fbpx
السودان يكلف قادة الحركات المسلحة بمهمة ضبط انتفاضات الهامش
شارك الخبر

 

يافع نيوز – العرب

منحت الحكومة السودانية سلطات تنفيذية جديدة للحركات المسلحة بتعيين ثلاثة من قادتها على رأس إدارة ثلاث ولايات في إقليم دارفور والنيل الأزرق، تزامنًا مع بدء حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي مهام عمله رسميا، في خطوة تستهدف اختبار قدرة الحركات على التعامل مع توترات الهامش التي تزايدت حدتها مؤخرًا.

 

وأصدر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك قرارا يقضي بإعفاء محمد حسن عربي حاكم ولاية شمال دارفور من منصبه وتعيين نمر محمد عبدالرحمن خلفا له، وإعفاء محمد عبدالله الدومة حاكم غرب دارفور وتعيين خميس أبكر عبدالله خلفا له، وتعيين أحمد العمدة حاكما لولاية النيل الأزرق خلفًا لحاكم الولاية السابق عبدالرحمن نور الدائم الذي لقي مصرعه بحادث سير في ديسمبر الماضي.

 

وجاء القرار تنفيذًا لتعديلات الوثيقة الدستورية بعد التوقيع على اتفاق السلام في أكتوبر الماضي، حيث نصت الوثيقة على منح منصب الحاكم في أربع ولايات (من أصل 18) للحركات المسلحة الموقعة على اتفاق السلام، وهي ثلاث ولايات من خمس في دارفور، إضافة إلى ولاية النيل الأزرق.

 

ويشير متابعون إلى أن تعيين ولاة جدد يدعم إمكانية تفعيل باقي بنود اتفاق السلام بعد فترة من الجمود منذ تعيين قادة الحركات في المجلس السيادي والحكومة الانتقالية، وهذا الحراك سببه الرئيسي إطلاعُ قادةِ الحركات المسلحة مجموعةَ “الترويكا” (أميركا وبريطانيا وبلجيكا) -التي انضمت كشاهدة على تنفيذ اتفاق جوبا مؤخرًا- على الموقف من تنفيذ بنود الاتفاق وانعكاساته على استمرار الأوضاع الهشة في الهامش.

 

معتصم أحمد صالح: وجود قادة المسلحين على رأس الولايات لا يحد من الانفلات الأمني

وقال القيادي في الجبهة الثورية التي تنضوي تحتها الحركات المسلحة معتصم أحمد صالح إن القرار تأخر أشهرا طويلة دون وجود مبرر موضوعي لتأخير تعيين الولاة الجدد، إلى جانب أن هناك ولاية ثالثة في إقليم دارفور (وسط دارفور) لا تزال المشاورات مع الحكومة مستمرة بشأن تسمية حاكمها.

 

وأحدث قرار حمدوك جدلاً في الشارع السوداني وتساؤلات حول مدى قدرة الحركات المسلحة على التعامل بحنكة سياسية مع الاشتباكات القبلية التي تندلع بين حين وآخر في دارفور، وما إذا كان باستطاعتها الانتقال بشكل مباشر من النشاط المسلح إلى العمل ضمن الإدارة المحلية التي تتطلب حنكة واسعة، بحيث تكون لديها مهارات التواصل مع المكونات الموجودة داخل كل ولاية وتُنحّي جانبًا الصراعات التي انخرطت فيها لضمان استقرار الأوضاع.

 

ودخلت ولايات الهامش تجربة جديدة من الحكم المحلي مع حكومة حمدوك بتعيين قيادات محسوبة على أحزاب سياسية (مدنية) بديلاً عن الولاة العسكريين الذين ظلوا قابعين على رأس إدارة مناطق النزاعات أثناء فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير.

 

وتلقى التجربة تباينا في وجهات النظر بين مؤيدين يرون ضرورة الاعتماد على قوى مدنية ثورية لإنهاء هاجس تواطؤ العسكريين مع أتباع النظام السابق -وهو تواطؤ يهدف إلى إشعال الصراعات المسلحة في الأقاليم وعدم التعامل مع الاشتباكات التي تحدث بجدية بعد إنهاء حقبة البشير- وبين آخرين يرون أن الولايات ذات الهشاشة الأمنية بحاجة إلى ولاة عسكريين يجيدون التعامل مع التهديدات التي تتعرض لها.

 

وقد يكون وجود قادة الحركات المسلحة على رأس سلطة الولايات مفيدا من جهة إنهاء حالة الحرب بينها وبين السلطة المركزية بشكل نهائي لأنها ستكون حريصة على ضبط الأوضاع المنفلتة هناك، وهي إشارة مهمة تدل على أن السلطة ماضية في دعم شراكتها مع الحركات في إدارة المرحلة الانتقالية.

