fbpx
اتفاق الرياض يترنح بين المطرقة والسندان.

كتب/ علي عبد الله البجيري
لم تمضي دقائق معدودة على وصول حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب إلى العاصمة عدن في الثلاثين من ديسمبر الماضي حتى استقبلت بالصواريخ الإرهابية.
وبعد وصولها بثلاثة أسابيع يفجر الرئيس هادي زلزالاً جديداً تحت أقدامها بإصداره قرارات تقضي بتعيين رئيسا لمجلس الشورى ونائبين له وكذا للنائب العام للجمهورية .. تلك القرارات التي وضعت حكومة المناصفة بين خياري البدء في تادية مهامها أو التوقف عن تأدية تلك المهام.
فقد قوبلت تلك القرارات بالرفض من قبل النصف الجنوبي المشارك في الحكومة، ضف إلى رفض بعض الأحزاب المحسوبة على النصف الشمالي في الحكومة.
قرار كهذا لم يكن في الحسبان، هو لم يكن موفق، ولم يراعي الظروف السياسية التي تم التوافق عليها ولا التحديات الداخلية التي تمر بها البلاد في مواجهة المشروع الحوثي.
لقد جاءت تلك القرارات لتنسف ماتم الاتفاق عليه في مدينة الرياض، بل مع الاسف يزيد من الاحتقان السياسي ويصب الزيت على النار بعد أن تنفس الجميع الصعداء تفائلا نحو احلال السلام والبدء في حلحلة القضايا المعيشية للمواطنين.
ونشير الى أن صدور تلك القرارات تكشف عن ان اتفاق الرياض وما تخللته من مفاوضات ولقاءات لم تكن في مستور معالجة الجروح الدامية ولم تستطع وضع أصابعها على مواضع الالآم الدفينة ولم تفلح في الوصول إلى كنة الحقيقة التي تؤرق بال كل أبناء الوطن وخوفهم من المستقبل المجهول.
منذ التوقيع على نص اتفاق الرياص، برعاية المملكة العربية السعودية، واللقاءات والاجتماعات لم تتوقف.
تتقدم خطوة هنا، وتتراجع خطوات هناك، بسبب وجود فراغ غير ملموس في ذلك الاتفاق، يكمن في غياب الهدف السياسي كغاية عليا له، بل تم الخوض في تفاصيل تكمن هنا أو هناك دون مراعاة لتلك الغاية العليا للاتفاق.
فكلا الطرفين وضعا نصب اعينهما كيفية تحقيق مكاسب تعزز من مواقعها العسكرية قبل السياسي. والبعض الاخر يعمل على فرض موقفه على حساب الآخرين، ويضع شروطاً تحمي مصالحه. ومنذ البداية وعامل الثقة مفقود بين جميع اطراف اتفاق الرياض.

ومن واقع المشهد السياسي نرصد هنا الملاحظات الآتية:
اولاً: إن ما تم الاتفاق عليه وتنفيذه حتى الآن يتمثل في خطوة واحدة يتيمة، وهي وقف إطلاق النار في جبهة شقرة، التي كان ينتظر أن تشكل مدخلاً لمعالجة بقية الانسحابات، لاسيما سحب المليشيات الإخوانية والقوات الشمالية من الجنوب إلى جبهات المواجهة مع المليشيات الحوثية.
ثانيا: نظراً لتلك المواقف والمستجدات انسحبت اللجنة العسكرية السعودية من أبين بعد تعرضها لهجمات إرهابية تقف خلفها قيادات عسكرية في الشرعية، بينما يرفض لواء عسكري يتبع الحماية الرئاسية من الانسحاب بحسب ما تم التوافق عليه في لقاءات الرياض مؤخرا، وفي الوقت نفسه يتم إعادة انتشار المليشيات الإخوانية الإرهابية في بعض المواقع الأمامية في جبهة شقرة.
ثالثاً: وفي محافظة شبوة تواصل مليشيات «حزب الاصلاح الإرهابي» اعمالها الاجرامية بحق شبوة وابنائها وكوادرها في ظل توغل وانتشار جماعات إرهابية جرى تجميعها مجدداً وعودتها إلى مديريات شبوة لغرض استهداف الأمن والاستقرار وعرقلة انسحاب القوات الغازية التي تمركزت في شبوة قادمة من مأرب.
