يافع نيوز – درع الجنوب.
النجاحات التي حققتها قواتنا المسلحة الجنوبية، ليست وليدة لحظتها، بل نتاج تراكم عوامل عدة، تتعلق بالإرث التاريخي والبيئة الوطنية والاجتماعية النضالية التحررية التي تخلقت فيها ومن خلالها التشكيلات المعاصرة للقوات المسلحة الجنوبية، والتي تمثل الامتداد التاريخي والمهني والعضوي لجيش لدولة الجنوب – جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – الذي كان وباعتراف الجميع والمؤسسات ومراكز الدراسات والبحوث العسكرية العربية والأجنبية، واحداً من اقوى جيوش المنطقة وأكثرها كفاءة في تسليحه و تنظيمه وتدريبه وتأهيله وانضباطه الواعي وانتمائه الوطني.
من ناحية أخرى، تعتبر التشكيلات العسكرية والأمنية الجنوبية المعاصرة، وليدة ثورة الجنوب السلمية، التي ترعرع منتسبيها في أتون النضال الثوري السلمي وجناحه العسكري، الذي خلق جيلاً وطنيا متسلحا بالوعي وبالثقافة التحررية و بالولاء الوطني الجنوبي، والإيثار والإستعداد التام للتضحية في سبيل إستعادة دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة، وبنائها بناء معاصرا بلبنات المستقل وتطوراته ومقتضياته، وبالاستفادة من دروس الماضي و إرثه وتاريخه المشرف، لا سيما إرث وموروث جيش الجنوب الذي أنشئ عقب الاستقلال الأول، في 30 من نوفمبر عام 1967 وتم الإعلان عن ذات التأسيس لاحقا، وتحديدا في الأول من سبتمبر 1971م في فعالية إشهار مهيب بالكلية العسكرية بالعاصمة عدن.
* الإنبثاق وبداية التأسيس
انبثقت قواتنا المسلحة الجنوبية المعاصرة، من المقاومة الجنوبية التي أسسها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، وبدأت بواكير تشكيلات قواتنا و بشكلها النظامي الحديث، بقرار منه وبدعم وإشراف قوات التحالف العربي وعلى رأسها القوات الإماراتية، عقب تحرير العاصمة عدن من المليشيات الحوثية، وتحديدا مع بدء معركتنا المصيرية ضد التنظيمات الارهابية والتي بدأت اول فصولها من عدن وحضرموت المكلا وبقية محافظات الجنوب، والتي جرى تفويج العناصر الإرهابية إليها وبصورة ممنهجة بهدف خلط الأوراق وإرباك المشهد وتعقيد عملية تطبيع الأوضاع.
ففي مطلع 2016م، جرى إنشاء وتأسيس عدد من التشكيلات العسكرية والأمنية الجنوبية بمختلف تخصصاتها ونطاق انتشارها، وبإشراف الرئيس القائد عيدروس الزبيدي وبدعم من دولة الإمارات العربية المتحدة وفي إطار التحالف العربي، وشمل الدعم جوانب التدريب والتسليح وتأهيل المنشآت الامنية
من هذه التشكيلات التي تأسست وتشكلت وفقا معايير علمية، الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والإسناد والدعم والنخبة الشبوانية، والعاصفة وقوة مكافحة الإرهاب، في المقابل كانت هناك ألوية قتالية، انضوى فيها ابطال المقاومة الجنوبية في مواصلة دحر المليشيات الحوثية على طول جبهات القتال، كذلك هي وحدات الأمن والشرط بعد تأهيلها وتعزيز قدراتها وامكانياتها وعادة تأهيل مقراتها.
ولأن الهدف الذي لا رجعة عنه، هو استعادة وبناء دولة الجنوب الفيدرالية الحديثة، فقد أولت القيادة السياسية العليا ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي، الإهتمام والحرص في بناء وتنظيم قواتنا المسلحة الجنوبية الامنية والعسكرية في مختلف الجوانب، وإنشاء وحدات عسكرية جديدة على أسس وطنية معاصرة تلبي حاجة الجنوب الدفاعية وتواكب التطورات المتسارعة على الصعيد الدفاعي والأمني.
