fbpx
خطاب الإسلاميين لم يعد يروق للكويتيين
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

ساهم الإسلاميون في الكويت ضمن خطابهم المتسم بالتناقضات في تراجع هيمنتهم على المعارضة التي تمكنت خلال الانتخابات الأخيرة من الفوز بغالبية مقاعد مجلس الأمة (البرلمان)، وسط فشلهم في كسب تعاطف شريحة واسعة من الكويتيين الذين يرون أن خطاب الأدلجة واستمالة العواطف لم يعد يجدي نفعا في ظل الأزمات المتفاقمة في البلاد.

 

ولا تزال الكويت تعمل جاهدة للخروج بأقل الأضرار من أسوأ أزماتها الاقتصادية بسبب تداعيات أزمة الوباء وانخفاض أسعار النفط المصدر الرئيس لأكثر من 90 في المئة من الإيرادات الحكومية.

 

ووسط هذه الأزمة كثيرا ما تشهد جلسات البرلمان الكويتي تعطيلا بسبب استمرار الخلافات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، والتي أثرت بدورها على أداء الحكومة والبرلمان في آن واحد في ظل غياب الحلول لمشكلات اقتصادية واجتماعية ملحة تحتاج إلى توافق برلماني بشأنها.

 

وفي يونيو الماضي دفعت حالة التعطيل التي عاشها البرلمان في الأشهر الأخيرة بأمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الصباح إلى التأكيد على أن “الكويت وأهلها خط أحمر ولن نسمح بتجاوزه بأي حال من الأحوال، ولدينا من الإجراءات والخيارات ما يضع كل من يتجاوز عند حده”.

 

مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث: الجمع بين الإصلاح وفق تعاليم الإسلام والاستجابة لمعايير الحداثة يثير تناقضات في أداء الإسلاميين

 

واستغل الإسلاميون طوال السنوات الماضية طبيعة النظام السياسي القائم في البلد الخليجي لتعزيز حضورهم السياسي على الرغم من أنهم لا يشاركون ضمن أحزاب سياسية، لكنهم فشلوا في كسب التعاطف الشعبي والتوافق مع السلطة على خلفية التناقضات في خطابهم السياسي العام، بالإضافة إلى عدم تحقيق فوز كاسح في مقاعد البرلمان مثلما خططوا لذلك.

 

ويتوقع محللون سياسيون أن تحقق القاعدة الشعبية للمستقلين والقبليين والوطنيين في منطقة الشرق الأوسط والخليج نموا بصورة أكبر على حساب ممثلي الإسلام السياسي، الذين فشلوا في اتباع خطاب الإقناع والتخلي عن خطاب استمالة العواطف والأدلجة.

 

ويقول مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث في دراسة جديدة إن “نهج البراغماتية الذي اتبعته التيارات الإسلامية في الكويت بالتنحي عن الخلافات الأيديولوجية والانفتاح على التحالف مع التيارات العلمانية لم يثمر عن نتائج مقنعة تلبي التطلعات الشعبية الحارقة، حيث لم يستطع جزء كبير من الإسلاميين مجاراة تغيرات المستجدات السريعة وامتلاك آلية تحقيق المطالب الشعبية سواء داخل المعارضة أو السلطة”.

 

ويضيف المركز أن استراتيجية تعزيز النفوذ التي اتبعها الإسلاميون بفصائلهم المختلفة في الكويت وخاصة الإخوان المسلمين والسلفيون بحاجة إلى المراجعة، حيث يبدو أن محاولة الجمع بين مهمة الإصلاح وفق تعاليم الإسلام والاستجابة لمعايير الحداثة الليبرالية تثير تناقضات في الأداء وسلبية في النتائج.

 

وحسب استطلاع آراء لشريحة واسعة من الشباب الكويتي على منصات التواصل الاجتماعي، فإن جزءا كبيرا من الشباب الصاعد لم يستطع هضم التناقضات في الأداء السياسي لجزء من حركات الطيف الإسلامي داخل بلدهم.

 

وتوضح دراسة مركز الخليج العربي أن “الخطاب الكلاسيكي الشعبوي المعتمد بين المعارضين الإسلاميين ومراوحة بعضهم بين الحفاظ على هدف أسلمة المجتمع وعدم معارضة الانفتاح على قيم الحداثة لم يعد يستقطب الكثير من الشباب ويلهم حماسهم”.

 

ويرى الكثير من الكويتيين أن هناك ضعفا شديدا في حصيلة نتائج مشاركة الإسلاميين في تحقيق هدف نهضة بلدهم، خاصة في ظل تركيز مشاركتهم على الدخول في خلافات مع السلطة والتيارات العلمانية حول قضايا أيديولوجية.

 

الخلاف شبه الدائم بين الحكومات والبرلمانات الكويتية أعاق فرصا كبيرة للتنمية وعطل مشاريع الاستثمار

ولا يبدو أن الطريق معبدة أمام جماعة الإخوان، التي تعمل تحت مسمى الحركة الدستورية الإسلامية، لتحقيق مكاسب مستقبلية داخل الكويت على الأقل على المدى المتوسط، خاصة في ظل تكبد حركات إسلامية كثيرة في العالم العربي لخسائر على مستوى تراجع التأييد الشعبي ورصد ميل أكبر بين الشباب في المنطقة نحو دعم الشعبويين والوطنيين والقبليين والمستقلين والليبراليين الحداثيين.

