fbpx
هرم فني اسمه محمد سعد عبد الله

في الذكرى الثانية عشرة لوفاة الفنان الكبير محمد سعد عبد الله

 والتي تصادف السادس عشر من هذا الشهر أبريل 2014م)

د. عيدروس نصر ناصر

مقدمة:

كان ذلك عام 1972/1973 عندما كنا في المدرسة الإعدادية وقد تعلمنا في الحلقات الثقافية الأسبوعية ومن قراءاتنا الثقافية  وضمن برامج التثقيف الحزبي أن أغنية الحب الصادقة والمعبرة هي تلك التي يمكن أن تجمع بين معاناة المحب مع حبيبته وبين انتمائه إلى الوطن ووفائه له، أو بمعنى آخر هي تلك التي تجعل الحب الفردي الإنساني العاطفي الغزلي (سمه ما شئت) جزءا من حب الوطن، وتصور فيما تصور حياة المحب كجزء من حياة الناس البسطاء المسكونين بحب الأرض وهموم الشعب.

يومها سمعت ولأول مرة الفنان محمد سعد عبد الله وهو يغني في إحدى حفلات الزفاف في مدينة الحصن، بأبين أغنية “ماشي علي لوم” والتي يقول في بعض كلماتها:

ماشي علي لوم لو حبيت وإلا اخترت ريفيه(*)

سمرا من الريف جذابه ابتسامتها طبيعيه

ترجَع الروح بضحكتها ولهجتها المحليه

سمرا رضيه رقيقه طيبه جدا وعاديه

وانا ما شي علبي لوم

والتي تقول بعض مقاطعها:

لو شافت السيل من وادي بنا دفر وخيره سال

تخرج من البيت تسقي طينها وتشارك العمال

حيا صباحش فتاة الريف تعيشي رمز للأجيال

من ما يحبش ومن ما يعشقش وانتي يمانية

وانا ماشي علي لوم

كانت سمعة محمد سعد عبد الله قد بلغت الأعالي بجمال صوته وعذوبة ألحانة وجودة اختياره للنصوص الغنائية وحسن أدائه وإتقانه العالي للجمع بين اللحن الجميل والكلمة الهادفة لكن هذه الأغنية تركت عندي شخصيا تأثيرا استثنائيا ونمت قيمتها مع نموي الجسدي والذهني وكبرت معي عبر مراحل زمنية تقارب العقود الأربعة وما تزال ذكرى اللحظة الزمنية والرمزية المكانية حاضرة في الوجدان ولا أخالها تتراجع أو تتضاءل حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا.

  *    *    *    *

تصادف هذا الشهر (أبريل) الذكرى الثانية عشرة لوفاة القامة الفنية والوطنية الكبيرة والموسوعة الغنائية العدنية  واليمنية والعربية، محمد سعد عبد الله، هذا الفنان الكبير الذي ملأ صوته الدنيا، وأطرب الملايين، وأنعش الذاكرة الفنية وطبب بصوته جراح المحبين وتنهدات المكلومين، وظل يشدو بصوته العذب على مدي ما يقارب خمسين عاما، دون أن يكل أو يخبو أو يتراجع، حتى الرمق الأخير من حياته.

محمد سعد عبد الله ليس فقط مغن عذب الصوت رقيق المشاعر جميل الأداء، بل إنه أيضا عازف ماهر يجيد العزف على العود وآلات موسيقية أخرى وهو ملحن مبتكر ومبدع يترجم من خلال ألحان أغنياته مشاعر مئات الآلاف من محبيه وفضلا عن ذلك هو شاعر غنائي من الدرجة الأولى إذ يلحظ كل من يستمع إلى الأغنيات التي نظم كلماتها بنفسه مدى الرقي الفني والمستوى الثقافي العالي والقدرات الشعرية المتميزة للفنان، وذلك الانسجام بين مضمون النص الغنائي وطابع اللحن ومستوى الأداء الفني لهذا الفنان الجميل.

