fbpx
المنطقة العسكرية الأولى ولعبة السلم والثعبان

 

كتب – د. د عيدروس نصر ناصر النقيب.
للتذكير فقط، المنطقة العسكرية الأولى تشمل كل من وادي وصحراء حضرموت وكامل محافظة المهرة، وقد جاء تشكيل المنطقة في العام ٢٠١٣ في ظل ما سمي بإعادة هيكلة القوات المسلحة اليمنية في بدء عهد الرئيس عبد ربه منصور هادي.
ومن يفهم في أبجديات الجغرافيا يمكنه ملاحظة أن هذه المنطقة تشمل قرابة نصف مساحة الجنوب، وتقريبا ما يساوي مساحة الجمهورية العربية اليمنية.
ويبدو أن تصميم مساحة هذه المنطقة لم يكن عفوياً بل جرى إعدادُه بإتقان وعناية بحيث تتصل هذه المنطقة مباشرة بمحافظة الجوف (التي يسيطر عليها الحوثيون) بعد تسلمهم إياها من قبل المحافظ النائب أمين العكيمي، وهذا الاتصال يأتي عبر المناطق الصحراوية المعروفة بصحاري ثمود والعبر
        *        *        *
ليست المرة الأولى التي تضبط فيها قاطرات محملة بالأسلحة المرسلة للحوثيين عبر مناطق سيطرة قوات المنطقة العسكرية الأولى، لكن الميزة هذه المرة أن القاطرتين المضبوطتين كشفهما رجال أمن مديرية شبام البواسل بوادي حضرموت، ومع تهنئة وزير الداخلية لهؤلاء الابطال، لم نسمع من قيادة المنطقة العسكرية الأولى أي صوتٌ لا بالإنكار ولا بالستنكار، لا بالتأييد والثناء على رجال الأمن الذين كشفوا الحمولة ولا حتى بالتعليق  المحايد.
كتبنا منذ العام ٢٠١٥ عشرات المرات وكتب غيرنا مئات المرات أن قوات المنطقة العسكرية الأولى تؤمن بما يؤمن به الحوثيون وهي وكيلتهم في تلك المنطقة الواسعة والاستراتيجية، وربما قد ردد قادتها وأفرادها الصرخة ثم تراجعوا، بنصيحة من الرئيس السابق صالح التي قال عنها بنفسه عبر شاشات الفضائية قبل فض شراكته مع الحوثيين ومن ثم تصفيته على ايديهم.
      *         *        *
تهريب الأسلحة إلى الحوثيين هي عملية متواصلة منذ بدء عاصفة الحزم، وما الصواريخ البالستية والطائرات المسيرة  الموجهة على المدن والمنشآت السعودية والإماراتية والجنوبية ما هي إلا عينة من بين ما حملته مئات القاطرات التي تدخل من منافذ وشواطئ المهرة عبر كل النقاط العسكرية الممتدة من منفذ شحن وبقية شواطئ المهرة حتى حدود حضرموت الجوف، ومعها طبعا الطريق الدولي (مأرب _وادي حضرموت) ، تلك القاطرات التي تمر بشكل يومي دون أن يعترضها احد، وفي أحسن الحالات لا يعترضها اشاوس “الجيش الوطني” إلا لأخذ الإتاوات التي ينظمها اتفاق غير مكتوب بين المهربين وقادة المناطق والوحدات العسكرية وينفذها رجال النقاط العسكرية العديدة على هذا الطريق الطويل، وبغض النظر عن تغيير قائد المنطقة العسكرية الأولى، فإن العملية مستمرة وستستمر ما لم يقم رئيس الشرعية باستبدال جميع القادة المتحكمين بالمنطقة العسكرية الأولى ومعهم كل النافذين بدءً بقيادة الفصائل والسرايا والكتائب والألوية، وانتهاء بكل قادة المنطقة العسكرية وتقديم المقصرين في واجباتهم والمتعاونين مع الجماعة الحوثية للقضاء العسكري وإنزال أقصى العقوبات بهؤلاء ، وهذا بطبيعة الحال لا يلغي مطالب أبناء الوادي والصحراء بنقل قوات هذه المنطقة إلى مناطق المواجهة مع الحوثيين واختبار مدى صدقهم في الانتماء للشرعية من عدمه.
قوات المنطقة العسكرية تمارس لعبة السلم والثعبان مع الشرعية ومع قوات التحالف العربي فقادتها لا يدلون بتصريح يعبر عن تأييدهم للشرعية إلا بعد أن يرسلوا عشرات القوافل المزودة بالأسلحة الإيرانية لأشقائهم وشركائهم في العقيدة في صنعاء وبقية محافظات الجمهورية العربية اليمنية.
والسؤال هو هل يعلم قادة الشرعية بجدية وخطورة الوضع أم لا؟ وإذا كانوا فعلا يدركون ذلك فما معنى تفرجهم على هذا المشهد العبثي دون خطوة جادة تضع له حداً؟ أم إن علينا أن نتيقن بأن هؤلاء الشرعيين لا يكترثون لما يفعله الحوثيون بقدر حرصهم على تعذيب الشعب الجنوبي من خلال حرب الخدمات وسياسات التجويع والاستيلاء على مرتبات الموظفين والمتقاعدين؟