fbpx
الجنوب ما بعد مجزرة الخميس
شارك الخبر
الجنوب ما بعد مجزرة الخميس

–        فرض الحراك حالة وهن قسرية على الإصلاح والأحزاب السياسية في الجنوب

–        ما جرى سيُؤجج مشاعر الكراهية تجاه الإصلاح في الجنوب ككل

–        ربما حاول قادة الإصلاح ضرب الحراك الجنوبي بأدوات جنوبية (إصلاحيي الجنوب)؛ غير أن “صالح” سبق له استخدام ذلك وفشل

–        فرض الحراك نفسه وطابعه على الحالة السياسية والاجتماعية العامة في الجنوب، وهو الأمر الذي أدى -تلقائياً- إلى عزل الإصلاح وبقية الأحزاب

–        لم يدرك الإصلاح أنه لا يمكن تجاوز الحراك ومطالبه باستخدام الدين وأدوات السلطة والعنف

–        كان بإمكان الإصلاح ضمان الحد الأدنى من حضوره ونفوذه في الجنوب عبر تبني المطالب الجنوبية العادلة أو عدم التصدي لها

–        تطابق موقف هادي من مجزرة الخميس مع مسار قوى الإصلاح بأطرافها العسكرية والقبلية والدينية

–        موقف هادي، والموقف منه، خلق جدلاً واسعاً داخل الحراك الذي توصل كثير من أعضائه إلى أن الرجل يقف في خانة علي محسن وقوى الإصلاح

–        يحاول الإصلاح والقوى المتنفذة جر الحراك ودفعه نحو مربع السلاح والعنف

–        يمتلك هادي تأثيراً على أطراف جنوبية عدة تنظر له كمشروع يضمن لها نفوذا ومشاركة في المكاسب السياسية والمالية القائمة

–        شبكة المصالح الجنوبية الجديدة المرتبطة بهادي تتسع وتضيق طبقاً للعوامل الجغرافية والقبلية

–        منذ تولي هادي الرئاسة عمد الأفراد المرتبطون به إلى تبني خطاب داخل الحراك يقول إن “هادي” بيده خارطة الطريق إلى الجنوب

–        هادي يقف على مفترق طرق مع الحراك وما جرى سيقوض حضوره ومساحة الترويج له في الجنوب

–        التطورات تقول إن نظام هادي يفتقد لمشروع وطني حقيقي

 

 

يافع نيوز – مشعل الخبجي:

كان بإمكان تجمع الإصلاح، والرئيس هادي، وقف مجزرة الخميس في عدن، ليس بإلغاء فعالية الإصلاح، بل بالسماح لأنصار الحراك الجنوبي -وكان هذا ممكن- بدخول “ساحة العروض”، التي كانوا يحتشدون بقربها من قبل الاحتفال بيوم، وكانت، صباح الخميس، خالية تماما من أي عنصر إصلاحي، ولم يدخلها أحد منهم إلا بعد ظهيرة الخميس الدامي.

وما حدث يكشف أن الأجهزة الأمنية قد استعدت جيدا لمواجهة أنصار الحراك، وسفك دمائهم مع سبق الإصرار والترصد، وبصورة من تم تلقينهم جيدا لسفك دماء “حراكيين أوغاد، مناصرين للشيعة، وعملاء لإيران”. هذا ممكن، إذا ما نظرنا إلى أن التعامل مع أنصار الحراك بهذا العنف الوحشي لم  يحدث يوم 13 يناير الماضي، وكانت قوات الجيش والأمن، يومها، منتشرة حول ذات الساحة.

لا يوجد سبب آخر لقتل الناس في الشوارع بتلك الطريقة الوحشية لحماية ساحة خالية تماماً، وبكل ما تحمله الكلمة من معنى، من أي متظاهر من عناصر حزب الإصلاح، أو غيرهم من الموالين، ما لم يكن الهدف هو القتل والتنكيل في حد ذاته. هناك من يحاول تبرير القتل الذي جرى بالقول بأن القوات الحكومية كانت تخشى من اعتداء أنصار الحراك على أنصار الإصلاح؛ لكن أصحاب هذا التبرير الأخرق ينسون أن عمليات القتل الوحشية تمت والساحة خالية تماماً، ولم يكن فيها حتى عنصر واحد من عناصر الإصلاح، الذين احتفلوا، عصر الخميس، بـ “يوم جلوس هادي”.

