fbpx
مالنا ومالكم هذه فتنتكم ردّت إليكم

بقلم | حسين صالح غالب السعدي .

الحمد لله الذي بفضله تتم الصالحات والصلاة والسلام على خير خلقه الصادق المصدوق القائل : ( إن السعيد لمن جُنب الفتن ) فنحن هذه الأيام نمر بمخاض عظيم ، وتغيير إلهي جذري في قلب الطاولة على أصحابها كما يقولون ، لَقَد حَلَّ بنا وبأرضنا ما حل من التَفَرُّق والتَحَزُّب للفاسدين والمفسدين ، لَقَد وقع في هذهِ الفِتنةِ مَن وقع ، َقَد حَذَّرَنا الله عَزَّ وَجلَّ في كِتابهِ الكَريم مِن هذهِ الفِتَن ، فقالَ سٌبحانه : { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ } ، كَما حذَّرنا مِن هذه الفِتَن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلَّم حيث قال : ( والذي نفْسِي بيدِهِ لا تذهبُ الدُّنيا حتَّى يأتيَ على الناسِ يومٌ ، لا يَدري القاتلُ فِيمَا قَتلَ ولا المقتولُ فيمَ قُتلَ ، فقيلَ : كيفَ يكونُ ذلكَ ؟ قال : الهرْجُ ! القاتلُ والمقتولُ في النارِ ) [ مسلم 2908 ] ، وقد كان سلفنا الصالح يتجنبون الفتن والحروب والاقتتال من أجل الدنيا الفانية ويهربون منها فعن ابن سيرين قال : لَمَّا قيلَ لسعد بن أبي وَقَّاص رضي الله عنهُ : ” ألا تُقاتِل ؟ ، إنَّكَ مِن أهل الشُورى ، وأنتَ أحق بهذا الأمر مِن غيرك ” ، قال : ( لا أُقاتِل ! حتى يأتوني بسيفٍ لهُ عَينان ولِسان وشَفَتان ، يعرف المؤمن مِن الكافِر ، فَقَد جاهدتُ وأنا أعرِف الجِهاد ! ) . [ مجمع الزوائد : 7 / 584 ] .

 

فاليقظة والحذر لكل ممن يروج ويدعوا للقتل والاقتتال باسم الطائفية أو باسم حماية النظام الجمهوري أو باسم نصرة الحق  ، فإنهم يتقاتلون من أجل الكرسي والنصب والفيد والتنفذ  والحذر من ترديد كلام الفاسدين المفسدين وعليكم بالتروّي كما قال عليه الصلاة والسلام : ( التُّؤدةُ في كلِّ شيءٍ خيرٌ إلا في عملِ الآخرةِ ) [ أبو داود 4810 ، وصححه الألباني ] ، وإذا كَانَت التؤدَة والحلم والرِفق مَحمودة في كل وقت ، فإنها في أيام الفِتَن تَكون الحاجة إليها أشد ، قال ( مطرّف بن الشخَير رحمه الله تعالى ) : لأن آخذ بالثقة في القعود أحب إليَّ مِن أن ألتمِسَ فضل الجِهاد بالتغرير  . [ سير أعلام النبلاء : 4 / 191]  وعلى الشباب كَثرَة المشاورة لأهل العقل والتجربة ، والحَذَر من مشاورة المُسارعين إلى الفِتَن ممن قلَّ عِلمهُ وتَقواه ودخل في أحزاب الخراب والفساد وعليكم بكَثرة استخارة الله عزَّ وَجلَّ ؛ لأنهُ الذي يَعلم ولا نَعلم ، ويقدِر ولا نَقدر ، وهو عَلام الغيوب ، كما يجب حفظ اللسان من التبديع والتفسيق والتكفير حسب ما تنشره وسائل الإعلام الحزبية ، وعلى شبابنا اجتناب هذه الدعوات ومن يدعون لها ، ففيه السلامة والعافية لمن أراد لنفسهِ النجاة  واعتزلوا الإعلام المنحاز إلى الأحزاب المتناحرة وعدم متابعة الشائعات والمهاترات التي يدورون في فلكها  ، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ” … ومَن استقرأ أحوال الفِتَن التي تجري بين المسلمين ، تَبيَّنَ لهُ أن ما دَخَلَ فيها أحد فحَمِدَ عاقبة دخوله ، لما يحصل من الضرر في دينه ودنياه ، ولهذا كانت من باب المنهي عنه ، والإمساك عنها مِن المأمور به ” . [ منهاج السنة 4/ 410 ] . ولا تهتموا بالمُحرِّضين عليها بتأويل أو غير تأويل ، فلا ينفعكم ذلك عندَ الله عز وجل قال تعالى : { يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } ، كما نوصي شبابنا بالعمل الصالِح وكَثرة العِبادة وكثرة ذكر الله عز وجل واستغفارهِ لأن له أثرًا عظيمًا في الوقايةِ من الفِتَن والكُروب ، قبل وقوعها والنجاة منها إذا وَقَعتَ ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( العبادة في الهرج كهجرة إلي َّ ) رواه مسلم ، وفي هذا حَثٌّ على الأعمال الصالِحة قبل تعذّرها والانشغال عنها بما يحدث مِن الفِتَن الشائكة المُتكاثِرة  . وعلينا بدُعاء الله عَزَّ وَجل ، والتضرّع إليه ، والاستعانة به ، والتبرؤ من الحَول والقوّة .

 

نسأل الله سبحانه وتعالى بأن يحفظ البلاد والعباد من الفتن والمحن والمصائب وأن يصرف عنا أهلها والدعاة إليها ، والحمد لله رب العالمين .