 

واستغل الإسلاميون وخاصة جماعة الإخوان حظر الأحزاب السياسية وضعف المجتمع المدني في ترسيخ مكانتهم داخل الكويت، حيث يعمل ممثلو الجماعة منذ الخمسينات تحت مظلة منظمات اجتماعية حاملة أسماء مختلفة. كما لم تعق قيود السلطة منذ أحداث عام 2011 مشاركة الإسلاميين في الحياة السياسية.

 

وتغيرت العلاقة بين الأسرة الحاكمة والإسلاميين بشكل كبير في السنوات الأخيرة. وأصبحت الحركة الإسلامية الدستورية جزءا من كتلة المعارضة. وتعد الحركة الإخوانية من أبرز الأحزاب التي حافظت على وجودها في البرلمان على عكس التيار السلفي، إلا أنها على الصعيد المؤسساتي خسرت على مر السنوات الأخيرة مكانتها في الوزارات الأساسية أمام السلفيين الموالين للحكومة.

 

ويرى مركز الخليج في دراسته الجديدة أن “مشروع تحديث دولة الكويت وتحويلها من مركز تجاري ومالي إقليمي والرهان على استشراف المرحلة المقبلة عبر زيادة الاستثمار في المعرفة والثقافة والانفتاح، أهداف تواجهها صعوبات تزيد من تعقيدها الجغرافيا السياسية والتوترات المستمرة بين القوى العلمانية والدينية”.

 

ويؤكد محللو المركز أنه لا يبدو أن هناك من سيدعم هذا التوتر في مرحلة ما بعد الجائحة والتي تفترض بداية عملية التعافي، لكن قد يتقهقر موقع الإسلاميين في قيادة هذه المرحلة مستقبلا، حيث تبرز عوامل جديدة ضاغطة.

 

ويوضح هؤلاء أن تأثير الانفتاح في السعودية وبقية دول الخليج على مسار دعم تبني قيم الحداثة، فضلا عن زيادة نسبة المتعلمين في المنطقة وتحسن مرتقب لدور المجتمع المدني والتفاعل الشعبي على مواقع التواصل الاجتماعي، كلها عوامل قد تقلص من حظوظ تمدد شعبية الحركات والمنظمات الإسلامية الأيديولوجية ذات الأهداف السياسية.

 

الإسلاميون استغلوا طوال السنوات الماضية طبيعة النظام السياسي القائم في البلد الخليجي لتعزيز حضورهم السياسي

وبالفعل لم يستطع التجمع الإسلامي السلفي وللمرة الثانية على التوالي النجاح في الانتخابات الأخيرة، على عكس الحركة الدستورية الإسلامية التي نجحت في الفوز بثلاثة مقاعد فقط.

 

كما كشفت أزمة الوباء محدودية قدرة الإسلاميين سواء في صفوف المعارضة على مستوى طرح حلول لتجاوز الأزمة أو على مستوى إدارة جهود الإنقاذ بالنسبة إلى الحركات المشاركة في الحكم.

 

ويرى مركز الخليج أن الإسلاميين أبقوا على أطروحاتهم الشعبوية دون تحقيق إنجازات حقيقية مع ميل مستمر لتنفيذ تحالفات مع السلطة. ويتوقع المركز أن يتجه الإسلاميون السلفيون والإخوان في الكويت لمواجهة بوادر خسارة تصدرهم في الحراك السياسي خاصة بين فئة الناخبين الشباب.

 

ويؤدي الخلاف شبه الدائم بين الحكومات المتتالية والبرلمانات في الكويت إلى حل البرلمان أو تغيير الحكومة، وهو ما أعاق فرصا كبيرة للتنمية وعطل مشاريع الاستثمار.

 

وعلى الرغم من أن أمير الكويت له الكلمة النهائية في شؤون البلاد داخليا وخارجيا، إلا أن الدستور الكويتي يمنح البرلمان سلطات واسعة أهمها إقرار القوانين أو عرقلتها، كما يمكن لأي نائب في البرلمان استجواب رئيس الحكومة أو أيا من الوزراء.

 

ومنذ انتخاب البرلمان في ديسمبر الماضي تسود حالة من الصراع مع الحكومة التي اضطرت إلى الاستقالة في 13 يناير بعد 28 يوما من تشكيلها، حيث أعيد تكليف رئيس الوزراء بتشكيل حكومة جديدة أدت القسم الدستوري في 30 مارس الماضي لكن الصراع مازال مستمرا.

 

وتحافظ الحكومة على استمراريتها في ظل تأييد 19 نائبا لها وتنجح في تمرير القوانين، لكون أعضائها الـ15 هم أعضاء في البرلمان بحكم مناصبهم وفق الدستور الكويتي وخلال التصويت يحققون الأغلبية.

وسوم