كان بإمكان الإصلاح وهادي فتح “ساحة العروض” أمام أنصار الحراك. وإذا ما افترضنا أنهم لم يسمحوا لهم بدخول الساحة خشية من عدم مغادرتهم لها، بعد انتهاء احتفالهم، فهذا لا يُمكن اتخاذه مبرراً وسبباً لعمليات القتل التي تمت باستخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة. كان بإمكان الجيش تفريق أنصار الحراك دون الحاجة لاستخدام الرصاص الحي الذي وجه بشكل مباشر إلى أنصار الحراك بغرض إلحاق أكبر قدر من القتل بهم. والحقيقة أن الأمر تجاوز مسألة تفريق متظاهري الحراك، ومنعهم من دخول ساحة خالية؛ إذ إن ما جرى كان جريمة بشعة مع سبق الإصرار والترصد. ووصل الأمر حد مطاردة أنصار الحراك في الحارات والأزقة وقتلهم بدم بارد، ومنعهم، لفترة من الوقت، حتى من إسعاف مصابيهم؛ إذ منع الجنود سيارات الإسعاف، وأطلقوا الرصاص لمنعها من الوصول للمصابين، وكان الرصاص ينهال كالمطر من كل حدب وصوب على كل من يحاول ذلك، وهناك من قتل وأصيب خلال محاولته إسعاف الجرحى.

 لم يكن صعباً، ولا شاقاً، إن قام الإصلاحيون بنقل احتفالهم إلى موقع آخر. والحقيقة أن ذلك كان ممكنا وسهلا؛ لأن احتفالهم لم يبدأ إلا عصر الخميس. ونقل احتفال الإصلاح كان سيجنبنا حدوث المجزرة التي تمت. والحقيقة أن تغيير مكان احتفال الإصلاح إلى مكان آخر كان سيحسب لهادي وللإصلاح، وكان ذلك ممكنا، لاسيما وأنصار الإصلاح والمؤتمر (الموالين لهادي) كانوا بأعداد قليلة جداً، ولم تتجاوز أعدادهم بضع مئات، والدلائل التي تثبت ذلك كثيرة، فهناك صور ومقاطع فيديو وثقت احتفال الإصلاح.

وتقتضي الإشارة هنا إلى أن المؤتمريين الذين حضروا الاحتفال هم من الموالين لهادي شخصيا وفق اعتبارات عوامل الجغرافيا والقبيلة، وقد أعلنوا مشاركتهم في فعالية الإصلاح، حسب إعلان القيادي في المؤتمر مهدي عبد السلام، دون القيادات المؤتمرية الجنوبية الأخرى.

نقل موقع فعالية الإصلاح كان سيوفر أجواء أكثر أمانا وسلاما لمتظاهري الإصلاح، طالما كل مزاعم قادة حزبهم وإعلامه كانت تنصب حول مخاوفهم من اعتداءات غاشمة قد ينفذها الحراك المسلح المزعوم ضدهم. ولم يكن نقل الفعالية شاقاً أو صعباً على حزب حاكم (الإصلاح)، أو على رئيس بلد يفترض أن تجنب إراقة الدماء يأتي على رأس سلم أولوياته؛ غير أن جميع الشواهد تؤكد أن “هادي” والإصلاح كانوا متعمدين القتل الذي تم بشكل عدواني سافر.

 

مآلات العجز والافتقار لقراءة الواقع بشكل جيد

الحراك يشكل المعضلة الأكبر التي قوضت نفوذ ونشاط قادة تجمع الإصلاح في الجنوب، وحجم المساحة السياسية التي كانوا يتحركون فيها على مستوى الجنوب ككل. والواقع أن ذلك لم يتم عن طريق وسائل الاستقطاب السياسي المدروس والمنظم، الذي يفتقر له الحراك، بل عن طريق زخم شعبي وسياسي متنامٍ للحراك، وشكل عاملاً رئيسياً في تمدده أفقيا بشكل لافت لا يمكن إنكاره في الجنوب. ساهم ذلك بخلق توجه، ومزاج سياسي عام منح الحراك سمة التوسع بشكل مستمر ويومي، ليشمل تأثيره حتى غير المنخرطين فيه بشكل مباشر ضمن هيئات الحراك، أو الملتزمين ببرامجه التنظيمية وفعالياته الجماهيرية. وقد فرض ذلك حالة وهن قسرية على الأحزاب السياسية وعلى رأسها الإصلاح.

