fbpx
كيف ستتعامل “حكومة العدالة والتنمية” مع معتقلي “السلفية الجهادية”؟
شارك الخبر

يافع نيوز / اسلام اون لين

أعرب حقوقيون وإسلاميون مغاربة في تصريحات خاصة لـ”إسلام أون لاين” السبت 10-12-2011 عن آمالهم في أن تقوم الحكومة الجديدة بالمغرب، التي يترأسها حزب العدالة والتنمية ذو التوجه الإسلامي، بإيجاد حلول ناجعة لملف معتقلي ما يسمى بالسلفية الجهادية، الذين اعتُقلوا في سياق قانون محاربة “الإرهاب”، وأن تقوم برفع الضرر عن أسرهم وأهاليهم الذين يعيشون معاناة نفسية واجتماعية صعبة.

تأتي هذه الآمال وسط مخاوف من أن يتأخر ملف معتقلي “السلفية الجهادية” في ترتيب أولويات الحكومة المقبلة، بسبب حداثة تقلد حزب “العدالة والتنمية” لمسؤولية تسيير الشأن العام، فضلا عن الإرث الثقيل من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي ستواجه الحكومة القادمة في مهامها الجديدة.

جدير بالذكر أن ملف معتقلي ما اصطُلح عليه أمنيا وإعلاميا بالسلفية الجهادية، اندلع على إثر اعتقال المئات من السلفيين ومحاكمتهم بسنوات عديدة من السجن النافذ، بعد وقوع الأحداث والتفجيرات الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء في  16 مايو 2003.

ثلاث فئات

وأكد الشيخ محمد الفزازي، أحد رموز ما يسمى بالسلفية الجهادية بالمغرب والذي كان محكوما بثلاثين سنة على خلفية أحداث الدار البيضاء، قضى منها 8 سنوات قبل أن يحظى بعفو ملكي قبل بضعة أشهر، أن ملف السلفية الجهادية ملف شائك للغاية، وذلك بسبب تشرذم الآراء لدى هؤلاء المصنفين فيما يسمى بالسلفية الجهادية.

وأوضح الفزازي، في تصريحات  خاصة لـ”إسلام أون لاين“، أن هؤلاء المعتقلين يمكن تقسيمهم إلى ثلاثة أقسام:القسم الأول يتكون من أناس لا علاقة لهم بإرهاب، وذنبهم الوحيد أنهم وُجدوا في ظرف معين أتى على الأخضر واليابس.

وشدد الفزازي على أن هؤلاء المعتقلين لابد أن يخرجوا من السجن، مشيرا إلى أن قياديي حزب “العدالة والتنمية” بُحت حناجرهم من قبل مطالبين الحكومة بذلك، والآن هم في الحكومة؛ فإما أن يُفرج عن هؤلاء المعتقلين، وإما أن يترسخ الانطباع بأن لا تغيير حدث، وبالتالي الدخول في المجهول.

والقسم الثاني من معتقلي السلفية الجهادية- يكمل الشيخ الفزازي- لا مؤاخذة عليهم سوى بعض الغلو في فكرهم، وهذه الطائفة يجب أن يُفتح معها حوار جاد، مردفا أن هناك قسم ثالث متورط في الدماء، وهؤلاء يجب إعادة محاكمتهم محاكمة عادلة.

آمال وتخوفات

ومن جانبه اعتبر عبد الرحيم مهتاد، الناشط الحقوقي ورئيس جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، أن آمال عدد كبير من هؤلاء المعتقلين بالسجون المغربية معقودة على ما سيقوم به حزب العدالة والتنمية، وهو يترأس الحكومة القادمة، في هذا الملف الذي عمَّر منذ سنة 2003.

وقال مهتاد، في تصريحات لـ “إسلام أون لاين“، إننا نشارك المعتقلين  وأهاليهم نفس الأمل،  ونفس الانتظارات في أن  يجد هذا الملف منفذا  أو مخرجا  يعيد البسمة لأطفال المعتقلين الإسلاميين،  والفرحة إلى قلوب  عائلاتهم، هذا على مستوى الأماني والآمال والطموحات.

 أما على مستوى الواقع والمُنتظر، يضيف مهتاد، فإن هناك أكثر من سيناريو،  فحزب العدالة والتنمية – حديث التجربة الحكومية بالمغرب-، والذي يتقلد المسؤولية في ظروف دقيقة وحساسة للغاية، مع إرث ثقيل من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والحقوقية، سوف يجد صعوبة  في تحديد الأولويات، مما قد يدفع بالتأجيل في النظر في هذا الملف أبعد من المأمول، خصوصا أنه ملف  يحتاج إلى نسج أجواء من الثقة  المتبادلة بين كل الفاعلين فيه.

