fbpx
الدكتور السقاف يكشف السند القانوني الدولي لفك الارتباط
شارك الخبر

يافع نيوز – خـــــاص

نشر الدكتور وأستاذ القانون الدولي المحامي محمد علي السقاف بحثاً مفصلاً حول السند القانوني  لفك الارتباط واستعادة دولة الجنوب ، وذكر حقائق جديدة حول رفض مجلس الأمن والأمم المتحدة  إدانة قرار الرئيس الجنوبي علي سالم البيض بفك الارتباط من الوحدة في 21 مايو 1994م ، ورد مجلس الأمن على طلب صنعاء بشأن ذلك بقرار رقم ” 931″ الذي أكد على انه لا وحدة بالقوة  .

جاء ذلك في رده القانوني على الباحث اليمني عبد الناصر المطوع الذي نشره موقع ” المصدر اون لاين ” وهو عبارة عن 15 صفحة يراد به زعزعة ثقة الجنوبيين وزرع اليأس في نفوسهم كما قالها الدكتور السقاف رده  .

 وأوضح الرد المطول الذي كتبه الدكتور محمد علي السقاف بأن مجلس الأمن رفض إدانة قرار الرئيس علي سالم البيض بفك الارتباط في 21 مايو 1994م بعد أن طلبت صنعاء من مجلس الأمن ذلك .

 كما وجه الدكتور السقاف في سبيل رده  عن  مسألة أن حضرموت ستطالب الانفصال عن الجنوب بعد فك الارتباط  بسؤال وجهه السقاف لكل من يقول ذلك وهو  لماذا يطالب الجنوبيون بفك الإرتباط مع الشمال منذ عام 1994م..؟ أي بعد نحو (4) سنوات من قيام الوحدة وتأكيد ذلك بشكل أكبر مع ميلاد الحراك في 2007م أي بعد (17) سنة من قيامها ولم يطالب أبناء حضرموت طيلة (33) عاما منذ الإستقلال في 1967 حتى 1990 بالإنفصال عن الجنوب..؟.
ألا يعني ذلك أن الهوية واحدة بين أبناء الجنوب وهذه الهوية الواحدة..؟ حين أصطدمت بالهوية الشمالية المختلفة . ومع ذلك أقول أن الجنوبيين سيعثرون على حل ملائم بتبني الفيدرالية في إطار الجنوب وإعطاء الفرص بالتعبير عن أية مطالب أخرى قد تظهر بين أفراد الشعب الجنوبي .

وبشأن الاستفتاء الشعبي  في الجنوب قال الدكتور السقاف إن إستخدام الإستفتاء الشعبي لأبناء الجنوب إذا كان ذلك ضروريا كآلية ديمقراطية فقط لمعرفة رأي الشعب الجنوبي ليس في أحقيته في إستعادة دولته السابقة لأن ( هذا الحق ليس مجال للتفاوض فهو حق طبيعي مكتسب حصل عليه بإستقلاله من بريطانيا 1967) .

وفي ما يخص الوحدة اليمنية أشار السقاف إلى أن الوحدة قامت إرسال مذكرتين منفصليتين من وزيري خارجية الدولتين يبلغان فيها الأمين العام للأمم المتحدة بتوحد الدولتين في 22/ مايو/1990م وبدوره وزع الأمين العام هذا الإشعار إلى الهيئات الرئيسية في المنظمة . .مضيفاً أن الجمهورية اليمنية   لم تنظم بعضوية جديدة في الأمم المتحدة  ولو أن ذلك حدث و أعتبرت دولة جديدة أنضمت للأمم المتحدة فأتحدى أن يعطونا رقم وتاريخ قبول عضويتها كدولة جديدة ؟ فالمعروف وفق الفقرة 2 من المادة (4) من ميثاق الأمم المتحدة بانه يتم ( قبول أية دولة جديدة في عضوية الأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن) .

نص الرد القانوني للدكتور محمد علي السقاف :-   بعنوان

الســـند القانوني لفك الإرتباط موجود وتأكيد العكس هرطقة قانونية وسياسية


بقلـــم د/ محمد علي الســـــقاف
واشنطن 16 / يونيو/2012م

( إهـــداء إلى شباب ونساء الجنوب والشهداء والجرحى والمعتقلين أعلموا أن نضالكم بفك الإرتباط له أساس قانوني مطلق ).
تحذير:- مسموح الإقتباس شريطة ذكر المصدر لتفادي المسائلة القانونية
ملاحظات أولية  :-
يبدو أن هناك توجه شمالي مبرمج يهدف إلى زعزعة ثقة الجنوبيين بقضيتهم وإحباط معنوياتهم بإستخدام الفتاوى الدينية من جديد كما أستخدمت في 1994م بإصدار بيان ما سمى بعلماء اليمن وإنتقال الحملة الآن إلى تكليف البعض الأخر لإصدار فتاوى قانونية بنشر بحث من (15) صفحة في موقع “المصدر اون لاين” للباحث / عبد الناصر المودع بعنوان هل هناك سند قانوني لفك الإرتباط أو تقرير مصير جنوب اليمن..؟
1- كنت أفضل ترك الرد القانوني على هذه الهجمة من قبل المستشارين القانونين للرئيس البيض أو من قبل الأكاديميين في الجنوب، ولكن خشيت أن يطول الإنتظار بعد مرور أكثر من أسبوع دون نشر رد قانوني على ذلك ولهذا بطلب من بعض الأصدقاء أبادر بالرد، ولن يشمل هذا الرد على جميع النقاط التي تناولها الباحث
2- وفي الأخير أن إثبات عدم قانونية ما ذكره المودع في إدعائه بغياب السند القانوني لفك الإرتباط وفي حق تقرير المصير وهو بحد ذاته إثبات غير مباشر وربما حتى مباشر على وجود السند القانوني الأكيد للقضية الجنوبية والذي أصر حتى الآن عدم كشف كامل ملف دفاعنا القانوني والسياسي.
أولا :- نماذج مختارة في كيفية تأسست الدول
بغرض تصحيح ما جاء في مقدمة بحث عبدالناصر المودع حول كيفية تتأسس الدول ليبنى عليها لاحقا تحليلا خاطئا بغياب السند القانوني لفك الإرتباط وحق تقرير المصير، نقول بإختصار بأنه حتى القرن التاسع عشر كانت
هناك أراضي لم يتم إمتلاكها أو إحتلالها بعد لإقامة دوله عليها ، وأصبح الوضع الآن مختلفا فالدول الجديدة تم تأسيسها على أراضي تتبع دول قائمة عبر طريقتين أساسيتين فأما عبر فصل أراضي الدولة الإستعمارية ( الكولونالية) وإما خارج إطار تصفية الإستعمار عبر الإنفصال/ أو فك الإرتباط.