 

وذكر معتصم أحمد صالح الناطق الرسمي باسم حركة العدل والمساواة أن وجود قادة حركات على رأس الولايات لا يكفي للحد من الانفلات الأمني في بعضها، لأن القرار من المفترض أن يكون ضمن آليات أخرى لتنفيذ السلام، من بينها عودة النازحين واللاجئين وعودة الأراضي إلى أبناء الولايات الأصليين والقيام بالتنمية المستدامة وتسريع آليات إعادة الإعمار.

 

وأضاف صالح في تصريح لـ”العرب” أن عرقلة إقرار مفوضية السلام التي بمقتضاها يجري تشكيل آليات تنفيذ الاتفاق تؤدي إلى تجميد تنفيذه واستمرار الأوضاع الهشة، في ظل عدم وجود مراقبة لما يجري إنجازه على الأرض من ملفات ترتبط بالسلام وتصب مباشرة في صالح تحسين أوضاع الأقاليم، ما يشي بأن هناك غيابا للإرادة السياسية.

 

وأشار إلى أن التركيز على الترتيبات الأمنية دون مناقشة جذور الأزمات في الهامش يؤدي إلى استمرار الأوضاع كما هي عليه، وأن الحكومة ماضية في معالجة قضاياها في غياب معالجة الجوانب الأساسية التي أدت إلى الحرب.

 

Thumbnail

ولدى البعض من المنتسبين إلى الحركات المسلحة اقتناع بأن محاولات السلطة الانتقالية استرضاء قادتها بتعيينهم في مناصب تنفيذية مختلفة لن يُحسّن الأوضاع الحالية في الولايات، ودون تنفيذ ملف الخدمة المدنية الذي ينص على دمج 20 في المئة من أبناء دارفور في المؤسسات الحكومية والسلطة القضائية في الإقليم لن يتمكن الحاكم من تأدية مهامه لأنه قد يصطدم بمعوقات داخلية من أطراف لها عداوة تاريخية تجاه الحركات.

 

ويرى هؤلاء أن الحاكم ليس من مسؤولياته تنفيذ اتفاق السلام الذي هو استحقاق سياسي بحاجة إلى آليات فاعلة من جهات مختلفة لإنزاله على الأرض، ما يجعلهم يعتقدون أن إصدار قرار تشكيل مفوضية السلام أكثر أهمية من تعيين حكام تابعين للحركات المسلحة في مناصب تنفيذية لن يتمكنوا من تأدية مهامهم.

 

وقالت مصادر سودانية لـ”العرب” إن الاعتماد على الحركات المسلحة في مناصب الحكم المحلي يواجه أزمة عدم معرفة هؤلاء بكيفية إدارة دولاب العمل الحكومي، لأنهم أمضوا الجزء الأكبر من حياتهم في النشاط المسلح.

 

وأوضحت المصادر أنه يتوجب على الحكومة المركزية أن تؤهّل الولاة الجدد للعمل المدني قبل إصدار قرارات تقضي بتعيينهم في مناصب حيوية، ولغة السلاح التي تسود منهج تعامل الكثير من أعضاء الحركات تقود إلى تأزيم الأوضاع الأمنية.

 

وشددت على أن وجود حاكم عام لإقليم دارفور يتناغم مع حكام الولايات له عوائده الإيجابية من حيث القدرة على تنسيق القرارات والمراسيم الإدارية، وقد يتحول إلى نقمة حال كان هناك حكام لديهم شخصية قوية ويصرون على استخدام صلاحياتهم التي تفوق أحيانا صلاحية حاكم الإقليم نفسه.

 

ولفت الحاكم الجديد لإقليم دارفور مني أركو مناوي، عقب استقباله رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، الأحد إلى أن من بين أولوياته وفق البرنامج الإداري عودة النازحين واللاجئين، والمصالحات، والحوار مع الذين لم يوقعوا على اتفاق جوبا، وإقامة مؤتمر مانحين لدعم التنمية في الإقليم.

 

ورغم أن وجود مناوي -كحاكم لإقليم دارفور وينتمي إلى حركة لها ثقل سياسي وعسكري داخله- يضمن سيطرته على الأوضاع ويسهم في منع انفلاتها إلا أن هناك من يتخوف من أن يكون وجود حكام لهم خلفية قبلية أفريقية في مناطق حضور قبلي عربي منطويًا على تأثيرات سلبية في الصراعات التي تطفو على السطح من حين إلى آخر.

وسوم