fbpx
الحوثيـون .. والمأزق الكبير الذي يتهدّد وجودهم ..!

ياسين الرضوان

 

ليس اليمنيون – وحدهم – المعنيون بما يجري بين دفتي بلدهم ، بل هنالك من يهتمُّ لذلك أكثر منهم أحياناً ؛ لأن خطر الإنفجار في هذا البلد ، الذي يعيش تحت وطأة أزماتٍ متلازمةٍ لا تفارقه كثيراً ، والذي ربما سينتعلُ البلد ثم يخرج من حدودها ، ليغلق البلدان الجارة وما حواليها ، والتي تعيش في رخاءٍ مادي لا بأس به ، وليس جديد على البلد أن تعيش حالةً من عدم الإستقرار ، إنما ستزيد إطرادها سوءا أكثر مما هي عليه ، ويدرك السياسيون المتمرِّسون أن في اليمن كائناتٌ تتأقلم مع شمس الحياة الحارقة ، وسيتحولون بفعل هذا الواقع إلى كرات ملتهبة لن يستطيع أحد تلقفها ، ولذلك أتى التغيير السياسي بعد تدخل المبادرة الخليجية المدعومة دوليا ، لتجعل البلد يعيش في حالة شبه مستقرة ، لتنزع كل ما قد يخرج تأثيره إلى ما حواليه ، و ( مِنْ ) هذه التأثيرات التخوَّفات من تغيير لا يتم السيطرة عليه ، وقد يصبح ربما صنيعة يدِ الحوثيين ، الذين يتحركون في خط احتكاك دائم ، والتخوف منهم بات واضح وكبير جداً ، ومن هنا يكون بدء انطلاق تنفيذ مخرجات الحوار الوطني ، الذي من الواجب أن يزيل كافة هذه التخوفات من هذا الإنفجار الوشيك .

 

المتعاظمون الوحيدون

 

منذُ ابتدأت الثورة الشبابية ونحن نقول أن الحوثيين هم المتعاظمون الأكثر استقلالاً وتوظيفاً لما يجري على أرض الواقع ،  وصرخاتهم تتعالى وتنتشر يوماً إثر آخر ، مصحوبين بالأخطاء القديمة الجديدة على الساحة التي يُحدثها خصومهم ، ولكن أحداً لم يهتمَّ للأمر، أو لنقل مشغولٌ بما في جعبته ، ومع كل هذا لا تغرَّنَّ الحوثيين العناوين البراقة التي تظهر في الوسائل الإعلامية ، و التي تأتي على شاكلة ” الحوثيون يلتهمون عمران ” ” الحوثيون ينسفون بيوت الأحمر” ” الحوثيون يفتكون بالقشيبي ولوائه ” وما هو على شاكلتها من هذه الشعارات .. ، نعرف أن هذه المصطلحات لذيذة ولها نكهةٌ ذو مذاقٍ خاص ، لهم ولمن يناصرهم ويشدُّ من أزرهم ، ولكن – وكما يعلمون – أن الإنسان يُصبح في أوهن حالاته ، عندما يصل إلى درجة النشوة والاستلذاذ تلك ؛ لأنه قد بدأ يعزل العقل عن مكانه الطبيعي الذي يجب أن يكون حاضراً وعلى أُهبة الاستعداد ، لا أُهبة الرخاء عندما يبتلع ( الطُّعم المأزق ) عندما تكتمل مهمته .