* إستراتيجية التكامل البنائي الصلب
لا يمكن الفصل في حديثنا، بين جيش الجنوب السابق وجيش الجنوب المعاصر، حيث وان المكون الاجتماعي أو ما يعرف بالقوام البشري للقوات المسلحة الجنوبية في المؤسستين الدفاعية والأمنية الحديثة، يمثل مزيجاً صلباً يجمع بين الرعيل الأول من القادة وضباط وصف ضباط جيش الجنوب القديم، ومن قطاعات الشباب، الذين تتلمذوا وترعرعوا في ساحات النضال الثوري التحرري الجنوبي، بوسائله السلمية والعسكرية، هذا المزيج النوعي والفريد، والذي يربط بين الأجيال، خضع لعملية إعادة الصهر وتشكيل وتنظيم في صفوف المقاومة الجنوبية والقوات المسلحة الجنوبية، التي مثلت أبرز عوامل تماسكها وصمودها وانتصاراتها من خلال الوحدة والترابط والتكامل بين العلوم والفنون والخبرات العسكرية والقتالية التي تمثلها العناصر والكوادر العسكرية القديمة، وبين الروح الثورية والفداء والتضحية والطاقة الإبداعية الخلاقة للشباب، منذ اليوم الأول لانتصارات شعب الجنوب ومقاومته وقواته في المعركة الوطنية التحررية من المليشيات الحوثية، وفي الحرب على الارهاب وتنظيماته والقوى والأطراف الداعمة له والمتخادمة معه في سياق الحرب على الجنوب.
* بقيادة مخضرمة.. بناء وتنظيم علمي حديث وطموح
إن هذا التكامل البنائي للقوات المسلحة الجنوبية وبمقومات جيش الأمس واليوم وبقيادة مخضرمة ممثلة بالرئيس القائد عيدروس الزبيدي، لاتقتصر ثمارها على معطيات اليوم بل ستؤتي أكلها على الدوام، كونها قاعدة تأسيس صلبة ووفق استراتيجية بناء وتنظيم علمي معاصر وطموح، أقرها الرئيس القائد عيدروس الزبيدي واشرف على إعدادها وتنفيذها من قبل نخبة من القادة المشهود لهم بالخبرات العلمية والعملية في مختلف الجوانب، ومن اشهر كفاءات قواتنا المسلحة الجنوبية، وقد أنجزت وبمتابعة مستمرة من قبل الرئيس القائد جملة من الهمام وفي إطار مصفوفة إستراتيجية بناء وتنظيم قواتنا المسلحة الجنوبية، وجاءت قرارات الرئيس القائد الاخيرة تكليلا لذات الجهود والأعمال والانجازات لاعتمادها وإقرارها، وتأكيد عملي بأن عملية إعادة تنظيم وبناء قواتنا المسلحة الجنوبية تمضي على قدم وساق وبخطى مدروسة ووفق المعايير العلمية المعمول بها عالميا.
* الترقيات والتعيينات.. خبراتهم القتالية الميدانية سبقت معارفهم النظرية
في سياق استكمال بناء وتنظيم وتطوير قواتنا المسلحة الجنوبية، أصدر الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي القائد الاعلى للقوات المسلحة الجنوبية، عدد من قرارات التعيينات والترقيات في المناصب القيادية بقواتنا المسلحة الجنوبية، منها قرار اعتماد التعيينات والترقيات في المناصب القيادية ب 12 لواء لعدد 162 ضابطا في كل لواء إضافة الى كتيبة الحماية الامنية، وكذا قرار رقم (16) لعام 2024م، بشأن الترقيات في القوات المسلحة الجنوبية وتضمنت مادته الأولى ترقية خريجي كلية زايد الثاني العسكرية من الدورة الخاصة رقم (1) والمنعقدة خلال الفترة من 9 يناير 2023م، ولغاية 7 سبتمبر 2023م وعددهم 147، إلى رتبة ملازم ثاني في صفوف القوات المسلحة الجنوبية.
هذه الترقيات جاءت، بعد عملية طويلة من الإعداد والتأهيل النوعي والتخصصي القيادي للشباب، الذين تم تأهيلهم داخلياً وخارجياً، علاوة على المؤهلات والمعارف والخبرات العملية الحقيقية، التي تلقوها بشكل مباشر، في مسارح المعارك والجبهات، حيث يحمل كل فرد فيهم رصيد ميداني قتالي كبير.. وهذا ما يميزهم عن غيرهم، في أن معارفهم وخبراتهم ودراستهم الميدانية القتالية العملية سبقت معارفهم ودراستهم النظرية، وهذا بحد ذاته تميز نوعي آخر، تجسد فيهم من خلال محصلة علمية معرفية لها قابلية غير محدودة للتطوير والابداع القيادي المتواصل.
