fbpx
جمود المشهد السياسي وصلابة موقف شعب الجنوب “2”

جمود المشهد السياسي وصلابة موقف شعب الجنوب “2

كتب / أديب السيد

  •      المشهد السياسي اليمني وعنق الزجاجة

(خارت المبادرة الخليجية وبداء العد التنازلي لتلاشى الموقف الدولي المعادي لقضية شعب الجنوب وأهداف ثورة الحراك الجنوبي السلمية المتمثلة بالتحرير والإستقلال وإستعادة دولة الجنوب ، وذلك لإنسداد الأفق السياسي في اليمن والذي بشر به الحراك الجنوبي مبكراً نتيجة لسيطرة القوى التقليدية على القوة العسكرية وسبل إدارة السلطة بجميع إتجاهاتها وفشل المبادرة في إنجاز البسيط المتمثل بما يسمى “هيكلة الجيش ” ، فكيف بإنجاز الشيء المعقد والعميق المتمثل في القضية الجنوبية وأهداف ثورة الحراك الجنوبي السلمي .

وكنتيجة طبيعية أن يحدث هذا الإنسداد في الأفق في ظل تخبط غير لائق للقوى الدولية ورعاة المبادرة الخليجية للخروج من عنق الزجاجة التي وضعتهم فيهم المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية وأحكمت إلإغلاق عليهم ، كما من الطبيعي ان نشاهد العراك السياسي خلف الكواليس والمعبر عن فقدان الثقة بإمكانية إنجاز أي تقدم في العملية السياسية اليمنية كون الحلقة المفقودة هي الأساس التي يجب أن يبحث عنها الجميع للخروج من العبث والسير نحو الإنتحار المفروض الذي تم وضعه بإستعجال لتفادي مشهد مسرحي من التقاتل بين قوى صنعاء ورمي كل الثقل التراكمي نحو إلغاء القضية الجنوبية التي هي أساس الإنقاذ للجميع مما يحدث وهي الحلقة المفقودة في العملية السياسية ).

ولهذا فإنه من الواقعي اليوم ان يعرف المجتمع الدولي ورعاة المبادرة الخليجية ضرورة إستكمال الحلقة المفقودة في عملية التسوية السياسية وهي الأهم والتي تخص القضية الجنوبية وذلك من خلال عدة توجهات أبسطها ” إطلاق مبادرة خليجية سياسية خاصة بالقضية الجنوبية ” .

أما ” نحن ” شعب الجنوب ” فإنه بات من الواجب علينا معرفة مشروعية تمسكنا بهدف التحرير والإستقلال ، وإنطلاقاً من ذلك فإنه معروف لدى الجميع اليوم أن رهاننا جميعاً كما هو رهان الحراك السلمي الجنوبي بكل مكوناته وقياداته السياسية والميدانية بشأن الثورة الجنوبية وإنتصارها الحتمي لا يمكن ان تزيد عن منطلقين اثنين :(الأول) :- هو عدالة القضية الجنوبية السياسية وحقها التأريخي والواقعي ، (والثاني) :- هو الرهان الميداني “النضال الشعبي ” في ساحات الحرية والاستقلال على طول الجنوب وعرضه والمواقف الثابتة المتجسدة في المسيرات الشعبية المطالبة بفك الإرتباط و بالتحرير والإستقلال وإستعادة دولة الجنوب.

وإنطلاقاً من هنا ، من العدالة ومن الموقف الشعبي الثابت يجب أن نحافظ على هذين المنطلقين اللذين يحددان مصيرنا جميعاً كشعب جنوبي يقدم كل غالي ونفيس اليوم من اجل تحقيق النصر المنشود ، كما علينا ان نعزز عدالة قضيتنا السياسية وموقف شعبنا الثابت والصلب بإنجاز مهام ثورية عاجلة وغاية في الأهمية حتى لا نترك الثغرات لمن يعادون العدالة بالتحايل والتمايل امام أهداف ثورتنا الجنوبية السلمية الصامدة . وقبل أن نحدد ما نراه ” وجهة نظر” في سبيل ذلك ، نستعرض أسباب صلابة موقف شعب الجنوب  وتشبثه بأهدافه الثورية التحررية .