أكثر ما يعبر عن تلك الحالة، بشكل واضح وصريح: تمسك قيادة الإصلاح، وعلى رأسها محمد اليدومي وعبد الوهاب الآنسي، بإقامة الفعالية في موعدها ومكانها المحددين، في عدن. وسمعنا أن قيادات إصلاحية تساءلت مستنكرة: “هل تريدوننا أن نترك الساحة للحراك، ومقراتنا أصبحت خالية ولا يدخلها أحد، فيما نظل صامتين؟!”. هذه العبارة ذاتها رددها قيادي إصلاحي شاب في عدن، شاب من فئة الشخصيات التي تعتمد على نقل الأفكار والإشارات من المركز، واستخدامها في آرائها ونقاشاتها السياسية.

ذلك الشعور بالعجز، وصعوبة تجاوز الحراك كقوة على الأرض، كونه أعمق من مجرد متغيرات مرحلية قصيرة، عزز من عدائية الإصلاح تجاه الحراك وأنصاره، وقد دفع بهم العجز نحو سفك الدماء عمدا، موصلين رسالة قوة بارتكاب مجزرة شنيعة. غير أن الحضور السياسي لا تثبته قوة الرصاص، وارتكاب مجازر القتل. والحقيقة أن ذلك لا يمكنه المساعدة في حل معضلة الحراك، الذي يقف مهدداً حضور الإصلاح في الجنوب على نسقه القائم منذ حرب صيف 94م، بقدر ما سيخلف نتائج عكسية أبرزها تأجيج مشاعر الكراهية في الجنوب ككل تجاه الإصلاح، وهذا ما حدث بالضبط.

قد لا يعني ذلك قادة الإصلاح في صنعاء، لعلمهم أن الكراهية تجاههم تتصاعد منذ سنوات بفعل ذات السياسات والممارسات التي دأبوا عليها طوال سنوات، كمراكز قوى شريكة لصالح في مرحلة ما بعد 94م وحتى بعد انخراطهم في صف المعارضة وإلى يومنا هذا.

ربما يعول قادة الإصلاح على سياسات عقيمة أثبتت فشلها باستخدامها من قبل نظام صالح، والمتمثلة في ضرب الحراك الجنوبي بأدوات جنوبية (إصلاحيي الجنوب). لعل قوة الحراك، وتوسعه الكبير، تدفع بهم لسلوك هذا المسلك العقيم الذي سبق وثبت فشله، خصوصا وهم لم يكونوا فقط طرفاً مراقباً لممارسات صالح تلك، بل كانوا شركاء فاعلين له، بحكم شراكتهم التاريخية له. والواقع أن هذه السياسة لن تؤدي إلا إلى تنامي مشاعر الكراهية لدى أنصار الحراك تجاه أعضاء وقادة تجمع الإصلاح في الجنوب.

لقد أصبحت مساحة حضور الحراك، وتمددها الكبير واللافت، هي الأكثر زخماً ونشاطاً وصلابة واستمرارية في الجنوب. وفرض الحراك نفسه وطابعه على الحالة السياسية والاجتماعية العامة في الجنوب، وهو الأمر الذي أدى -تلقائياً- إلى عزل بقية الأحزاب، وبشكل أكبر التجمع الإصلاح. ويبدو أن هذا الوضع يدفع بالإصلاح إلى تجريب المجرب الفاشل الذي أدى إلى مجزرة الخميس، التي تمت -على الأرجح- بسبب وجود دوافع سياسية متراكمة أفقدت الإصلاح القدرة على قراءة الواقع السياسي في الجنوب، ودفعته نحو الظهور باعتباره العدو الأول ليس للحراك فحسب، بل للجنوب ككل.

ولعل من ملامح حالة العجز تلك عدم فهم قوى الإصلاح أنه لا يمكن تجاوز معضلة الحراك الجنوبي ومطالبه من خلال استخدام الدين وأدوات السلطة والعنف. ولعله كان بإمكان الإصلاح ضمان الحد الأدنى من حضوره ونفوذه ومصالحه في الجنوب عبر تبني المطالب الجنوبية العادلة، بما يخدم الوضع العام والبلد، سواء جنوبا أو شمالا، أو -على الأقل- عدم التصدي لها.

