fbpx
الدم اليمني.. كم ثمنه..؟ / جـمـال حـسـن
شارك الخبر
الدم اليمني.. كم ثمنه..؟ / جـمـال حـسـن

جـمـال حـسـن

 

كم هو ثمن الدم في اليمن؟ يُهدر الدم بصورة يومية، دون أن يثير أي مستوى رأي، قبل فترة اتصل بي صديق، متسائلاً: لماذا لا يتم تجريم الدم في اليمن، يتم الاعتداء على جنود، أو مواطنين. مسلحين يمارسون القتل بشكل يومي، متطرفون دينيون، رجال قبليون، مع ذلك لا يشكل الأمر أي مبالاة. أما بالنسبة للوضع السياسي يتم استثمار الدم فقط، من اجل تمرير صفقة سياسية. حدثت معارك في كل مكان، اعتداءات في كل وقت، مؤخراً تم الاعتداء على مصالح حكومية، هناك قتلى بالمئات، يتم حصدهم من أجل لا شيء، وعندما تكون للمسألة بعد يخدم مصالح، يتحرك الرأي من اجل تشكيل ضغط سياسي. عندما قُتل مئة في عملية انتحارية في السبعين، ما الذي حدث. تجاهلنا موضوع الارهاب، بينما تم العبث بموت اليمني، من أجل تلفيق سياسي، طرف يتهم عائلة صالح بالوقوف وراء الارهاب، وانصار صالح تتهم المشترك بالتورط من أجل تصفية حسابات. يتم التشوش على الرأي العام، لكن المستفيد الأكبر هو الارهاب، لانه يعمل، ويتنامى ضمن مؤامرة كبيرة، فيما تمارس آلة سياسية لإغفال اليمنيين عن ذلك.

مؤخراً تقصف طائرة امريكية بدون طيار، لتقتل مدنيين ، لا يزعج الامريكيون انفسهم بتقديم أسف، فالخطأ الذي يهدر دم يمني، لا يعني شيئاً هل تتساوى دماؤنا مع الذباب؟. الاحزاب السياسية في اليمن، تكتفي بالادانة، لكنها لا تشكل رأياً حقيقياً. الاصلاح القادر على حشد جماهيري، اكتفى بإدانته الموقعة ضمن المشترك. وللأمر علاقة أيضاً بتسوية سياسية ترعاها الولايات المتحدة، ولا داعي لإغضابه. دم اليمني ثمنه أقل من حبر التسويات. في اليمن لا يتم تجريم الدم، لا يحرك أكثر من إدانة على الورق، من اجل مظهر اجتماعي فقط نقوم به كواجب وعلى عجل. حتى أن إخفاقنا السياسي، لا يلزم نفسه بتعريف المخاطر. على اليمني دفع ثمن حياته، نتيجة خطأ أمريكي، من أجل الارهاب. لكن ما يحدث، أن التطرف يزيد، والقاعدة تحصل أيضاً على حاضن اجتماعي، كرد فعل للموت المجاني. هل تتعمد امريكا بطريقة غير مباشرة، انعاش التطرف، لإدامة حربها، واستمرار ابتزازها لشرقنا الاوسط، وليمننا. لتبرير تدخلاتها واستمرار انتهاكها لسمائنا عبر طائراتها بلا طيار. هيمنتها على مستقبلنا باسم مكافحة الارهاب. ثم كما استعانت بالتطرف للحرب الافغانية ضد الاتحاد السوفيتي، يتم الاستعانة بها، اليوم في سوريا، من أجل المد الشيعي الايراني. لكن نحن مبليين بثنائيات دينية. ، خلقوا للتطرف منبتاً خصباً، كما قدموا للتدخل الخارجي مسرحاً مريعاً.

قبل فترة، تعرض الأمين العام للحزب الاشتراكي ياسين سعيد نعمان، لمحاولة اعتداء، من نقطة عسكرية. وزير الداخلية قال انه نتيجة خطأ. لكن نعمان غادر اليمن بطريقة توحي إلى انه تعرض لواقعة ليست مقصودة. دعونا لا نكون قطعيين في التعامل مع الحادثة. في الواقع، استهداف شخصية سياسية لها وزن ياسين، سيكون له تداعيات كثيرة على المستوى الوطني. وقد يكون الدكتور ياسين بين القيادات السياسية، صاحب انضج رؤية سياسية، اختزلها في مقالة كتبها قبل الانتخابات الرئاسية. تشكل رأياً كبيراً يدين حادثة اعتداء على شخصية تحظى باحترام واسع على المستوى الشعبي. وفي الواقع لم يخل الأمر أيضاً من استخدامات سياسية. في الفيس بوك، واحدة من البوستات لرجل يضع نفسه ضمن “الليبراليين”، اراد فيها تصفية حسابات مع صنعاء، وبسذاجة انجرف كثيرون، باعتبارها مدينة “همجية، وغير حضارية”، وتحدث، بتزييف للتاريخ، ان الشواهد التاريخية، تؤكد أن صنعاء “ليست حاضرة”. لكن ما سأقوله سيزعج كثيرين، يحولون المسائل إلى قضايا انفعالية. ومن الناحية التاريخية، هي الحاضرة الاكثر عراقة. وصنعاء أنجبت شخصيه فكرية عظيمة مثل ابي الحسن الهمداني. لدينا قدرة على تسخيف القضايا. وقد يصبح قائد سياسي أيضاً، ضحية لهذا الاستثمار، حتى من أجل إنتاج حروب، ودماء. البعض اراد تحويلها قضية جنوبية وآخر حضارية.

على مستوى آخر، الدكتور ياسين، يحظى بمكانة سياسية، شكلت رأياً عاماً حول الاعتداء الذي تعرض له. لكن مقتل مواطنين في رداع، فقد عناوين اهتمامنا. وبالتأكيد لا أريد الانتقاص من حادثة معينة. ما يحدث أن الموت لا يتم تجريمه، إلا بالطريقة التي نحقق منها مكسباً سياسياً. المشترك أدان الأعتداء الامريكي باسم محاربة الارهاب. مع ذلك، لا يبدو بنفس الحماسة من موقعه كمعارضة. واليوم قد يقوم انصار صالح بهذا الدور، متناسين تواطؤهم، عندما كانوا مستفردين في الحكم. في اليمن، يمكننا انتقاء الدم. فمثلاً كانت الثورة سلمية، لكن هل كانت ستستمر إذا قُتل أحد أبناء الاحمر.

لا يتوقف الأمر عند هذا، امس خرجت مظاهرة من الساحات تندد بظهور صالح، ومن حقهم مناهضة ظهور صالح أو بقائه في اليمن. في الوقت نفسه، هيمنة تيار سياسي على اللجنة التنظيمية في الساحات، جعلها تتجاهل قضايا وطنية غاية في الأهمية، فصالح نستهجنه لأنه قتل يمنيين ثواراً، وهم يستحقون إحياءهم بكل الطرق، لكن هل دماء اليمنيين الآخرين لا تستحق منا ذلك؟. هل من قتلهم النظام السابق، لا يشبهون اليمنيين الذين قتلتهم طائرة امريكية بلا طيار؟. أو أننا نراعي صفقات رعاة اصدقاء اليمن، أو ما نسميهم المانحين، ونحفظ ماء وجه السياسيين أمام الأصدقاء. أليست اليمن دائماً المسألة الاحتياطية في كل حساباتنا، وما هي سوى أكثر من يافطة لترهاتنا؟.

–         الجمهورية

أخبار ذات صله