fbpx
أهمية الرافعة السياسية الجنوبية
بقلم /أحمد الربيزي
في عامي 2009 و 2010 كنّا مجموعة من ناشطي الحراك الجنوبي السلمي معتقلين في غياهب سجون نظام الاحتلال اليمني التابعة للأمن السياسي في صنعاء، وكنّا في أمس الحاجة لمن يدافع عنا – حينها، لكن للأسف الشديد وجدنا أنفسنا وحيدين في صنعاء، ولا أحد يتعاطف معنا، وحتى الصحافة اليمنية الحزبية كانت تتداول خبر اعتقالنا من وجهة نظرها الحزبية، وتجيّر قضيتنا لما يخدم توجهاتها الحزبية ليس إلاّ، بما في ذلك نقابة الصحفيين اليمنيين، وتضع موضوع الاعتقال في إطار حرية الرأي، وفي إطار المطالب الحقوقية ليس إلاّ، ولم تأخذه قضيتنا كقضية سياسية ينبغي النظر إليها وحلها.
زارنا مسؤولون ممثلون عن “اللقاء المشترك”. كانوا يوعزوا إلينا أنّ بإمكانهم أن يدافعوا عنّا بشرط أن نكتب بيان نوضّح فيه أنّ نضالنا يقع ضمن المطالب (المشروعة) في إطار حزبي، على أن نؤكد أنتمائنا لأحد أحزاب “اللقاء المشترك” وكانت الإغراءات كبيرة جداً، فرفضنا حينها حتى التفكير في هذا الأمر مطلقاً.
أتذكر أنّ “حزب الحق” المقرّب من الحوثيين، هو الآخر كان سعى إلى مغازلتنا عبر أحد الزملاء المقرّبين منه، وعبر هذا الزميل طلب أن نصدر بيان نعلن أننا أعضاء لديه، وهو سيدافع عنا.
وعند انتقالنا الى السجن المركزي في صنعاء زارنا “سمير جبران” رئيس تحرير صحيفة المصدر اونلاين، والتقى بأحد الزملاء وأبلغه أنّ “حميد الأحمر” أرسلهُ إلينا لإقناعنا على أن نصدر بيان (ربما انه كان جاهز لديهم) نعلن فيه أننا حقوقيين وناشطين سياسيين ضمن اللقاء المشترك ويتعهد “الأحمر” بأنّه سيخرجنا من السجن ويرتّب أمورنا، فحين أبلغنا زميلنا برسالة “حميد الأحمر” التي أوصلها اليه “سمير جبران” رفضنا الأمر جملة وتفصيلا.
ما ذكرته هنا أود أن أشير فيه الى أننا كنا نخوض النضال منفردين، ولا يتعاطف معنا إلا من أراد أن يجيّر نضالنا لصالح أجندته الحزبية، وكنا نتمنى ان نجد طرف سياسي يكون رافع لقضيتنا السياسية ومدافعاً عنها، ورغم أن رسالتنا السياسية في معتقلاتنا كانت تفرض نفسها عند الرأي العام المحلي (الجنوبي) والخارجي العربي والأجنبي بوجود أفراد جنوبيين في منظمات خارجية وبفعل الصوت العالي لشعبنا المناضل الصبور، وبفضل التضحيات الميدانية الجسيمة التي يقدّمها شهداء الجنوب، إلا أنّ العالم ظل يتعامل مع قضيتنا بحذر شديد، وبغير اعتراف رسمي لا من الدول منفردة، ولا من الهيئات الدولية ككل، حتى الدول التي كانت تستضيفنا – حينها، كانت لا تتعامل معنا كأصحاب قضية تعترف بها رسمياً، بل كانت تتعامل معنا من تحت الطاولة، ولما يخدم أجندتها في المنطقة.
حتى عندما لجأنا للدفاع عن أنفسنا بأي تشكيلات مسلحة في وجه ألوية صنعاء التي دكّت عدد من القرى والمدن، كانت تلقى اعتراضات كبيرة وكانت تعتبرها الحكومة اليمنية مليشيات مسلّحة، وليس هذا فحسب بل إنّ السلطات اليمنية وبمساندة الإعلام العربي المعادي حاولت وصمنا بتنظيم القاعدة الإرهابي، حتى انهم ابتدعوا مصطلح أطلقوه في إعلامهم، (الحراك القاعدي).
في دهاليز سجون صنعاء أملنا بشدة لمن يبادر بالدفاع عنّا وعن قضيتنا الجنوبية، وكنا نعرف جيداً الأهمية القصوى، لأن يكون لدينا كيان جنوبي شرعي معترف به رسمياً، ويحمل قضية شعب الجنوب بأمانة وحرص دون أن ينتقص من حقنا في النضال الشرعي أولاً، وحقنا في الانتصار للقضية الجنوبية، بتعريفها الحقيقي وبأهدافها التي يحملها شعب الجنوب ويناضل في سبيل تحقيقها والمتمثل في استعادة وبناء دولته المستقلة على تراب أرض الجنوب كاملة.
اليوم ونحن نشهد إعلان تشكيل حكومة المناصفة بين الشمال والجنوب، التي فرضها المجلس الانتقالي الجنوبي، وفق اتفاق الرياض الموقع في 5نوفمبر 2019 في الرياض من قبل “الانتقالي” والحكومة اليمنية، وشهدها العالم، والكل يعرف أنّ “الانتقالي” تأسّس كحامل لقضية شعب الجنوب، القضية السياسية التي يناضل من أجل الانتصار لأهدافها المشروعة في تحرير الجنوب وبناء دولته المستقلة، ونحن نمتلك قوات عسكرية وأمنية كبيرة يجري تسليحها من قبل التحالف العربي، ويجري التفاوض معها دون أن يجرؤ أي طرف رسمي أن ينعتها بمليشيات، أو يرفض التعامل معها، وهنا تكمن أهمية وجود رافعة سياسية شرعية لقضية شعب الجنوب.