لماذا يصر شعب الجنوب على مواقفه الثابتة..؟

لا يستطيع احد ولا دولة ولا العالم أجمع ان يجبر إرادة الشعب “أي شعب” على الحياد عن الحق وإستبداله بالباطل وخاصة في مسالة الصراع عن البقاء والوجود والحياة والكرامة ، ولم يسبق قط ان حدث ذلك عبر التأريخ غير لدى الأنظمة الإستعمارية التي تستخدم القوة المفرطة لإبادة الشعوب والتي تكون نهايتها فاشلة ويحدثنا التأريخ كثيراً عن ذلك .

ومع أن شعب الجنوب قد مر بكل تلك المراحل إلا ان هناك اليوم محاولات لإعادة إنتاج الماضي وتكرار المآسي وهي الأشياء التي إنتفض شعب الجنوب للتخلص منها بالكامل وإلى الأبد ، ولهذا فإن الشعب اليوم في الجنوب يقاوم الإستعمار اليمني كسبب واقعي وحاضر في الجنوب بإعتبار أن التخلص منه هو المفتاح أو المدخل  التي يسعى من خلاله الجنوب لمعالجة كل جراحه ومراجعة مشاكله التي قادته في مرحلة تأريخية بائسة إلى الوقوع في فخ ” الوحدة اليمنية” كنتيجة طبيعية للشحن الممنهج والتغذية التي تبنتها قوى وجهات أرادت للجنوب أن يقع فيما وقع فيه سواءً بقصد او بدون قصد  .

فتمسك الشعب الجنوب بموقفه الصلب المتمثل بضرورة تحرير أرضه وإستعادة دولته كاملة السيادة تعتبر ما هي إلا مدخل رئيسي لنفض غبار وآثار الماضي البغيض عن هذا الجزء الهام من الكرة الأرضية التي ضل تائهاً عن العالم قروناً من الزمن ، حتى أفقدته تلك المرحلة الإستفادة من خيرات أرضه وما جعل في باطنها من ثروات طبيعة  إختص الله بها هذا الشعب في هذا الجزء من المستديرة.

فقد ينظر القاصرون إلى ثورة شعب الجنوب بأنها ذات موقف صلب فقط مع الإستعمار اليمني الجاثم على أرض الجنوب نتيجة لإنعدام الثقة بسلطات صنعاء وهذه حقيقة ، لكن لصلابة الموقف الشعبي الفريد من نوعه والمتوحد رغم المعاناة والألم والمعرفة دليل واضح بانه موقف لا يستهان به على الإطلاق فبالإضافة إلى كونه موقف طبيعي فهو عملية تصحيح شاملة كما يجب ان تكون لكل ما مر به الجنوب من أحداث ومراحل ونكبات ومآسي سواءً في الدولة الجنوبية قبل الوحدة او بعد الوحدة التي جاءت لإستثمار المعاناة والألم بتدمير شامل وكامل للأرض والهوية والتأريخ والمكانة والثقافة والقيم والمبادئ الإجتماعية والشعبية ، ويجب ان يكون مبداء “التصالح والتسامح” هو القاعدة الرئيسية والمبداء العام لهذا التصحيح الشامل وهو الذي أتى من رحم المعاناة التي وصل إليها الجنوب وشعبه التواق للإنطلاق والتطور ومواكبة العالم .

ومن هنا يجب قراءة المشروعية والأحقية لشعب الجنوب في التمسك  بمواقفه الصلبة والثابتة المؤكدة على خيار التحرير والإستقلال وإستعادة الدولة الجنوبية “الحديثة والمتطورة والمواكبة لتطلعات ابناء الجنوب وشبابه” ، حيث تتجسد تلك المشروعية الدينية والشرعية والقانونية والشعبية في إتجاهين اثنين وهما :-

الأول – إرادة الشعب ،حيث لا يوجد قانون ولا قرار فوق إرادة الشعب والتي نصت على أحقيتها في كل الأديان السماوية والقوانين الوضعية ، حيث تأتي الدساتير والقوانين العامة مجسده لها ويستحيل ان يحدث العكس .

