليسمح لي القارئ أن أضعه أمام وقائع ومنعطفات ليشكل منها رؤية سياسية ليعبر بحق أنه دخل القرن الحادي والعشرين بكل ما فيه من تحديات!

27 فبراير، 1967م: انفجار بجانب بيت عبدالقوي مكاوي بمدينة المنصورة ومقتل ستة بينهم أولاد عبدالقوي مكاوي: جلال وعادل وسمير.

12 إبريل، 1967م: وصول اللورد شاكلتون، مبعوث وزير الخارجية البريطاني لتقييم أوضاع عدن ويخرج منها بضرورة استبدال المندوب السامي البريطاني ريتشارد ترنبل بدبلوماسي محترف ورسى الاختيار على دبلوماسي محنك وهو همفري تريفيليان.

24 سبتمبر ـ 6 نوفمبر، 1967م: فترة اقتتال أهلي (أول وثاني) بين فرقاء الكفاح المسلح (الجبهة القومية وجبهة التحرير والتنظيم الشعبي الذي ساند . ج. ت.) وحسم الجيش الاتحادي النظامي الموقف بأن اعترف بالجبهة القومية في سياق سيناريو أعده تريفيليان.

29 أغسطس، 1967م: عقد مؤتمر العربية في الخرطوم واتفاق الزعيمين ناصر وفيصل على انسحاب القوات العربية ووقف الدعم السعودي للملكيين.

3 نوفمبر، 1967م: الإطاحة بالمشير عبدالله السلال وتشكيل مجلس جمهوري برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني وتشكيل حكومة برئاسة محسن العيني.

6نوفمبر، 1967م: في صنعاء العيني يعلن عن مفاوضات في القريب مع الملكيين باستثناء أفراد بيت حميد الدين وفي عدن قيادة الجيش تعترف بالجبهة القومية.

21 نوفمبر، 1967: بدء مفاوضات الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي والوفد البريطاني برئاسة اللورد شاكلتون.

28 نوفمبر، 1967م: بدء حصار صنعاء وكان في طليعة المقاومة مقاتلو جبهة التحرير والتنظيم الشعبي وإلى جانبهم الشرفاء من سائر المناطق (شمالاً وجنوباً.

30 نوفمبر، 1967م: استقلال الجنوب (العربي هكذا ورد هذا الاسم في وثيقة الاستقلال) وأعلن في عدن عن قيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.

هكذا رحل خصومة الجبهة القومية من الأحرار وهكذا عاد الملكيون إلى صنعاء وأصبحت القبيلة المتنفذة وارثة شرعية لحكم الإمامة وحصرت الثروة في أبنائها وضاع أبناء إب وتعز والحديدة والبيضاء وسط زحام المكونات وزحام طوابير اللجنة الخاصة السعودية لتسلم المال الحرام من حكومة الرياض.

على الجنوبيين أن يقدموا قراءة جديدة لتاريخ الجنوب واستخراج العبر منها لبناء دولة جديدة في الجنوب قائمة على أساس الفيدرالية كما كان اتحاد الجنوب العربي، أما حكاية الوحدة فعليهم أن يغسلوا أيديهم منها لأن البلاد هي ملك لحيتان حاشد وسنحان المدعومين من مراكز نفوذ قوية في الخارج وتؤثر تلك المراكز على كافة القرارات سواءً الصادرة من الدول الكبرى (خاصة أوروبا والولايات المتحدة) أو من المنظمات الدولية (وخاصة منظمة الأمم المتحدة).

دخلوا في جدول أعمالكم قراءة جديدة للتاريخ في الجنوب ورؤية موضوعية عاقلة لنظام الحكم أو شكل الدولة مع مراعاة رد الاعتبار لعدن التي هضمت كثيراً بعد الاستقلال وحتى اليوم ولن يستقر الجنوب إلا بإعادة الاعتبار لعدن.