ومن مآلات ذلك العجز، وتطوراته، تتولد النزعات العدائية وحالة هستيريا غير معلنة، كما حدث يوم الخميس الدامي. وما جرى يقول إن الإصلاح سيكرر نفس سيناريوهات صالح تجاه الحراك؛ لكن الفارق هذه المرة سيكون بشراكة هادي بدلا من صالح؛ لكن هل سيشكل ذلك فارقاً على الأرض لصالح الشركاء الجدد؟

 

موقف هادي يكشف مساره السياسي

كان الرئيس هادي هو الفارق الذي شكل عاملاً سياسيا أكثر غموضا؛ فهو اتخذ -في البداية- مساراً غير واضح بالنسبة للساحة الجنوبية؛ إلا أنه كان عاملاً مؤثراً بشكل ملموس على تلك الساحة، ربما بحكم جنوبيته، إضافة إلى ما أحدثته أجواء ما سمي -حينها- بـ “ثورة التغيير”. وكان بإمكان هادي إحداث فرق حقيقي بحكم كل ذلك؛ غير أنه لم يفعل.

من الواضح أن موقف هادي من مجزرة الخميس الماضي تتطابق مع مسار قوى الإصلاح بأطرافها العسكرية والقبلية والدينية تجاه الحراك والقضية الجنوبية ككل.

لقد تحفظ هادي، بشكل غير منطقي، ولم يتخذ أي إجراءات لإيقاف مجزرة وشيكة حذر منها الجميع، ليس في الجنوب فحسب، بل وفي الشمال أيضاً.  والواقع أن موقف هادي، والموقف منه، خلق جدلاً واسعاً داخل الحراك الجنوبي أكثر من الجدل حول حيثيات الفعالية والعوامل التنظيمية والسياسية المتعلقة بها، التي عادة ما تحدث داخل الحراك. وأدى هذا الحراك إلى توصل كثير من أعضاء الحراك إلى أن “هادي” يقف في خانة علي محسن وقوى الإصلاح. مع الأخذ في الاعتبار وجود أصوات داخل الحراك تغض النظر عن هادي بسبب الانتماء الجغرافي الذي يجمعها به، وبسبب الخلفية السياسية المشتركة بينها وبينه. وقد حاولت هذه الأصوات، جاهدة، بعد ارتكاب مجزرة الخميس، تبرئة ساحة هادي بتقديمه في مربع المغلوب على أمره، وغير الراضي ضمنياً عما حدث! وتبرر هذه الأصوات طرحها بالقول، بشكل سطحي، إن الإصلاح وعلي محسن مسيطرون على قدر كبير من وسائل النفوذ والقوة في البلد، فيما لم يتعزز حكم هادي بمراكز نفوذ قوية، ويأتي على رأسها القوى الجنوبية والحراك! ويراهن هؤلاء على الخطاب العاطفي والتعبوي القائم في ساحة الحراك، والذي يعتمده قادته، بدل الخطاب السياسي الواقعي.

والواقع أن إلقاء هادي خطابا رئاسيا بعد ساعات فقط من مجزرة سقط فيها العشرات بين قتيل وجريح، ومهاجمة الحراك فيه، ووصفه بالحراك بالمسلح، أمر في غاية السوء، واستفز حتى غير الحراكيين، وهو الأمر الذي عزز النظرة العامة في الجنوب التي تقول إن “هادي” يقف بالفعل في خانة  قوى الإصلاح وعلي محسن.

ما جرى هو عمليات قتل بشعة ووحشية ضد أنصار الحراك العزل. وأثبت، بشكل ليس فيه لبس، أن أنصار الحراك لم يكونوا يحملون أي سلاح، بل ولا حتى سكيناً واحدة. وخروج هادي وتوجيه التهم للحراك باعتباره مسلحاً يؤكد تورطه في الجريمة، وإصراره في الدفاع عنها. حتى لو افترضنا أن هناك فصيلا مسلحاً في الحراك؛ إلا أن ذلك لا يبرر عمليات القتل التي تمت الخميس لأنصار الحراك السلميين في عدن.

كان خطاب هادي هو ذات الخطاب الذي اعتمدته، وروجت له، الماكينة الإعلامية للإصلاح وعلي محسن، وهو الخطاب الذي حاولوا تكريسه ضد الحراك بمناسبة وبدون مناسبة. ومن الواضح أن هذه القوى تسعى، بشكل حثيث، إلى دفع الحراك إلى هذا المربع؛ مربع السلاح والعنف.