– 1  تأسيس دول جديدة عبر الإنفصال :-
• في مرحلة تصفية الإستعمار كل الدول التي أستقلت أقتطعت من أراضي الإمبراطوريات الإستعمارية لتقام عليها دولة أو عدد من الدول المستقلة، أمثله ما حدث في عام 1776 بتأسيس 13 دولة مستقلة في أمريكا الشمالية / وأخرى في أمريكا الوسطى/ والجنوبية في القرن التاسع عشر.
تلاها موجة الإستقلال في منتصف القرن العشرين في أفريقيا وأسيا. في هذه الأمثلة هناك مسافة جغرافية بعيدة تفصل بين الدولة المستعمرة عن مستعمراتها من جهة ومن جهة أخرى تأسيس تلك الدول المستقلة فوق الأراضي التي بحوزة الدولة الإستعمارية لم يؤدي إلى زوال الدولة الإستعمارية برغم إقتطاع أراضي شاسعة من أراضيها فالإمبراطورية التي لا يغيب عنها الشمس لم يؤدي إستغلال المستعمرات البريطانية وإنكماش المملكة المتحدة على جزرها إلى فقدان صفتها كدولة ذات سيادة.
•  هناك حالات دول تأسست من خلال الإنفصال عن دولة أخرى تجمعهما حدود مشتركة مثال إنفصال بلجيكا عن هولاندا في عام 1830 و دول البلقان التي تأسست على التوالي في نهاية القرن التاسع عشر مع بداية تفكك الإمبراطورية العثمانية وخروج فنلندا ودول البلطيق عن الإمبراطورية الروسية في نهاية الحرب العالمية الأولى ,وإنفصال بنجلاديش عن باكستان في 1971 ومؤخرا كوسوفو عن صربيا في عام 2008.
في النماذج السابقة ظهور عشرات من الدول الجديدة التي تأسست على أراضي دولة أخرى عن طريق إنفصالها عنها لم يؤدي ذلك إلى زوال الدولة ( الأم) لو جاز لنا التعبير، كالمملكة المتحدة وفرنسا التي ظلتا كدول قائمة بجانب الدول التي أستقلت عنها، وسنرى الآن حالات مختلفة عن النموذج السابق.
-2   تأسيس دول جديدة لتحل مكان دولة أو عدد من الدول :-
• تأسيس دولة واحدة جديدة من خلال توحد دولتين أو أكثر فيما بينهما تحل فيهما تأسيس الدولة الجديدة محل الدولتين أو أكثر من الدولتين السابقتين، مثال الوحدة المصرية السورية ووحدة الجنوب والشمال اليمني والوحدة بين ألمانيا الشرقية والغربية.
•  النموذج الأخر بعكس المثال السابق أعلاه يتمثل بوجود دولة واحدة قائمة كالفيدراليات الثلاثة التي كانت قائمة وتفككت مثل الإتحاد السوفيتي/ الإتحاد اليوغسلافي / الإتحاد التشيكو سلوفاكيا يؤدي هذا التفكك للدولة الواحدة إلى ميلاد عدد من الدول الجديدة .

ثـــانيــــا:- الهرطقة القانونية والسياسية بإدعاء غياب السند القانوني لفك الإرتباط وحق تقرير المصير

ميزة البحث الرئيسية للباحث المودع أنه طرح بوضوح سؤالين رئيسين هما :-
– 1  هل مطلب الجنوبيين بفك الإرتباط عن الشمال له سند قانوني يعطيهم الحق بذلك أم لا..؟
2- مبدأ حق تقرير المصير هل ينطبق على مطالب الجنوبيين بفك الإرتباط أم لا..؟
جاءت إجابة الباحث على السؤالين بالنفي لغياب السند القانوني حسب إدعائه مبررا ذلك بتقديمه نماذج دولية كثيرة يرى فيها وفق قراءته لها أنها تؤكد فيما ذهب إليه من غياب أي حق للجنوبيين في فك الإرتباط وفي حق تقرير المصير.

