fbpx
تطورات الحرب الاكرانية- الروسية تزداد تعقيدا وتفاقما.

 

كتب/ علي عبد الله البجيري

تسعة أشهر مضت منذ اندلاع الحرب الأوكرانية-الروسية. وبمرور هذه الفترة الزمنية اصبحت جميع الأطراف المشاركة والمتورطة في تلك الحرب منهكة ومستنزفة. فروسيا وأوكرانيا تعانيا من خسائر بشرية ومادية واقتصادية اثقلت كاهلهما، كذلك الدول الأوروبية هي الاخرى تعاني من إنتكاسات اقتصادية وتجارية، بدأت تنعكس سلباً على حياة مواطنيها من جراء التضخم والغلاء وشحة متطلبات الطاقة والوقود. هذه الأوضاع اوجدت تململ شعبي، ودفعت بمواطني الدول الاوربية الى رفض تورط حكوماتها في تلك الحرب، وبرزت اصوات تدعو إلى وقف إرسال الأسلحة إلى أوكرانيا والدفع باطرافها للدخول في مفاوضات مباشرة لايجاد حلول ترضي جميع الاطراف.

‏للاسف الحرب الاكرانية الروسية يوما عن يوم تزداد تعقيدا وتفاقما، وباتت تداعياتها تخرج عن نطاق السيطرة. فما حدث الأسبوع الماضي بسقوط صاروخين على الأراضي البولندية، زاد من حدة الأخطار، بان استغلته بعض الدول الأوروبية لتوجيه اتهاماتها المباشرة الى روسيا، في محاولة لإقحام “حلف الناتو” مباشرة في الحرب، إيفاء منه تجاه بنود ميثاق الدفاع المشترك. ولولا الاعتراف لاحقا بان الصواريخ اطلقت من الأراضي الاوكرانية، لكان هذا الحدث هو القشة التي قسمت ظهر البعير وقلب الأمن والاستقرار الدولي رأساً على عقب.

‏امام تلك الاوضاع المقلقة، يتبادر الى اذهان الجميع السؤال المشروع، الذي يبحث عن إجابة عن ما اذا هناك عقلانية وتفكر في انقاذ البشرية من ويلات الحروب الكونية، وقيام قيادات تلك البلدان الى إعادة تقييم الحسابات، ومراجعة الخطط والأهداف، وتغليب مصلحة الشعوب في السلام عن المصالح الأنانية؟ هذا ما نأمله، فالجميع ينشد السلام، والجميع يدعوا إلى الحوار والجلوس إلى طاولة المفاوضات. دعوات نسمعها تتردد بشكل يومي، ولكن دون ان تتحق اية مبادرة دبلوماسية حقيقية تُسرع بالدخول في المفاوضات.

حتى في امريكا بدأت ترتفع أصوات قيادات عسكرية وأعضاء في الكونجرس تطالب بوضع حد للدعم العسكري والمالي لأوكرانيا، والشروع في البحث عن حلول سياسية. شبكة “سي إن إن” الأمريكية قالت إن رئيس الأركان الأمريكي “مارك ميلي” يقود جهوداً لإنهاء الحرب، بعد تصريحه الأخير في النادي الاقتصادي في نيويورك الذي قال فيه “إن تحقيق نصر عسكري صريح بعيد المنال”، مشيرا عندما تكون هناك فرصة للتفاوض وإمكانية تحقيق السلام يجب اغتنامها”. ما حدث مؤخرا بسقوط صاروخين على قرية بولندية حبس أنفاس العالم لخطر اندلاع حرب عالمية بين “الناتو وروسيا” لولا ان التعقل وعدم الاندفاع وراء التطبيل الاوكراني والبولندي بالاتهام المباشر لروسيا لكانت الحرب العالمية تدور رحاها.

السيناتور الأمريكي” تايلور جرين” يقول ان الرئيس زيلينسكي يحاول جر الولايات المتحدة الأمريكية إلى حرب عالمية، ويجب منعه من طلب المال والسلاح. حرب أوكرانيا برعاية اميركية بريطانية، عنوانها دماء ودمار حتى آخر جندي أوكراني وروسي لتصفية حسابات ومصالح ونفوذ وسيطرة، حرب وقودها شعبين جارين كانا حتى تسعينيات القرن الماضي جزء من الاتحاد السوفييتي وينتميان إلى القومية السلافية والديانة الارثذوكسية.
ختاما..عندما توضع كل خلفيات الحرب واسبابها ومن المستفيد منها في الميزان، ترجح كفة الحكمة والتعقل بما يكفل وقف الحرب. وجلوس جميع الأطراف المنخرطة فيها إلى طاولة المفاوضات المباشرة وصولا إلى حل ينهي الصراع الدامي ويسمح للبشرية أن تستعيد انفاسها، فالكل يجمع بأن هذه الحرب تشكل أخطر أزمة تواجها البشرية في هذا القرن، فما نراه أن نار حرب عالمية ثالثة تقترب من الهشيم. فهل من مبادرة لاطفاء تلك النار قبل وصولها الى الهشيم؟