fbpx
فشل مهمة الوزير(اليستر بيرت) والسفراء الغربيين وتعمدهم المغالطات

 

قراءة سريعة في ما جرى في (القصر المدور في التواهي في لقاء بعض قيادات الحراك مع الوزير البريطاني وبعض سفراء الدول الكبرى ) وتصريحات الوزير البريطاني اليستر بيرت

لا شك أن مهمة الوزير البريطاني لشئون الشرق الأوسط وشمال افريقيا وسفراء بعض الدولة الدائمة في مجلس الأمن الدولي الذين جاؤوا الى عدن واجتمعوا ببعض قيادات الحراك  لإقناعهم بالمشاركة في ما يسمى بـ(مؤتمر الحوار اليمني) قد منيت بالفشل الذريع أمام رفض هذه القيادات المستمدة رفضها من الحشد المليوني في 30 نوفمبر الماضي الرافض لأي حوار ما لم يرتقي الى تفاوض بين دولتي الجنوب (ج ي د ش ) والشمال (ج ع ي ).

هذا الفشل الذريع الذي تفاجئ به هؤلاء السفراء الذين كانوا يستقوا معلوماتهم من مصادر تابعة لدوائر استخبارات المحتلين وتقارير المنظمات (الدولية) وموظفيها (الشماليين) والتقارير الإخبارية لبعض الوكالات والصحف ومراسلي القنوات العربية والدولية (الشماليين) وبعض جنوبيي التفيد والانتهازية الذين يمدوا هؤلاء السفراء وغيرهم بمعلومات مغلوطة جدا ويطرحوا عليهم بأن الجنوبيين غالبيتهم مع بقاء ما يسمونها (الوحدة) وأنهم سيرحبوا بدخول (الحوار اليمني).

لقد كان الذهول الذي ابداه السفير الروسي مستغربا من أجماع القيادات الجنوبية الحاضرة في اللقاء يشير الا ان لديهم معلومات ان الجنوبيين ليسوا مجمعين على رفض الدخول في (الحوار اليمني) على الرغم ان بعض قيادات الحراك التي يعتبروها (أكثر تشددا) غائبة عن حضور هذا اللقاء ،وقد وضح استغرابه ودهشته  وذهوله عند مقاطعة واستنكار الجميع لكلمته التي يلقيها باللغة العربية حينما قال انه لا يمكن ان يُعقد أي حوار الا تحت سقف الوحدة.

ولعل هذا الرفض الجنوبي قد جعل وزير الدولة البريطاني لشئون الشرق الأوسط (اليستر بيرت) يوضح في ما كتبه أمس الخميس في جريدة “الشرق الأوسط ” منبها فيه أطرافا عدة الى (ان حكومته وبقية المجتمع الدولي يروا ان اليمن لن يستفيد من الفرصة التاريخية التي يقدمها المؤتمر القادم الا من خلال المشاركة الموسعة وانخراط كافة الاطراف المعنية)، وهذا يعني أن عقد ما يسمى بـ(مؤتمر الحوار اليمني) غير ذي جدوى ما لم تحضره كل الأطراف وهذا يؤكد ان مهمة اقناع الطرف الجنوبي قد منيت – حقا- بالفشل.

ولعل الملفت في ما كتبه الوزير البريطاني تحدثهُ عن (شمال وجنوب) في عدة مواضع في مقالته السالفة الذكر ومنها هذه الفقرة : ” يسير اليمن ببطء نحو الاستقرار والديمقراطية والنمو الاقتصادي ، ولكن هذا التفاؤل يوجد في بيئة صعبة بعدما اشتعلت التوترات بين الشمال والجنوب ” وهذا تلميح بأن هناك قضية أو مشكلة كبرى مشتعلة بين (الشمال والجنوب) وليست المسألة قضية تقع في إطار الصعوبات التي يعانيها النظام اليمني فقط

ولكنه في فقرة أخرى يؤكد قناعات المجتمع الدولي المسبقة وتشجيعها الاطراف ان تدخل في ما يسمى بـ(مؤتمر الحوار ) كدولة موحدة – حد وصفه – معتبرا ان (الاحزاب الجنوبية) ربما يقصد مكونات الحراك – لن تستطيع ضمان حماية مصالحها الا من خلال المشاركة في المؤتمر ولن تستطيع (الشمال) – هنا الشمال ككيان واحد ولم يقل الاحزاب أو الاطراف الشمالية – نعم يقول لن تستطيع ضمان الاستقرار الحقيقي في البلاد الا عن طريق تيسير حدوث هذا الأمر ويعني ضمان مصالح الجنوبيين.