1- محاولة إثبات غياب السند القانوني لفك الإرتباط
عمد الباحث إلى أسلوب التدليس وخلط الأوراق بإدعائه تارة أن القانون الداخلي يحظر الإنفصال وفق نصوص الدستور اليمني وتارة أخرى أن القانون الدولي نفسه يمنع الإنفصال لأنه يمس وحدة أراضي الدول وسيادتها والحالات التي يسمح بها للإنفصال تتم عادة إما وفق القانون الداخلي الذي يجيز ذلك بغض النظر عن قبول الحكومة المركزية أو رفضها تفعيل هذا الحق، أما في حالة غياب نص قانوني يجيز الإنفصال يشترط القانون الدولي حسب إدعائه أن تقبل الحكومة المركزية إنفصال هذا الإقليم عن الدولة الأم ويكون هذا القبول أما عبر ترتيبات قانونية وسياسية تتم مع الجهة التي تمثل شعب الإقليم أو القبول بالإنفصال كأمر واقع وبناءا على ما سبق قام الباحث بإسقاط ذلك على المطالب الجنوبية بإستعادة دولة الجنوب أنها تشكل حالة إنفصال وليست فك إرتباط تتعارض مع نصوص الدستور والقانون الدولي ونماذج التجارب العالمية .
فالمطالب الجنوبية وفق المادة الأولى من الدستور التي تقضى ( بان الجمهورية اليمنية وحدة لا تتجزأ ولا يجوز التنازل عن أي جزء منها) أعتبر أنها بذلك تحظر إقتطاع جزء من أراضيها لتأسيس دولة جديدة عليها لأن المناطق الجنوبية تعتبر جزءا من أراضي الجمهورية اليمنية وعليه فأن سكان هذه المناطق يعتبرون مواطنون تابعون للجمهورية .
هذا النص الدستوري هو في الواقع نص تقليدي معروف وموجود في أغلب إن لم نقول في جميع دساتير الدول من الدول البسيطة إلى الدول المركبة (الفيدرالية والكونفيدرالية) فجميع الدول تؤكد في دساتيرها وحدة أراضيها ووحدتها السياسية لا تقبل التجزئة سواء عبر الإنفصال أو فك الإرتباط ولم يمنع ذلك من حدوثهما وبعض الدول التي أجازت نصوص دستورها على الإنفصال أو فك الإرتباط ترفض على أرض الواقع قبول ذلك ونعطى هنا مثالين ذكرهما الباحث للدستور السوفيتي والدستور اليوغسلافي اللذان أجازا من ناحية المبدأ حق الجمهوريات في الإنفصال، حيث أجاز الدستور السوفيتي حق الإنفصال من جانب واحد لأي من الجمهوريات السوفيتية ولكنه تدارك الأمر في عام 1990 بإصدار قانون منظما لهذا الحق يجعل عملية الإنفصال شبه مستحيلة.

وفي الدستور اليوغسلافي سمح بالإنفصال شريطة الموافقة عليه من قبل جميع بقية الجمهوريات الفيدرالية  .
في الواقع العملي كان الموقف مختلفا فحين أعلنت كل من جمهورية سلوفانيا وكرواتيا إستقلالهما في 25و27 / يونيو/ 1991 قامت القوات الفيدرالية بعد الإعلان بيومين فقط بإستخدام العنف المسلح ضدهما لتحولا دون إستقلالهما ومع ذلك حصل على إستقلالهما مع بقية الجمهوريات.
سواء الدول التي حظرت في دستورها الإنفصال أو فك الإرتباط لم يمنع ذلك من حدوث الإنفصال بين باكستان والهند أو بين باكستان وبنجلادش وكذلك في إستعادة الدول سيادتها في مثال الوحدة السورية المصرية.

إدعاءات الباحث عبدالناصر أن إنفصال الجنوب محظور بسبب عدم سماح الدستور بذلك مثل هذه الحجج لا تنطبق على الجنوب لكون مطلبه لا يقوم على الإنفصال وإنما يقوم على فك الإرتباط وموضوع الإنفصال قد ينطبق في حالة مطالبة محافظة الحديدة أو تعز بالإنفصال عن اليمن الشمالي.
( وقد سعت تهامة فعلا في عقد الثلاثينات من القرن الماضي بالإنفصال) عن المملكة المتوكلية اليمنية بطلبها من ((عصبة الأمم )) إعطاءها حق تقرير المصير ورفض الطلب حينها لأن مفاهيم حقوق الإنسان وحقوق الأقليات لم تصل إلى ما هي عليه حاليا.
وحتى لو أعتبرنا جدلا أن مطلب الجنوب هو إنفصال وليس فك إرتباط فهل عدم سماح الدستور بذلك يمنعه من إستعادة دولته بمعنى آخر هل يمكن لدولة مثل اليمن الإستناد على المستوى الدولي إلى نصوص دستورها مباشرة لتدعى بأن محاولة الإنفصال في الجنوب يعتبر غير مقبول وغير شرعي ؟
الإجابة على ذلك بالنفي وهذا ما أكدته محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية لاهوت سيليزية بتاريخ 25/ 5/ 1926 ومؤخرا لجنة القاضي ( بادنتير) حول الأزمة اليوغسلافية في 29/11/ 1991م حيث أعتبرت اللجنة أنه بالنسبة للقانون الدولي ( أن شكل التنظيم السياسي الداخلي والنصوص الدستورية تشكل مجرد وقائع فقط للعلم والإطلاع غير ملزمة ولهذا بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي برقم 924 لعام 1994 طالبت صنعاء مجلس الأمن بإدانة ما سمته إعلان البيض بالإنفصال في 21/ مايو/1994م بإستعادة دولة الجنوب كرد فعل على الحرب ، رد مجلس الأمن على هذا الطلب بقراره رقم 931 لعام 1994 برفض إدانة قرار 21/ مايو/ 1994م، وطالب الأطراف بإستئناف الحوار دون شروط مسبقة وهذه العبارة الأخيرة كانت هي الرد على ذلك الطلب في حين أدانا مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة بلهجة شديدة محاولتي الإنفصال التي جرت في الستينات في الكونغو والسبعينات في نجيريا .

