fbpx
أول متعهد للصحف والكتب في حضرموت

الدكتور : علي صالح الخلاقي

نشر صديقي الباحث عبدالله صالح حداد(أبو ماجد) في صفحته صورة تاريخية نادرة للمكتبة الوطنية بالمكلا، مع صورة صاحبها ومالكها عمه الأستاذ أحمد سعيد عوض حداد، الذي كان صاحب أول مكتبة بالمكلا وأول متعهد للكتب والصحف والمجلات والوكيل لمؤسسات نشر مصرية ولبنانية في حضرموت في ستينات القرن الماضي. وقد مثلت تلك المكتبة مصدراً للتنوير ونشر الثقافة بين فئات المجتمع الحضرمي الذين كانوا يجدون فيها ما يتناسب مع ذائقتهم واهتماماتهم الثقافية والمعرفية من صحف ومجلات وكتب، وكان روادها بدرجة رئيسية من المثقفين الحضارمة، بل أنهم من شجعه على الإقدام والمضي في افتتاح تلك المكتبة، نذكر منهم الأستاذ عمر با حشوان مدير المعارف بحضرموت والأديب والمؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف والشاعر حسين محمد البار، صاحب صحيفة (الرائد) الصادر في المكلا خلال الفترة من 17 أكتوبر 1960م، وحتى 27يوليو1964م، بل أن الأستاذ عمر باحشوان هو من رتب له عقد الوكالات مع الصحف ودور النشر والمكتبات والمؤسسات الثقافية في كل من مصر ولبنان، كما أوضح ذلك الباحث عبدالله صالح حداد.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر، كما يقال، فبمجرد قراءتي لما كتبه صديقي “أبو ماجد” حتى استرجعت ذاكرتي اسماً له صلة بالمكتبة وبصاحبها وبالتنوير الثقافي في حضرموت. هو اسم رائدة التنوير والكتابة النسائية في حضرموت سلامة عبدالقادر بامطرف، شقيقة المؤرخ والكاتب محمد عبدالقادر بامطرف، التي انتقلت مع أسرتها من الشحر إلى المكلا بعد انتقال عمل أخيها الكاتب والمؤرخ محمد عبد القادر بامطرف إلى المكلا، وبعد أن أنهت دراستها بتفوق في المدرسة الابتدائية للبنات التي كانت تديرها المربية الرائدة المرحومة فاطمة عبدالله الناخبي، عملت مدرسةً في نفس المدرسة، ثم اقترنت بالزواج من الأستاذ أحمد سعيد حداد، صاحب مكتبة الطليعة، فساعدها في الاطلاع على الكتب والصحف والمجلات لاثراء معارفها وتعميق ثقافتها، فاكتسبت ذخيرة معرفية وثقافية عالية، مقارنة ببنات جيلها، مكنتها من خوض غمار الكتابة بجدارة واقتدار، وانصب اهتمامها بكل ما يتصل بالنساء وقضايا وهموم المرأة، وتشجيع الفتيات على التعليم واللحاق بركب الرجل، فكانت وبحق رائدة تنويرية في مجال الفكر الاجتماعي وفي الدفاع عن حقوق وقضايا المرأة وحقها في التعليم وفي الحياة الكريمة، فهي أول كاتبة حضرمية تهتم بشؤون المرأة اهتماما شخصيا متصلا بالحياة العامة، ودعت إلى تأسيس نادٍ ثقافي خاص بالمرأة، وكرست كتاباتها الصحفية لقضايا المرأة الأكثر الحاحا في عصرها، كما لم تفعل أي كاتبة حضرمية من قبلها، وتخلت عن ذاتيتها، حينما كانت تُكتب باسم مستعار، لصالح الهوية الجمعية لكل الحضارمة وللدفاع عن حقوق المرأة بشكل خاص، فضلا عن إسهاماتها في مجال كتابة القصة القصيرة وهو ما يجعلها رائدة الكتابة القصصية (النسائية) في حضرموت.
لا شك أن ما ساعدها على بلوغ هذه المكانة قد كان أولاً بفضل نبوغها وتفوقها الدراسي ثم لتأثير شقيقها الكاتب والمؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف وكذا تشجيع زوجها الأستاذ سعيد الحداد لها للنهل من ينابيع المعرفة والثقافة التي كانت المكتبة أحد أهم مصادرها في ذلك الوقت. وكنت قد كتبت عنها مقالاً ضافيا بعنوان (سلامة عبدالقادر بامطرف..رائدة التنوير والكتابة النسائية في حضرموت)، نُشر في العدد التاسع من مجلة “حضرموت الثقافية” الصادر في سبتمبر 2018م، يمكن الرجوع إليه لمن أراد التعرف أكثر على سيرة رائدة التنوير والكتابة النسائية في حضرموت

 

.