fbpx
الملف الاقتصادي بين مصر وتركيا ينتظر إشارة سياسية
شارك الخبر

يافع نيوز – العرب

قالت مصادر مقربة من مجلس العمال المشترك بين القاهرة وأنقرة لـ”العرب” إن “اجتماعات مايو المرتقبة في القاهرة التي سيشارك فيها وفد دبلوماسي تركي برئاسة نائب وزير خارجية، مرجح أن تمنح الملف الاقتصادي دفعة إيجابية”.

 

ووصفت المصادر التحرك المنتظر بأنه “يعكس رغبة تركيا في تحريك المياه الراكدة، لكنه ليس كافيا للاطمئنان على أن هناك تسريعا لوتيرة التعاون الاقتصادي، وهناك انتظار لإشارات قوية ومباشرة من المجلس ومنظمات الأعمال للدخول في مباحثات حول مستقبل العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين”.

 

وأرجع اقتصاديون رغبة تركيا في المصالحة مع مصر إلى البحث عن حل لمشكلاتها في شرق البحر المتوسط، والتي تؤثر على حريتها في التنقيب عن الغاز والنفط، خاصة أن القاهرة باتت محركا مهما في تجارة وتداول الغاز في المنطقة، بحكم مركزيتها في منتدى شرق المتوسط.

 

محمد يوسف: الاستثمارات التركية في مصر آمنة وتواصل عملها بشكل منتظم

ورغم التجاذبات السياسية إلا أن حركة التبادل التجاري بين القاهرة وأنقرة لم تتوقف، فتشابك الملف الاقتصادي بين البلدين له طبيعته الخاصة ودفع الطرفيْن إلى التعامل معه بشكل حذر حفاظا على مصالح المستثمرين طيلة سنوات القطيعة.

 

وخيم التأثير السياسي على ميزان التبادل التجاري المشترك لكنه لم ينقطع، فتسببت القطيعة في انخفاض حجم التبادل التجاري من خمسة مليارات دولار قبل سقوط حكم الإخوان المسلمين في مصر عام 2013 إلى 2.5 مليار دولار.

 

وكشفت بيانات البنك المركزي المصري أن واردات مصر من السوق التركية بلغت خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي الماضي نحو 1.68 مليار دولار، مقارنة بصادرات مصرية لتركيا بنحو 737.6 مليون دولار.

 

وقال محمد يوسف المدير التنفيذي لجمعية رجال الأعمال المصريين، وتضم مظلتها مجلس الأعمال المصري التركي، “إن الاستثمارات التركية تواصل عملها بشكل منتظم وتشهد توسعات مدفوعة بمعدلات الربحية التي تحققها في السوق المصرية”.

 

وأضاف لـ”العرب” أن “الحكومة المصرية كانت حريصة منذ اللحظة الأولى على حماية الاستثمارات التركية والحفاظ عليها، وحرصت على حرية تدفق الاستثمارات وانتقال الأفراد، ما جعل رجال الأعمال في البلدين يتحركون بحرية كبيرة، وهو ما أسهم في استمرار حركة التجارة بين البلدين”.

 

وأكد جاهزية الجانب المصري في مجلس الأعمال المشترك لمواصلة نشاطه، لكن هذا التحرك مرهون بإشارات أكثر وضوحا وصراحة من الجهات المعنية، فتجميد النشاط خلال الفترة الماضية كان مدفوعا بالحفاظ على الأمن القومي المصري.

 

وخلال ذروة سنوات القطيعة سعت منظمات الأعمال التركية في نهاية عام 2017 إلى إذابة جبل الجليد بين القاهرة وأنقرة لتقليل الخسائر، وبمباركة رسمية من أنقرة. ونظم اتحاد الغرف والبورصات التركية، وهو منظمة شبة حكومية قريبة من السياسة بدرجة كبيرة، زيارة للقاهرة برئاسة رفعت حصارجيقلي أوغلو رئيس الاتحاد.

 

واعتبرت زيارة الوفد التركي في ذلك الوقت مهمة، خاصة بعد تجميد نشاط مجلس الأعمال المصري التركي لأكثر من ثلاث سنوات ونصف السنة، وأبدت أنقرة حسن نواياها خلال الزيارة لاستئناف التعاون الاقتصادي، وضم الوفد 11 شركة تركية تعمل في مختلف المجالات.