لذلك أشار الباحث المودع أن المطالبون بفك الإرتباط يعتبرون أن دعوتهم ليست مطالبة بالإنفصال كونها لا تطالب بإنشاء دولة جديدة وإنما إستعادة دولة كانت قائمة ومعترفا بها دوليا وعضوا في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية وأدعى الباحث بأن هذا الرأي من الناحية القانونية غير صحيح؟
لماذا يا مودع هذا الرأي غير صحيح ..؟ لأن تلك الدولة حسب قوله قد ألغيت بموجب الوحدة الإندماجية ولم يعد لها من وجود قانوني ولا يملك أحد تمثيلها قانونا بعد إلغاءها وأعتبر أن حالة فك الإرتباط تتم في الإتحادات التي تتكون من دول مستقلة ذات سيادة فيما يسمى الإتحاد الكونفدرالي ومن أمثلة ذلك الإتحاد الأوروبي الذي بإمكان أى دولة أن تفك إرتباطها بالإتحاد بينما الدعوى بفك الإرتباط وإستعادة الدولة الجنوبية حسب إدعاء الباحث مجددا لا يمكن وصفه إلا بأنه هرطقة قانونية ليس إلا ؟.
أخشى أن الهرطقة القانونية هو ما ذكره الباحث ولنبدأ بإظهار ذلك بما قاله في الفقرة الأخيرة بخصوص الإتحاد الأوروبي الذي أعتبره إتحاد كونفدراالي وهذا غير صحيح فالإتحاد الأوروبي هو منظمة إقليمية ومثل كل المنظمات الإقليمية والدولية يحق للدول الأعضاء الإنسحاب منها مثلما يحق لأعضاء جامعة الدول العربية والإتحاد الأفريقي والأمم المتحدة الإنسحاب من عضويتها لكونها دول مستقلة وليس لأن تلك المنظمات هي إتحاد كونفدرالي.
الجمهورية اليمنية هل تم قبول عضويتها في الأمم المتحدة كدولة جديدة؟
في 22 / مايو/ 1990م توحدت دولتي( ج.ي.د.ش/ ج.ع.ي) العضوين المستقلين في الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تحت مسمى دولة جديدة أسمها الجمهورية اليمنية .
كيف تحقق ذلك على مستوى الأمم المتحدة ؟ تحقق ذلك عبر إرسال مذكرتين منفصليتين من وزيري خارجية الدولتين يبلغان فيها الأمين العام للأمم المتحدة بتوحد الدولتين في 22/ مايو/1990م وبدوره وزع الأمين العام هذا الإشعار إلى الهيئات الرئيسية في المنظمة .

وقبل ذلك التاريخ بنحو سنة وتحديدا في 18/10/1989م أنتخب أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة كما هو معتاد دوريا الأعضاء الجدد غير الدائمين في مجلس الأمن ومنهم (ج.ي.د.ش) فإذا كانت الجمهورية اليمنية أعتبرت دولة جديدة أنضمت للأمم المتحدة فهل يمكن لعبد الناصر المودع أن يعطينا رقم وتاريخ قبول عضويتها كدولة جديدة ؟ فالمعروف وفق الفقرة 2 من المادة (4) من ميثاق الأمم المتحدة بانه يتم ( قبول أية دولة في عضوية الأمم المتحدة بقرار من الجمعية العامة بناء على توصية مجلس الأمن) من دون هذا القبول رسميا هل يمكن إعتبار ميلاد الجمهورية اليمنية بمثابة إلغاء للدولتين العضويين أم تجميد مقعديهما.

تعليق أم إلغاء عضوية الدولتين ( ج.ي.د.ش/ ج.ع.ي) في الأمم المتحدة بعد إعلان وحدتهما؟
للرد على هذا التساؤل الهام والخطير سنقدم إجابات عليه من خلال إستعراض نماذج دولية حدثت وتعاطت معها الأمم المتحدة سياسيا وقانونيا.
النموذج الأول الهند وباكستان
حين أنحلت الإمبراطورية الهندية أشترط على باكستان أن يتم قبول عضويتها في الأمم المتحدة وفق شروط الميثاق ولم يطلب من الهند ذلك لإعتبارها الوريثة القانونية للأمبراطورية الهندية التي كانت عضوا في المنظمة الدولية، وقد تحدد هذا الموقف بفتوى قانونية للجنة السادسة التابعة للأمم المتحدة في 6/10/1947م حيث قضت بما يلي:-
))عند تأسيس أي دولة جديدة مهما كان إقليمها أو سكانها التي تأسست عليها سواء كانت هذه تتبع أم لا دولة عضوا في الأمم المتحدة فأن هذه الدولة الجديدة لا يمكن لها وفق النظام الأممي وميثاق الأمم المتحدة أن تعتبر بدورها عضوا في الأمم المتحدة إلا بعد أن يتم قبول عضويتها فيها وفق شروط العضوية المنصوص عليها في الميثاق)).
وهذا ما خضعت إليه باكستان وأستندت إليه اللجنة الأوروبية للإتحاد الأوروبي التي شكلت لحل الأزمة اليوغسلافية التي أشترطت على دولة صربيا التقدم لعضوية الأمم المتحدة كدولة جديدة وفق سابقة الحالة الهندية الباكستانية.
النموذج الثاني الوحدة المصرية السورية

