fbpx
الخضر الميسري.. أيقونة النشاط الحقوقي حتى آخر رمق في حياته
شارك الخبر

يافع نيوز – محمد ناصر العولقي
يأتي الناس في هذه الحياة ويذهبون عنها الى الدار الآخرة بعشرات ومئات الآلاف يوميا ، وفي زحمة المجيء والذهاب تذوب أسماء كثيرة وتندثر من ذاكرة الأحياء والمجتمع بعد أوقات وجيزة من رحيلها غير أن أسماء أخرى تبقى مميزة ويظل الأحياء رفاقا وأصدقاء ومجتمعا ووطنا وشعوبا يحتفظون بأصحابها في ذاكرتهم ، ويرددون سجاياها وأعمالها ومآثرها وسيرها بكل حب واحترام وتقدير ، وبمزيج من الثناء والارتياح والحماسية وفاء وعرفانا لما كان لأصحاب تلك الأسماء والسير من دور إيجابي في خدمة مجتمعهم وقضايا شعبهم ووطنهم،  ولنضالهم وحكمتهم وسلوكهم النبيل والخلاق .
وفقيدنا الكبير الخضر عوض أحمد شيخ الميسري رحمه الله هو أحد هؤلاء المميزين الذين سيظل المجتمع في أبين خصوصا والجنوب عموما والحركة الحقوقية والإنسانية يحفظون لهم بقاء في الذاكرة وحضورا في سجل الخالدين ، وفاء واحتراما وتقديرا وذكرا عاطرا لما قدمه من عمل وجهد وعطاء استثنائي في الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ، وتجشم عناء الارتحال من مكان الى آخر لرصد وتوثيق الجرائم والاعتداءات والانتهاكات ، والبحث والتقصي عن ضحاياها وشهودها وتوثيق بياناتهم وشهاداتهم بما في ذلك الجهات المسؤولة عن ارتكاب الجرائم والانتهاكات والاعتداءات ، وإعداد التقارير الحقوقية ، وإيصال صوت الضحايا الى الرأي العام والمؤسسات المحلية والدولية والمهتمين بحماية حقوق الإنسان والدفاع عنها داخل الوطن وخارجه ، وفصلا عن ذلك فإن الفقيد الميسري رحمه الله كانت له إياد بيضاء في تقديم الدعم والرعاية لعدد من الأنشطة ذات الصبغة الإنسانية والمجتمعية من خلال مد بد المساعدة وإقامة الفعاليات التي تستهدف مرضى السرطان والأمومة والطفولة وتدريب رائدات المجتمع وتعليم الفتاة الريفية ومحاربة المخدرات وتكريم مبدعين ورواد مجتمعيين وغير ذلك من أوجه الأنشطة الإنسانية والمجتمعية .
إنه لمن الصعوبة بمكان الفصل بين الحديث عن الفقيد الميسري والحديث عن منظمة حق ، لانهما كانا شيئا واحدا ، فكل نشاط لمنظمة حق وإنجاز لها هو في الأساس من تخطيط وتنفيذ وبقيادة الخضر الميسري وفي المقابل فإن كل نشاط وإنجاز للخضر الميسري هو بالضرورة نشاط وإنجاز لمنظمة حق ، ومن ثم فإن ريادة منظمة حق وتميزها عن غيرها من المنظمات والمؤسسات الحقوقية في الجنوب واليمن عموما ، من خلال إعداد وإصدار التقارير الحقوقية بشكل منتظم ومنهجي باللغتين العربية والإنجليزية ، وإشهارها في مؤتمرات صحفية عامة ومفتوحة لكل مهتم وراغب في حضورها ، فإن ذلك يعتبر ريادة وتميّزا لمؤسسها ورئيسها الفقيد الخضر الميسري كأول من ينتهج هذا النهج في الوطن ، وهو نهج ينتصر للشفافية في العمل الحقوقي، ويدل على الثقة في صحة وسلامة معلومات التقارير ، والشجاعة في الدفاع عن حقوق الإنسان وحماية الحريات ، وصدق الإيمان بقضايا الوطن الجنوبي والدفاع عن رواد ورجال نضاله وحريته ، والوقوف بقوة وتحد ضد المجرمين والمعتدين والمنتهكين لحقوقه وحقوق شعبه وقضيته .
لقد كان الإثنان : الخضر وحق يسكن كل منهما الآخر ، الخضر بوصفه ملهما وقائدا وموجها ، وحق بوصفها نشاطا حقوقيا منهجيا ومؤسسيا يترجم ويعبر عن صيحة حق ، ومشروعية قضية وطن ، ومجهر رصد يفضح ويكشف الانتهاكات والاعتداءات والجرائم ومرتكبيها ، ومشعل عدل وإنصاف للضحايا … ولعل ذلك يبدو واضحا من حالة التعلق الشديد للفقيد الخضر بالمنظمة ونشاطها الى درجة اتخاذ مقرها في زنجبار بأبين مأوى وسكن وإقامة له طوال الأسبوع ، والاكتفاء بزيارة أسبوعية سريعة لبيته الشخصي وعائلته في عدن ، وانهماكه في العمل والنشاط الحقوقي حتى آخر رمق في حياته صبيحة وفاته في مقر المنظمة يوم 15 سبتمبر الماضي .
وبقدر ما فقدت منظمة حق ، والنشاط الحقوقي والإنساني ، برحيل الخضر الميسري رائدا وملهما حقوقيا وإنسانيا كرس حياته في سبيل الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان بكل حماس وجدية ومصداقية وشجاعة ، فإنه بذاك القدر نفسه ، فقد خسر الوطن الجنوبي برحيله فارسا من فرسان النضال الوطني ضد الظلم والتطرف والإرهاب والاحتلال ، ومدافعا شرسا عن حق شعب الجنوب في استعادة دولته الجنوبية ، وفي العيش بكرامة وأمن واستقرار ، ومناضلا شجاعا لا تلين له قناة في إعلاء شأن قيم العدل والمساواة والحرية للإنسان في كل مكان .
رحم الله الفقيد الكبير الخضر عوض الميسري وغفر له وأسكنه فسيح جناته
أخبار ذات صله