 

إن هنالك من يريد إلتهام الحوثيين في نهاية النفق ، ولكنه ينتظر فقط وقوعهم في خطأٍ يمكنُ نفخه كبالونة يراها الجميع ، وعندها سيبتدأُ الحوثيون بالعدِّ التنازلي نحو النهاية المصحوبة بعقوبات العصى الدولية الغليضة ، وهذا مرهونٌ بقدرة سياسييهم على التحليل والقراءة والاستشعار للمتغيرات والتحالفات ( الطارئة ) بالتحديد ، وهذا ما بدأت تشهده الساحة من دعواتٍ للمصالحة ليس هدفها إلا تشكيل القبضة التي ستهشم الحوثيون متى ما تطلب الأمر ذلك ، ونظن قدرة منظري وسياسيي الأخيرين حتى الآن تلعب بذكاءٍ يحسدون عليه ، ولم يتوقع أحد وصوله إلى هذا الحد ، وهذا ما بدأ في تقرير المبعوث الدولي بن عمر في أن “الحوثيين يواجهون ميليشياتٍ مسلحة” هذه ما فاجأ الجميع وهو ما حفز أنصار الله الحوثيين إلى مزيدٍ من التعاون ، ولكن العبرة في الخواتيم دائماً فلا أحد يدري ما يبيته الساسة للساسة .

 

هنالك من يسوق إلى أنصار الله طعماً أنيقاً يفتح شهيتهم ؛ من أجل الوصول إلى الهدف الكبير ، ألا وهو التطهير العام للبلد من كل القوى المستعظمة ، ولن يحدث التطهير إلا بجعل الرؤوس الكبيرة تلتهم بعضها وهذا سيحدث ضعفاً عاماً لدى كافة مراكز القوة والنفوذ في البلاد أفراداً وجماعات ، وعلى هذه السياسة تنطلق الرهانات ، والفائز يستعدُّ لدخول ( الفخ المِحرقة ) ونظنُ أنصار الله هم الأكثر تعاظماً ؛ وإن لم يرسموا لأنفسهم خارطة مصالح ( ضامنةٍ ومؤكدة ) لبقائهم لاعبين مؤثرين على طول الطريق ، مالم فسينتهون سريعاً في ( حقل ألغام ) يضربُ شعبيتهم ويزرع أشواكه في خواصرهم ، بسبب انخراطهم في متوالياتٍ ومصفوفات سياسيةٍ ، خاطئةٍ وغير محسوبة نتائجها على المدى الطويل، فالأمر يحتاج إلى كثيرٍ من التحديق والتأمل والتدارس لهذه التغييرات الدرامتيكية المعقدة .

 

 

بين ( داعش ) الإصلاح و ( داحش ) أنصار الله

 بعد أن تراشق الحوثيون وحزب الإصلاح في خطاباتهم بـ( الدعششة ) ، سبق الأولون بتسمية الإصلاح بداعش اليمن ، كي يخوفوا السعودية من داعشية الإصلاح الناشئة قربهم ، لم تمرَّ سوى فترةٍ قليلةٍ حتى خرج اليدومي كي يرد ، ويقول لهم أنتم الدواعش ولسنا نحن ، ولكن للأسف “سبق بها عكاشة” ، ولكن أحد الخبثاء زرع مشتقةً أخرى من تسمية ( داعش ) بطريقةٍ أجدى وأنفع من نفي اليدومي ، وأطلق على الحوثيين تسمية ( داحش ) ، اختصاراً لعبارة ( دولة إسلامية حوثية شيعية ) ، على غرار تسمية ( داعش ) للدولة الإسلامية في العراق والشام ، على اعتبار أن الكلمة ماركة سنّية .

 

إن من يُراقب أقوال المحللين الأمريكيين و تقاريرهم السياسية التي تخص أجهزة الاستخبارات في شأن ( القضاء على  داعش ) ، والتي أكدت في مفادها ( الصعوبة البالغة ) في القضاء ( المباشر ) على داعش وأنصارها ، ولو بتدخلٍ أمريكي ؛ كونهم ثبَّتوا وجودهم وأحكموا سيطرتهم على ( رقعةٍ جغرافيةٍ محددة ) ، أسَّسوا فيها كياناً بما يشبه الدولة الحقيقية ، وتركوا القضاء على داعش مرهوناً بارتكاب داعش نفسها أخطاءاً تؤلب الناس وتحرضهم ضدها ، كما قاموا من قبل متعاطفين بالاصطفاف إلى جانبها ، مع معرفتنا لمصلحة من يصبُّ انتشار داعش ولتخدم أهداف وأجندة من ! ، ولا يتسع المجال لذكرها هنا ، إنما يمكننا من هذه التجربة قياس المتشابهات في هذا الشأن ، مع الكفة التي تُرجَّح لصالح الحوثيين في شأن التموضع القديم لها في منطقةٍ جغرافيةٍ محددة ، واكتسابها خبراتٍ أكثر على التحكم و السيطرة من خلال ما خاضته في السابق ومن خلال قدرتهم على استغلال التناقضات الحادثة بين الأطراف التقليدية القديمة الجديدة .