كل ذلك جاء في رسالة الوزير البريطاني والتي تعمد فيها ان لا يشير الى المطالب السياسية التي طرحتها قيادات الحراك الجنوبي التي التقته ومرافقيه في عدن في القصر المدور في التواهي ولم يتطرق الى الرسالة التي سلمتها قيادات الحراك له وللسفراء من الدول الاعضاء الدائمة العضوية في مجلس الأمن المرافقين له ، بل وتعمد ان يذكر في مقالته المطالب الحقوقية فقط كما كتبها بهذا الشكل “عندما سمعت في عدن يوم أمس ، سمعت عن المظالم القائمة منذ طويلة من جانب (مجموعات مختلفة) – تقليل متعمد – تطالب بتعويض عن الأراضي التي تم الاستيلاء عليها ،وتشكو من الوظائف التي فقدت والمعاشات التقاعدية التي لم تدفع منذ الوحدة عام 1990 والحرب (الأهلية) 1994” وهذا أخطر ما ذكره الوزير البريطاني ويعني أن هذه الدول ماضية في مشروعها في تجهيل وتهميش وإقصاء قضية شعب الجنوب وبالتالي سوى عقد (مؤتمر الحوار اليمني) أو لم يعقد فالمسألة محسومة المواقف مسبقا تجاهها بمعني آخر ان يتم عقده بدون التمثيل الجنوبي الحقيقي سيظل الوضع كما هو ، ويظل التوتر وعدم الاستقرار سيد الموقف, أو ان تتم ترتيبات أخرى وهي الارجح ويتم تأخير عقد هذا المؤتمر المزمع عقده قبل نهاية العام الى اجلاً غير مسمى.

ملاحظات حول اللقاء

وبغض النظر عن من حضر لقاء السفراء والوزير البريطاني من جانب الحراك الجنوبي ومسألة عدم حضور أطراف أخرى فاعلة في الحراك الجنوبي الا ان اللقاء بحد ذاته كان قد أوصل رسالة الحراك الجنوبي السلمي (رسالة الملايين التي احتشدت في فعالية 30 نوفمبر الجمعة الماضية ) الرافضة للحوار الغير ندي بين دولتين تحت أشراف دولي.

وتقديم من حضروا رسالة كانت مقبولة في معظم جوانبها ، ويشكل مجمل ما احتوته رأي جمعي لقوى الحراك الجنوبي التحرري مع أنه لم يرد ذكر لـ(الحراك الجنوبي) فيها قد ربما بغير قصد – افتراضا لحسن النية – نقول ذلك، وكذا إظهار الرسالة بشكل متعمد ان الجنوب لا يجد فيه قيادة ,وهذا ما حدده المسار الأول فيها ، من حيث الطلب بتدويل قضية أزمة القيادة الجنوبية بإشراف دولي لتشكيل قيادة جنوبية.

وبعد اللقاء كانت هناك تصريحات من قبل بعض القيادات في الحراك الجنوبي التي حضرت اللقاء ولعل أشهرها تصريح القيادي البارز العميد ناصر علي النوبة الذي أكد فيه فشل الوزير البريطاني والسفراء في اقناع قوى الحراك الجنوبي من الدخول في ما يسمى بـ(مؤتمر الحوار اليمني) واصفا تشددهم تجاه الحوار تحت سقف الوحدة بأنه أكثر من تشدد الشماليين وغير مبرر.

يبقى السؤال هل ستستمر المغالطات هذه المرافقة للتعتيم الإعلامي الممنهج ضد قضية شعب الجنوب التحررية؟! وهل سيستمر تعنت الموقف الغربي المحكوم بمصالحه المرتبطة بالأهداف الإقليمية؟!! أم سيرضخ في قادم الأيام أمام الصمود الشعبي لثورة الجنوب التحررية والموقف الموحد المعلن تجاه رفض المشاريع التي تنتقص من حق شعب الجنوب في التحرر من الاحتلال اليمني وتسيده على أرضه؟!! هذا ما سوف تجيب عليه الأيام بصدق المواقف المساندة للموقف الشعبي دون التدليس ومحاولة التزييف والالتفاف على الإرادة الشعبية .

 بيروت – لبنان

7 /ديسمبر 2012م