 

وكانت تركيا تأمل من وراء هذه الخطوة في دفع الملف الاقتصادي للأمام وإذابة جبل الجليد الذي تراكم مع مناوشات سياسية متبادلة، وكثافة التدخلات التركية الرسمية في الشؤون الداخلية لمصر، عبر دعم جماعة الإخوان المسلمين والمتطرفين.

 

وتصل حجم الاستثمارات التركية المباشرة في مصر إلى نحو 2.5 مليار دولار من خلال 230 مصنعا، يعمل فيها أكثر من 52 ألف عامل مصري، بعد أن كانت الاستثمارات التركية تسعى لمضاعفة حجمها عدة مرات، لكن مخاوف القطيعة جعلت رجال الأعمال يتبعون سياسة استثمارية متحفظة إلى حين وضوح الرؤية.

 

وتتصدر تركيا المركز 27 ضمن قائمة أهم الدول المستثمرة في مصر، وفقا لإحصاءات الهيئة العامة للاستثمار، في قطاعات الملابس والمنسوجات، والصناعات الغذائية، والكيماويات، والتعدين، والزجاج، والمشروعات السياحية.

 

قدري إسماعيل: أنقرة تعيد صياغة علاقاتها لتأمين مصالحها في البحر المتوسط

وقال قدري إسماعيل، عميد كلية الدراسات الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة الإسكندرية، لـ”العرب” إن “تركيا تعيد صياغة علاقاتها الدولية وفقا لمصالحها، وأن مثلث القوة في إنتاج الغاز بشرق المتوسط، الذي يضم مصر وقبرص واليونان، من شأنه أن يقلل على المدى البعيد من مصالح تركيا، ويفقدها ثروة غازية ونفطية كبيرة”.

 

ويبدو ميزان التبادل التجاري بين البلدين ثريا ومتنوعا بالمنتجات، حيث تستورد مصر من تركيا الزيوت البترولية ومنتجات الحديد والصلب والمنتجات المغذية لصناعة السيارات، والسجاد والأواني المنزلية والورق والكرتون والفوط الصحية وحفاظات الأطفال، والحبوب وتحديدا العدس، والأجهزة الكهربائية والأخشاب والإسمنت والفواكه المجففة.

 

وتصدر مصر لتركيا البولي بروبلين وأسمدة اليوريا والملابس الجاهزة والأقمشة وغزول القطن والألياف الزجاجية، ومادة أسود الكربون والأسلاك النحاسية، وإطارات الأتوبيسات والشاحنات، ورمال السيليكا، والبولى إيثلين، ومنتجات الحديد والصلب المسحوبة على البارد، والفاكهة والخضروات، وشاسيهات الأثاث يدوية الصنع.

 

وأشار أحمد الشامي عضو جمعية مستثمري السويس إلى أن محاولات التقارب التركي مع مصر سوف تسهم في حل عدد من المشكلات التي تواجه أنقرة، منها تصاعد حدة الدعوات من قبل بعض المنتجين في مصر لفرض رسوم على المنتجات التركية.

 

ولفت لـ”العرب” إلى أن ميزان التبادل التجاري مع مصر لصالح البضائع التركية وبالتالي يمكن لأنقرة أن تحافظ على تواجد كبير في السوق المصرية.

 

وتسهم المقاربة السياسية في تهدئة وتيرة الحروب التجارية بين القاهرة وأنقرة والمستعرة حول فرض رسوم إغراق على حديد التسليح التركي، وشروع القاهرة مطلع يوليو الماضي في إجراءات التحقق من إغراق السجاد الميكانيكي وأغطية الأرضيات المصنعة من مواد نسيج منشأها في تركيا أو مصدرة منها.

 

وتلقّى قطاع المعالجات التجارية بوزارة التجارة والصناعة في مصر شكوى مؤيدة بالمستندات من بعض المصانع المحلية، بقيادة شركة “النساجون الشرقيون”، تدعي فيها أن واردات السجاد التي ترد إلى مصر من تركيا بأسعار مغرقة تُسبب ضررا ماديا للصناعة المحلية.

 

ومن خلال إيجاد مقاربة سياسية منتجة تستطيع تركيا الدخول في مفاوضات مع مصر لتحقيق مكاسب اقتصادية، بعد أن تضخمت مشكلات الملف الاستثماري جراء التعقيدات التي مرت بها العلاقات السياسية، والتي ترسم حركة رؤوس الأموال.

أخبار ذات صله