 

وهنا إما أن يجندوا التناقضات لمصلحتهم ، أو يُجَنَّد الحوثيون أنفسهم لرأب صدع هذا التناقض لمصلحة ( أطرافٍ أخرى ) ، وبعد هذا السيناريو سيتمُّ دمج وإشراك الحوثيون في عملية متسلسلةٍ تهدف في المقام الأول القضاء على قوتهم وقصقصة أجنحتهم ، بعد أن تصبح هي تناقضاً لابدَّ من إزالته من هذه الخارطة ، بطريقةٍ تزيد هذه الجماعة من أخطائها وبطريقةِ مخالفتهم الأعراف السياسية التي سيقال أنهم تخلفوا عن تنفيذها ، وتبدأ حينها خطواتٌ أخرى بخلخلة وتفسيخ الجبهة الداخلية للحوثيين وهذا هو ما سيسهل القضاء على هذه الجماعة ولو بشكل تدريجي وبطيء ، إذ أنه لا مصلحة لأحدٍ من اللاعبين الموجودين داخل قُطر الدائرة وخارجها ( خارج حدود الدولة نقصد ) ، من بقاء حال الحوثيين على تعاظمه ذاك ، وسيعملون بقاعدة : ” أقتل ولد الوحش صغيراً لا يأكلك كبيراً ” ونظنُّ أنصار الله في طور نموهم نحو الكِبَر الموعود ، وفي هذه المقولة استثنائية ضئيلة وهو ضمان أن وحش الغد لا يأكل اللحم ! ، وهذا ليس موجوداً في قاموس السياسة ، أي أنه ليس مسموحاً تعاظم الأنصار أكثر من ذلك وهذا يبدأ بتنفيذ عملية الضرب المثخن في أجسادهم وإن أبدوا مرونة بالغةً حتى الآن .. ! 

 

يلعبون سياسة أم يُسيَّرون وراء سياسة

إن أراد الحوثيون إن يحافظوا على ما حققوه حتى الآن ، فلينكمشوا وليخفوا أجنحة قوتهم ، ولا يكشفوا كل أوراقهم ، ولا يرتكبوا أخطأءاً تسهِّل من إزالتهم في المدى الزمني المتوسط ، هنالك مخطط لإنهائهم بعد أن يؤدوا الدور الكبير كقوةٍ متعاظمة ، وقد اقتربوا من أداء ما عليهم ، فليعيدوا حساباتهم ، وليعيدوا قراءاتهم مراتٍ ومرات ، وأن لا يثقوا باتفاقاتهم مع أيٍ من الأطراف السياسية الداخلية أوالخارجية ، مالم يوجد ضامن مؤكد والتكرير هنا بيانٌ على الأهمية ، إن هنالك مخططٌ بارعٌ يعد خطواتهم نحو السرداب المظلم الذي لا عودة منه ، وإن بدوا كما لو أنهم محافظين على توازنهم وقوتهم ، في انخراطهم في العملية السياسية ، وعدم رفضهم لها ، بل اختاروا مسايرتها ومداراتها للتكسب السياسي لا غير ، وقد نجحوا في ذلك ونجحوا في جعل الصراع ينحو منحى  ( المجموعات مسلحة ) حسب التقرير المذكور مسبقاً ، وهذا أيضاً قد يصبح أحد مدلولين هما إما : أن الحوثيين أذكياء ويمكنهم الكسب والربح في بعض الجولات ، و المدلول الثاني – وهذا ربما يكون أقرب – أن سياساتٍ ما قد بدأت تتغير في نهجها نحو رسم خارطة ( السياسات الخارجية ) تُجاه ما يجري في البلاد وبالأخص في شمال الشمال .