وبين المتحدث بأنه لا يتوقع أن ملف المعتقلين الإسلاميين  سيتصدر  أولويات العمل الحكومي، أو حتى اهتمامات الذين سيشاركون في الحكومة، لسبب وجيه هو أنه ملف لم يحظ في يوم من الأيام بالإجماع عليه، مشيرا إلى أنه حتى  حزب العدالة والتنمية كان  يتعامل معه بحذر، ومن خلال  قنوات اتصال ووساطات جمعيات المجتمع المدني، بالإضافة إلى أن حزب العدالة والتنمية، في الحكومة اليوم، هو للمغاربة جميعا وليس لبعضهم دون البعض الآخر.

ومن جهة أخرى، يتابع مهتاد،  فالملف برمته جاء في سياق الحرب المعلنة على الإرهاب التي تقودها أمريكا،  والتي ما تزال تحتفظ بسجن جوانتنامو السيئ الذكر، مما يؤكد أن الحرب ما تزال مفتوحة، ولم تضع بعد أوزارها.

ملفات ومستويات

وأوضح رئيس جميعة النصير بأنه مهما يكن تأثير حكومة حزب العدالة والتنمية  على الواقع،  وفوق الأرض المغربية، فإن ملفا من هذا النوع، والذي له ارتباطات وذيول خارجية، سيبقى عصيا على  الحل – ولو في شقه الثاني ـ، والمتعلق بالذين كانوا يتواجدون في الأمس في أفغانستان، وغيرها من مواقع الصراع.

ويكمل: أما  المعتقلون الإسلاميون الذين  تمت محاكمتهم بالشبهة، والذين لم تكن لهم سابقة الجهاد،  والذين لم يتورطوا في جرائم داخل المغرب، فإن إشارة  صغيرة من  حكومة العدالة والتنمية، أو تبنيا واضحا لقضاياهم، وتوفر ضمانات فعلية من هيئات الحزب ومؤسساته لهم، كفيل بأن  يتم الإفراج عنهم.

وخلص مهتاد إلى أن هناك ملفات  اعتقال سياسي قد نضجت بما فيه الكفاية، وهناك  قضايا المغتربين من الإسلاميين في المنفى، وفي حالة استطاعت حكومة العدالة والتنمية فك طلاسمها ـ على أبعد تقدير في الشهور الأولى من  الحكم ـ قد يمكن الجزم على أن ملف المعتقلين الإسلاميين سينال نصيبه من الانفراج.

 هذا مع التأكيد على شيء هام جدا- يضيف المتحدث- هو أن لا تقع أحداث “إرهابية و إجرامية”، ما يعكر صفو العمل الحكومي المرتقب للعدالة والتنمية”، بحسب تعبير الناشط الإسلامي.

مقاربة جديدة وشاملة

ومن جهته، قال مصطفى الرميد، محامي بعض المعتقلين السلفيين والقيادي في حزب العدالة والتنمية، في تصريح لـ”إسلام أون لاين“، أن الحكومة المقبلة ستعمل على نهج دولة الحق والقانون، مع بذل كل الجهود لإيجاد صيغ تطبيقية تحاول حل ملفات معتقلي السلفية الجهادية الذين يستحقون أن يُفرج عنهم، فيما ينبغي إعادة المحاكمة بالنسبة لفئة أخرى، أما من تورطوا في دماء الأبرياء فلا شيء لديهم عندنا.

ويرى الرميد أن الدولة يجب أن تكفل للمعتقلين الإسلاميين كافة حقوقهم كمواطنين، دون حدوث أية خروقات قانونية، فيما يجب عليهم بدورهم أن يحترموا التزاماتهم اتجاه المجتمع، وهو الوضع الطبيعي والديمقراطي الذي ييسر إيجاد الحلول الفعالة والشاملة لملف معتقلي السلفية الجهادية داخل السجون.

وبالنسبة لأحمد الشقيري الديني، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، فإنه لا مناص للحزب، وهو يتقلد مسؤولية الحكم، وأضحى قاب قوسين أو أدنى من استلام زمام وزارات وازنة في تدبير الشأن العام،  من إيلاء قضية المعتقلين السلفيين على ذمّة الأحداث الإرهابية لـ 16 ماي اهتماما خاصا.

وكتب الشقيري مقالا في هذا السياق، أوضح فيه أن الحكومة المقبلة مطالبة بمعالجة ملفات هؤلاء المعتقلين، وفق مقاربة جديدة تعتمد رفع الحيف وجبر الضرر الذي طال العديد من الأسر التي اعتقل كافلوها وأدينوا بسنوات عديدة ظلما أو خطئا، مضيفا أنها المقاربة الشمولية التي نادى بها العاهل المغربي منذ بداية الأحداث، لتشمل الجوانب الثقافية والسوسيواقتصادية ، وفتح حوار مع رموز ما يسمى بـ”السلفية الجهادية”.

أخبار ذات صله