fbpx
” تحقيق ” عدن : أكثر من 200 منزل هدمت فوق رؤؤس ساكنيها في (جعولة) ” صور “
شارك الخبر

أكثر من 200 منزل هدمت فوق رؤؤس ساكنيها في (جعولة) فقط

الحملة العسكرية صفعت ضابط جنوبي حاول التعاطف مع امرأة

 

يافع نيوز – القضية- قسم التحقيقات:

تعودنا دائماً على أن نسمع ونشاهد في الأخبار عن هدم منازل المواطنين الفلسطينيين من قوات الاحتلال الصهيونية فقط …..الخ. اليوم لم يعد الأمر مقتصرا على سلطات الاحتلال الصهيوني فقط، فهناك من يمارس نفس الأعمال الاجرامية والتخريبية ضد المسلمين المستضعفين في العاصمة عدن، إنها قوات التخلف والارهاب اليمني، التي باتت تنافسهم إن لم تنازعهم مرتبتهم المتقدمة في الإرهاب والتدمير والتخريب، فهدم منازل مواطنين في الجنوب وبالذات في عاصمة الجنوب عدن ليست الأولى ولن تكن الأخيرة. فقد سبق وان قامت قوات “النهب والسلب” بهدم منازل في عدة أماكن على فترات دون أن تتحرك أو تقوم المنظمات الإنسانية بمهامها المنوط بها، وتركت الأمور كما هي حتى ازدادت حالات الهدم واستفحلت فالمتنفذون اليوم يحرقون الأراضي والمحميات الطبيعية ويهدمون بيوت الفقراء من أجل الاستيلاء على أراض لهم يريدون إن يبنوا عليها الفلل والقصور والفنادق والمراقص ..…الخ.

اليوم واستمراراً لتلك الحملات المتواصلة للبسط والاستيلاء على أراضي الجنوبيين، قامت قوات عسكرية- بربرية مكونة من الجيش والشرطة العسكرية والأمن المركزي، وبإشراف هيئة المساحة العسكرية- بحملة شرسة مفاجئة، حيث أقدمت على هدم أكثر من 300 منزل مواطن في كلاً من منطقة “جعوله” في البساتين، ومنطقة اللحوم، ومنطقة بئر فضل، التدمير والتخريب لم يقف على المنازل، فهناك أشجار ومزارع مواطنين اقتلعت بالكامل، وآبار ماء ردمت وخربت، أمام أنظار مالكيها، قتلت هذه الحملة كل من يحاول الدفاع عن حقه، واعتقلت آخرين، واعتدت بالضرب على مواطنين حاولوا عرض ملفات تثبت حق ملكيتهم…

(القضية) تلقت اتصالات متواصلة من قبل مواطنين، وكواجب منها قامت بالنزول وأجرت هذت التحقيق والذي يحمل في طياته الحزن والقهر والحرمان، الذي لقيه المواطنون جراء هذه الحملة الغير قانونية، وقد رافق الصحيفة المحامي القانوني “سعيد العيسائي” والناشطة الحقوقية “رحاب البيحاني”، وكانت الحصيلة..

  • ·        دمروا مزرعة معاق وأصابوه بطلقة في يده وقاموا بقتل شخص آخر واختطفوا جثته:

في مستشفى النقيب بعدن وجدنا الجريح المعاق والمسن “علي محسن الأصبحي” الذي أصيب بطلقة في يده اليسرى أثناء خروجه من مزرعته حيث تم ملاحقته على بعد حوالي 200 متر من مزرعته، وهو على متن سيارته التي لا يستطيع التجول والخروج إلا بها بسبب فقده لرجليه نتيجة “الإعاقة”، الحاج الأصبحي بدء يسرد لنا مأساته فيقول والعبرات تخنقه:

“نحن نمتلك مزرعة في منطقة “بئر فضل” تبلغ مساحتها 10 فدان، مسورة بالكامل، موثقة بالسجلات العقارية، ولدينا كل الوثائق التي تثبت ذلك، ففوجئنا بحملة عشوائية تقوم بهدم المنازل والأحواش الخاصة بالمواطنين، وعند توجه الحملة نحو مزرعتنا، حاولنا التوجه إليهم لاطلاعهم بأن لدينا وثائق، ولكن عنجهيتهم لم تسمح لنا بالتحاور معهم، فعند خروجي من مزرعتي على متن سيارتي ورؤيتي للعسكر وهم في حالة استعداد لقتل كل من يقف أمامهم، حاولت الانصراف بعيداً عنهم، ورغم أنني قد ابتعدت عن المزرعة حوالي 200 متر إلا أنهم لم يتركوني، فعند توقفي وجهوا أسلحتهم نحوي، فرفعت يديّ وأخبرتهم ماذا تريدون عندي كل أوراقي ومستنداتي، وتوجه نحوي أحد الجنود وأطلق النار على يدي اليسرى عندما كنت أتحدث إليهم ويديّ مرفوعة، فأخبرته أني معاق لماذا تطلق النار عليّ، فبدأ يسبني ويشتمني بألفاظ بذيئة، وعند تأكدهم من أني معاق حقاً، تركوني وتوجهوا يبحثون عن (قاسم علي محسن العيسائي)…، وتركوني أنزف حتى قمت أنا بإسعاف نفسي لأن سيارتي كانت من النوع التوماتيكي الذي لا تتطلب جهداً في القيادة، ورافقتني بعض المواطنين بسياراتهم الذين رأوا الحادث حيث لم يستطيعوا الاقتراب مني بسبب تهديد القوات لهم”.

وختم الحاج “الأصبحي” مأساته بمناشدة وجهها لكل من لديه ضمير إنساني حي، ولكل الصحفيين والإعلاميين والمحاميين ومنظمات حقوق الإنسان، بالنزول إليه والدفاع عنه وعن كل المظلومين.

 

مطاردة وقتل قاسم العيسائي واختطاف جثته:

وبعد أن سرد لنا الحاج “الأصبحي” قصته في مستشفى النقيب، أخذنا مرافق المريض وشاهد عيان -أحد العاملين في المزرعة- إلى موقع الحادث الذي قتل فيه المواطن “العيسائي”، فشاهد العيان سرد لنا الجريمة البشعة بقوله: “عندما رأينا القوة العسكرية تطلق نحونا رصاص الدوشكا مباشرة، ترجلنا هروباً من الرصاص المنساب نحونا، فكنت اركض هارباً، وأمامي  الشهيد (قاسم العيسائي) يركض هارباً من الرصاص التي كانت تسقط تحت أرجلنا، وعلى بعد حوالي 200 متر من المزرعة ، تعثرت وسقطت في حفرة، فكان الطقم العسكري يتوجه نحوي والرصاص لازال يمطر نحوي، فتوجهوا نحوي وبدأوا بضربي ضرباً مبرحاً، وبعد أن قاموا بتكبيلي بالقيد ورميي على متن القطم العسكري استمروا في مطاردة (العيسائي) حتى بعد 600 متر عن المزرعة، وأمام منازل المواطنين التي كان يركض (العيسائي) بجانبها أطلقت عدد من الطلقات نحوه، ففجرت إحدى هذه الطلقات رأس (العيسائي) وهو يركض، ونعثرت أجزاء مخه، عندها أطلقوا الرصاص على بعض المواطنين الذي حاولوا الخروج عندما رأوا مشهد مقتل (العيسائي) فتوجه الطقم العسكري نحو جثته الملطخة بالدماء القوها أمام أرجلي، وقالوا لي: (خذ صاحبك جنبك)، وبدأوا بجمع كل أشلاء المخ المتناثرة، وتوجهوا بي إلى السجن بينما الشهيد (العيسائي) أخفوا جثته في ثلاجة مستشفى باصهيب العسكري.

 

سبب تعمد قتل (العيسائي) قبل البدء بهدم المزرعة:

يواصل بعض أصدقاء الشهيد (العيسائي) الذين شاهدناهم على أطلال ما تبقى من مزرعتهم، بالقول: “تعمدت هذه القوات المكونة من الأطقم العسكرية والجارفات والمصفحات، بملاحقة وقتل (العيسائي) وبعد أن أنجزت مهمة اغتياله بدأت بأعمال الهدم والتخريب للمزرعة -كأن لم تكن من قبل هنا مزرعة-، حيث دمروا السور المحيط بالمزرعة بالكامل، واقتلعوا الأشجار كاملة خلال بضع ساعات، وقاموا بتدمير وردم وهدم بئر الماء وتخريب المضخة، وقضوا على كل ما لدينا، وانتهت كل الملايين التي صرفت حتى إنشاءنا المزرعة.