 

وبالضبط عندما احتدَّت وتيرة الصراع بين الحوثيين وأهل دماج ، والتي قضت بتهجير أهل دماج وفق اتفاقٍ سياسي رسمي بحت ، ليس له دخل بالصراع الحادث في صعدة ، وإذا كان هنالك دخلٌ فهو استثمارٌ فقط ، للتخلص من الدماجيين وفي الوقت نفسه ، جعل الحوثيين يتجهون نحو تسليمٍ سلسٍ وسلميٍّ لقواهم ، وسيحاولون إبعاد كل مبررات الحوثيين التي يعترضون عليها ، من حيث الحكومة غير الشرعية ، وتشكيل المؤسسات الحقيقية التي تشرف على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والدستور .. ، ووضع بعض الإصلاحات في تشكيل الأقاليم ، ظناً من قبل الأنصار أنهم سيحافظون على قوتهم ضمن إقليم يخصهم ، ولن يحدث إلا عكس ذلك تماماً ، حتى أنَّ تهجير دماج أتى على غير ما كان يرغب أو يطمح به الحوثيين ، وهذا ما أكد أن دماج يجب أن تُزاح من الخارطة التي تستوطن فيها ، وهذا لربما يؤكد مؤشرات صحة تغيير السياسات الخارجية تُجاه هذه المجاميع المتخوف منها ، وفي هذه النقطة أيضاً هنالك دلالةٌ أخرى وهي أنما سيقضي على الحوثيين هو ضمأهم الشديد وتسرعهم وانسياقهم في بعض الأحيان ، وراء العقلية الصدامية أو وراء ما تستهويه أنفسهم وأخص بالذكر القيادات الميدانية ، وأيضاً أن ليس لدى الحوثيين بوصلةً توجهه إلى حيث يضمن ما يريده ، لا ما يريده الآخرون له ، وهذا من ضمن ما يسهل القضاء عليه مستقبلاً بذاتية التفخيخ ، ولكن بعد أن ينهي ما ترسمه له السياسات بعلمه أحياناً ، عندما يفكر بعقلية “مصلحتنا تقتضي عمل ذلك” ، أو “ماذا سنخسر إن فعلنا ذلك” ( ميزان الربح والخسارة ) ، أو لـ( تصفية حسابات سابقة ) ، وأحياناً قد تمر عليهم – من دون علم – بعض المخططات فيقعون في مصائب لا تحمد عقباها ، وقد تتسبب بتهجيرهم أو معاقبتهم مستقبلاً وبكل قسوة .

 

يحققُّ الحوثيون الآن انتصاراتٍ ليست لهم إلا القليل منها ، والبقية تذهب في صالح أطرافٍ أخرى ، تلعب بذكاءٍ خفي وسيتهمون – في آخر المطاف – بأنهم يقفون عائقاً وسداً ضد تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وبالتالي يتم ضربهم سياسياً إن لم يكن هنالك من يتنبه لحرفية ما يجري الآن على الأرض ويتنبه لكافة الاحتمالات الظاهرة .