لأنهما كانا عضويين في الأمم المتحدة قبل تحقيق الوحدة بينهما في عام 1958 وذوبان الدولتين في دولة واحدة أسمها الجمهورية العربية المتحدة تم إبلاغ الأمم المتحدة بذلك ولم يتم إخضاع الدولة الجديدة إلى شروط عضوية الأمم المتحدة. وعند إتخاذ سوريا قرار فك الإرتباط عن مصر في عام 1961م أكتفت بإبلاغ الأمم المتحدة عبر رئيس وزراءها برغبتها إستعادة مقعدها في الأمم المتحدة وهو ما قبلته الأمم المتحدة خاصة أن مصر لم تعترض على ذلك وأعتبر الأمر وكأن عضويتهما في الأمم المتحدة لم يتم إلغائهما بوحدتهما وإنما تم (( تعليق عضويتهما)). حسب التعبير الجميل لأحد فقهاء القانون الدولي.
فلا سوريا ولا مصر طلب منهما لإستعادة عضويتهما في الأمم المتحدة تلبية شروط العضوية من جديد وفق الميثاق مما يميز وضعهما عن الحالة الهندية، لأن الدولتان معا قبل توحدهما في دولة واحدة كانا في الأساس دولتين عضوين في الأمم المتحدة بينما الهند وباكستان لم تكونا عضويين في الأمم المتحدة وبإنفصال باكستان طلب منها الخضوع لشروط العضوية وبإنفصال بنجلادش عن باكستان في عام 1971م بفضل دعم الهند لهذا الإنفصال كون عضويتها لم تقبل إلا في عام 1974م لا يعود ذلك كما ذكر المودع إلا بإعتراف باكستان الذي منح الإنفصال الشرعية القانونية(( وهو بهذا يريد توجيه رسالة إلى الجنوبيين)) وإنما السبب يعود إلى فترة الحرب الباردة وإستخدام أحد الأعضاء الدائميين في مجلس الأمن حق النقض للإعتراض على قبول عضويتها وليس بعد موافقة باكستان بإنفصالها . وتأكيدا على دور الأعضاء الدائميين بمنع قبول عضوية دولة معترف بها مثل كوسوفو التي أعترف بها أكثر من ((70)) دولة منها الولايات المتحدة وعدد من دول الإتحاد الأوربي لم تتقدم بطلب العضوية للأمم المتحدة لأنها وفق شروط العضوية يتطلب موافقة مجلس الأمن وبوجود روسيا فيه وإمتلاكها حق الفيتو ستعترض على قبولها في الأمم المتحدة.
النموذج الثالث الوحدة الألمانية
هما عضويين في الأمم المتحدة منذ عام 1973م وتوحدتا في دولة واحدة في أكتوبر 1990م قد يتسأل البعض لماذا ذكرت أن الجمهورية اليمنية لم يتم قبول عضويتها كدولة جديدة في الأمم المتحدة في حين قبلت ألمانيا الإتحادية ؟ سؤال وجيه الفارق الرئيسي يعود إلى أن ألمانيا الديمقراطية عند وحدتها هي التي ألغيت وجودها كدولة وليس ألمانيا الغربية التي أستمرت عضويتها في الأمم المتحدة.
بينما في الحالتين السورية والمصرية والجنوبية والشمالية لليمن لم يتم إلغاء واحدة منهما وإنما ألغيت الدولتين معا وعند فك سوريا عن مصر أعتبر مقعديهما في الأمم المتحدة بمثابة تعليق للعضوية أثناء الوحدة أستعادت كل منهما مقعده بعد ذلك .
ونشير فيما يلي تعليق سريع لنموذجين ذكرهما المودع في بحثه يتعلق :-
-1   بخصوص أرض الصومال:
أراد من هذا المثال القول أمرين أن هناك وحدة قامت بين الصومال البريطاني( هرجيسا) والصومال الإيطالي ( مقديشو) في عام 1961م وبإنهيار السلطة المركزية في مقديشو عام 1991م تم الإعلان عن جمهورية أرض الصومال على أساس أن قادة هذه الجمهورية يعتقدون بأنهم يمتلكون الحق القانوني في تكوين دولة خاصة بهم إلا أن المجتمع الدولي والقانون الدولي حسب المودع لم يعترف بهذه الدولة رغم مرور أكثر من 21 عاما على تأسيسها الرسالة التي يراد إرسالها لنا من هذا النموذج أن الجنوب إذا أنفصل عن الشمال سيكون مصيره مثل أرض الصومال.
قد يجهل الباحث أن الوحدة بين شمال وجنوب الصومال ليست وحدة بين دولتين ذات سيادة عضويين في الأمم المتحدة وإنما بين إقليمين توحدا بتأسيس دولة واحدة تم بعد ذلك إنضمامهما كدولة موحدة إلى الأمم المتحدة و لازال مقعد الصومال موجود في الأمم المتحدة ولكنه شاغر بغياب سلطة مركزية تتفق على تسمية مندوب واحد لها.

– 2  بخصوص تايوان / والصين :
أراد الباحث تقديمه بنفس السياق الصومالي بيد أن الموضوع مختلف جذريا عنه ويتعلق بالجهة الشرعية التي يحق لها الإعتراف بها كممثل للشعب الصيني. في الأساس الصين الوطنية هي التي كان العالم معترف بها تم بسيطرة نظام (( ماوتسي تونج)) على العاصمة بكين أنتقلت الحكومة السابقة إلى تايون وبعد قبول الولايات المتحدة الأمريكية الإعتراف بالسلطة الشيوعية كممثل وحيد للشعب الصيني في عام 1971م حلت الصين محل تايون كعضو دائم في مجلس الأمن وقد أصدرت حكومة بكين قانون يحرم إنفصال تايون منها في 14/ مارس/2005م .

