fbpx
الخطيئة عندما تتكرر تغدو عارا وجريمة

د عيدروس نصر ناصر

تستمر الحوارات في موفمبك ويتعلق قادة الأحزاب السياسية اليمنية بقشة الصدقة التي سيقدمها لهم جماعة الحوثي تحت التهديد بالسلاح.

الحوثي يبعث ببعض الصبية لحوار قادة سياسيين أصغرهم تجاوز الستين من عمره أو قاربها وتجاوز العقود الثلاثة في العمل السياسي أو قاربها لكن الحوثي إذ يرسل هؤلاء الصبية للحوار يرسل فيالقه العسكرية لتحتل مناطق ومحافظات جديدة، وعينه ليس على ما يخرج به الحوار بل على ما سيفرضه من وقائع جديدة على الأرض، وهكذا يلهث وراؤه السياسيون مستنجدين به أن يقف حيث وصل وأن لا يواصل الزحف على مواقع جديدة، بينما قد يوقع معهم اتفاقا ثم لا يلبث أن يخرقه قبل أن يجف حبره كما هي عادته متحججا بأي ذريعة أقلها عدم امتثال الموقعين معه لشعارات ثورته المزعومة وفي مقدمتها “الموت لأمريكا” . . . أمريكا التي تسانده وتدعمه وترضى عن كل ما يفعله ويبرم معها الاتفاقيات على تنفيذ أجندة مشتركة.

بينما يتحاور قادة الأحزاب مع هؤلاء الصبية تخرج المسيرات بالآلاف إن لم يكن بعشرات ومئات الآلاف في مدن يمنية عديدة شمالية وجنوبية رافضة الانقلاب العسكري الحوثي، ومن بين المتظاهرين الرافضين كوادر وأعضاء في تلك الأحزاب التي تتحاور مع الصبية الحوثيين، وتقوم ميليشيات الحوثيين بقمع واختطاف وإخفاء المئات من الشباب المتظاهرين ومنهم أعضاء وأنصار لتلك الأحزاب التي تحاور الحوثيين، هذه الصورة توضح لنا تلك الهوة بين قيادات الأحزاب وكادراتها الوسطى وقواعدها، وتقول لنا أن قادة الأحزاب في واد وشبابهم وقواعدهم في واد آخر وإنهم (أي قادة الأحزاب) لا يثقون بقواعدهم وشبابهم وأنصارهم من المواطنين ولا بقدراتهم الخلاقة ووعيه الثاقب والمتجدد، وإلا لكانت أول خطوة علمها القادة هي الدفاع عن أعضائهم وقيادييهم وممثلين من الوزراء المحتجزين، لكن هؤلاء القادة يخشون أن يلحقوا بالشهداء والجرحى والمختطفين من كوادرهم ولذلك يقايضون بدماء وآلام هؤلاء الشباب مقابل الفوز بفتات من الكعكة الحوثية الملوثة والمتعفنة، بينما يواصل الحوثي فرض وقائع جديدة كان بدأها أيام هادي المتهم بأنه من يسر له دخول عمران وصنعاء وكانت مكافأته لهادي كما يعلمها الجميع.

يا قادة الأجزاب اليمنية

أنتم تتحاورون مع قوم إذا حدثوا كذبوا وإذا وعدوا خلفوا وإذا خاصموا فجروا وإذا اؤتمنوا خانوا فكيف ستثقون بهم بأنهم سينفذون ما يتعهدون به وتجربة السلم والشراكة ما تزال ماثلة أمام عيونكم؟

عندما كنتم تتحاورون معهم على تعديل إعلانهم الدستوري (وهذا هو المعنى الحقيقي للاتفاق الذي يدور الحديث عنه) كان  الحوثي عند مداخل مدينة البيضاء ولم تكملوا جلستكم الصباحية حتى كان قد احتل المحافظة الثامنة وأخضعها لمليشياته، وغدا وقبل أن تعلنوا معه الصيغة النهائية للاتفاق المنتظر سيكون قد أسقط محافظة أو محافظتين تاسعة وعاشرة وربما حادية عشرة، وليستمر الحوار ولتستمر الاتفاقيات، فالرجل لا يهمه ثمن الورق والحبر وكلفة طباعة الاتفاقيات لأن ما يهمه ليس النصوص على الورق بل الحقائق على الأرض، وعندما يسقط مأرب وأي محافظة أو محافظتين جنوبيتين، سيكون جنوده يحكمون الحصار عليكم داخل منازلكم ولو تحت حجة حمايتكم من كوادركم الغاضبة من سلوككم الأخرق.

الحوار مع الصبية الحوثيين ترقى من الخطيئة إلى العار، . . .نعم إنه العار بعينه أن يتحاور سياسيون يفترض أنهم محترمون ولهم تاريخ محترم مع عصابة مسلحة كل مخزونها الفكري والثقافي هو المراوغة والتضليل والدجل والافتراء والخداع، عصابة تستخدم التهديد والوعيد والقذف والسب حتى في جلسات الحوار.

إن على قادة الأحزاب أن يتذكروا إلى ماذا أدى الحوار مع علي صالح عام 2011م وكيف كانت إرادات الشباب أقوى من إرادات القادة، وكيف كان حدس الشباب وتوقعهم في الساحات أذكى وأبلغ من \هاء القادة في عرف الحوار.

التاريخ اليوم يعيد نفسه مع فارق أن من كنتم تحاورونه بالأمس كان يتحجج بالشرعية وكان يتودد لكم الرأفة به ومنحه الحصانة على ما ارتكب من جرائم، بينما تتوددون اليوم لمحاوريكم أن يمنحوكم شيئا تافها من الفتات وهم بلا أية شرعية لا حقيقية ولا مصطنعة ولا تجرؤون على الإشارة إلأى ما ترتكب عصاباته من جرائم أخلاقية وجنائية وسياسية وقانونية، فهل ترعوون وتخرجون إلى الشوارع مع كوادركم وشبابكم ومواطنيكم وتثقون بأنهم على صواب؟ أم أنكم مصرون على خذلانهم مرة أخرى كما خذلتموهم في العام 2011م؟

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد

 ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ 
*   من صفحة الكاتب على الفيس بوك