النسف والاجتثاث من تحت الأرض

هذا يعطي انطباعاً سيئاً لكل من يعادي الحوثيين ، من حيث عدم ترددهم في اجتثاث أي شيءٍ قد يقف في طريقهم ، مهما يكن ، وغير آبهين بأيٍ كان ، ومن هنا تتخوَّف المملكة الجارة التي تعتبر اليمن العمق الاستراتيجى والبشرى لها ولمنطقة الخليج عامة ، من عقد اتفاق بينها وبين أنصار الله بالذات ، مع أن في نهج المملكة كثيرٌ من الإتفاقات مع الوجاهات والأطراف القبلية ، وحتى إن كان بمقدور الحوثيين أن يضبطوا لهم الحدود المتاخمة ؛ لكنهم غير مضمونين حتى النخاع ، كونهم في أي وقتٍ قد يستغنون عن أي اتفاقٍ يُبرم بينهما ، قد يستنقص من طموحاتهم أو قد لا يكون لمصلحتهم ، يأتي هذا كله من أن مواقفهم لا يمكن أن تأخذ منطق الزحزحة كونها واضحة وضافية على السطح ، وهذا ما يظهر في نسف واجتثاث بيوت ( آل الأحمر ) من تحت الأرض بلا تلكأٍ ولا تردد ، ولديهم بدائل أخرى أكثر ضماناً ومن دون حتى مقابل ، و هنالك أطراف دولية لن تبخل على الحوثيين ؛ لإغاضة وممارسة الضغط على المملكة سياسياً .

 

ومن هنا تنشأ تخوفات كثيرة في السياسات السعودية ، في عدم ضمان عنادية الأنصار إلى مرحلة اليقين ، إذ أنهم لا يتوارون إذا ما فرضت عليهم الحرب ، وهم الآن قد أضحوا غير ذي قبل ، عدةً وعتاد وحضورٌ سياسي وإعلامي في البلد كلها وفي المركز بالأخص ، هذه سياسة والكل يفكر بما هو لمصلحته فقط ، وحتى الآن يثبت الحوثيون بما لا يدع مجالاً للشك وفي الوقت ذاته ، ( مرونةً بالغةً ) ، وأيضاً ( قسوة بالغة ) في بعض الأحيان في التعامل مع الخصوم ، وإلى اللحظة يسيرون بثبات رغم التفخيخات الكثيرة التي تحوم من حولهم ، وتأتي مرونة هذه السياسات ، في استقلال الخصومات والتناقضات لدى الأطراف العسكرية والتقليدية ؛ لتتسرب من خلالها إلى الأهداف التي يصبون إليها ، وهذا ما أدركته أخيراً المملكة فبدأت تمدُّ أذرعتها نحو سحب الحلفاء القِدام لها ، ودعوتهم لمصالحة وطنية فيما بينهم لسدِّ الشرخ الذي يتعاظم يوماً إثر آخر ، تهيئة لعوامل السقوط الذي سيُسقطون الحوثيين به ، ويبدؤون بالتضييق عليه وتقطيع أوصالهم إيذاناً بتحجيمهم وكبح جماح كبريائهم ، و التي بدأت بكسر كثيرٍ من الحواجز ، وإن ببطئٍ شديد ؛ لأن المنطقة ربما لم تعد تحتمل أكثر من ذلك للإنفجار .

 

مقــاربة النقيضـــين ( الإصلاحيون والحوثيون ) !

 

هنالك سلسلةٌ من الأفلام الأجنبية تتحدث عن أنه لو تعرضت جماعة من الأفراد لخطرٍ أوفخٍ يحدق بهم ويتهدد وجودهم جميعاً ، وكان هنالك شرطٌ وهو أنه لا بد أن يتخلصوا من بعضهم ليعيش ( الأقوى ) من بين هؤلاء الأفراد وينجو إلى برِّ الأمان ، وعن ذلك هل يمكن أن تكون تلك نجاةً حقيقية ؟ ، الذي سيفوز في الأخير سيبقى ضعيفاً مهما تكن قوته ، وهنالك ألغاز لا يمكن حلها إلا بوجود جميع الأيادي حتى يُتمكن من حلها ، ولا يمكنُ أن تليق بمقومات فردٍ واحدٍ أبداً ، وعليها يصبح القضاء على الجميع أكبر خطأٍ يرتكبه ذلك القوي ، وبها تكون نهايته التي لم يدركها في ذلك الحين ، وكان بدلاً من القضاء عليهم ، يمكن أن يستند عليهم ؛ ليتساعدوا فيما بينهم وينجوا جميعاً بدلاً من أن يضعوا أنفسهم في حالة انفرادٍ ربما تهلكهم .

