مقالات للكاتب
صلاح بن لغبر
في القرن التاسع عشر، تحولت منطقة البلقان إلى ساحة صراعات تُدار عن بُعد، القوى الأوروبية الكبرى حينها لم تكتفِ بالمراقبة، بل قامت بدعم فصائل متنازعة داخل الإمبراطورية العثمانية المتهاوية، تغذّي النزاعات العرقية والدينية عمدًا، بهدف تفكيك المنطقة إلى كيانات صغيرة وضعيفة يسهل السيطرة عليها.
وهذا ليس مجرد فصل من فصول التاريخ، بل نمط متكرر من “الاستثمار في الفوضى”، لا يزال يُمارس حتى اليوم.
المفارقة أن ما كان يُدار في الخفاء، يُنفذ الآن على الملأ ودون مواربة. تُمارَس المؤامرات السياسية بشكل علني في مناطق مختلفة من العالم، خصوصًا عندما تكون النخب الحاكمة في الدول المستهدفة غافلة عن سيادتها أو متواطئة في تدمير حاضر شعوبها ومستقبلهم.
حين تسعى دولة ما إلى تفكيك البنية الاجتماعية لجارتها، فإنها لا تكتفي بتأجيج خلاف قديم، بل تخلق أزمات وصراعات جديدة، تُدار وفق استراتيجية معقدة تهدف إلى إبقاء الدولة المستهدفة في حالة فوضى مزمنة، تمنع أي أفق للاستقرار أو التقدم.
إنها لعبة طويلة الأمد، تعتمد على تحريك الصراعات من الداخل عبر دعم جماعات قبلية أو دينية بالسلاح والمال، لتتحول الشعوب إلى أدوات لهدم أوطانها بأيديها.
هذا النوع من التدخل ليس مجرد عمل عدائي، بل تعدٍ فاضح على سيادة الدول وكرامة الشعوب، وانتهاك صارخ لكل الأعراف الدولية.
وفي جوهر هذه الاستراتيجية، يكمن هدف واحد: #الهيمنة.
ويبقى السؤال الحتمي:
إلى متى ستظل الشعوب رهائن لهذه التدخلات السامة؟
في عالم تُستخدم فيه الصراعات كأدوات تحكم، تصبح النجاة مرهونة بوعي جماهيري حي، وبقيادة تملك الشجاعة لوقف النزيف، وقطع الطريق على كل مؤامرة تُحاك في الظل أو في وضح النهار.
وأنا طبعا أتحدث هنا عن سوريا 😉😎