2-1 / الهرطقة القانونية والسياسية بإدعاء غياب السند القانوني لحق تقرير المصير
أدعى الباحث أن المطلب الجنوبي بحق تقرير المصير هو الآخر لا يمتلك أسس قانونية على مستوى القانون المحلي وعلى مستوى القانون الدولي.
فعلى مستوى القانون المحلي أعاد الباحث تكرار ما سبق قوله بخصوص غياب السند القانوني فيما يتعلق بفك الإرتباط من ناحية أن الدستور والقوانين اليمنية تمنع أي مطالبة بتجزئة الدولة وقد ردينا على ذلك الإدعاء في 1/ من ثانيا في الصفحة 2 .
أما على مستوى القانون الدولي فهو يقوم على مبدأ سيادة الدول ووحدة أراضيها فحق الدول ذات السيادة بأن تدير شئونها الداخلية دون تدخل من أي جهة خارجية عملا بمبدأ السيادة.
يبدو أن الباحث تجمدت معرفته ولم تتطور للإلمام بالتطورات العالمية خاصة مع نهاية الحرب الباردة وتغير مفاهيم السيادة والعلاقة بين القانون الدولي والقانون المحلي …. ألخ ذلك وتأثير السياسة وإمتلاك القوة في تفعيل بعض مبادئ القانون الدولي أو تجاهله حين لا يتفق مع مصالح بعض القوى الدولية ونشير بعجالة إلى إبتكار مصطلح حق التدخل الإنساني الذي أعطى الأولوية للإنقاذ الأقليات، أو حماية السكان من جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لتبرير
التدخل الغربي في يوغسلافيا في حين نفس الجرائم التي ترتكب في مناطق أخرى مثل فلسطين يكتفى بالإدانات دون التدخل العسكري لإنقاذ شعب فلسطين ومجلس الأمن الدولي أعطى نماذج متناقضة حول الموضوع الذي أثاره المودع بخصوص حق الدول ذات السيادة بأن تدير شؤونها الداخلية دون تدخل مثال للتناقض :- أن مجلس الأمن تدخل في قضية هايتي حين أزيح الرئيس المنتخب اريستيد في سبتمبر 1991 بإنقلاب عسكري ويتم إعادته إلى السلطة في حين لم يحرك مجلس الأمن ساكنا حين قام الجنرال مشرف في أكتوبر 1999 بإنقلاب عسكري بإزاحة الرئيس نواز شريف الذي أنتخب ديمقراطيا في 1997.
وهناك أمثلة أخرى في تدخل مباشر لمجلس الأمن في الشأن الداخلي لبعض الدول وإنتهاك سيادتها ونعطي مثالين لذلك في كوسوفو وساحل العاج ومثال ثالث خاص باليمن.
•  في كوسوفو :- فرض قرار مجلس الأمن (1160) وبتاريخ 31/3/1998 على دولة صربيا التي تتبعها كوسوفو بإعطاءها نظام حكم محلي واسع الصلاحيات.
وفي قرار آخر برقم (1244) لعام 1999 فرض على دولة صربية بموجب الفصل السابع الإدارة الدولية على كوسوفو وما يعنى في الحالتين أن الدولة الصربية لا تستطيع تطبيق نصوص دستورها وقوانينها على جزء من أراضيها التي تتبع لسيادتها.

• في ساحل العاج:- فرض قرار مجلس الأمن رقم (1721) بتاريخ 21/11/2006 تقاسم السلطة بين الرئيس جاباجبو والمتمردين عليه.

• في اليمن:- قرار مجلس الأمن رقم (2014) بتاريخ 21/10/2011 بشأن التسوية السياسية لأزمة السلطة في اليمن حيث أن المبادرة الخليجية وقرار مجلس الأمن المذكور يجسدان مثالين صارخين في التدخل المباشر في الشأن الداخلي لليمن وإنتهاك سيادتها على مستوى اليمني والقوانين اليمنية الأخرى. فالبنسبة للإنتهاك المباشر للدستور اليمني تمثل بإلزام الرئيس السابق علي عبدالله صالح بالتخلي عن الرئاسة قبل نهاية مدتها الدستورية في سبتمبر 2013 وإجراء إنتخابات رئاسية مبكرة ( مدتها سنتان فقط /  بينما المدة الدستورية هي سبع سنوات) ويتم إنتخاب الرئيس عبده ربه كمرشح وحيد بغياب مرشحين منافسين وفق نصوص الدستور خلافا إلى تصويت مجلس النواب على قانون الحصانة للرئيس المخلوع والمقربين منه ضد أي ملاحقة قضائية لهم بمخالفة صريحة للدستور والقوانين اليمنية، والدفع على تشكيل حكومة وفاق وطني ، هل الإجراءات التي فرضت فرضا ليس على الحكومة الرسمية حينها فحسب بل أيضا على أحزاب المعارضة بالتوقيع عليها من الجانبين الرسمي والمعارضة يعتبران تدخل في الشئون الداخلية من قبل مجلس التعاون الخليجي ومجلس الأمن الدولي لدولة ..هل يمكن إعتبارها دولة ذات سيادة أم دولة واقعة تحت الوصايا الإقليمية والأممية حسب تعبير البعض ..؟

2-2  لا توجد حاجة إلى أستخدام مبدأ حق تقرير المصير في القضية الجنوبية ،

لأنها أصلا قد حصلت على إستقلالها من بريطانيا في نطاق ممارسة حقها في تقرير مصيرها ضمن مرحلة تصفية الإستعمار والمطلوب الآن هو :-

-1  التوصل إلى إتفاق مع الشريك الآخر في دولة الوحدة حول شروط فك الإرتباط معهم سلميا، والتفاوض في كيفية تصفية إلتزامات كل طرف نحو الطرف الآخر في طريقة تسديد مستحقات الجنوب من الموجودات التي تم الإستيلاء عليها بعد حرب 1994 إضافة إلى المشاريع والإستثمارات التي تم تموينها من موارد الجنوب لميزانية الدولة التي تمثل تلك الموارد 80% منها .

