fbpx
لسان عفاش … ووجع الإمارات!!

د.علي صالح الخلاقي:

لأنني أعرف سقطرى وأهيم بها عشقاً، منذ وقت مبكر، حيث يعود اهتمامي بها إلى أواخر عام 1979م, حينما وطأتها قدماي لأول مرة, واتيحت لي فرصة التعرف عليها. وأتذكر أنني نشرت عنها موضوعاً في صحيفة “14أكتوبر” الصادر في 1 يناير 1980م بعنوان رئيسي “تعالوا نقرأ معاً صفحات جزيرة العطور والبخور والسمك” ثم عنوان فرعي آخر “سقطرى..من شجرة دم الأخوين إلى آمال الجزيرة السياحية”. ثم تكررت زياراتي لها بعد ذلك عدة مرات أثناء عملي الإعلامي في إعداد وتقديم برنامج (جيش الشعب) الإذاعي والتلفزيوني حتى منتصف الثمانينات. وقد أسرتني منذ الوهلة الأولى بطبيعتها الساحرة ومناظرها الخلابة.. ونقاوة وصفاء سكانها ونبل أخلاقهم, وهو ما جعلني مشدوداً إليها ومتابعاً لما يُكتب أو يُنشر عنها، وتحت تاثير عشقي لسقطرى ترجمت كتابين عنها من اللغة الروسية هما (سقطرى..هناك حيث بُعثت العنقاء) و(السقطريون:دراسات اثنوغرافية –تاريخية)، وآخر زيارة لها كانت قبل بضع سنوات ارتباطاً بتدقيق ترجمة الكتاب الأخير الذي يتميز في كونه حصيلة بحث علمي ميداني للبعثة اليمنية الروسية المشتركة خلال الأعوام 1983-1987م، والتقطت خلال الرحلة صورا فوتوغرافية منها الصورة المرفقة للسان البحري في ما يُطلق عليه جزافاً(ميناء سقطرى!!) .
أنشر هذه الصورة التي التقطتها عدستي قبل بضع سنوات للسان البحري “المتواضع” في ميناء سقطرى، وأتذكر أن مرافقي حينها سليمان السقطري، وهو ضابط في الشرطة، حين رأى دهشتي من تواضع هذا اللسان الممتد قليلاً في البحر، والذي لا يستطيع أن يستقبل السفن أو البواخر الكبيرة لتفريغ حمولتها، أتذكر أنه قال لي أن مثل هذه الدهشة قد سيطرت على ملامح الرئيس السابق علي عبدالله صالح أثناء افتتاحه رسمياً لهذا اللسان البحري الذي رآه أصغر بكثير مما كان يتوقعه، ولذلك قال مخاطباً وزير الثروة السمكية حينها أحمد مساعد حسين وبسخرية ( يا أحمد مساعد..ما هذا اللسان البحري..أمانة أن لساني أطول منه).. فقلت لدليلي سليمان السقطري أن الرئيس في هذا القول كان صادقاً!!..
ولعل نشر هذه الصورة ، في هذا الوقت بالذات، خير رد على تلك الأصوات التي يعلو ضجيجها وصراخها هذه الأيام بحرقة مصطنعة على ضياع سقطرى ونهب ونقل أشجارها الفريدة عبر (الميناء السقطري!!) إلى (الإمارات) ومن رصيف (لسان عفاش) الذي يخلو من الرافعات ولا قدرة لديه لاستقبال أو رسو الحاويات التي تنشر صورها المزيفة الأبواق المعادية للإمارات وكأن ذلك حقيقة لا يرقى إليها الشك، خاصة حين تتصنّع تلك الأصوات الحرص وتظهر الغيرة أمام الملأ مدعمة بالصور التي نكتشف أنها مفبركة، وخارج سقطرى، وبنت عليها أخبارها الكاذبة التي يدحضها الواقع السقطري.. ليس لشيء ولكن لتشويه دور الإمارات العربية الشقيقة التي وقفت وتقف إلى جانب شعبنا في دحر الغزو الحوثي وتقدم دعمها السخي الذي لم ينقطع مدده في هذه المرحلة المصيرية في مختلف المجالات. 
ولأن سقطرى المنسية في لُجِّ المحيط الهندي على مدى عقود مضت، حتى كادت أشجارها الفريدة تقل وتضحمل تدريجيا بفعل الاحتطاب الجائر بسبب بُعد الجزيرة عن مركز العاصمة حينما كانت مديرية، سواء ، عدن أو عن صنعاء، أو عن المكلا وانقطاع التموين عنها بشكل خاص خلال السنوات الأخيرة بفعل الأحداث المتلاحقة التي شهدتها البلاد ولم يلتفت أحد إلى تلك الجزيرة الجميلة.. ومنذ صدور قرار الرئيس عبدربه منصور هادي بتحويل أرخبيل سقطرى إلى محافظة بدأت هذه الجزيرة المنسية تتنفس الصعداء..أما حين وصلت إليها يد الأشقاء من إمارات الخير، فبدأت تتعافى وتطعم شيئاً فشيئاً نعيم الحياة، ومقابل هذا الاهتمام الذي يجب أن يُقابل بالشكر والعرفان، نجد أن أبواق وقنوات وصحف الأخوان لا هم لها إلا الحديث عن احتلال إماراتي لسقطرى وعن نقل أشجارها وحيواناتها، متناسية خطر الحوثيين الذين يحتلون غرف نومهم حتى اللحظة ولا يتألمون لذلك قدر تألمهم من (وجع الإمارات!!)..
ما دفعني للرد هنا إيضاح الحقيقة حتى لا ينطلي الكذب على بعض من يصدقون ما يُنشر في وسائل التواصل دون تحرٍ أو تدقيق لمثل هذه الأكاذيب المتوقعة من تلك الأبواق والأحزاب التي تعاني من وجع اسمه (وجع الإمارات) وهو وجع مؤلم بالنسبة لهم وتزداد معانتهم من هذا الوجع كلما امتدت يد إمارات الخير ٍهنا وهناك ، وبشكل خاص في سقطرى التي يلمس أهلها خير الإمارات في الصحة والتعليم والمشاريع التنموية وبناء المساكن وفي المساعدات التي يقدمها الهلال الأحمر الإمارتي ولسان حالهم يقول :”شكرا إمارات الخير”..

عدن
5فبراير2018م