fbpx
عدن بين تطور وبناء الماضي .. وخراب وتدمير الحاضر
شارك الخبر

 

سهى عبدالله محمد

هي عدن المدينة الحالمة التي يحتضنها جبل شمسان الأشم ، وتداعب أقدامها مياه خليج عدن الدافئة الرقراقة ، المدينة التي تصحو وتنام على وشوشة الأمواج القادمة عبر الخليج من بحر العرب ، مدينة الأصالة والتاريخ والحضارة المتأصلة الجذور في الواقع الجنوبي ، تعيش اليوم في ظل ظروف تضعها تحت ضغوط جسام من جميع النواحي .

فهي ترزح تحت وطأة   الدمار والخراب المتعمد الذي يفرضه عليها احتلال مس كل شي جميل فيها من المدنية والتاريخ العريق والتحضر ، فقد عمد إلى تهميش أبنائها ودمر كل ما يميزها ، وفي هذا الطرح سنعرض حال مدينة عدن بين الماضي والحاضر في جزئيين  يشرحان ما مرت به  المدينة  في سنواتها الماضية ، وفي وقتها الحالي .

–   تقع مدينة عدن على ساحل البحر العربي بالقرب من باب المندب مدخل البحر الأحمر وعند نقطة التقاء قارتي أسيا وأفريقيا ، وتعتبر ملتقى التجارة بين الشرق والغرب حيث سجُل التاريخ بشهرتها من القرن السابع قبل الميلاد كمركز للتجارة البحرية ، كونها تمثل ميناء بحري طبيعي جعل القوى الاستعمارية تتصارع عليها ، ومن هنا يتضح أن عدن تعتبر جوهرة لتمتعها بميزات جعلتها في المقدمة

وبرغم كل الظروف التي مرت بها آنذاك ( الاحتلال البريطاني 1839- 1967) ألا أنها شقت طريقها نحو التميز والتفرد بمكانه لا تضاهيها بها أي مدينة ، فكانت بعد استقلال الجنوب العربي في 30نوفمبر 1967م عاصمة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية الدولة حديثة الولادة آنذاك ومن هنا بدأت مشوارها النهضوي للبناء والتطور ، فتميزت عدن العاصمة الجنوبية في وقتها

–         بأنها مدينة المؤسسات والمجتمع المدني الحديث

–         وهي مدينة نهضت بالصحافة والحركة الأدبية المتطورة

–         واتهمت بالنضال والتحرر والحركات النقابية

–         وأعطت للتعليم والثقافة الحق الأكبر ، وحصل الكثير على العلم ومحو نير الجهل والأمية والتخلف .

–         احتضنت عدن معظم قوى التحرر العربي ، وكانت المأوى لكل المضطهدين في الوطن العربي .

–   ولم يتوقف تطور ونمو عدن في هذا فقط ، بل حققت تطورا ملحوظ في التجارة البحرية لتميزها بميناء ذو أهميه كبرى وهو ميناء عدن (( ميناء المعلا))

ولا يمكن نسيان أن حضارة هذه المدينة وعراقتها مبنية على تاريخها القديم ومواقعها السياحية والأثرية مثل صهاريج عدن ، وقلعة صيرة ، وقصر سلطان لحج ، والكنائس التاريخية البريطانية ، وشواطئ  عدن ، التي جعلت منها مصدر لجذب السياح .

–   وفي عدن إنشاءات المؤسسات والمصانع والشركات والمقرات والمجمعات والتي ضمت إليها القوى العاملة ، مما أدى إلى الدفع بعجلة العمل والسير بخطى حثيثة .

–   ومع دوران عجلة الرقي والتقدم لهذه المدينة الحية ، اشتركت المرأة  كعنصر  فعال وأساسي في جميع مراحل الحياة ، فشاركت في الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والنضالية ، فكان للمرأة دورا ريادي في العمل فمنهم المعلمات والطبيبات والمحاميات وغيرها من الأدوار التي تدر الخير والنمو على المجتمع .

–   وتميزت عدن بأنها ضمت في ثنيها لقوى العسكرية لجمهورية اليمن الديمقراطية مثل الجيش والبحرية والقوات الجوية .

فعدن في مرحلة ما بعد الاستقلال خطت خطوات فعاله ، جعلتها السباقة لطلب التطور والنمو ، وصنعت منها مدينة الحداثة والرقي فماضيها يشهد على كل م مرت به ، فهي تحمل العراقة والحضارة وتقبل الآخر ، فقد احتضنت كل الأجناس من النسيج الاجتماعي ، ولم تسأل يوم عن جنس بشر من الذين سكنوها ، ولم تنظر إليهم سوى على أنهم أبنائها ، وإنما يدل ذلك على العطاء الجزيل والتميز الكبير لهذه المدينة الولادة لكل ما هو جميل وراقي وذو أهمية ،هذه بعض صفات وملامح مدينة عدن بعد الاستقلال .