والثاني – مشروعية الحقائق القانونية والتأريخية والسياسية والميدانية التي يمتلكها شعب الجنوب وينطلق منها في مطالبه ومواقفه . وتتجسد هذه الحقائق  في محورين اثنين على أقل تقدير شامل هما :-

1-   مشروعية الحق القانوني والتأريخي

2-   مشروعية الواقع السياسي والميداني

–         حيث تأتي مشروعية الحق القانوني والتأريخي الذي يمتلكه شعب الجنوب إنطلاقاً من الدولة الجنوبية التي إمتلكها الجنوب بمكانتها وجيشها ومواردها ونظامها وقانونها وشعبها وثقافتها ومنظومتها وشكلها الدولي العام .

–         فيما تأتي مشروعية الواقع السياسي والميداني من محاولة طمس الهوية وتدمير كل ما جاء في مشروعية الحق بالإظافة إلى الممارسات العنصرية على أساس الإستحقار والإستنقاص لكل ما هو جنوبي وإرتكاب الجرائم والإنتهاكات بشكل فضيع ومستمر تحت ذرائع واهية .

ومع إستمرار كل ما ورد أعلاه بشأن الممارسات والسياسات من قبل سلطات صنعاء تجاه كل ما هو جنوبي، فإن عملية التفهم الدولي لما عاناه ويعانيه شعب الجنوب لم تبلغ مداها بعد ولم تتعمق فيها وذلك إما ناتج عن تعمد في عدم  الفهم رغم ان المخابرات الدولية تعرف الواقع جيداً ، أو أنها حقيقة لم تفهم ما يجري نتيجة للتعمية أو التعتيم التي تفرضها جهات دولية إلى جانب سلطات صنعاء .

وهنا يجب علينا ان نستقرئ مواقف الدول الراعية للمبادرة الخليجية والمجتمع الدولي حتى نفهم ما الذي يجري ، ولكن قبل ذلك نتطرق إلى المتطلبات العاجلة التي يجب على شعب الجنوب إنجازها لإثبات موقفه.

  • ·       شعب الجنوب ومتطلبات سياسية عاجلة لإثبات موقفه

لا شك ان إحترام المجتمع الدولي للثورات الشعبية تتم من خلال قراءة المواقف السياسية العامة المنبثقة من الوضع الميداني للثورات ، ولهذا فإن شعب الجنوب مطالب اليوم بإثبات مواقفه السياسية المترجمة للمواقف الميدانية وسيطرته عليها حتى يطمئن العالم بأنه أقدر على السيطرة على الوضع بكل نواحيه وإتجاهاته ، خصوصاً مع أن المشكلة التي زرعتها سلطات صنعاء في الجنوب مما تسمى ” القاعدة ” باتت تؤرق المجتمع الدولي وعلى رأسها الولايات المتحدة  .

ومن جهته على شعب الجنوب أن لا يكتفي بالعمل الميداني الشعبي ويقف مكتوف الأيدي في العمل السياسي من اجل قضيته العادلة التي بات يشبهها السياسيين بأنها قضية عادلة في أيدي محام فاشل ، ولهذا فإن على شعب الجنوب ومن خلال قيادة سياسية متمكنة يجب ان تعمل على رسم الخطوط العريضة والتفصيلية امام المجتمع الدولي فيما يخص القضية الجنوبية وأهداف ثورة شعب الجنوب السلمي حتى لا يتم الإلتفاف عليها وإخافة المجتمع الدولي مما خلفها او من مصيرها  . ويجب أن يحدث ذلك من خلال إنجاز الآتي :-

أولاً : هيكل عام  :-

أ‌-       تعريف القضية الجنوبية وماهيتها وشكلها ونوعها وتصنيفها التأريخي والسياسي والواقعي .

