fbpx
لماذا نتمسك بالقادة التاريخين ؟؟

في مقال لكاتب هذه الحروف كان قد نشر الأسبوع الماضي في عدد من وسائل الإعلام تحت عنوان “يا ناخبي سير سير” ، حذرت خلاله من مغبة استمرار نهج قيادات الحراك السلمي الجنوبي في الداخل والخارج على الصعيد السياسي بنوع من الروتين “الممل” والعشوائية “القاتلة” في ضل تصارع “نزعات القيادة” وعدم الوقوف بمسئولية أمام استحقاقات المرحلة بروح “وطنية” تجمع شركاء الهدف على طاولة حوار تتمخض عن نمط تنظيمي لقيادة موحدة أو تنسيقية أو أي شكل من أشكال التعامل المسئول مع التطورات المتسارعة فيما يتعلق بقضية شعب الجنوب وتطور الموقف الدولي يوما بعد آخر وليس آخرها تصريحات السيد جمال بن عمر في مؤتمر صحفي في نيويورك الخميس عقب جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي .

أشرت إلى أن غياب مثل هذا التحرك قد يجعلنا أمام مشهد لا نتصوره الآن لكنه لن يكن من المستغرب إن حدث ذلك غدا في حال ما رأينا مسيرة ترفع صورة القيادي السابق المخلوع من الحراك الجنوبي عبد الله حسن الناخبي في أحد شوارع عدن وهم يهتفون ” يا ناخبي سير سير” بدلا من “يا علي سالم سير سير”.

المقال الصريح الذي استندت فيه بدرجة ثانوية إلى تحليلات سياسية لأحد الخبراء الروس المختصين بالشأن اليمني أثار غضب بعض القيادات الجنوبية التي دفعت ببعض أتباعها للقدح بكاتب المقال واتهامه بالتقليل من ثورة شعب الجنوب وتحوله إلى “معول هدم” ! ، فيما نال إعجاب قطاع واسع من القراء والمتابعين والمثقفين (وهو الأهم).

وهنا أقول إننا نراهن على شعبنا العظيم في حسم كل الأمور أكثر من مراهنتنا على هؤلاء القادة ، خصوصا منها القيادات التي تسمى بـ “التاريخية” ، حتى بما فيها أمر القادة هؤلاء أنفسهم ، ومن الأجدر بأن يكون قائد لهذا الشعب ويحقق كل آماله وطموحاته وينجز كل أهدافه المتمثلة أولا باستعادة الدولة الجنوبية والتحرر من الاحتلال.!

ما يجعلنا نوجه حروفنا ونداءاتنا لهؤلاء القادة “التاريخيين” ليس لأن أمهات الجنوب عاجزة من أن تلد قيادات فذة من جيل الشباب العظيم الذي بصموده وعظمته لا تزال ثورة الشعب الجنوبي تقارع المحتل وتهز الساحات وتتجاوز أصدائها البحار ، قيادات لم تنغمس أياديها في الدم ، ولم تتلوث ضمائرها في البيع والشراء ، ولم تعرف طبع “الخيانة والغدر” بالصديق والزميل والشريك في الوطن أبدا ، ولا تستهوي نزاع الزعامة والمناصب بل تستهوي الشهادة في سبيل هذا الوطن الكريم.

ما يجعلنا نخاطب هؤلاء القادة القادمون من ستينات وسبعينات القرن الماضي هو أنهم بشخوصهم الحالية يمثلون إلى حد ما الشخصية الدولية لدولة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية – التي سلموها بسخاء لزعماء القبيلة في صنعاء – وأن هناك قرائن قانونية ودبلوماسية وبروتوكولية تبقي لهؤلاء القادة أهمية التواجد والتحرك والتفاعل للتخاطب مع مختلف المؤسسات العربية والدولية باعتبار قضية الجنوب هي امتداد طبيعي للدولة التي توحدت في العام 1990 وأعلن فك ارتباطها في 21 مايو 1994 ، وتم احتلالها في 7/7/1994م.

ومع أني شخصيا يبدو لي أن أفعال هؤلاء القادة لا تزال ضبابية في مجملها في التعامل مع بعضها البعض ، فضلا عن القيادات في الداخل التي تختلف معها في أطر تنظيمية أو تتباين معها في أمور القيادة والتزعم.

وهو ما يجعلني أؤمن بالمقولة الشهيرة “تجريب المجرب حرام” ، ولكن ومن باب حسن الظن وفهم مصالح المرحلة وأولوياتها وحتى لا يظهر من يتهمني بـ “تثبيط الهمم” و “زرع اليأس” ، لا زالت أوجه حروفي إلى هؤلاء القادة أن أفيقوا ، وتحملوا مسئولياتكم التاريخية ، واتقوا الله في شعبٍ وهبكم ثقته ، فلا تخذلوه كما فعلتم في الماضي ، “ولا تزرُ وازرةً وزرَ أُخرى”.!!