fbpx
حكاية مجلس الامن وبداية الصيف السياسي للقضية الجنوبية “2”

كتب / أديب السيد

في الحلقة الأولى تحدثنا عن حكاية مجلس الامن بنظرة عميقة فيما يتعلق بالقضية الجنوبية السياسية ، اما هنا نتحدث عن تبعات البيان الاممي الغير ملزم وكيف صدر ولماذا صدر وفي هذا الوقت بالذات ..؟.

ومع ان الخلط الذي أحدثه بيان مجلس الامن كان له ردود افعال كبيرة في الجنوب ، وذلك ما جعل الكثير لم يستوعبوا أصل البيان ولا ما خلفه ، وخاصة مكونات الثورة الجنوبية السلمية فيما يتعلق بجزء من الفقرة (4) من البيان والتي حشر فيها إسم الرئيس علي سالم البيض كمعيق لما تسمى تسوية سياسية في اليمن .

والدليل  ان اغلب الجنوبيين لم يفهموا ما في البيان لأنهم ركزوا على اسم الرئيس البيض ولم يركزوا على بقية  فقرات البيان ، فهناك الفقرة الاخطر من التي ذكر فيها اسم البيض وهي الفقرة (6) ، والتي نصت : ”  – 6- يجدد مجلس الأمن تأكيد التزامه وحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامة أراضيه.” ، وهي فقرة ذكرت سابقاً في قرارين سابقين لمجلس الأمن (2014- 2051) وليس بيان كالذي صدر مؤخراً .

ومع إعتقادنا ان الخطر يكمن في الفقرة السادسة وليس في ذكر إسم الرئيس البيض وخاصة ذكر مجلس الامن بدعم “الوحدة اليمنية ” التي يعتبرها الجنوبيين أصل المشكلة والقضية وسبب المعاناة التي لحقت بهم  وبدولتهم ، إلا أن إدراج إسم البيض كان مستفزاً ليس للشارع الجنوبي فقط ، بل لكل الأحرار في العالم الذي يعرفوا أن ذكر إسم البيض في البيان جاء منافياً للحقيقة التأريخية والسياسية ، أن الرجل  لا يتواجد في صنعاء وليس له موقعه في العملية السياسية وانه يتواجد في منفاه خارج اليمن والجنوب منذ 20عام وخرج من العملية السياسية عقب حرب 1994م .

ومع أن ذكر البيض أيضاً جاء إلى جانب مجموعة كبيرة على رأسهم المخلوع علي عبدالله صالح في حين لم يذكر الآخرين بالاسم بل ذكروا كمجموعة ” النظام السابق – المعارضة السابقة ” ، إلا أن جميع من ذكروا لهم علاقة بالتسوية السياسية في صنعاء ، فيما لا شأن للرئيس البيض في الموضوع .

ومن هنا يحدد السياسي مدى الإرباك الذي يعاني منه مجلس الأمن الدولي ، حيث من غير المعقول ان يصدر بيان عن أعلى هيئة سياسية عالمية لفرض عقوبات على رجل لا ناقة له ولا جمل في العملية السياسية ، لكن من الواضح جداً ايضاً ان الدول التي تبنت إصدار هذا البيان وصاغته قد إعتمدت في بيانها على جزئيات خفية لم ترد الإفصاح عنها ، منها ( إعتمادها على معلومات تشير إلى علاقة البيض بإيران  ) ، وخاصة أنها ذكرت البيض ولم تذكر الحراك الجنوبي ولا قيادات آخرى لهم علاقة بما يجري من ثورة شعبية في الجنوب ترفض التسوية السياسية الجارية في صنعاء ” كحسن احمد باعوم ” وغيره ، كما انها تريد بذلك تجنب ذكر المسألة التي تخص الجنوب والقضية الجنوبية السياسية وأكتفت بذكر البيض ، لأنها لا تريد أصلاً الخوض في تفاصيل القضية الجنوبية ، وهو فعل تأمل منه تلك الدول أن يجد له صدى في الشارع الجنوبي بالإبتعاد عن البيض الذي لم يستجب لضغوطات التطويع والتماشي مع سياسيات تلك الدول المستمرة في تهميشها للقضية الجنوبية وإعتبارها أزمة حقوقية ستحل في إطار الحوار الوطني والتسوية اليمنية الناتجة عن “المبادرة الخليجية ” . 

وبالنسبة لما يواجه الثورة الجنوبية من خطر ليس ذكر الرئيس البيض بقدر ما هو تأكيد مجلس الامن على ” وحدة اليمن ” التي منها تنبع القضية الجنوبية السياسية ، لكن تركيز مكونات الثورة الجنوبية على هذه الفقرة كان ضعيفاً ، وذلك يعود لفهم مكونات الثورة الجنوبية ذلك مسبقاً ، وهو ما رد عليه الجنوبيين بالمليونيات الأربع التي خرجت خلال 4 أشهر متتالية في الجنوب.