ب‌-  العمل على التأكيد البات والناجز بأن الحراك السلمي الجنوبي بكل مكوناته هو الممثل السياسي والشرعي الوحيد للقضية الجنوبية وتوقيع ذلك في محاضر رسمية من خلال المكونات الثورية ومنضمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والمهنية.

ت‌-  من خلال تعريف المجتمع الدولي وموافقته على تفاصيل النقطتين السابقتين سيكون من الواقعي التعامل معها بشكل جدي ، حيث لا يجوز التعامل مع أي جهه بشان القضية الجنوبي غير الجهه الشرعية المحددة .

ثانياً :- هيكل التفاصيل :-

1-   العمل على وضع ميثاق شرف ثوري عام يحدد أهداف ثورة شعب الجنوب .

2-   العمل على إنجاز برنامج سياسي عام يمثل القضية الجنوبية السياسية بالتفصيل ويحدد مسار ووسائل وأهداف ثورة شعب الجنوب السلمية الحضارية وذلك من خلال الآتي :-

أ‌-       توافق عام بين مكونات ثورة الحراك الجنوبي السلمي ينجز من خلال مؤتمر وطني عام لمكونات ثورة حراك شعب الجنوب السلمية ويحدد فيه ميثاق شرف ثوري .ويتم  ذلك إلا من خلال الآتي :-

أ 1- إعادة هيكلة كل مكون من مكونات الحراك الثورية بشكل تنظيمي إبتداء من المركز إلى القيادة العامة ، وتحديد الآلية الواضحة لإنجاز تلك الهيكلة بأقل وقت ممكن .

أ2- إنجاز برنامج سياسي واضح لكل مكون حراكي ثوري وميثاق شرف خاص تتقدمه الأهداف الرئيسية للمكون والتي يناضل من أجلها ويسعى لتحقيقها .

ب‌-  توافق عام بين مكونات ثورة الحراك الجنوبي السلمي ينجز من خلال تشكيل قيادة سياسية عليا ” مجلس تنسيق ثوري جنوبي عام ”  تتولى مهام إنجاز البرنامج السياسي العام وميثاق الشرف وقيادة ثورة شعب الجنوب السلمية وتحديد أولويات العمل السياسي الداخلي والخارجي  . ويتم ذلك من خلال :-

ب 1- إنجاز هيكلة كل مكون ثوري حراكي من المركز إلى القيادة وإختيار القيادة سياسية وميدانية تتحمل مسئولية النضال من اجل تحقيق الأهداف النضالية .

ب 2-  يجب ان يتم ذلك من خلال إنعقاد مؤتمر وطني عام لكل مكون ثوري حراكي على مستوى الجنوب وإختيار قيادة سياسية وميدانية تمثل كل مكون .

3-    العمل على إنجاز رؤية سياسية ناجزه او رؤى سياسية تحدد كيفية تحقيق أهداف ثورة الجنوب المتمثلة ” بالإستقلال وإستعادة دولة الجنوب ” ووضع حلول مقنعه لما تعترض هذا الهدف من مشاكل ليست بالسهلة .

4-    العمل على إختيار قائمة وطنية جنوبية عامة لا تقل عن “100” شخصية قيادية تتفق حولها كل مكونات الحراك الثورية  السلمية  .

5-   الإلتزام الكامل والتام بما يتم التوافق عليه وفقاً لميثاق الشرف الثوري العام .

ملاحظة :-

علينا جميعاً وعلى كل القوى الثورية والسلمية والسياسية ان تدرك جيداً ان ذلك لن يتحقق إلا في إطار الثقة المتبادلة وإحترام رؤئ وأفكار ونضال الآخرين ، وكذلك إعتماد الحوار الشفاف كمبداء لا تراجع عنه لحل أي إشكال أو إنجاز إجماع وطني في ضل قواسم مشتركة .

(يتبع الحلقة “3” المجتمع الدولي والمبادرة الخليجية و الإعتراف بالقضية الجنوبية)