– إجراءات عملية وتحرك ميداني
خلال لقاءاته قادة قواتها، وتحركه الميداني وبرنامجه التنفيذي والاجرائي العملي، وفي غضون الأسبوعين الماضيين، جدد الرئيس القائد عيدروس الزبيدي، تحديد أولويات الجنوب وشعبه ومواصلة بناء جهوزيته الدفاعية والأمنية بالشروط التي يفرضها الحاضر والمستقبل وبما يتناسب والتحديات الماثلة في وقتنا الراهن.
حيث إلتقى الرئيس القائد بقائد المنطقة العسكرية الثانية اللواء طالب سعيد بارجاش، واطلع على الإنجازات الأمنية التي حققها ابطال الوحدات العسكرية في ضبط العناصر الإرهابية، وكبح أعمال التهريب بمختلف أنواعها، ومحاولات زعزعة السكينة العامة للمواطنين، مشيرا أن منتسبي المنطقة العسكرية الثانية باتوا يمثلون اليوم أنموذجا في الجاهزية والانضباط العسكري، مؤكدا استعداده لتقديم كافة أوجه الدعم والمساندة لقيادة المنطقة في جوانب التدريب والتأهيل الداخلي والخارجي، بما يمكّنها من رفع قدرات منتسبيها في مختلف المجالات العسكرية والأمنية.
كما التقى الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بمكتبه بالقصر الرئاسي في العاصمة عدن، رئيس وأعضاء اللجنة العسكرية والأمنية العُليا، يوم الأحد الماضي، رئيس اللجنة العسكرية والأمنية العُليا اللواء الركن هيثم قاسم طاهر وأعضاء اللجنة.
وأكد الرئيس الزُبيدي خلال لقائه رئيس وأعضاء اللجنة العسكرية والأمنية العُليا، على عِظم المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقهم، معربا عن تقديره لكل الجهود التي بذلتها اللجنة لتنظيم عمل القوات العسكرية والأمنية لضمان تكامل عملها في مسارح العمليات الأمنية والقتالية، مجددا في الوقت ذاته دعم ومساندة مجلس القيادة الرئاسي لجهود اللجنة، وتقدم كافة التسهيلات لها بما يمكّنها من القيام بالمهام المنوطة بها على أكمل وجه.
وفي سياق إهتمامه في إستكمال البناء والتنظيم والتحديث النوعي لقواتنا المسلحة والأمنية وتعزيز قدراتها وكفاءتها، إلتقى الرئيس القائد أمس الثلاثاء بمدير أمن شرطة ساحل حضرموت العميد مطيع المنهالي، ومن ثم زيارته الميدانية لعدد من وحدات قواتنا المسلحة الجنوبية، للإطلاع والإشراف المباشر على سير برامج التدريب والتأهيل التي يخضع لها منتسبو الأولوية والوحدات، في إطار إجراءات الهيكلة التي دشنها الرئيس القائد لتنظيم وبناء قواتنا المسلحة بناء علميا ونوعي وبما يعزز من قدراتها واعدادها وكفاءتها وجاهزيتها.
وفي الزيارة التفقدية تحدث الرئيس القائد، مخاطبا ألابطال المقاتلين بالقول :”إننا فخورون بكم وبتفانيكم في ميادين التدريب، فكل قطرة عرق تبذلونها في الميدان ستوفر قطرة دم في ساحة المعركة”.
وأضاف الرئيس القائد قائلا:”أمامكم مهام كبيرة، فعلى عاتقكم تقع مسؤولية الدفاع عن الأرض والعرض والدين، وبدورنا سنعمل على توفير كل ما تحتاجونه في مختلف الجوانب لتنفيذ مهامكم الوطنية بكل كفاءة واقتدار”.
وواصل الرئيس حديثه قائلا :”نجدد التأكيد لكم في هذا اليوم الأغر، إننا ماضون على درب شهدائنا الأبطال الذين ضحّوا بأرواحهم في ميادين الشرف والبطولة لاستعادة دولتنا الجنوبية المستقلة كاملة السيادة”.