من يتتبع السيرة الفنية للرائع محمد سعد عبد الله يلاحظ الخط التصاعدي الذي سار عليه المرحوم، فمنذ الأغاني الأولى: “أنا ما طيق”، “ما با بديل”، “ليه الجفا ما شان”،ثم “ردوا حبيبي وروحي”، “سلام كثير”، “ولهيب الشوق”، “أشتي أشوفك”، “أعز الناس” حتى “أنا يا حبيبي انته  وإنته يا حبيبي أنا” و “أيش الاخبار”، و”جوال” “يحلها ألف حلال”، كان الفنان محمد سعد عبد الله ينتقل من الرائع إلى الأروع، ولا يمكن أن نلمس عنده أي ملمح من ملامح التراجع، أو النكوص، إذ ظل مبدعا جميلا ومبتكرا غزير العطاء، حاضرا بعمق ومتألقا بإدهاش في الذاكرة الفنية والثقافية اليمنية.

لقد غنى محمد سعد عبد الله جميع ألوان الغناء اليمني التقليدية، من الحضرمي والصنعاني واللحجي واليافعي، وفي كل أغنية غناها من الفن التقليدي أعطاها نكهته المميزة، فعندما نسمعه يغني “حوى الغنج” أو “وسط صنعا”  “دوب الزمان”،”مالي المحبوب”، “ليه الجفا ما شان”، “سرى الليل”، نشعر بأن هذه النصوص قد اكتسبت عند محمد سعد بعدا جديدا، يتم فيه المزج بين اللهجة الصنعانية أو اللحجية أو الحضرمية التقليدية والجميلة والصوت العذب والرقيق لفنان أصيل يحافظ على مبدأ التجديد حيثما طرح صوته وحيثما تدخل بعوده وحنجرته.

سجل الفنان المرحوم محمد سعد عددا من الأغاني الصنعانية أو ذات الطابع الصنعاني، من أهمها: “يقرب الله لي بالعافية والسلامة”، “أمير الغيد”، “حوى الغنج”، “وسط صنعا”، “غزال البيد”، “لا حول لا حول”، “بيني وبينك يا حبيبي سر مكنون”، “سبوح يا قدوس”، “الله يعلم أنني مستهام”، وغيرها، ولقد غنى هذه الأغاني من اللون الصنعاني العديد من الفنانين اليمنيين، وأضفى كل منهم بصمته الخاصة، وما يميز أداء محمد سعد لتلك الأغاني هو جودة الأداء ووضوح الكلمات، وإتقان المصاحبة الموسيقية للكلمات، وعذوبة الصوت التي تجعل من يستمع إليها يستمتع بتراث تاريخي جميل ممزوج بنكهة حديثة جميلة تجمع بين الإدهاش والرقة وبين الأصالة والإبداع.

 وعندما نستمع محمد سعد عبد الله وهو يغني من الأغاني اللحجية أو ات اللون اللحجي  مثل “ليه الجفا ما شان”، “إلا لما متى ما يلتفت لي ما يجيب”، أو حتى “ما با بديل”، “يا شاكي غرامك” نحس بأن للون اللحجي عند بن سعد مزايا ليست حاضرة عند سواه ممن تغنوا بهذا اللون الغنائي الرائع بل يمكننا القول أن هناك فرع من  اللون اللحجي جاء وكأنه صنع مخصصا لمحمد سعد دون سواه.

وما قيل عن اللونين اللحجي والصنعاني عند محمد سعد يمكن أن يقال عن أغنياته ذات اللون الحضرمي مثل “دوب الزمان”، (وهي الرائعة التي غنتها أيضا الفنانة ذات الصوت الشجي والحنجرة المتميزة المرحومة رجاء با سودان)، “مالي المحبوب”، “من بلي بالهوى” وسواها حيث تمكن محمد سعد وهو يغني الكلمات باللهجة الحضرمية أو يضفي على تلك النصوص مسحته الموسيقية ولمساته المتميزة، وأن يعطيها طابعا خاصا تفرد به عن سواه.

