fbpx
نسخة من محاكم التفتيش

 

لن يكن تشكيل ما سمي بــ(اللجنة الشعبية لرصد معرقلي العملية الانتقالية في اليمن) التي أسسها أتباع حزب الإصلاح اليمني قبل يومين والتي قالت إنها تسعى إلى جمع الأدلة القانونية على المخالفات والانتهاكات التي تقدم عليها الجهات المعيقة والمعطلة للمرحلة الانتقالية وتقديمها كقضايا جنائية ومدنية للمحاكم الدولية.! نقول إنه لم يكن ذلك أول أساليب الاستقواء بالعصاء الدولية بوجه الخصوم السياسيين ولن يكون آخر تلك الأساليب التي تشكل نموذجا صارخا لسياسة المكارثية سيئة الصيت بالتاريخ الأمريكي. أو قل هي نسخة محاكم التفتيش التي ظهرت في أوروبا بالعصور الوسطى والتي كان ظاهرها محاربة الهرطقة بالكنيسة الكاثوليكية وباطنها محاربة الخصوم السياسيين. تماما كما تعمل السلطات اليمنية اليوم حين ترفع لواء الوطنية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة وهي تدس بين ثناياه خنجر الحزبية والقبلية, وتجعل من نفسها جهة ضبط ومحاكم, وهذا واضحا للعيان منذ غداة صدور القرار الأممي وتمثل بتصريحات ولغة وخطاب الأحزاب الحاكمة بصنعاء وبالذات حزب الإصلاح, الذي ظل طيلة حكم الرئيس المنصرف صالح يتحدث عن حجم جريمة الاستقواء بالخارج وانتهاك السيادة الوطنية والاستعانة بالطيران بدون طيار قبل أن ينغمس في ذلك ويصير أكثر قبحا ممن كان ينكر عليهم أفعالهم.
فمن منطلق فهمها الخاطئ لمضمون فقرات قرار مجلس الأمن الدولي المعزز بالبند السابع حول اليمن كشرت السلطات اليمنية عن أنيابها بالجهات الأربع. ولكن للجنوب الحصة الأكبر من تلك التكشيرة المفترسة, كونه المستهدف الرئيس من استحلاب التعاطف واستجداء دول الشركات النفطية لاستصدار ذلك القرار وبنده السابع وهو، أي الجنوب، المستهدف قبل ذلك من حوار قاعة فندق موفنبيك خمسة نجوم الذي تمكن بنجاح تام من شطب القضية الجنوبية من اهتمامه بعد أن انفض المسمَـر.
الكثير من المتحمسين لتطبيق البند السابع باعتباره- حسب فهمهم- صولجانا دوليا يمكن بواسطته تحقيق أغراضهم ومشاريعهم السياسية, يختزلون ذلك القرار بفقرة يقلبون معناها رأسا على عقب, ربما لأنهم أصلاً لم يطلعوا على القرار من مصدره الحقيقي واعتمدوا على انتقائية وسائل إعلامهم لفقرات وبنود القرار. فمثلا تجدهم يقولون إن القرار قال صراحة : على الحراك الجنوبي والحوثيين نبذ العنف. بينما تقول هذه الفقرة نصا: (..يهيب بحركة الحراك الجنوبي وحركة الحوثيين وغيرهما إلى المشاركة البناءة ونبذ اللجوء إلى العنف لتحقيق أهداف سياسية..). وهناك فرقا بين كلمة نبذ العنف ونبذ اللجوء للعنف, فالأولى معناها أن الحراك يخوض فعلا عنفا, بينما الثانية، وهي التي وردت بالقرار، ينصحه بعدم الإقدام على ذلك العنف المفترض. ثم إن القرار لم يخص الحراك الجنوبي وحركة الحوثي فقط بل استخدم كلمة( وغيرهما). وهذه الكلمة يعرف واضعوها مغزاها والغرض منها, مثلما يجب على حزب الإصلاح أن يعرف لمن ولماذا وضعت, فسيف الإرهاب الذي استلته الحليفة التاريخية للولايات المتحدة (المملكة العربية السعودية) بوجه جماعة الإخوان لن يكون إلا واحداً من معاني كلمة (وغيرهما) .