fbpx
عادات وموروثات رمضان في الجنوب .. طمس الهوية وغياب التقاليد .. لحج أنموذجاً..!
شارك الخبر

بافع نيوز – خاص – قسم التحقيقات 

في مناطق عديدة من جنوبينا الحبيب إندثرت كثير من العادات والتقاليد بفعل التقاليد الدخيلة التي جاءت من خلف أسوار التقاليد التأريخية والعادات الخاصة بشهر رمضان الكريم حيث تزخر مناطق الجنوب بالكثير من العادات والتقاليد الخاصة بشهر رمضان الكريم وهي العادات التي كانت تمارسها المجتمعات الجنوبية كل بحسب خصوصيته .

ففي رمضان المبارك تعتبر الموروثات الشعبية هل التأريخ للأحفاد بعد ممارسة الأجداد والأباء لها ، ويتذكر كثير من الأباء حالياً تلك الموروثات والطقوس الرمضانية الخاصة بنكهة رمضان  شهر العبادة والرحمة  وهي الهوية التي يجب للجيل الجنوبي الجديد أن يستمد منها قوة هويته ورسوخها بعد أن حاول الاحتلال طمسها خلال عقدين من الزمن .

ولأن تلك التقاليد والموروثات الشعبية بدأت بالاندثار وحلت محلها تقاليد جديدة غير تلك التي يزخر بها المجتمع الجنوبي بفعل الثقافة والممارسات الدخيلة فإننا ومن منطلق التذكير وإستعادة كل تلك الموروثات الشعبية بحثنا طويلاً في رمضان الفائت من أجل استكشاف تلك العادات والتقاليد الخاصة برمضان ونشرنا بعضها  في إحدى المواقع الإكترونية في الوقت الذي كانت تعيش فيه الصحف الجنوبية حصاراً خانقاً ومنعاً من الصدور من قبل الاحتلال .

واليوم  ينشر”يافع نيوز ” ويستكمل النشر لتلك الموروثات الشعبية الجنوبية من خلال الاستطلاع والاستقصاء عن العادات الرمضانية لكي يتعرف اجيال الجنوب على عادات الأباء والأجداد الزاخر بالعبادة وممارسات الفضيلة وتبادل أحاديث القصص النبوية  في شهر رمضان  الكريم .

الحوطة.. تبن

تتميز مديريتا الحوطة وتبن بمحافظة لحج بالعديد من العادات والتقاليد والسمات الرمضانية , فهناك عادات رمضانية قديمة في حواري الحوطة وقرى تبن كالتواصل بين الأرحام وتبادل الأطعمة بين الجيران حيث تطبخ في بعض البيوت وجبة لا تكون في البيت المجاور وأيضا العكس, ليحدث التبادل.

حيث كان يحتشد الآباء والشباب بعد صلاة التراويح في الكثير من الأماكن العامة والمنتديات ويقومون بتبادل الاحاديث والقصص النبوية وترديد الزوامل والأشعار والقصائد بكل أنواعها.

ويرى كثير من أبناء الحوطة أن كثرة متابعة برامج رمضان والانشغال بالتلفيزيون أضعف العلاقات الاجتماعية الرمضانية وزيارات الأرحام التي كانت من أهم عادات وتقاليد شهر رمضان في الحوطة وتبن.

وكانت عادة المسحراتي التي اندثرت في بعض الأحياء, وهو الشخص الذي يقوم بإعلام أهل القرية بوقت السحور, إذ أنها عادة قديمة تجلب الفرح للصائمين وهم يسمعون “سحورك يا صائم”.

ويقوم المسحراتي في بداية رمضان بالترحيب لقدومه, عبر ترديده “يا مرحباً بك يا رمضان”, وفي نهايته يودعه بقوله : “مودّع مودّع يا رمضان يا شهر التوبة والغفران”.

وما زالت قرى “الحمراء”, و”الشقعه”, و”الحسيني”, و”المجحفه”, و”بيت عياض”, و”الحاسكي”, و”جول اليماني” في مديرية تبن تحتفظ بعادة “المسحراتي”.

يافع

ففي يافع يقول الحاج ” الخضر حسين ” كانت تقام المواليد أو الطقوس الخاصة بشهر رمضان الكريم, حيث يجتمع الناس في دواوين واسعة المساحة, ويحضر “الفقيه” ليلقنهم بعض العبارات الدينية التي تدعو النبي “صلى الله عليه وسلّم” بالشفاعة لهم, وتسرد فيه الأوصاف والعبارات الدالة على كرامته ومكانته, ويحدث ذلك بعد صلاة التراويح التي تتبع صلاة العشاء حتى منتصف الليل.

كما كان هناك أشخاص يسمون بـ”المؤلفين”, يقومون بتأليف أشعار دينية تتناسب والطقوس الدينية.

ردفان

وفي ردفان بمديرياتها الأربع, لا تختلف كثيرا عن مديريات يافع , إذ كانت تقام تلك الطقوس خلال شهر رمضان حتى وقت قريب قبل ظهور الدعوات المتشددة الذين شنت حملات أحالتها إلى متحف الذكريات.

كما كانت تلك الطقوس تقام في قرى مديرية الملاح, ومنطقة الراحة التابعة لها “الحواشب الغربية”، حيث يقول طاعن في السن من سكان منطقة الراحة :كان الناس  يجتمعون في ليالي رمضان في منازل معينة, ويقيمون لقاءات يتم فيها تبادل قصص الأنبياء وسيرهم, وتبادل قصص الغزوات وأخبار الصحابة, كما كان الناس يستفتون الفقيه عن الأمور الدينية, وأحكام الواجبات.

المسيمير.. كرش

أما في مديرية المسيمير, ومنطقة كرش التي كانت تتبع مديرية تبن قبل عام 1990, فكانت تقام نفس الطقوس الدينية مع اختلاف شكلي في الأسلوب. إلا أنها اندثرت في الوقت الحاضر؛ بسبب الدعوات المتشددة ذاتها.

ولم تتبق من تلك الطقوس إلا الشيء اليسير, حيث كان يقيم الناس تجمعات في بعض الأماكن التي يجتمعون فيها؛ لقضاء ليالي رمضان في تبادل المعلومات والنقاشات, كما يقيم البعض منهم مسابقات دينية وتاريخية وثقافية, وتذهب بعض المناطق لتقيم في نهار رمضان دروسا دينية بمساجدها في السيرة النبوية أو تاريخ الصحابة.

إلى ذلك, يتخذ الناس من شهر رمضان شهرا لتبادل الزيارات الأسرية, وعيادة المرضى, ومواساة المحتاجين والتعبد في المساجد وقراءة القران.

ومع كل ذلك يبدو أن هناك أسبابا رئيسية جعلت الناس تفقد بعض الموروثات والتقاليد والممارسات الرمضانية , ومن أهمها الحاجة والفاقة والفقر المدقع الذي جعل الناس يلزمون منازلهم خاصة وأن كل تحرك يحتاج إلى نقود, مثل تبادل الزيارات, وغيرها. كما أن لوسائط العصر الحالي, بالإضافة إلى دعوات التحريم لتلك الطقوس الدينية القديمة ساهم في عملية الإقلاع عنها وإيقافها عند محاكاة الماضي المطمور في سلة التراث .

أخبار ذات صله