fbpx
الدور الاممي في اليمن
شارك الخبر

 

يتعرض مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن (مارتن غريفيثس) ومكتبه، الى انتقادات بلغت حد الاتهامات بالانحياز والتغاضي عن ما يزعمه كل فريق من خروقات الطرف الأخر، وبلغت السخرية والسذاجة السياسية مداهما بالحديث عن المخطط الذي يعمل على تنفيذه في البلاد نيابة عن الحكومة البريطانية باعتباره حاملا لجنسيتها، ويعقد بعضهم المقارنة بينه والمبعوث الأشهر جمال بن عمرو الذي كان يعمل كمندوب سامي مفوض يخشاه كل السياسيين حيث كان يرفع امامهم ورقة العقوبات التي تنتظر كل من يقدره – هو شخصيا – معرقلا لتنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية)، فخضع له الجميع دون مقاومة ولا حتى طلب تفسير لأي من قراراته التي كنت – ولازلت – أقول انها مثلت بداية المسار المدمر الذي تمر به اليمن حاليا، رغم ان الرئيس هادي كان يرى فيه الشخص الأقرب والأكثر قدرة على حمايته.

ان الحديث عن دور المبعوث في أي قضية تقتحمها الأمم المتحدة، لابد ان يستند الى وقائع موثقة عبر ممثليها علـى الأرض وعبر تحقيقات ذات مصداقية، لان اسلوب المهاترات الصحفية والبيانات الكاذبة الذي تتخذه الأطراف المتنازعة وسيلة لكسب معاركها لا يمكن ان يعتمد عليها المراقبون المحايدون البعيدون عن الميدان، وانا هنا لا أنفي وقوع عدد من الاحداث التي تتناولها وسائل التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية التي يمولها هذا الطوف او ذاك، لكنها حتما ستكون مشكوك في صدقيتها، ومن هنا تأتي أهمية التواجد الميداني للفريق الذي اقر تشكيله مجلس الامن.

يتصور البعض ان التصعيد الإعلامي ضد البعثة الاممية سيحقق أهدافا سياسية او انه سيكون ذو جدوى، وهؤلاء لا يدركون ان القرارات الدولية لا تؤثر عليها وسائل التواصل الاجتماعي التي لا تقترب من الحقيقة، وإنما الوقائع التي يفرضها المتحاربون، وحيث ان الأطراف اليمنية صاحبة القرار علـى الأرض قد وافقت على الدخول في مسار تهدئة قد يتيح فرصة لعملية سياسية تشاركية، فإنه من الضروري التشبث بهذه السانحة النادرة لإنقاذ اليمنيين من الكارثة التي يدورن في فلكها منذ ما يقارب خمس سنوات، ومن الواضح – حتي الان – ان الأطراف اليمنية المؤثرة في القرار لا ترى ان هناك ما يستدعي استعجال لوقف الحرب ذلك ان مكاسبها المادية صارت مقدمة علـى المصلحة الوطنية غير مكترثين لما يعانيه المواطنون في الداخل والخارج.

 

يتعمد البعض اغفال ان مهمة أي مبعوث / وسيط ليست في توجيه الاتهامات والتهديدات كما كان يصنع جمال بنعمر بين ٢٠١١ و ٢٠١٥، بينما الأصل في عمله محاولة البناء على النوايا الحسنة والرغبة المعلنة من اطراف الحرب كي يعمل على صياغة اتفاقات دائمة بينهم تجلب السلام الى بلد دمرته الأحقاد والجهل والاثراء على حساب الناس، كما ان التحريض عليه ليس اكثر من إضاعة جهد ومجلبة لمزيد من التوتر وتعبير عن جهل بطبيعة عمله، ان اغلب الداعيين لمواصلة الحرب هم في الواقع الأكثر حرصا على إبقاء الامتيازات التي جلبتها لهم والمكاسب الضخمة التي لا يمكن ان يحصلون عليها في ظل أوضاع طبيعية.

لقد اوشك اليمنيون – في الداخل وفي الخارج – ، الذين يعيشون محنة الحرب، ان يفقدوا أملهم بتحقيق اختراق أخلاقي لدى الأطراف اليمنية المتحاربة ولم يعد امامهم الا التمسك بإنجاز قد تحققه الأمم المتحدة فتنجدهم من هول فجيعتهم ومآسيهم، مقرونا بضغوط خارجية.

 

( عن عكاظ)

أخبار ذات صله