 

 

تقويض مساحة الترويج لهادي في الجنوب وداخل الحراك

إن اختيار هادي خانة الإصلاح وعلي محسن، التي أكد وقوفه فيها، يجعل الأطراف المرتبطة بالحراك والملتزمة حزبياً، كجزء من المعادلة السياسية، مجبرة على التعامل مع نظام هادي من زاوية وضعه في ذات مربع مراكز القوى المهيمنة على الحكم والنفوذ، والتي لا تريد الدفع باتجاه حلحلة المشكلة، والاستجابة لمطالب الحراك. ويأتي على رأس تلك القوى تجمع الإصلاح بأطرافه القبلية والدينية والعسكرية. وهذا سيؤدي إلى إضعاف هادي في الجنوب بشكل أكبر، كما هو حال الإصلاح.

يكمن تأثير هادي على القوى الجنوبية، ومنها أطياف في داخل الحراك، المساندة له، من كونها تنظر له كمشروع يضمن لها نفوذا ومشاركة في المكاسب السياسية والاقتصادية والمالية القائمة اليوم. وشبكة المصالح الجنوبية الجديدة المرتبطة بهادي هي ضيقة بالنسبة للحراك، والجنوب ككل، إذ تتسع حسب  العوامل الجغرافية والقبلية لهادي.

وعمدت تلك القوى والفئات، منذ تولي الرجل مقاليد الحكم، إلى تغيير خطابها السياسي؛ إذ لم تعد ترى أن رئيس الجمهورية يُمثل “نظام احتلال” طبقاً لرؤية الحراك السابقة. ومنذ تولي هادي بات هؤلاء الأفراد يتبنون، بتفانٍ وجدية، خطاباً داخل الحراك ينطلق من كون هادي هو الرجل الذي بيده خارطة الطريق إلى الجنوب.

الآن لم يعد بمقدورهم الترويج لمثل ذلك الأمر، وبذات الأدوات والخطاب؛ إذ تأكد لدى الحراك وأنصاره أن “هادي” يقف على مفترق طرق مع الحراك. وسيكون على هؤلاء اختيار الوقوف إما في صف الحراك، أو مع هادي في صف “الاحتلال”. وكثير من هؤلاء لن يغامر في خسران حراك شعبي بات له عمق سياسي واجتماعي كبير في الجنوب، بمن في ذلك أولئك الذين لا ينسجمون مع طرق وأساليب عمل الحراك ولا يغامرون بالالتزام لهيئاته وتوجهاته؛ إلا أنهم باتوا ينظرون له كمصدر قوة أو جبهة مساندة لا يمكن التخلي عنها لتعود بهم الأمور إلى وضع ما بعد 94م، خصوصا بوجود ذات القوى التي شكلت تحالف 94م تهيمن على مقاليد الحكم والقرار ومفاصل البلد.

ستتقوض مساحة العمل للترويج لهادي في الجنوب وداخل الحراك، ما لم يغير هادي من سياسته، ويجعل الحراك، والجنوب بشكل عام، يشعر ويحس بذلك التغيير.

كل ذلك لا يوجد له غير معنى واحد، وما جرى يؤكد أنه لا توجد قوة، أو طرف على الأرض يريد عرقلة، أو إفشال ما يسمى بمؤتمر الحوار الوطني، غير نظام هادي، وحزب الإصلاح بقواه المتنوعة. فالفئات الجنوبية التي كانت تسعى إلى المشاركة في هذا المؤتمر أصبح وضعها صعباً، وسيكون ذهابها إلى مؤتمر الحوار مغامرة كبيرة.

وحتى على مستوى الشمال سيفضي هذا المسلك لإجبار كثير من القوى الشمالية الواقعة خارج دائرة مراكز الهيمنة التقليدية إلى التعامل مع نظام هادي كخصم لا يخدم توجها وطنياً، وليس لديه مشروع وطني، بل هو يتطابق مع نظام “صالح”. وهذا سيضعف شعبية نظام هادي على المستوى الشعبي وسيجعل نظامه أكثر هشاشة نظراً لافتقاده الملمح الوطني.

 

– صحيفة الشارع 

أخبار ذات صله