مقالات للكاتب
كتب/ علي عبدالله البجيري
أختلف المحللون السياسيون والإعلاميون حول «قمة القاهرة للسلام»، التي انعقدت في القاهرة يوم السبت الماضي 21 أكتوبر 2023. هذا الإختلاف يأتي على خلفية تباين المواقف بين وفود امريكا والدول الاوربية وموقف الدول العربية والاسلامية.وتأتي هذه القمة بعد فشل مجلس الأمن في تبنّي مشروعي قرارين الأول روسي والثاني برازيلي لوقف إطلاق النار.
ورغم الوضع الضعيف للدول العربية إلا أنها ولأول مرة من بعد ” صفقة القرن” تتخذ موقف موحد إزاء الاعتداءات الاسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، وهذا الموقف يتلخص في: الدعوة لوقف الحرب في غزة، رفض تهجير الفلسطينيين خارج وطنهم، مع السلام العادل على اساس حل الدولتين،الدعوة الى مؤتمر دولي لتسوية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.
كان للقمة اهميتها السياسية لأنها اوضحت المواقف المتباينة للمجموعة العربية والمجموعة الغربية وأوصلت الجميع الى ضرورة التفكير جديا -ولو باطنيا- في ايجاد حل للقضية الفلسطينية وتسوية الصراع العربي الاسرائيلي.
من واقع جلسات القمة ومشاركة رؤوساء الوفود الرسمية فقد انقسم المشاركون إلى مجموعتين، المجموعة الأولى عربية وهدفها :
وقف الاعتداءات الاسرائيلية على قطاع غرة وإدخال المساعدات ووقف التهجير والدعوة إلى مؤتمر دولي لتسوية سياسية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
والمجموعة الثانية غربية وهدفها : منع اي قرار لوقف الحرب قبل أن تنهي اسرائيل عمليتها العسكرية،إدانة المقاومة الفلسطينية والاقرار بحق اسرائيل في الدفاع عن وجودها ، وتبرير قيام اسرائيل بتغييرات ديمغرافية وأمنية في غزة والمنطقة.
وبالعودة الى خلفية انعقاد قمة القاهرة للسلام، فقد جاءت القمة لتفويت الفرصة على عقد قمة عربية، يمكن لها ان تتخذ مواقف متقدمة تحت الضغط الشعبي العربي. هكذا استبقت الولايات المتحدة الامريكية للدعوة إلى انعقاد قمة القاهرة للسلام على اعتبار إن الوضع العربي ضعيف ومفكك ولا يستطيع العرب ان يتخذون موقف للمواجهة والدخول في حرب ضد اسرائيل. ولذلك فانها فرصة سانحة لفرض قرارات من شأنها ادانة المقاومة الفلسطينية وبالتالي تاييد العرب لمخطط القضاء على القضية الفلسطينية.
هذه هي الرؤية الإمريكية تجاه الوضع العربي الذي في ضله يمكن ان يتم انتزاع مواقف لصالح اسرائيل، وهي فرصة سانحة لاتخاذ قرارات بموافقة الدول العربية تنقض قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بالحق الفلسطيني، هذا ما استوجب حضور الامين العام للأمم المتحدة كشاهد على ذلك السيناريو. وبالموقف الجديد المراد له ان يمرر تحت مشروعية قرارات قمة السلام، يمكن ان يتخذ مجلس الامن قرار يؤكد وجوبه كقرار ملزم على الجميع. وهذا القرار يتضمن مشروعية القضاء على المقاومة الفلسطينية وبالتالي على القضية الفلسطينية وتعزيز للموقف الاسرائيلي، ومنه ايضا منح مشروعية لتحقيق” مخطط الشرق الاوسط الجديد،” والقاضي بتغلغل اسرائيل في الدول العربية ومنحها حق الهيمنة والسطوة في المنطقة.
إلا ان ما فاجئ الولايات المتحدة ودول الغرب واسرائيل هو وحدة الموقف العربي في مؤتمر القاهرة للسلام ورفض جميع التوجهات الغربية بل والافصاح بالموقف العربي الموحد المساند للقضية الفلسطينية. ورغم كل ما يمكن ان يقال عن الوضع العربي ووقوعه تحت الضغط الغربي إلا أن “القضية الفلسطينية وحدت الموقف العربي” ومنحته العزم لقول كلمة “لا” في وجه الضغوط الأمريكية الغربية وآلة الدمار الإسرائيليةفي غزة والفضل في ذلك يعود صمود المقاومة والشعب الفلسطيني وتضحياته ولقوة ضغط الشعوب العربية على حكامها.
لقد أصاب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عندما اعتبر أن ما يجري «أوقات صعبة تمتحن إنسانيتنا قبل مصالحنا»، وعندما تساءل عن قيم الحضارة التي شيّدتها البشرية على امتداد الألفيات والقرون، وعن هذا التفريق بين أرواح البشر والمعايير المزدوجة التي تكيل بمكيالين.
هكذا انتهى مؤتمر القاهرة للسلام دون صدور بيان مشترك أو آلية للمتابعة، رغم ما بذله الرئيس عبد الفتاح السيسي من جهود للوصول إلى قواسم مشتركة تجمع بين المشاركين دون تفريط بالحق الفلسطيني.وبالنتيجة فان ما تحقق من مؤتمر القاهرة للسلام هو وحدة الموقف العربي تجاه القضية الفلسطينية.
ختاما : وزير الخارجية المصري السابق ” اسماعيل فهمي” وبعد اعتزاله السياسة سأله الكاتب الكبير والاعلامي الشهير عماد الدين أديب ( انت كنت المندوب الدائم لمصر في الأمم المتحده ثم وزير خارجية مصر وحضرة مؤتمر جنيف للسلام، ماهي التجربة التي خرجت بها؟! فاجاب اسماعيل فهمي رحمة الله عليه:
كنت اعتقد طوال عمري أن القرار الاسرائلي يصنع في واشنطن. وهنا تدخل عماد الدين أديب يالقول وهذا شي معروف، فرد فهمي لا لا . حينما ذهبت إلى الولايات المتحدة وتعاملت معهم وصلت إلى نتيجة مختلفة
” ان القرار الأمريكي في واشنطن يصنع في تل أبيب “.