fbpx
 قبل اندلاع حرب شاملة 

كتب/ علي عبد الله البجيري
تتغير المواقف السياسية بتغير موازين القوى الدولية، وتظل المصالح الاقتصادية هي المحرك الاستراتيجي لتلك المواقف. ومع تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية وانسداد منافذ الحوار والمفاوضات، تبرز إلى الواجهة خيارات استخدام السلاح النووي، تلك الخيارات الاخطر في تلك الحرب. فهل بداية تلك الخيارات هو ذلك التصعيد العسكري المتوقع في مدينة “خرسون الأوكرانية” وان كان كذلك فهل هو البداية لاستخدام ماتسمى ب “القنبلة القذرة”، أم أن ما سيحدث هو مجرد ممارسة للمزيد من الضغط والتخويف المتبادل؟ هذا فيما إذا اخذنا بعين الاعتبار وجود مؤشرات تشير الى إن استعراض العضلات النووية بين طرفي النزاع المتمثلة في حلف الناتو وروسيا، هو بالفعل فصل من فصول الحرب الكونية، وإن كانت تلك المؤشرات حتى الآن حسب اعتقادنا لازالت محصورة في مربع التهديدات ليس الاٌ. بالمقابل فان التصعيد على الأرض يأخذ هو الاخر ابعاده الخطيره. فهناك مناورات نووية أجراها حلف ” الناتو”، مقابل ان الطرف الاخر أجرا مناورات للاسلحة النووية. ومما يزيد الخطر انه في الوقت نفسه فان الولايات المتحدة الأمريكية ترسل هي الاخرى قنابل نووية إلى قواعدها العسكرية في دول أوروبا الغربية،وكذا قاذفات قنابل من طراز «بي 52» قادرة على حمل أسلحة نووية إلى قاعدة في شمال أستراليا، وذلك في «رسالة قوية» إلى الصين .كل هذه التحركات وغيرها تتزامن مع اعلان روسيا أن لديها معلومات تؤكد أن أوكرانيا تستعد لاستخدام “القنبلة القذرة” وهي في تركيبتها اقل من قنبلة نووية وأكثر من أي قنبلة تقليدية . أمام هذا التصعيد هل نحن نقف على أعتاب حرب نووية، وأن كانت اقل تأثير ومساحة من ما احدثته القنبلة الأمريكية في هيروشيما ونزاكي اليابانية في نهاية الحرب العالمية الثانية؟ نعم انه كذلك، هذا اذا اخذنا بالحسبان إن المواقف التي نلمسها تقول أن تداعيات الحرب تتخذ مساراً تصاعدياً خطير، ستشارك فيه أمريكا وحلف شمال الأطلسي وروسيا والصين، يختبر فيها كل طرف مدى قوته واستعداداته لخوض حرب نووية. يعرف الجميع أن خوض هذا النوع من الحرب واتخاذ القرار بشأنها ليس سهلا، إن لم يكن صعباً، إلا إذا استنفذت كل خيارات الحرب التقليدية ومعها الوسائل الدبلوماسية للدول المنخرطة في الحرب، صحيح أن بعض هذه الدول لها مصلحة لإطالة أمد الحرب لحسابات خاصة بها وبمصالحها، ولكن على مثل هذه العقليات والقيادات أن تعلم أن إطالة أمد هذه الحرب لن يحقق اهدافها، كما ان على المجتمع الدولي وحكوماته أن يعلمون أن تداعيات الحرب قد تخرج من السيطرة وتتجه نحو الهاوية وحينها لن ينجو أحد ولن يكون فيها منتصر ولا مهزوم. ولذلك فإن الحل يكمن في الخيارات الدبلوماسية التفاوضية وهي وحدها من تستطيع ان تنتصر وتتغلب على عقلية شيطنة الحرب الشاملة.
الأحداث الأخيرة في مسار الحرب الروسية الأوكرانية تؤكد أن العلاقات بين الدول المنخرطة في هذه الحرب قد بلغت درجة من التدهور والخطورة لم يسبق لها مثيل منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية. ولمن يراهنون على خيار الحرب الشاملة عليهم أن يعلموا أن اللجؤ إلى أي نوع من انواع سلاح التدمير الشامل سوف تكون نتائجه نهاية ليس فقط للعلاقات الدولية والإنسانية ولكن ايضا نهاية القيم الاخلاقية. فهل من تراجع وحساب للعواقب الوخيمة والعودة إلى الحوار والمفاوضات المباشرة بين أميركا وروسيا لتجنيب العالم كارثة غير مسبوقة، واحترام المصالح المشتركة لكل اطراف الصراع على الأرض.
الخاتمة.. ندعو إلى أهمية مشاركة مجلس الحكماء الذي اسسه الراحل ” نيلسون ما نديلا” وأن يتقدم المجلس بمبادرة سلمية لوقف كابوس حرب نووية ، مع علمنا أن مجلس الحكماء العالمي ليس لقراراته اي صفة دولية، ولكن دوره في الوساطة وتقريب وجهات النظر بين الدول المنخرطة في الصراع له أهميته بعد فشل الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في وقف الحرب واقناع اطرافها بالجلوس على طاولة المفاوضات، وفي حالة الفشل فإن على مجلس الحكماء اصدار بيان يكشف الطرف المتعطش للحرب الشاملة،ومثل هذا البيان سيكون له التأثير الايجابي على الرأى العام العالمي، بما يؤدي إلى تحرك شعبي واسع في كل إقطار العالم ضد الحرب الشاملة وتداعياتها المدمرة.