ربما شكلت الأغاني ذات الطابع التراثي لمحمد سعد عبد الله سجلا حافلا في موسوعة هذا الهرم الفني الكبير ـ وبعضها من كلماته، بل وألحانه ـ لكنه صبغها باللون الفني الذي حسبناها عليه (أي الصنعاني واللحجي والحضرمي واليافعي)، لكن المخزون الفني الأروع لمحمد سعد يتجلى في ذلك الكم النوعي من الأغنيات التي تفرد بها هذا الفنان الجميل ، وأقصد هنا تلك الأغاني التي تخصه دون سواه، وهي في الغالب من كلماته وألحانه وهو ما لا يتقنه كل فنان، فالرجل ينظم الكلمات ويصوغ لها اللحن الجميل المعبر عنها، ثم يقوم بغنائها بنفسه فتخرج من حنجرته صادقة معبرة واضحة ممتعة مشبعة لنهم المتذوقين ورغبات المحبين، ولا بد هنا أن نلاحظ العديد من المزايا الفنية للقصيدة الشعرية عند محمد سعد عبد الله، من أهمها الابداع الغنائي، فكل قصيدة عند محمد سعد تتألف من مجموعة من المقاطع، ولكل مقطع مكوناته: البيت الرئيسي، ثم أحيانا لازمة غنائية (أو ما أسماه د محمد عبده غانم: التوشيح) ثم التقفيل: فمثلا في أغنية”أيش لاخبار” في مقطعها الثاني يقول “بن سعد”

لا ضوى الليل تشعل في الحشا نيران

يمسي الشوق يتدفق كما البركان

ليتنا يا حبيبي نعرف العنوانبا تخفف علينا لهفة الحرمان

ما وصلناش من مده طويلة   أي مكتوب يا سيد القبيلة

في غيابك شوفنا نمسى على نار

أيشر لاخبار

وفي المقطع الثالث يواصل:

نا مت الناس واحنا ما نذوق النوم

كيف نرتاح واحنا بالنا مهموم

شوفنا يا حبيب دوب نحلم فيكنذكرك ما درينا كيف با نرضيك

ما وصلناش من مده طويله أي مكتوب يا سيد القبيلة

ويختتم بالتقفيلة المتعادة:

في غيابك شوفنا نمسي على نار

أيش لاخبار

فنلاحظ الفنان يتبع توزيع المقاطع إلى: البيت الرئيسي في المقطع، ثم اللزمة الغنائية (أو التوشيح)”ما وصلناش من مدة طويلة. . .إلخ” فالقفلة “في غيابك شوفنا نمسي على نار”.

إن هذه الميزة الفنية وكثير غيرها  من المزايا الفنية الجميلة تتكرر عند محمد سعد عبد الله، في الكثير من الأغاني المعاصرة التي نظم كلماتها لنفسه أو جاءت من كلمات شعراء آخرين، مثل “جدد ايام الصفا”، “يا طير يا ذا المعلي”، “سلام كثير”، “أعز الناس” ، أشتي أشوفك”، “أنا آسف”  “أهجره وانساه” وغيرها من الأغاني الرائعة لهذا الفنان الأصيل.

ياخذ الكثير من المتابعين لفن وإبداع المرحوم محمد سعد عبد الله على هذا الفنان الكبير أنه فنان التشاؤم والخصام والعتاب الجارح، وينطلقون في ذلك من العديد من النصوص الغنائية التي أتت في مرحلة تاريخية معينة من فنه، مثل أغنيات “فات الأوان”، “اهجره وانساه”، ” يا اللي الدلع ضيعك” ، “أنا اقدر أنساك”، “ما اشتيش أشوفك” وغيرها من الأغاني الحزينة المعبرة عن التألم ومخاصمة الحبيب والاستعداد لتعذيبه وتركه يحترق بنيران الهجر، لكن هؤلاء ينسون أن محمد سعد عبد الله صاحب هذه الأغاني، هو القائل:

مهما بعدتوه    ياللي حجبتوه

عاهدت نفسي    لا بد مالقاه

أنتو ظلمتوه مني حرمتوه

تشتوني انساه والله ما انساه.

وهو القائل:

أشتي أشوف ككل يوم وكل ساعة   وكل ليلة

وان غبت لحظة عن عيوني أفقد البسمة الجميلة

وهو القائل أيضا:

ذي الحياة والله بلا معنى بدونه

يوم با شوفك وامتع بك عيوني

يا أمل عمري وياحبي الكبير.

