يافع نيوز – ارم
قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية والتنبؤ السياسي بموسكو، عمار قناة، إن الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ليست صراعا ثنائيا بقدر ما هي مواجهة روسية – أمريكية منذ البداية، موضحا أن ترامب لا يمتلك أدوات ضغط على روسيا، لكنه قادر على التأثير جزئيا على أوكرانيا.
وأشار قناة، إلى أن مفاوضات إسطنبول لم تفشل فعليا، بل تُعد امتدادا لمسار بدأ منذ عام 2022، وأن تبادل الأسرى الأخير مؤشر على وجود أرضية للتفاهم.
وأضاف أن العقوبات الاقتصادية فقدت فاعليتها، وانعكست سلبا على أوروبا أكثر من روسيا، التي تمكنت من التكيّف وتطوير صناعاتها الوطنية.
ورأى أن أي فشل في الوساطات والمبادرات الحالية سيؤدي إلى استمرار الحرب، مع خسائر أوكرانية وأوروبية متصاعدة، في ظل غياب أي قدرة عسكرية فعلية لاستعادة الأراضي.
مدى جدية ترامب في التوسط لإنهاء الحرب؟
لا يمكن القول إن ترامب يمتلك اليوم أدوات ضغط فعالة على روسيا، لكنه قادر جزئيا على ممارسة ضغط مباشر على الجانب الأوكراني، وتحديدا على زيلينسكي، خاصة وأننا الآن أمام مشهد مرتبك داخل الغرب نفسه، مع تصاعد نفوذ التيار الأوروبي المتطرف في إدارة الأزمة.
ويحاول ترامب الظهور بمظهر القادر على إنهاء النزاع، مستندا إلى تصريحاته السابقة حول علاقته الجيدة ببوتين، لكن الواقع يفرض أن هذا الصراع ليس روسيا – أوكرانيا بحتا، بل روسي – أمريكي منذ البداية.
وحتى الآن، هناك نخب سياسية أمريكية تعارض تحركات ترامب، وتعتبرها بمثابة تنازلات لروسيا وخسارة استراتيجية لواشنطن. ورغم المكاسب الاقتصادية التي حققها ترامب من اتفاقية المعادن النادرة مع ، فإن وساطته لن تكون سهلة، بل تعكس واقعا جديدا مفاده أن واشنطن تخلّت عمليا عن أوكرانيا.
المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في إسطنبول لم تتعثر فعليا، بل نحن أمام استكمال لما بدأ في أبريل 2022، وما ننتظره اليوم هو صدور وثائق رسمية تُلخص مطالب الطرفين، والتأثير الحقيقي مرهون بإرادة أوروبا وقدرتها على الاستمرار في دعم أوكرانيا.
ومن الواضح أن أوروبا تُعيق الاعتراف بالواقع الميداني الذي فرضه الجيش الروسي، وتصر على معادلة غير واقعية، أما ترامب، فقد يتمكن من التأثير إذا ما مارس ضغطا متوازيا على أوكرانيا والطرف الأوروبي معا.
الخطوط الحمراء تم التعبير عنها بوضوح مع بدء العملية العسكرية الروسية: حياد أوكرانيا، ومنع انضمامها إلى الناتو، وتقليص تسليحها، واستئصال النازية من نظامها السياسي.
وهناك الآن معطيات جديدة غير قابلة للتفاوض، مثل انضمام المقاطعات الأربع إلى روسيا، إلى جانب القرم، وهذه أصبحت جزءا من الدستور الروسي.
والمنظومة الغربية بدأت تتآكل، وتصريحات ماكرون الأخيرة دليل على نفاد الخيارات الأوروبية، وعلى أوكرانيا أن تتعامل مع الواقع، فمسألة استعادة الأراضي باتت غير واقعية.
الشروط التي تعتبرها أوكرانيا غير قابلة للتفاوض
بواقعية، على أوكرانيا الإقرار بالوضع الجديد الذي فرضته روسيا، خاصة وأن الأزمة تعود جذورها إلى انصياع كييف للمصالح الجيوسياسية الغربية؛ إذ كانت الحسابات الأمريكية والأوروبية تهدف إلى إنهاك روسيا اقتصاديا واستراتيجيا.
واليوم، أوكرانيا هي ضحية هذا المسار، ولا مفر أمامها سوى تقديم تنازلات. اتفاقيات مينسك 1 و2 كانت تمثل فرصة حقيقية، لكنها لم تُنفذ، رغم أن ألمانيا وفرنسا كانتا ضامنتين لها.
استعداد دولي لتقديم الضمانات الأمنية المطلوبة لأوكرانيا
ترامب نفسه صرّح بأن انضمام أوكرانيا إلى الناتو مستحيل، وحتى الأوروبيون لا يملكون القدرة على تقديم ضمانات أمنية حقيقية، والطرف الوحيد القادر على توفير ضمانات أمنية هو روسيا، في حال تم التوصل إلى اتفاق. وجوهر هذا الصراع يتمثل في المعادلة الأمنية داخل أوروبا.