وعن سبب حرصهم على قتل المواطن (العيسائي) هو أن الشهيد (العيسائي) كان يملك كل الأوراق والمستندات التي تثبت ملكية الأرض والمزرعة لأصحابها، حيث انه كان قد صدر حكم قضائي لصالح مالكي المزرعة، فمحاولة إدارة المساحة والعسكرية، البسط على المزرعة منذ أشهر سابقة -كما قال أحد أقرباء (الأصبحي) الجريح- والذي اعتبر هذه الحملة، امتداداً لمحاولات سابقة أرادت البسط على المزرعة من قبل، حيث قال أنهم حاولوا مساومتهم بالشراء، وعند رفضهم قام المتنفذون العسكريين بعمل إسقاط جوي للأرض، ليقوموا ببيعها لإحدى مكاتب العقارات. وأضاف قائلاً: “لقد صدر أمر من مكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بالاحتكام إلى أحد المشايخ، على أن يقدم الطرفان أدلتهما، فالشهيد (العيسائي) كان على وشك استلام ذلك الأمر في اليوم نفسه، فأرادوا القضاء على العيسائي ليقضوا على القضية… ولازالت جثة الشهيد مخفية حتى اللحظة..؟”.

 

  • هدم منزل المواطن الجهوري:ماتبقى من انقاض منزل مواطن بمنطة جعولة

في الوقت الذي كان فيه رب الأسرة غائباً عن المنزل، ولم يكن في المنزل سوى الأطفال والنساء، لم تتردد الحملة العسكرية، بالاعتداء مباغتة على منزل المواطن (الجهوري) دون أن يعلم أطفاله أو هو بالأمر، فما هي إلا لحظات، لتقوم الجرافات بحماية المصفحات والاطقم -التي طوقت البيت بشكل ارهب الأطفال والنساء- بتدمير حوش المنزل وتسويته بالأرض، حتى خزانات المياه لم تسلم من الحملة..

يقول محامي الدفاعي عن المواطن “عبدالحكيم الجهوري” لـ(القضية): “إن الإجراءات التي قامت بها الحملة الهمجية غير قانونية، ومخالفة لقانون النافذ المتعلق، بالملكية وحمايتها، حيث أنه لم يتم أي إشعار مسبق للمعنيين، حسب القانون، كما لم تعرف النيابة العامة أو المحكمة بالأمر، فالمواطن (الجهوري) أحد المتضررين الذين تسببت الحملة في هدم سور منزله البالغ 225متر، ولدية ما يثبت ذلك، ولديه عقد رسمي صادر في 2-6-1997م، كما تم نقل المأذونية في 24-8-2010م.

  • منكوبوا (جعولة):

أما المأساة الأعظم التي لم نكن نعلم أننا سنشاهدها بهذا الحجم، فهذه المنطقة تم فيها تدمير أكثر من 250 منزلاً، بشكل عشوائي، حيث سويت المنازل بالأرض ولم يعد هناك سوى أكوام متراكمة لمنازل مدمرة، دمرت  تلك المنازل وجرفت لصالح تحويلها لأملاك متنفذين عسكريين في صنعاء، فكل من حاول الوقوف أمامهم أمطروه ضرباً مبرحاً، فمن أجل أن تبقى سليماً عليك أن تشاهد منزلك يدمر أمام عينيك دون أن تتحرك أو تتلفظ بكلمة. ولن نستطيع أن ننقل المعاناة كاملة لعظمتها، ولكن نكتفي بعرض مقتطفات مؤلمة من معاناة المواطنين رصدتها “القضية”:

أم قحطان تتحسر على أنقاض ما تبقى من منزلها:

دخلونا إلى منزل “أم قحطان” بث الرعب والخوف فيها حيث ظنت أننا سنهدم عليها ما تبقى من منزلها، وبعد أن طمأنتها المحامية “رحاب البيحاني” وهدأت من نفسها شرحت لنا قصتها، والدموع تتساقط من عينها. فأم قحطان دمرت القوات منزلها التي بذلت من أجل بناءه وشراء أرضيته بعقود رسمية، الغالي والنفيس وبدقائق يدمر كل ما بنته خلال سنوات، دون ذنب، اليوم لم يتبقى لها سوى غرفة من دون سقف، حيث قامت بوضع “طربال” على سقف المنزل لتقي نفسها وابنها -الذي يعمل في الشرطة- حرّ الشمس الحارقة، أما حمام المنزل فما هو سوى ستارة من قطع قماش موجودة على ركن الغرفة….أم قحطان على انقاض منزلها

“وليس من رأى كمن سمع”.