وأيضا:

با حب أنا باحب، مادام عندي قناعه

با حب رغم الملامة ما بافرق الزين ساعه

واللي يحب مثل حبي ما تهموش الملامه

وغيرها العشرات من الأغاني المعبرة عن الوفاء والإخلاص بين الحبيبين والاستعداد لتحمل المعاناة من أجل الوفاء للحب والحبيب.

وإذا ما أخذنا عشرات العناوين من ألبوماته الفنية قديمها وحديثها فإننا سنجد لكل أغنية عند محمد سعد عبد الله بعد لا نجده في سواها، ولأنه لا يمكن حصر كل رصيد هذا الفنان فإننا يمكن أن نجمل أغاني العظيم محمد سعد عبد الله في عدة مناحي منها: أناشيد الوطن، أغاني الشوق والحنين، أغاني العتاب، أغاني الخصام أغاني التذكار وأغاني الوفاء، وهذا النوع من التصنيف ليس تقسيما قطعيا ولا فصلا تعسفيا بل إنه مجرد مقاربة اجتهادية لعدد من النصوص الغنائية لفنان عظيم تتطلب دراسة فنه مجلدات ، ولا بد من ملاحظة أن العديد من الأغاني يمكن أن تصنف ضمن أكثر من مجموعة من تلك التي نشير إليها في هذا التصنيف.

أغاني الوطن:     وهي تلك لأغاني والأناشيد التي تتصل بالشأن الوطني وتعبر عن القضايا السياسية الوطنية بعامة أو تلك التي تجمع بين البعد السياسي والبعد الاجتماعي وأهمها  “يا بلاد الثائرين”،”جمهورية جمهورية أعلنناها”، “ولا با تنتسي يا يوم عشرين”، “يا ربان قود السفينة”، “لبيك صنعا”، وغيرها، وله في هذا المجال أناشيد ذات طابع مونولوجي مثل “قال بن سعد قلبي فوش يا ما صبر” التي نظمها وغناها مطلع الستينات، وارتبط ظهورها بملابسات تاريخية عديدة، أهمها كما يقول بعض المؤرخين والنقاد الفنيين، السعي لانضمام عدن إلى الاتحاد الفيدرالي، ثم انطلاق ثورة اكتوبر في العام 1963من و”مسيكين الجمل “، “سعيده محسنش”  وكذا “ما بيننا اسرار”والتي نظمها وغناها في ظروف ما بعد إعلان 22 مايو وما تلاها من تعقيدات وأزمات سياسية، تجسدت في كلمات النص ويقول في بعض كلماتها:

ما بيننا اسرار والخافي مؤكد با يبان

يقول بن سعد نحن ناس بحاره        قدرنا نوصل المركب إلى بر الأمان

ما همنا البحر وامواجه وتياره          ورحلة عمر بالحكمة جعلناها ثمان

إلى إن يقول:

ماريد راتب ولا مسكن وسياره           أريد الشعب ذا ينعم ويشعر بالأمان

الأمن مطلب اساسي شعبنا اختاره         نباه اليوم يتحقق ويظهر للعيان

ما با جنابي ورشاشات في الحارة         كفا خلو البلد ترتاح واعطونا الضمان

الأرض قدها مزرزر ألف زرزاره       ونصف الشعب ذي فيها بلغ حد الجنان

ثم يواصل منتقدا سوء الحالة المعيشية للشعب والمتسببين فيها:

القوت خبوه وقاموا يرفعوا أسعاره        الما لهم والشعب ذا دايم ضمان

يوزعوا القوت للكادح بقطاره         شباعا كل واحد بالذهب جيبه ملان

خلوا المواطن مشتت فاقد افكاره       يبات الليل يتقلب إلى وقت الأذان

والطفل يمسي من المخزن إلى الداره      مسكين ما حصل دوا حق السنان

ويبدو أن محمد سعد قد دفع ثمنا باهظا للموقف الذي عبرت عنه هذه الأغنية ومعها أغنية “مسيكين الجمل”، خصوصا وأنه قد تلى انتشارها اشتداد الأزمة واندلاع الحرب وحصول ما حصل بعد ذلك، وربما كان تجاهله وتركه يعاني آلام المرض وحرمانه من أي فرصة للعلاج جزءا من الرد على ها الموقف، إذ ظل الرجل عرضة للإهمال ولم يحظ إلا بلفتة تكريم وحيدة من مؤسسة العفيف الثقافية أعادت له جزءا من الاعتبار الذي يستحقه وعوضته ولو جزئيا عن العقاب غير المعلن الذي اتخذته ضده السلطات الرسمية.

أغاني الشوق والحنين: في هذه الأغاني وغيرها نرى الفنان يعبر عن لوعة الفراق ومرارة البعاد وجمر الشوق الذي يكتوي به الحبيب البعيد عن حبيبته، ومن بين تلك الأغاني”صباح الخير من بدري”، “سلام كثير”، “أشتي أشوفك”، “لهيب الشوق”، “كلمة ولو جبر خاطر”، “يا طير يا ذا المعلي”، ففي “صباح الخير”نسمعه يترجم لوعة الفراق وآلام البعاد بقوله:

ورح يا طير بلغ للحبيب         رسالة حب باقي من سنين

كتبها القلب من دمعي الصبيب ومن همي وشوق والحنين

وأشرح له سبب سقمي وأوصف له ضنا جسمي

ولا تنسى تزيد ياطيرتقل له يا صباح الخير

وفي أغنية “يا طير يا ذا المعلي” يقول بن سعد :

يا طير قل له حبيبك يمسي مع النجم سامر

يذكر ليالي جميلة مرت كما حلم عابر

قل له كفاية عذاب اعطف على من يحبك

لا تحرمه من حنانك خليه يسعد بقربك

يا طير يا طير بالله سوي جماله.

 أغاني العتاب، : وفي هذه الأغاني نجد الفنان يجسد العتاب واللوم الراقي والرقيق للحبيب الذي يهجر حبيبه ويتعمد تعريضه لعذاب الهجر وآلام الفراق، ولوعة البعاد ومن هذه الأغاني “يا اللي ما تسأل علينا”، “كلمة عتاب”، “جدد ايام الصفاء”، “أيش صار بيني وبينك”، “غيروك الناس عني”، “ما له علي تكبر”, وغيرها، ففي أغنية “غيروك” يقول الفنان:

غيروك الناس عني ليش بالله غيروك

أيش لهم منك ومني ليش يشتو يبعدوك

ليش غيروك

ثم يواصل

سمموا فكرك وجابوا لك كلام أثارك خلاك طولت البعاد

بس لو تشتي الحقيقة ما تفارقني دقيقه.

غيروك

أيش با يضرك      لو توصي لي جواب

أو تجي حتى تعاتبني عتاب

نفضح الواشي الذي ودى وجاب

بس لو تشتي الحقيقه ما تفارقني دقيقه

وغيروك

وفي “كلمة عتاب” يقول  محمد سعد:

العتاب بين الحبايب شي لذيذ     شي يخلي الحب يوم عن يوم يزيد

والمحب اللي يعاتب من يحبه    يقضي كل العمر متهني وسعيد

يا حبيبي مش كفاية اللي جرى منك وكان

فين ذاك الحب كله قل لي فين ذاك الحنان

يا حبيبي بالعتاب الحب يكبر     والغرام بالعتاب يتجدد اكثر

وانت من كلمة عتاب هكذا تغضب وتزعل يا حبيبي

أغاني التذكار وهي الأغنيات التي تجسد التمسك بالحب والحبيب وعدم التفريط بهما وتعيد استذكار اللحظات الجميلة من عمر المحبة، وعدم القدر على نسيان الحبيب ومنها أغنيات “أنت ساكن وسط قلبي”، “مد لي يازين يدك”، “كلمة ولو جبر خاطر”، جدد أيام الصفاء”، ففي أغنية “أنت ساكن” والتي يسميها البعض “يا حبيبي من زمان” وهي الرائعة التي غنتها الفنانة اللبنانية “هيام يونس”، نجد الفنان محمد سعد يردد:

أنا اذكر الساعة التي فيها عرفتك         وأبكي واتألم واقول يا ريت ما شفتك

أنا ابكي لما اذكر جفاك          وأذكر ايامــــــــــــي معاك

هكذا تنسى اللي كان يا حبيبي من زمان

أغاني الوفاء: وغالبا ما تعبر عن التمسك بحب الحبيب مهما كانت المعاناة ومهما تقادمت الأزمان ومن بينها أغنيات “ما با بديل”، “لقاء الأحبة”، “ردوا حبيبي وروحي”، وفي هذه المجموعة من الأغاني يؤكد الفنان التمسك بعهد المحبة والوفاء لمواثيقها مهما كانت عذابات الفراق ومكائد الكائدين، فنلاحظ مثلا في أغنية “ما با بديل: هاجري حبه على رغم الحسود ما با بديل

خاف يرحمني ودمعي عالخدود منه يسيل

والنبي يا ناس أنا ما با بديل

ثم في أحد المقاطع:

أبات الليل أتذكر بها خده الحسين

هجرني فوش ما نجح عجن قلبي عجين

تقولوا ليش هجرانه هجرني ما الدليل

ما با بديل.

أغاني الخصام: وهي الأغاني التي تحمل أكبر قدر من الحزن والألم والحسرة، المملوءة بالغضب من الحبيب ويصل بعضها إلى حد الاستعداد لمخاصمة المحب، والانقطاع عن كل تفكير به، ومن هذه الأغاني “خلاص نساك البال”، “فات الأوان”، “أنا اقدر انساك”، “خلي الدلع ينفعك”، “أهجره وانساه”، “ما اشتيش أشوفك، “راعي لي وبا جي لك”.

ففي أغنية “خلي الدلع ينفك” يقول بن سعد:

صا رحني انك نسيت بانساك ولا باذكرك

وقل لي أنك قسيت با قسى عليك باهجرك

ايش با يفيد الندم ما دام شرعك حكم

ياللي الدلع ضيعك خل الدلع ينفعك

وفي أغنية اهجره وانساه نسمع بن سعد يقول:

اهجره وانساه يا قلبي اهجره

با يفيدك أيش لما تذكره

مش كفايه انه تنكر ووراك العذاب

مش كفايه انك معه ضيعت أيام الشباب

ذا بلا معروف مش معقول إنك تذكره

أهجره وانساه

عذبه يا قلب زيما عذبك وانسى هواه

لا متى تصبر على هجره وتتحمل جفاه

زيما ينساك انساه واهجره با يفيدك أيش لما تذكره

ذا بلا معروف والا كيف حبك ينكره

اهجره وانساه

هذا التقسيم للموسوعة الفنية للفنان العظيم محمد سعد عبد الله، كما أشرنا ليس سوى مجرد تقسيم تقريبي واجتهاد من كاتب هذه السطور وعلى العموم فإن كل ما ورد في هذه المقالة المتواضعة لا يفي فنانا كبيرا وخالدا مثل الفنان والملحن والشاعر المبدع محمد سعد عبد الله حقه في الدراسة والتحليل، لكنه اجتهاد شخصي من مستمع طالما هرب في لحظات الحزن وسويعات الألم ولحظات الشجن للتداوي بأنغام هذا الفنان الكبير والتشافي بعقار كلماته الجميله وترياق موسيقاه الدافئة ومقاماته الموسيقية العذبة والشجية، ومن المؤكد أن موسوعة بن سعد أكبر من أن تتناولها دراسة مستعجلة وقصيرة مثل هذه التي بين يدي القارئ الكريم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(*)لا بد من الاعتذار هنا عن كل خطأ في النصوص الغنائية الواردة في هذه الدراسة حيث معظم الأبيات والمقاطع المقتبسة تمت كتابتها من الذاكرة وهو ما قد يتسبب في خلط هنا أو تقديم أو تأخير هناك، فمعذرة للقارئ الكريم ولروح الفنان العظيم