رابعاً : وعلى نفس التوجه عاودت الكهرباء الانقطاعات، وأزمة المشتقات النفطية في العاصمة الجنوبية عدن، مع تفجير القنابل الصوتية وبعض الاختلالات الأمنية .
وفي الحقيقة أن هذه الأزمات تأتي لإشغال الرأي العام بالخدمات عقب قرارات هادي التي تنسف إتفاق الرياض وتعرقل تطبيق بقية البنود المتفق عليها.
ويظل السؤال الهام أين الراعي وما
هو دوره وقدراته على ردع من يعرقلون الاتفاق ؟!
ففي الأيام الماضية، أدمت يد الإرهاب الغادرة مجدداً حياة أبناء شبوة، بالاغتيالات التي تحمل بصمات حزب الإخوان الإرهابية.
جرائم فتحت جرحاً غائراً، وطرحت أسئلة عدة تتعلق بمصير اتفاق الرياض ودور ومصداقية دول التحالف العربي في تنفيذه.
لا شك أن هناك غاية ما وراء هذ التصعيد، والذي يتزامن مع استمرار تعنت المليشيات من انسحاب قواتها من محافظات أبين، وشبوة وحضرموت كما تأتي في وقت يحاول فيه الجنوب لملمة أوضاعه السياسية، وترميم مؤسساته الخدمية والاستعداد لتنفيذ بالتزامن مع بقية شروط الإتفاق.
وبحسب الوقائع التي نراها كل يوم من تصرفات قيادات الشرعية، فإن الأجندة التي تقوم بتنفيذها في الجنوب، تخدم قوى إقليمية لا تريد الاستقرار للجنوب، فقد أثبتت الشرعية خلال الفترة التي أعقبت هروبها من صنعاء وهزائمها في جبهات القتال مع الحوثي ، أنها مخترقة وفاشلة لا يهم قياداتها غير المصالح المالية، ووجدت في هذه الأزمة منفذ واسع للنهب وتكوين الثروات، دون أي واعز وطني لما يعانيه الشعب في الجنوب والشمال.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فإن قيادات الشرعية الإخوانية أثبتت أنها صاحبة مشروع تخريبي، وهذا ما كشفته تقرير سنوي صُــدر قبل يومين عن فريق الخبراء المراقبين الدوليين المُكّــلف من مجلس الأمن بمراقبة الحالة اليمنية:
( مبلغ 423 مليون دولار أموال عامة تم تحويلها بشكل غير مشروع لمؤسسات خاصة (هائل سعيد، وأحمد العيسي )
ولهذا جاء موقف الشرعية من عدم تنفيذ اتفاق الرياض، وأنها ماضية في طريق الحرب على الجنوب ونهب ثرواته ، وترك الشمال للحوثي الأقرب إليها قبليا وفكرياً .
إن ما يحدث حالياً يفرض “على القوى الجنوبية، الآن التوحد والتفرغ للحوار الجنوبي الجنوبي، لأنه الأهم في هذه المرحلة وقطع الطريق على المتربصين بمستقبل عودة الأمن والاستقرار إلى العاصمة عدن .
يجب على كل القوى الجنوبية الغيورة أن تدرك جيداً أن تحقيق الأمن وحماية السيادة يتطلبان وحدة الصف وواقعية في التعامل مع الأحداث الطارئة .
فالعدو عاد إلى سياسة التصعيد والتحشيد وبناء الطرق الإلتفافية في شقرة الابينية ، بما يؤكد أن الشرعية الشمالية تخلت عن فكرة تحرير صنعاء وقررت بناء الدولة الشمالية، باعرافها القبيلة المتخلفة في جنوبنا وعلى أراضي بلادنا، تاركتاً الشمال للمليشيات الحوثيية، فهل أدركتم بني وطني ماذا يخطط لوطنكم ومستقبل ابناءكم واجيالكم القادمة.