 

صفع ضابط جنوبي حاول التعاطف مع امرأة

أثناء نزولنا وتصورينا للمنازل التي هدمت بمنطقة “جعولة ” أحاط بنا عدد من أبناء المنطقة وبدأوا يشكون لنا مأساتهم، واستعرضوا أمامنا ملفات تثبت ملكيتهم وشراءهم للأراضي بعقد رسمي، فالشاب “صلاح شاهر” ضرب ثلاث مرات أثناء محاولته منع الحملة العسكرية من هدم منزله ومنازل جيرانه، ويقول الشاب لنا والقهر يحوم في وجهه: “دمروا منازلنا، ليعطوها المتنفذين، هذه هي الوحدة التي معهم وحدة السلب والنهب……”

وأضاف “أحد الضباط الجنوبيين الذين كانوا ضمن الحملة العسكرية المكلفة بهدم منازلنا، تأثر بموقف هدم منزل امرأة فقيرة، كانت تحاول إقناع العسكر دون جدوى، حاول التعاطف ونصح قائد الحملة بالنظر إلى وثائقها قبل هدم منزلها، فقام أحد القادة بضربه وصفعه على وجهه أمامنا….”.

 

مواطنون في حالة الانتظار:

شاهدنا مواطنين يسكنون في رعب، فكلما حاولنا التقاط الصور أتوا إلينا بالأوراق، والبعض منهم ينتظر ان يأتي الدور عليه بهدم منزله، ولما صفاء الحملة لأي مواطن قبل الهدم، عمد بعض المواطنين على كتابة عبارة بالخط البارز واللون الأحمر على منازلهم، تنبه بأن لديهم إثباتات ووثائق تثبت ملكيتهم…

 

ثورة التكسير وليس التغيير

المحامي العيسائي تحدث قائلاً: “استغرب هذه الحملة ضد الجنوبيين والتي أتت ضد أبناء عدن، بعد تولي عبدربه منصور الرئاسة دون أن يلفت إلى ذلك، وقال إن ذلك أتى بعد ثورة (التكسير) وليس (التغيير)، معتبراً أن أغلب المواطنين يمتلكون أوراقاً رسمية تثبت ملكيتهم للأراضي، وانتقد عدم إشعارهم أو إشعار النيابة والمحكمة بهذه الحملة، واستغرب الصمت المطبق على أفواه حكومة الوفاق”.

وقال المحامي العيسائي: “الناس منذ 30 عاماً لم يحصلوا على أي قطعة أرض من أراضي الدولة، وبالمقابل تعطى لمتنفذين والباسطين لآلاف الفدانات في أراضي الجنوبيين دون وجه حق، وهذا ما هيج بعض المواطنين وبعث الحنق في نفوسهم، ليقوموا مقابل ذلك بالبسط على جزء بسيط جداً مقارنة بما بسط عليه المتنفذون..، وأثناء بسط المواطنين تغض الطرف عنهم، حتى بعد أن خسروا أموالاً وبذلوا الجهد، تأتي القوات وتهدم كل ما بنوه دون الرجوع للقانون وللأخلاق، فأي تصرف هذا؟….صورة لمنزل الجهوري بعد تدميره

رسالة إلى كل المنظمات:

“القضية” كما وعدت المشردين والمتضررين بنقل معاناتهم، تطالب كل منظمات حقوق الإنسان الدولية، والمحاميين الجنوبيين، وكل التجار الشرفاء الجنوبيين في الخارج إلى تبني قضية تهجر المواطنين من منازلهم، وتدعوا كل القوى السياسية للتضامن معهم والوقوف إلى جانبهم..

كما تدعوا وسائل الإعلام النزول إلى أرض الواقع ونقل المعاناة المعتمة كما هي، فهناك ما لا يوصف….

أخبار ذات صله