fbpx
الضبابية السياسية تعرقل الوساطة العربية بين روسيا وأوكرانيا
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

أنهى وفد مجموعة الاتصال العربية زيارته إلى موسكو ووارسو يومي الرابع والخامس من أبريل للوساطة في الأزمة بين روسيا وأوكرانيا من دون أن يعرف أحد حقيقة ما جرى التوصل إليه من تفاهمات بشأن المهمة الرئيسية التي حملها الوفد على عاتقه، وهي “إجراء مشاورات واتصالات مع الأطراف المعنية بهدف المساهمة في إيجاد حل دبلوماسي للأزمة”.

التقى وزراء خارجية مصر والأردن والجزائر والعراق والسودان، ومعهم الأمين العام للجامعة العربية، وزيري خارجية روسيا وأوكرانيا وجرى التقاط الصور المصحوبة بابتسامات لا تتناسب مع طبيعة الموقف ولم نعلم ما الذي تم التوصل إليه على مستوى الوساطة أو التباحث بشأنه، وما هي الأوراق التي تدعو إلى التفاؤل بهذه المهمة، وما يمكن أن تتوصل إليه هذه المجموعة، والخطوة أو الخطوات المقبلة؟

يعلم الكثير من المتابعين أن مهمة المجموعة العربية محفوفة بالتحديات، ولذلك تندرج ضمن تصورات دبلوماسية فضفاضة، أقرب إلى حملات العلاقات العامة التي دخلت قاموس الدول وبعض التكتلات الإقليمية الضعيفة.

فالرسالة التي وضعها أعضاء الوفد في حقائبهم أن الدول العربية ليست مع روسيا أو الولايات المتحدة، وهي رسالة ضبابية لأن زيارة واحدة إلى موسكو ووارسو لن تكتفي للحديث عن وساطة جادة في أزمة جعلت الكثير من دول العالم تقف على قدم واحدة انتظارا لما تسفر عنه الأيام المقبلة.

باستثناء سوريا التي تقف مع موسكو وبانتظار الإذن لها بالعودة إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية، يصعب إيجاد موقف حاسم لأيّ من الدول يقطع بأنها مع روسيا أو ضدها، وبدا التفكير في الوساطة خيارا مفيدا من الناحية الدبلوماسية، خاصة أو مجموعة الاتصال تتشكل من كوكتيل عربي تنفتح قياداته على الجبهتين المتصارعتين.

تعاطت المجموعة العربية مع الأزمة على أنها تتعامل مع أزمة إقليمية عادية يمكن إطفاء حرائقها واحتواء تداعياتها بجلسة واحدة من خلال تطييب خواطر هذا الطرف أو ذاك، وتجاهلت أنها باتت أزمة عالمية لا تجدي معها التحركات النمطية التي تريد إبراء ذمة أصحابها أكثر من الإيحاء بقدرتهم على الحل أو التدخل عمليا لتسوية خلافات توجد جهات دولية عدة لا تريد لها أن تشق طريقها بسلام.

وتناول البعض من وسائل الإعلام العربية مهمة الوفد وكأن هناك عصا سحرية أو أدوات يملكها الأعضاء للضغط على الأطراف المعنية ويملكون رصيدا يسمح لهم بتقريب المسافات، على الرغم من عقد جولات عديدة بين وفدي روسيا وأوكرانيا في أماكن مختلفة دون ظهور بوادر أمل تشير إلى أن الحرب أوشكت أن تضع أوزارها.

لن يستطيع هذا النوع من الوساطات المحفوفة بحسابات ضيقة تحقيق تقدم ملموس في الأزمة المحتدمة بين روسيا وأوكرانيا، أو حتى غيرها من الأزمات العربية المباشرة التي مر على بعضها العشرات من السنين ولم تفلح الجامعة العربية أو أحد أعضائها في تفكيك التعقيدات التي تكتنفها، فما بالنا بأزمة دائرة بين قوى كبرى، الغاطس فيها حتى الآن يفوق الظاهر منها، وتحوّلت إلى ما يشبه المعادلة الصفرية التي يمثل مكسب روسيا فيها خسائر للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين.

ولدت مقاربة الجامعة العربية من رحم أجواء دولية قاتمة خيمت عليها ظلال سلبية خوفا من مغبة انتصار طرف على آخر، وفي أزمة يصعب توقع نتائجها حتى الآن أو معرفة الطريق الذي تسلكه بعد أيام.

قد تكون التوقعات الغامضة هي التي دفعت غالبية الدول العربية إلى محاولة الوقوف في المنطقة الرمادية التي ظهرت تجلياتها في عدد من المحكات الدولية خلال الفترة الماضية، فكلما تبنت إحدى الدول موقفا يضعها في مربع موسكو، عادت وتبنت آخر يضعها في معسكر واشنطن.

وظهرت ملامح هذا التوجه في التصويت داخل مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة ولجنة حقوق الإنسان، ناهيك عن الاتصالات الهاتفية التي تبادلها زعماء عرب مع رئيسي روسيا وأوكرانيا بالتساوي تقريبا سعيا لتأكيد الحياد.

أخبار ذات صله