2 – إستخدام الإستفتاء الشعبي لأبناء الجنوب إذا كان ذلك ضروريا كآلية ديمقراطية فقط لمعرفة رأي الشعب الجنوبي ليس في أحقيته في إستعادة دولته السابقة ( هذا الحق ليس مجال للتفاوض فهو حق طبيعي مكتسب حصل عليه بإستقلاله من بريطانيا 1967) ولا نبالغ إذا قلنا أن الشعب نفسه لا يمكنه ولا يحق له التخلي عن دولته وإنما الإستفتاء المطلوب تنظيمه في إطار خيار ديمقراطي بحث حول مشروع قومي في التوحد مع جاره أم الإنكفاء على نفسه في المرحلة الحالية والعودة إلى دولته ما قبل 22 / مايو/1990 وأهمية تغيير نظام السياسي والإقتصادي لدولته المراد إستعادتها.

3- حول تفسير قراري مجلس الأمن الدولي برقمي (924/931) لعام 1994

ذكر الباحث المودع عدة نقاط بخصوص القرارين بعضها صحيح وبعضها غير صحيح بالمطلق والبعض تم إغفالهما.
ما هو صحيح قول البعض بعدم جواز الوحدة بالقوة ( والقائلين بذلك حدث لديهم إلتباس بين ما نص عليه بيان مجلس التعاون الخليجي في الدورة 51 لوزراء الخارجية المنعقد في 4-5/ يونيو/1994 والذي أكد فيه على عدم جواز فرض الوحدة بالقوة) وهو ما لم يرد في قراري مجلس الأمن الدولي الذي أكد على ذلك بشكل غير مباشر بأن الخلافات السياسية لا يمكن حلها من خلال إستخدام القوى .
• المطالبة بالحوار بين قادتي الدولتين هو لم يرد أيضا بالقرارين ولأول مرة أسمع شخصيا أن هناك من الجنوبيين من ردد ذلك.
• إعتبار القرارين كمرجعية قانونية للمطالبة بحق تقرير المصير والإنفصال
وهذا لم يرد في القرارين ولم أسمع أو اقرأ أن أحدا أعتبر ذلك مرجعية قانونية .

أما ما هو غير صحيح في إدعاءات المودع هو ما يلي :-
• دعوة مجلس الأمن حل الخلافات السياسية بين الطرفان لماذا يا مودع في القرار (931) أشار في الفقرة ( 6) ما لم يذكره في الفقرة (3) من القرار (924) حول نفس الموضوع بأن طالب في القرار (931) بأن يتم الحوار دون شروط مسبقة لمعرفة الإجابة على هذا السؤال عليك بقراءة التقرير الأول للأمين العام
حول الأزمة الذي ذكر فيها بأن صنعاء طالبت مجلس الأمن بإدانة قرار الإنفصال حسب تسميتها والتأكيد على الشرعية الدستورية وهو ما رد عليها مجلس الأمن بالدعوة إلي الحوار دون شروط مسبقة مما يعنى رفضه إدانة قرار البيض بفك الإرتباط بتاريخ 21/ مايو/1994م ، ورفضه إدانة ذلك يمكن أن يفسره البعض مثلي بأنه إقرار مباشر بمشروعية فك الإرتباط أخذين بعين الإعتبار أن قرارات كثيرة في الماضي لمجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة أدانتا بشدة محاولتي الإنفصال كاتنجا عن الكونغو وبيافرا عن نيجيريا.
أما قول المودع إشارة القرارين إلى الحالة في (اليمن) والجمهورية اليمنية فهذا أمر طبيعي وبديهي لأن الحرب الدائرة حينها تمت في ذلك النطاق الجغرافي فهل كان المطلوب أن يقول عن النزاع أنه تم بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية وجمهورية العربية اليمنية وهما تنازلا مؤقتا سيادتهما لكيان أسمه الجمهورية اليمنية.
ما أرادا إغفاله المودع في القرارين مقارنتهما بقرار 2014 لعام 2011م

لم يشيرا القرارين إطلاقا إلى موضوع الوحدة اليمنية مثلما أشار إليهما القرار (2014) ، ذكر القرار (931) خاصة إلى وجود طرفان في الفقرة (4) باللغات الإنجليزية والفرنسية والعربية  .
ولعل أحد الفقرات المحورية والهامة تشير إلى نظرة أعضاء مجلس الأمن أن النزاع الذي أنفجر في حرب 1994 ضد الجنوب ليس بنزاع داخلي بإشارة حيثيات بداية القرار (924) بقوله أن مجلس الأمن ” إذ يأخذ بإعتباره مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة” له أبعاد كثيرة نشير بإختصار بما يلي فيما يتعلق بمقاصد الأمم المتحدة وفق المادة الأولى الفقرة (1) تقضى بحفظ السلم والأمن الدولي تتخذ الهيئة التدابير ….  لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي إلى الإخلال بالسلم أو لتسويتها.