هل يمكن لنا أن نقول بأن تحالف الإصلاح ، مع الحوثيين ” أنصار الله ” جائز ومثمر أو بالأصح تقاربٌ يمكن أن يؤتي بـ( مصلحة ) سياسيةٍ بحته ، لكلا الطرفين بعيداً عن الإختلاف السياسي ؟، مع العلم أن هنالك كثيراً من المنتمين إلى الحوثيين يعارضون الإصلاح نكاية به لا غير وقد يقفون ضدهم في الإصطفاف ، وقد نجح حزب المؤتمر نجاحاً باهراً ، في زرع نزاعٍ كبيرٍ وخصومة اللا عودة إلى الوراء ، فيما بين الإصلاح والحوثيين ، حتى إن قالت بعض الوسائل الإعلامية بأن فلول المؤتمر هي جزءٌ كبير من مكونات الحوثيين ، وحتى نكون دقيقين نصف هذه الوسائل بـ( المتحيزة ) لطرفٍ ما أو لمصلحتها ، وإن كان هنالك جزءٌ انضم إلى الحوثيين بالفعل ؛ لكننا لا يمكن أن نردد بأنهم يتبعون فلول الرئيس السابق صالح بحكم جمعي ، إذن الهجمة شرسة ضدَّ النقيضين ( الحوثيين والإصلاحيين ) ، والهجمة في المقام العام كبيرة على الإخوان المسلمين ، الذي يعتبر الإصلاح في اليمن امتدادها الطبيعي ، ونعرف أن الإصلاح في هذا المرثون قد أُنهكوا كثيراً ، والخروج إلى الساحات ورفع صور العاهل السعودي وعلم مملكته  يبرز ذلك بوضوح ، ولا نزايد بمقولة :”أن ما يمارسه الإصلاح اليوم هو تكتيك سياسي بحت” كما نسمع في كل تبرير للمنتمين إليه “، الحوثيون اليوم أقوياء وهذا لا يخفى على أحد ، ويتقدّمون بذكاء حذر حتى الآن ، وإن ظهر هنالك شيءٌ لا بأس به إن قمنا بتوصيفه بـ( الإرتباك ) بين منظري وسياسي الحوثي وبين قيادييه في الميدان ، ونحن نعرف أن السياسيين يملكون مالا يملكه أصحاب الميدان من حنكةٍ وجلدٍ وتصبر وما إلى ذلك ..، وجدلاً فلنخرج من قوة أحد الطرفين ؛ لأن هذا الآن لا يهم كثيراً حتى لا نختلف ، الحوثيون والإصلاحيون ، غير مرغوبٍ بهما وكلا القطبين يشكلان خطراً على مصالح بعينها ، وأصحاب هذه المصالح كبار ومدعومون دعماً دولياً لا حدود له ، وما يريدونه سيحدث بأموالهم طبعاً وبعد إرادة الله طبعاً ، ولأن الطرفين غير مرغوبٍ بهما ، سيتم التضحية بكليهما ، ومن قبل كل الأطراف السياسية والعسكرية التقليدية المتواجدة في الداخل ، وربما سنصل إلى ما يمكن أن نسميه مسلمة ، أن القوي من هذين الطرفين سيأكل أحدهما الآخر ، أو سيكسران رأس بعضيهما ويستنزفان نفسيهما ، فيما لا يفضي إلا إلى دمارهم في نهاية المطاف ، وبقاؤهما بشكل متوازٍ يفشل مشروع القضاء عليهما معاً ، بدل أن يتم القضاء على أحدهم ويتفرقون للقضاء على الآخر ، والنهاية ستكون  نهاية على الإثنين ولن يخرجا من النفق أبداً .. ولن يحققا هدفاً ، إلا الدمار هل يصح لنا أن نفكر بهذه الطريقة التي ينبغي أن تكون غير معقولة لكنها ربما في يوم من الأيام قد تتحقق ..!!