fbpx
هل السيد جمال بن عمر ناطق رسمي أم مبعوث دولي ؟!

 

بعد أن تجاوزت رياح الربيع العربي سماء اليمن ، وأصبح العالم يدرك أن ما يجري حالياً  ليس أكثر من تراكم أزمات في  النظام  وسلطاته ، أدت بالنتيجة  إلى ما يعرف  بدولة فاشلة  تهدد  بكوارث أمنية على العالم المحيط  إذا  لم  تسعفها الدول المانحة . فأزمة السلطة هي امتداد لأزمات سابقة عديدة ، اتخذت صوراً مختلفة في تاريخ اليمن المعاصر ودفع ثمنها ملوك اليمن ورؤسائه حياتهم دون أن تظهر في مصلحة الشعب اليمني أي نتائج حميدة .

 

 وللتذكير، فقد اقنع اليمنيون قبل أكثر من 5  سنوات عندما  تشكلت لجنة الحوار الوطني ، بأن حل الأزمة اليمنية  لن يتأتى إلا بحل ” القضية الجنوبية ” كما يحلو لهم تسميتها .. ويؤكد مؤتمر الحوار حالياً وكل اليمنيين بدون استثناء ، على أولوية حل هذه القضية وخاصة بعد أن استفحلت الأزمة  خلال عام 2011م  وتدخلت فيها الدول الإقليمية من خلال المبادرة الخليجية .  ومن خلال الدعم السياسي لتلك المبادرة تدخل أيضاً  المجلس الأوروبي والولايات المتحدة ومجلس الأمن الدولي ، فضلاً عن تدخل الدول المانحة  من خلال  الدعم المالي وغيره للسلطة اليمنية .

 

 فما هي “القضية الجنوبية” إذاً ؟! .. أليست  قضية  (دولة الجنوب) التي اختفت  بعد الحرب عليها عام 1994 ؟! .. أولم تنهار دولة الوحدة نتيجة فشل إجراءات  التوحيد خلال المرحلة الانتقالية  مما جعل القوى السياسية  تبحث من جديد عن صيغة وحدوية أخرى  تمثلت بـ ” وثيقة العهد والاتفاق ” التي تم التوقيع عليها في العاصمة الأردنية عمّان بسبب الانهيار المحقق ؟! .. أولم  تقم الحرب بعد ذلك بين دولتين  كانت تحتفظ كل منهما بجيشها المعروف وعملتها النقدية المعروفة  ومؤسساتها الإعلامية  والثقافية والاقتصادية ، ولكل منهما أيضا مناهجها التعليمية وأحزابها السياسية ؟! .

 

 وبالرغم من علامات الاستفهام هذه ، فما  نطرحه هنا  ليس إلا  تمهيداً لأسئلة كثيرة  ومتشعبة  ربما  يستطيع من خلالها السيد بن عمر أن يدرك  التعريف الموضوعي لقضية الجنوب ، ليتحدث عنها بموضوعية أمام مجلس الأمن الدولي بدلاً عن تصوير القضية بأنها واحدة من القضايا السياسية الداخلية أو قضايا الفساد ، أو جزءاً  من الصراعات الناتجة عن التمييز العنصري أو المذهبي أو غيرها ، بالطريقة التي قدمها في تقريره الموجز لمجلس الأمن الدولي ، الذي استخدم  فيه  نفس المفردات التي  يعبر  بها  أي ناطق رسمي لمؤتمر الحوار اليمني يمثل سياسة النظام  وأحزابه السياسية .

 

 صحيح أن السيد بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة  قد  بعث السيد جمال بن عمر  عام 2011 لمتابعة تنفيذ المبادرة الخليجية  التي لم تشر في نصوصها  إلى حوار وطني  ولا إلى قضية جنوبية أو إلى مشاركة الحراك الجنوبي أو غير ذلك من القضايا التي تم وضعها في الآلية التنفيذية للمبادرة بعد وصول  بن عمر مبعوثا له  إلى اليمن . فكان عليه  ألا  يقبل  بطرح  القضية الجنوبية  ومشاركة الحراك  الجنوبي قبل أن يدرك خلفياتهما  والعوامل الموضوعية لنشوئهما ، وما هو الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه الحراك .. ذلك الحراك الذي حصل على نصيب عشوائي في نُسب التمثيل إلى مؤتمر الحوار قبل الاعتراف به  رسمياً  كحراك ثوري جنوبي .

 

 لذلك ، فإن إدخال قضية الجنوب – التي  يمثلها شعب الجنوب من خلال حراكه  الثوري السلمي – ضمن ما احتوته آلية تنفيذ المبادرة الخليجية من قضايا سياسية ، بالصياغة  التي أرادها  نظام صنعاء  وبحضور السيد جمال بن عمر ، وتلبية  لرغبة السلطة ، قد شكل تجاوزاً خطيراً للمهمة التي جاء من أجلها مستشار الأمين العام للأمم المتحدة . ليس كذلك فقط ، بل أن المستشار  بن عمر قد صوّر قضية الجنوب كقضية مظالم حقوقية  في الوظائف والأراضي والممتلكات قابلة للتعويض ، وتجنب ذكر الحراك الثوري – في سياق  موجزه  لمجلس الأمن –  ليستبدله  بالعصيان المدني ، وكذلك استبدل نتائج الحرب بقضية تمييز . ولسوء الحظ أنه فضّل محاورة الشعب الجنوبي عن طريق عناصر جنوبية في الخارج .

 

 وفضلاً عن هذا اعتبر جمال بن عمر  في تقارير سابقة  له ، بأن السيد الرئيس علي سالم البيض لا يزال  نائبا سابق لرئيس الجمهورية اليمنية  وخاضعا  لرغبات صنعاء ، رغم  أنه  قد  تم فصله من ذلك المنصب أثناء الحرب على الجنوب في عام 1994 ضمن القيادة الجنوبية ، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرار الإعلان عن استعادة دولة الجنوب واختياره  رئيساً  لها ، ثم  أخرج منها – مع قيادة دولة الجنوب –   بالقوة العسكرية ، وحُكم عليه مع بعض قيادات جنوبية  بالإعدام غيابياً  بعد انتهاء الحرب .

 

 أخيرا فإن القضية الجنوبية هي مجموع ما يتعلق بالوطن الجنوبي وهوية ومصير شعب الجنوب ، ويجب أن تكون الأولى في أولويات الدول الراعية للمبادرة الخليجية إذا ما أرادت تثبيت الأمن والسلام في هذا الإقليم العربي ، وكذلك الاستقرار في اليمن ، شريطة أن  يتم توصيلها  بشكلٍ  نزيهٍ  وموضوعي إلى مجلس الأمن الدولي الذي  يرعى القوانين والمواثيق والأعراف الدولية ، ويتخذ بدوره القرارات المناسبة في الوقت المناسب عند  نشوب أي نزاعات  أو قيام  ثورات تحررية .