عدن بعد الإجتياح عام 94م

 

بعد حرب الاجتياح سيئة الصيت في صيف 1994 م عاثت قوى الاحتلال اليمني الفساد في الجنوب بشكل عام وفي عدن بشكل خاص ، وفقا لبرنامج أعد مسبقاً ، فلم يتركوا حجراً أو شجراً إلا وعاثوا فيه فساد ، فكان لمدينة عدن النصيب الأكبر من هذا الفساد ، فقد عانت المدينة الأمرين على مدى ثمانية عشر عاما ، وتجرعت العذاب ألوان .. وفي هذه الكلمات نعرض بعض ما تعرضت له مدينة عدن العاصمة من فساد وتدمير وتخريب متعمد طال كل مناحي الحياة فيها ، فتعرضت للسلب والنهب وطمس ما يدعوا إلى المدنية والحضارة .

–         عشية أنتهاء الحرب على الجنوب في العام 1994م تم البدء في تنفيذ برنامج الطمس للهوية والتاريخ لعدن والمناطق الجنوبية ، وكل ذلك تم بغرض تحويل الجنوبيين إلى قطيع ( من البشر بلا تاريخ ولا هوية ) حتى تسهل لهم عمليه استئصال الجنوب من تاريخه وحضارته .

–         عمل الاحتلال في عدن على سلب ونهب المؤسسات العامة والخاصة ونهب كل الموارد والأصول لتلك المؤسسات وجعلوها خاوية على عروشها .

جدول (1)

اسم المؤسسة العامة أو الشركة

اسم المؤسسة أو الشركة

اسم المؤسسة أو الشركة

مؤسسة النقد (الدينار)

الاصطياد الساحلي

الجمعيات الزراعية

طيران اليمن الديمقراطي (اليمدا)

عدن لتموين البواخر

الجمعيات السمكية

مصلحة الطيران

مؤسسة النجارة

الملاهي ورياض الأطفال

النقل البري

شركة النصر الحرة

مقرات منظمات اتحاد الشباب (أشيد)

المشاريع اليمنية السوفيتية

= التجارة الداخلية

مقرات الحزب الاشتراكي اليمني

الإنشاءات

= التجارة الداخلية

مقرات اتحاد نساء اليمن

أحواض السفن

محطات التأجير الزراعية

مقر اتحاد الفلاحين

مؤسسة الملح

مجمع المعلا التجاري

المؤسسة العامة للتجارة والتموين

الخضار والفواكه

مجمع المنصورة التجاري

الطرق والجسور

اللحوم

مصلحة المواني

المؤسسة العامة للحفر

الأسماك والدواجن

الموسيقى والفنون

المؤسسة العامة للسينما

الملاحة الوطنية

ورشة إصلاح السيارات

الشركة اليمنية الكويتية

المحاجر والكسارات

ورشات النقل البري

مجمع خور مكسر التجاري

المباني والمنشآت الحكومية

مكاتب مرفأ عدن

المجمعات الصحية

الأقمشة والكهربائيات

مؤسسة العامة للمطاحن

 إعداد د حسين العاقل

المصدر: وثائق الحراك السلمي الجنوبي، حصر الممتلكات العامة في العاصمة عدن، 2000م

–         تم تحطيم البنية التحتية والأساسية للمدينة بصورة مبرمجة بهدف إعادة المدينة للقرون الوسطى ، وقد تم أفناء كل المشاريع الخدمية والمصانع المملوكة للقطاع العام وكذلك للقطاع الخاص  التي تعود بالنفع على الإنسان .

جدول 2 :-

يوضح المصانع المملوكة للقطاع العام والتي تم نهبها وطرد العاملين منها :-

اسم المصنع

اسم المصنع

اسم المصنع

اسم المصنع

الغزل والنسيج

الألبان ومشتقاته

الأدوات الزراعية

السمن والصابون

السجاير والكبريت

الملابس

الصناعات الجلدية

الزيوت النباتية

الطلا والامليشن

البيرة

تعليب الأسماك شقرة

المخبز الآلي بالمنصورة

المياه الغازية

البسكويت

مصنع الكبريت/ الفلاح

المخبز الآلي بالمعلا

الأدوات المنزلية

مصنع المباني الجاهزة

مصنع غاز الطبخ

وصنع الأكسجين

الجندي للمواد البلاستيكية

الثورة للحديد

مصنع الإسفلت

الطوب والبلاط

المصدر: وثائق الحراك السلمي الجنوبي، حصر الممتلكات العامة في العاصمة عدن، 2000م

–   وفي تبعات التدمير المبرمج للجنوب وهويته والعاصمة عدن بدا التغيير الديموجرافي ( السكاني ) للمنطقة بتوطين مئات الآلاف من المستوطنين من المناطق الشمالية ( الجمهورية اليمنية العربية ) في عدن والمناطق الجنوبية الأخرى ، بهدف إحداث خللا كبيرا في التركيبة السكانية بما يخدم الجهات المتنفذه في الجمهورية العربية مستقبلا ، بغرض جعل اليمننه كأمر واقع داخل عدن والجنوب .

