fbpx
غياب الدبلوماسية اليمنية،أضاع الموقف الدولي إزائها !

بقلم/ علي عبدالله البجيري

اكتسبت الدبلوماسية في دولتي اليمن لما قبل الوحدة مكانة محترمة بين دول العالم في المحافل الإقليمية والدولية. فكانت تشكل حضوراً هاما وتوازنا تراعى فيه مصالح الدول العظمى في المنطقة، واحترام علاقات الجوار مع دول الاقليم والمساهمة الفعالة في حماية أمن الملاحة الدولية للتجارة العالمية في البحر الاحمر ( باب المندب) وبحر العرب. الا انه للاسف شابت هذه المكانة في مرحلة ما بعد 1990م نوع من الفتور بسبب انشغالات قيادة العمل الدبلوماسي بالصراعات السياسبة الداخلية، وانعكاس أوضاع الازمات الداخلية على اهتماماتها، حتى جاءت مرحلة ولوج البلاد في حرب الانقلاب على الشرعية، المستمرة لثمانية اعوام عجاف، حينها كان من المفترض ان تلعب الدبلوماسية اليمنية دورا مميزا في كسب تاييد المجتمع الدولي وقوى السلام إزائها، باعتبار معركتها على مستوى الخارج تمثل نصف معركتها على مستوى الداخل. إلا ان الدبلوماسية اليمنية لم تقم بهذا الدور، بل اعتبرت مهمتها على مستوى المجتمع الدولي مهمة هامشية، مما اثر ذلك سلبا على الموقف الدولي تجاه مأساة الشعب اليمني، وبالتالي على إطالة أمد الحرب.

وبالقدر الذي كان يفترض فيه ان تقف قيادة العمل الدبلوماسي وكوادره على اسباب ذلك الفشل الدبلوماسي، وتلمس العوائق التي حالت دون نجاحها، نرى أن النقاشات الدائرة في وسائل التواصل الاجتماعي، بين كوادر العمل الدبلوماسي اليمني، تشتط ليس لتلمس اسباب فشل العمل الدبلوماسي اليمني واخفاقاته على مستوى المجتمع الدولي، بل لتتمحور تلك النقاشات حول تعرية الفساد المتفشي في ديوان وزارة الخارجية والتعيينات العشوائية لمن لا يمتلكون الخبرة المطلوبة لمواجهة تحديات المرحلة. وبحسب ما نطلع عليه فان المشاركين في تلك النقاشات هم على مستوى رفيع من الدرجات القيادية الدبلوماسية، منهم وزراء ووكلاء سابقين وزملاء متقاعدين ودبلوماسيين عاملين في الديوان والبعثات. ولطالما هو كذلك فان هذا النمط من النقاشات يدل على إن فساد قيادة وزارة الخارجية شكل واحد من الأسباب في فشل الدبلوماسية اليمنية لمرحله هي الاهم بين مراحل العمل الدبلوماسي . فإن كان الفساد هو الذي ينخر في جسد الديوان العام للخارجية، فماذا نتوقع من نتائج عمل البعثات الدبلوماسية في الخارج؟
وتمحيصا لما ساد الدبلوماسية اليمنية إبان فترة الحرب، علينا ان نعترف بتعرضها للنتائج السلبية للأوضاع السياسية وما رافقتها من أزمات وصراعات وحرب داخلية، مما أدى إلى خذلانها وفقدانها للدور الحيوي على المستوى الاقليمي والدولي وغيابها عن التاثير لصالح قضيتها الوطنية، ويمكننا اجمال تلك الاسباب بالصراعات الداخلية بين القوى السياسية اليمنية وتأثيرها على وضع وواقع الدبلوماسية اليمنية في كل مرحلة من مراحل التغيير الفوقي، إضافة الى نتائج فساد التوظيف بمجيئ عناصر لا تمتلك من الخبرة والكفاءة المطلوبة. علاوة على عدم اعارة القيادة السياسية الاهتمام المطلوب للعمل الدبلوماسي المتناسب وطبيعة مرحلة الحرب ضد المليشيات الحوثية، مما اداء الى ترك الساحة الدبلوماسية للعناصر الحوثية من استغلال الفراغ الدبلوماسي للشرعية اليمنية، وارسال رسائلهم الى المحتمع الدولي بتشويه حقيقة الأوضاع ومعاناة اليمنيين من جراء إنقلابهم على الشرعية، وبالتالي كسب تعاطف ذلك المجتمع بطرحهم المزيف والمبتور.

وبسبب فشل قيادة الشرعية في تسيير المهام الدبلوماسية، فان الدبلوماسية اليمنية تعرضت لابشع اساليب الفشل في علاقاتها مع الاخرين. هذا ما جعل دول العالم تلجئ الى عدم فتح سفاراتها في العاصمة المؤقته عدن، مفضلة تمثيل بلدانها من مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية. وهي رسالة سلبية كان على حكومة الشرعية ان تفهمها.

خلاصة القول: لا بد من اعادة الاعتبار للدبلوماسية اليمنية، وذلك لن يتم الا بالاعتراف بالواقع، ووتطبيقه ولو بتدخل جراحي يعيد الأوضاع الى ما قبل عام 1990م. فالحوثييون حسموا موقفهم وقرروا إستعادة دولة ما قبل ثورة 1962م بسياساتها الداخلية والخارجية. وواقع الحال يقول لابد من اقتلاع حكومة الشرعية من على الأراضي الجنوبية، واحلال بدل عنها الدولة الجنوبية بحدودها المعترف بها اقليميا ودوليا لما قبل شهر مايو من عام 1990م.