مقالات للكاتب
المساجد بيوت الله في أرضه , ومن فجر الإسلام إلى عام 1990م كانت مساجد الجنوب ومنها يافع مفتوحة أبوابها وتقفل فقط قفل مواربة , حتى لا تدخلها الحيوانات الضالة .
وبعد وحدتنا مع اللصوص عام 1990م أقبل أهل الشمال وخلال شهرين تقريباً سرقوا أجهزة الميكرفونات وبطارياتها , والبطانيات والمصاحف الجديدة والفوانيس السويدية ..
ففي مساجد يافع القديمة كانوا أجدادنا يبنون ملحق صغير في صحن المسجد ( ديمة ) يأوي إليه عابر السبيل والمساكين الذين ضاقت بهم السبل من خارج القرى وخاصة من كان يطلق عليهم المشارقة (نسبة إلى الشرق) القادمون من اليمن بلاد الظلم والظلمات حينها وإلى اليوم .
حيث كان يقدم لهم أهل القرية القرى و العشاء وما تيسر عند المحسنين .
وكان يأوي إليها كذلك من كنا نطلق عليهم (المقشرين ) وكلهم تقريبا من الزيود , كان الواحد منهم يحمل على ظهره صندوق لا يقل عن 30 كجم فيه بضاعة مشكلة من الشخاط ( الكبريت ) والمشابك وإبر الخياطة وخيوطها وبعض الصواني الخفيفة , والعلكة , وأبو فأس !! وكانوا يقايضون ما يحملون بالقشر ( خرطوش الرصاص ), يبيعون علبة الكبريت ب 3 قشر ألماني أو 2 كنده انجليز , ومثلها الإبر والمشابك , وكانوا يقبلون أي شيء مصنوع من النحاس الخالص , ثم يعودون بها إلى منطقة البيضاء , حيث يعاد تصنيع الأعيرة النارية التي كانت تسمى ( المردودة ) وكانت خطرة على البنادق كونها تعبئ بعبوة عشوائية من البارود الأسود , تؤدي إلى إلحاق الضرر بالبندقية وقد تنفجر بصاحبها .
وكانت مهمتهم الخطرة التي لم يدركها أبناء يافع أن منهم متخصصين في سرقة المصاحف والكتب النادرة , والتي كانت مخطوطات يدوية مغلفة بجلد بديع محكم ومعلمة آياتها , وفصولها , بالزعفران .
وكان ورائهم كما علمنا مستشرقين استعانوا بيهودي من يهود اليمن , يستقبلهم في البيضاء ويشتري تلك المخطوطات التي لا تقدر بثمن .
وكان المقشر كما أسلفت يقايض 3 قشر بعلبة كبريت ولما يأخذ في القرية جولة كاملة , ثم قبل أن يغادر يعلن الحراج :
يقول صالح مروح : ونحن نردد بعده ( قشرة بشخطة )
هذه وقائع حقيقية عن تاريخ لا زال حي في الذاكرة , وربما كثير من أولئك السرق كبارهم وأبنائهم على رأس سرق اليمن ونهب الجنوب.
واليوم هذا حال قوم صالح اليماني , رغم ما نهبوا وما ارتكبوا من جرائم , من أعماق المأساة يرددون :
( صالح مروح ) وشعب الجنوب يكمل الجملة ( قشرة بشخطة )
فكل ما جنوه بفعل البغي والفجور والنصب والاحتيال , بددته عاصفة الحزم في عقر ديارهم التي سوتها طائرات سلمان الحزم بالأرض , وكذلك تبددت قواتهم , ومرغ شعب الجنوب علوجهم بدمائهم , وخرجوا من الجنوب مذمومين مدحورين , وإلى غير رجعة و إلى أبد الآبدين , بعون الله تعالى , فلا مكان على أرض الجنوب للصوص ولا للقتلة والفاسقين .