–   وقام الاحتلال اليمني بتحطيم وتدمير الجيش الجنوبي ، فقد عمد على تسريح قوى الجيش والأمن وتحويلهم إلى التقاعد المبكر الإجباري ، وقام بنهب وتدمير الكليات والمدارس التعليمية والتاهيلية والإدارات والدوائر العسكرية التابعة لوزارة الدفاع في عدن والمناطق الأخرى .

–   سيطرة أباطرة السلطة والقبيلة والمتنفذين  ورجال الدين والعسكريين على الأراضي بمساحات كبيرة والموارد الطبيعية والإيرادية ، وتم استنزاف كل مصادر الثروة ،  وتركيزها بأيدي فئة قليلة من المتنفذين ، وقد عمدوا إلى تقسيم البحر والأرض إلى مملوكات تتبع هذا الشيخ أو ذاك المتنفذ ، بينما الأغلبية الساحقة من أبناء عدن والجنوب يعيشون تحت خط الفقر .

–   قاموا بإهمال  المعالم التاريخية للمدينة ،وحاولوا طمس هويتها وتغيير  أسماء الشوارع  والمؤسسات والمرافق ، وتغيير الجغرافيا السياسية للمنطقة لخلق واقع مزري ، بحيث يتم ضياع عدن والجنوب في دوامة مستمرة وإلحاقها بنظام صنعاء حتى تصبح كأي منطقة من الشمال .

–   القضاء والسيطرة على الثروة السمكية ومواردها وخيراتها الوفيرة وتسريح العاملين في القطاع السمكي ، والسيطرة على الأسطول السمكي التابع لوزارة الثروة السمكية والاستيلاء عليه من قبل مجموعة من المتنفذين المدعومين من قبل سلطات الاحتلال .

 جدول رقم (3) حجم الأسطول السمكي لوزارة الثروة السمكية في (ج.ي.د.ش)  حتى عام 1990م

اسم القارب ونوعه

عددها

سعتها (طن)

عدد أفراد طاقمها

ملاحظات

صيرة- ياباني الصنع

1

750

70

متطور ومجهز بالوسائل الحديثة

قوارب SRTM روسية

20

250

15

قطاع عام

قوارب صينية

8

70

12

قطاع عام

قوارب روسية

5

250

15

مشتركة

قوارب ساحلية طول 20 متر

5

30

8

قطاع عام

صنابيق ساحلية طول 10 متر

15

15

4

قطاع عام

صنابيق ساحلية طول 10 متر

700

15

4

تعاونية

الإجمالي

754 قارب وصنبوق

1370

128

المصدر: مقابلة مع عدد من الكوادر المحالون إلى التقاعد الإجباري ومنهم (مثنى قاسم وعبد المجيد مرشد وآخرون)

–   ومن أهدافهم كذلك عملوا على تدمير الروح الوطنية داخل نفوس النشىء الجديد والشباب وذلك من خلال تزوير التاريخ ويمننه المناهج الدراسية ، وتعليم الأطفال والشباب حقائق خارجة من أعماق الوهم ،  والتدليس الذي يهدف إلى تحطيم الشباب ( عماد المستقبل ) وجعلهم قوى خاملة وغير فاعلة .

–   محاولة مستمرة من الاحتلال إحداث خللاً واضحاً  وكبيرا في الوضع الأمني للمدينة ، وتكريس نظام العصابات واللا قانون بين الناس واستخدام قانون الغاب بحيث يغلب القوى الضعيف ويستولى على كل شي .

–   محاولاتهم إلصاق صفة الإرهاب لكل نشاط سلمي جنوبي يطالب بالإنصاف وتحقيق العدل واستعادة الحق المسلوب من الهوية والدولة .

–   تفريخ خلايا الإرهاب القاعدية (  أنصار الشريعة ) بغرض تشويه التلاحم الوطني وإحداث بلبلة وفوضى وإعطاء صورة غير حقيقية عن الجنوب أمام المجتمع الإقليمي والدولي  .

 وهذه المصاعب ليست كل شي فعدن العاصمة وقلب الجنوب النابض وروح الثورة الجنوبية تحتاج إلى وقفة جادة لإنقاذها من وضعها المزري ، فيه عرضة للتهديد في أي وقت وزمن وعلى الجنوبيين التنبه واليقظة التامة لكل المؤامرات والدساس التي تحاك ضدها

أخبار ذات صله