وتنص الفقرة (2) من المادة (1) ” بإنماء العلاقات الودية بين ” الأمم” على أساس إحترام المبدأ الذي يقضى بالتسوية في الحقوق بين” الشعوب” وبأن يكون لكل منها تقرير مصيرها ويعنى ذلك الدول ملزمة دوليا بالإمتناع عن اللجوء إلى التهديد أو إلى إستعمال القوة ضد الشعب المطالب حقه في تقرير مصيره وبذلك إدانة إلى شعار الوحدة أو الموت وإشعال الحرب ضد الجنوب   .

المادة (2) فيما يخص مبادئ الأمم المتحدة نصت الفقرة (4) بوجوب إمتناع الأعضاء في علاقاتهم الدولية عن التهديد بإستعمال القوة أو إستخدامها ضد سلامة الأراضي أو الإستقلال السياسي لأي دولة (( ولاحظوا الفقرة التالية)) أو ” على أي وجه أخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة .
وهنا أسال المودع لماذا في القرار (2014م) المتعلق بأزمة السلطة في اليمن لم يشر هو ولا القرار اللاحق للمجلس الذي صدر منذ أيام لم يشيرا إلى مقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة أليست هذه نقطة إختلاف جوهرية بين الحالة الجنوبية والشمالية / وبين حالة أزمة السلطة في صنعاء ..؟.

فـــي الخــــلاصــة :

التلميح بأن الجنوبيين لو نجحوا في الحصول على فك الإرتباط من الذي يضمن لهم أن لا تطالب غدا حضرموت بالإنفصال هذا تهديد مجاني وغبي وتدخل مباشر في شئون الجنوب الداخلية .
السؤال للمودع لماذا يطالب الجنوبيون بفك الإرتباط مع الشمال منذ عام 1994م..؟ أي بعد نحو (4) سنوات من قيام الوحدة وتأكيد ذلك بشكل أكبر مع ميلاد الحراك في 2007م أي بعد (7) سنوات من قيامها ولم يطالب أبناء حضرموت طيلة (33) عاما منذ الإستقلال في 1967 حتى 1990 بالإنفصال عن الجنوب..؟.
ألا يعني ذلك أن الهوية واحدة بين أبناء الجنوب وهذه الهوية الواحدة حين أصطدمت بالهوية الشمالية المختلفة ، هنا ظهرت مطالب فك الإرتباط ومع ذلك أقول أن الجنوبيين سيعثرون على حل ملائم بتبني الفيدرالية في إطار الجنوب وإعطاء الفرص بالتعبير عن أية مطالب أخرى قد تظهر بين أفراد الشعب الجنوبي .
في الحقيقة كثيرون من القيادات في الشمال ومن نخبها يرجحون أن يتعرض الشمال إلى التمزق إلى دويلات إنفصالية فهم بهجومهم على مطالب الجنوبيين يوجهون رسائل إلى أبناء اليمن الأسفل أن الجنوب الذي كان دولة قبل الوحدة أظهرنا قانونا عدم جواز فك إرتباطه مع الشمال فماذا تتوقعون أن يكون وضعكم يا أبناء تعز وتهامة وكما أشرنا إذا كان الجنوب لم يشهد مطالب إنفصالية في تاريخه المعاصر شهدت تهامة عبر قبائل الزرانق في فترة حكم آل حميد الدين لليمن مطالب بالإنفصال تقدمت بها إلى عصبة الأمم وإقامة الزرانق الشافعية دولتها الخاصة به في سهل تهامة إلى أنه تم سحقها( فريد هاليداي) :- الصراع السياسي في شبه الجزيرة العربية في صفحة  146.
إستناد الباحث المودع إلى نص حكم المحكمة العليا الكندية بقوله أن قضية الإنفصال ليست بالعملية السهلة والمقبولة حتى في الدول الديمقراطية المتطورة فكيف هو الحال في دولة شبيهه باليمن .
فالحكم المذكور الصادر في 28/8/1998 أعتبر أن قرار الإنفصال بإعلان من جانب واحد يتعارض مع الدستور الكندي وتوقف إلى هنا المودع ولم يذكر بقية الفقرة والقاضية بأن الدستور الكندي لا يمكن أن يقف موقف اللامبالاة إذا كان هناك تعبير صريح لأغلبية واضحة من مواطني كبيك يعبرون عن رغبتهم ألا يكونوا جزءا من دولة كندا.
هذه هي الديمقراطية على الأقل في كندا بعكس اليمن التي تسمح لمقاطعة كبيك بإجراء إستفتاء حول رغبتهم بالإنفصال أم لا..؟ لماذا لا تقوم اليمن بذلك لأبناء تعز وتهامة فالجنوب حقوقه مضمونة..؟.
وأشير في نهاية النهاية أن شعب أريتريا حصل فعلا على إستقلاله من أثيوبيا بعد حرب تحرير دامت أكثر من عقديين وبفضل ذلك حصلت على إستقلالها إلا أن تحالف الجبهة الشعبية لتحرير أريتريا مع المعارضة الأثيوبية المتمردة تمكن من إسقاط نظام منجستو هيلالي مريم  ، ساعد على إتمام إستقلالها ..هل القوى الحية والعصرية المناضلة ضد القبلية والعسكرية في الشمال يمكنها أن تتحالف مع الحراك الجنوبي لإسقاط ذلك التحالف المتخلف ويساعد على قيام دولة مدنية وديمقراطية في الشمال مدعومة بدولة الجنوب المستقل ..؟ نأمل أن يحدث ذلك في المستقبل .

* يافع نيوز 

أخبار ذات صله