fbpx
جمال بن عمر .. ومساندته للإرهاب الفـكري !!

 

نستغرب تمادي سلطة صنعاء في خطابها السياسي خلال الأشهر الأخيرة ، إلى الشعب المغلوب على أمره لترسيخ فكرة واحدة  لا غيرها ، هي أن مؤتمر الحوار الوطني يمثل لليمن طوق النجاة وهو الفرصة الأخيرة ، ولا بديل عنه إلا الاحتراب والانقسام والانفصال والإرهاب والصوملة والضياع والفقر والويل والثبور ! .. وأن من لم يشارك في الحوار قد جنى على اليمن وساهم في عرقلة مسيرته ، وبالتالي ساهم في عرقلة تـدفق أموال الدول المانحة التي بها يتم إيجاد الحلول لمشاكل اليمن !.. واللهجة نفسها في الدور الذي يقوم به جمال بن عمر مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة .

 

ومن أجل الحوار بأقطابه وأهدافه وقضاياه سخرت السلطة مختلف وسائل إعلامها لصرف نظر المواطن عن التدهور المستمر للأوضاع الاقتصادية والمعيشية الناتج عن تعقيدات القضايا السياسية داخلياً وخارجياً بما ينبئ بمستقبل أسوأ  ينتظر الشعب اليمني خلال السنة أو السنوات القليلة القادمة .. فلم يعد باستطاعة المواطن التفكير بما  يجري من حوله سوى الخوف من فشل الحوار  أو كيفية إعادة تقسيم اليمن من خلال الحوار ، والخوف من التهديد بالحروب والتدخلات الخارجية ..

 

فالنظام يعمل على إكراه المواطن للاقتـناع بأن “قاعة الحوار” كفيلة في وضع الحلول لكل القضايا العالقة ، ويساعده على ذلك السيد جمال بن عمر من خلال محاولته تصوير قضية الجنوب أمام مجلس الأمن الدولي بأنها ليست إلا مظالم حقوقية يمكن معالجتها بإجبار الجنوبيين على حضور المؤتمر والتخلي عن قضية الوطن الجنوبي ، تحت التهديد بعقوبات دولية .

 

لقد حاصر نظام صنعاء العقول من أي  فكر سياسي يسترشد به الشعب عدى  الفكر العدواني “الوحدة أو الموت”  كفكر متطرف وظالم ليس له ما يبرره تاريخيا أو سياسيا أو اجتماعيا أو ثقافيا .. ولم يكن لضم الجنوب إلى اليمن أي أهمية اقتصادية أو غيرها من ما كان يروج له النظام  بأن الوحدة اليمنية قوة لليمن وعزة للشعب . فأي عزة يعيشها الشعب في ظل هذه الوحدة ؟! .. وهل بمقدور الحوار اليمني أن يغير شيئا من التاريخ ؟!.

 

ومع أن واقع الحال يبين أن فرض الوحدة بالقوة قد حول كل شيء إلى فشل وذل وفـقر وإرهاب وحقد وتخلف ، فلا يملك الذين لا يؤمنون بفكر الوحدة أو الموت  إلا أن يستعدوا لإرهاب اقتصادي واجتماعي وفكري ونفسي وجسدي أشد .. بل أن أحدى القوى القبلية هددت بإقامة حرب على الجنوبيين إذا لم يلتحقوا بالحوار . وكذلك أدعت القوى الدينية  بأن الوحدة بين الشمال والجنوب فـريضة شرعية لتبرير استخدام العنف ضد الجنوبيين بحجة الحفاظ عليها .

 

 

 

وإذا عرفنا بأن الفكر هو جهد ذهني له غاياته المقصودة التي تحددها منابعه الأساسية ، قد يقود إلى نتائج خاطئة أو صحيحة ، وبالتالي إما يرتبط الفكر بالإرهاب أو يرتبط بالأمان ، فالإرهاب الفكري يُعرف بأنه العدوان البشري الذي يُبنى على أسس فكرية ليحول دون وعي المجتمع بالحقيقة حتى يسهل التحكم بإرادته ،  وفيه يُستخدم الضغط النفسي والبدني والاقتصادي والاجتماعي والثقافي لتحقيق أهداف سياسية أو اجتماعية أو دينية أو كل ذلك معاً .

 

والإرهاب الفكري الذي يعتبر أخطر أنواع الإرهاب ، ليس جديداً في سلسلة الممارسات الإرهابية لسلطة نظام صنعاء على الشعب الجنوبي منذ العام الثالث لإعلان الوحدة اليمنية ، عندما  بدأ  قتـل الجنوبيين كظاهرة بشعة لتنافر ثقافتين .. تنافر لم يُعمل له حساب قبل إعلان تلك الوحدة بين نظامين متناقضين ومتخاصمين أدى إلى حرب جديدة ودمار شامل . ولقد تجسد الإرهاب الفكري تحديداً بعد احتلال الجنوب بتكريس فكرة حماية الوحدة كمبدأ ثابت من ثلاثة ( الله ، الوطن ، الوحدة ) حيث أعتبر أن ضم الجنوب إلى اليمن هو قدر ومصير الشعب الجنوبي .

 

فهل لا يزال جمال بن عمر لم يدرك بعد ، أن نظام صنعاء قد جعل احتلال الجنوب ممارسة للإرهاب الفكري .