ومن هنا على الشارع الجنوبي أن يفهم انه لا ضير في بيان مجلس الامن ، طالما والشارع الجنوبي يعرف موقفه من الثورة الجنوبية التحررية ، وعلى الجنوبيين ان يعلموا أن هناك خيارات لدى مجلس الامن ربما تكون أكثر قسوة من هذا البيان وربما يصدر قرار بذلك وليس مجرد تهديدات ، لكن من حق الجنوبيين أيضاً التعبير عن تضامنهم مع الرئيس البيض والوقوف إلى جانبه ، كي يكون ذلك دافعاً لإشعال الشارع الجنوبي وبقائه مشتعلاً بدافع التضامن مع البيض ، مع انه من واجب النخب السياسية أن تعي وتعمل من أجل عدم الخلط بين فرد او أفراد أو قيادي أو قيادات وبين الثورة الشعبية الجنوبية كونها ثورة شعب وليس افراد .

ولقد علمت يقيناً ان الرئيس البيض بنفسه نطق بهذه الفكرة وأشار لمقربين منه بانه جندي من جنود الثورة الجنوبية التحررية ومستعد لان يضحي من أجل الشعب الجنوبي وقواه التحررية كونه يعلم ان الشعب الجنوبي هو من أخرجه إلى العلن بعد عامين من إنطلاق الحراك الجنوبي السلمي ، وهو موقف تأريخي سيحسب للرجل .

خاتمة  :

لا شك ان الجميع وخاصة الشعب الجنوبي شعروا بالغبن جراء المستجدات السياسية الدولية بشان الجنوب ومن المؤكد ان ذلك الغبن سيكون مصحوباً بنوع من التحدي والاستمرار في الثورة الجنوبية التحررية ، إنطلاقاً من الموقف الذي يجسده الجنوبيون منذ انطلاق ثورة الحراك الجنوبية السلمية عام2007 والتي واجهها مجلس الامن بنفس موقفه اليوم ، وبالتأكيد يدرك الجنوبيين أن ذلك لا يعني نهاية الامر ، بقدر ما هو بداية المشهد السياسي والصيف الحار للقضية الجنوبية .

التطورات الاخيرة علي الساحة السياسية اليمنية والجنوبية تنذر بمرحلة قادمة أكثر حدة ، ففي صنعاء رغم ان احزاب المعارضة السابقة (عصابة حزب الاصلاح) النصف حاكمة ستشعر بالنشوة كما سيشعر بها الرئيس اليمني هادي في موقف مختلف عن احزاب المعارضة ، إلا أن حزب المؤتمر النصف حاكم حالياً والحاكم سابقاً ( عصابة علي عبدالله صالح ) ستكون في مواجهه لنشوة حزب الاصلاح ومن المحتمل ان تندلع احداث من الصراع عن بعد بين العصابتين ، ولا نستبعد ان يكون سقوط طائرة ” سوخواي” بالامسفي ساحة التغيير بصنعاء في إطار هذه المستجدات .

أما في الجنوب فالمشهد سيكون مختلفاً جداً ، ولكنه أكثر قسوة على الحراك الجنوبي والجنوبيين الذين يستمروا بنضالهم السلمي في وجه عصابات حزب الاصلاح المسلحة ، وخاصة أنها مدعومة بتحركات للجيش اليمني لحصار مسيرات الحراك السلمية ، كونهم شعروا بامتلاكهم الضوء الاخضر من مجلس الامن ببدء فصول حرب جديدة ضد الثورة الجنوبية التحررية التي يراد تصفيتها واحتواءها ، خاصة بعد تيقن الجميع ان الحراك المشتعل في الميدان الجنوبي او الثورة الجنوبية الحقيقة لن تشارك في الحوار الوطني اليمني او التسوية السياسية ، وهو ما يعني فشل تلك المهمة من اساسها والتي جاءت لاحتواء ثورة الحراك الجنوبي مثلما حدث مع ثورة شباب التغيير في الشمال .

وهذا ينبئ بواقع غير مستقر ، وزيادة انتهاكات حقوق الانسان الجنوبي ، وتوالي احداث وفصول سياسية محلية ستكون أكثر بروزاً للقضية الجنوبية السياسية على المستوى الخارجي ، ولكن يجب ان يحسن السياسيون الجنوبيين المأمول فيهم التعاطي معه لإنجاز مهمات سياسية تخدم الشعب الجنوبي وثورته التحررية حتى يكفروا عن تاريخهم الفاشل ، وما لم يحدث ذلك سيجد أولئك السياسيون الجنوبيون حتى وإن كانوا من ذوي السقف الادني محاصرين في زوايا مشاريع بعيدة عن تلك التي رسموها وتبنوها بشأن القضية الجنوبية وسيكونوا ضحايا إلى جانب شعبهم الجنوبي الذي يبدو انه سيستمر في نضاله كشعب كونه ضحية وليس لديه ما يخسره بينما سيكون الخاسر الاكبر عبدربه منصور هادي وسياسيوا الجنوب الذين يتكرر فشلهم مجدداً .